السفير - المستقبل - اللواء - مشروع الحديقة العامة في صيدا
الخاتمـة
على هامش هذه المقابلة والمقابلات السابقة واستكمالاً لبعض القضايا والموضوعات التي طُرحت خلالها، تجدر الإشارة إلى ما أثير حولها من سجال والتوقف ملياً أمام أبرزها، يأتي في مقدمتها مشروع إنشاء حديقة عامة في مدينة صيدا.
مشروع
الحديقة العامة في صيدا
في أواخر عهد المجلس البلدي السابق برئاسة المهندس هلال قبرصلي (1998 ـ 2004)، كان قد قام بتوقيع اتفاقية في شهر نيسان من العام 2004، أي قبل شهر من نهاية ولايته، مع مؤسسة الحريري يعطيها حق الإشراف والإدارة على الحديقة العامة. وبالمقابل، تقوم المؤسسة بإنشاء هذه الحديقة على حسابها الخاص في الموقع الذي خصَّصته البلدية على العقار رقم 1587 في منطقة الوسطاني، تبلغ مساحته حوالي 22.000م2، ويقع شمالي المدينة بين قصر العدل ومسجد الحريري(1)
لكن التنظيم المُدني رفض هذا المشروع الذي تقدمت به مؤسسة الحريري بعد درسته، كونه يحتوي على إنشاءات. وكان المجلس البلدي الحالي المنتخب في أيار 2004 قد تسلم الملف معاداً من التنظيم المُدني في حينه. وفي ذلك يقول رئيس بلدية صيدا إنه ـ إظهاراً لحسن النوايا ورغبة في التعاون مع الأفرقاء كافة في المدينة وكون الحكم والمسؤولية الإدارية استمرارية ـ قد قام بتوجيه كتاب إلى مؤسسة الحريري يعلن فيه رغبة البلدية في إعادة دراسة هذا الملف بما يتناسب ومصلحة المدينة وتوجُّهات البلدية الحالية، مبدياً رغبة المجلس البلدي في إعطاء مؤسسة الحريري الأولوية في هذا المجال، كونها صاحبة العقد القديم مع البلدية السابقة. عند ذاك، ردّت رئيسة مؤسسة الحريري في صيدا، السيدة بهية الحريري، خطياً على كتاب رئيس بلدية صيدا، مبدية استعدادها للتعاون.
على أثر ذلك، تم تكليف لَجنة الأشغال والتخطيط في البلدية برئاسة المهندس محمود دندشلي وممثل مؤسسة الحريري المهندس وسيم البابا لدراسة هذا الموضوع ومناقشته ضمن إطاريْن:
* آلية التعاون لإدارة الحديقة العامة والإشراف عليها كونها مرفقاً بلدياً عاماً.
* وضع تصميم جديد للحديقة يتناسب والوظيفة الأساسية المقترحة للحديقة العامة في مدينة صيدا.
وبالفعل، فقد عُقد الاجتماع الأول بين الفريقين في القصر البلدي في صيدا، خُصِّص للبحث في مشروع الحديقة العامة الذي تقدمت به مؤسسة الحريري لإنشائها وإدارتها، وذلك لجهة التحفظات التي أبداها التنظيم المُدني على هذا المشروع. وتوصل الطرفان إلى وضع آلية لتحديد ماهيَّة استخدامات الحديقة من حيث المباني التي تنوي مؤسسة الحريري تشييدها في العقار. وقد طلبت بلدية صيدا أجوبة عن أسئلة وتوضيحات وخرائط تفصيلية تتعلق بوجهة استخدامات هذه المباني. وكذلك في موضوع إدارة الحديقة العامة، إذ إن الإدارة في مشروع العقد الموقع بين المجلس البلدي السابق ومؤسسة الحريري (نيسان 2004) تقع على عاتق مؤسسة الحريري ومسؤوليتها، مع لَجنة تتمثل فيها البلدية بأحد الأعضاء.
هنا، طلبت البلدية أجوبة وتوضيحات محدَّدة تتعلق بموضوع إدارة الحديقة. كما أنها درست التحفظات التي أبداها التنظيم المُدني على المشروع والتي رُدَّ على أساسها مشروع العقد إلى بلدية صيدا، ومن بينها المباني والإنشاءات والكافيتاريا. واتفق الفريقان في الأخير على مراعاة الأصول المعتمدة في إنشاءات الحدائق العامة. ووعد المهندس البابا بتقديم الأجوبة والتوضيحات المطلوبة خلال شهر من تاريخه، مع الخرائط والتخطيطات الجديدة للحديقة وللمباني والإنشاءات بداخلها مع تحديد وجهة استعمالها.
ولكن البلدية كما تؤكد أنها لم تتلق رداً من مؤسسة الحريري لمدة تتجاوز الأربع سنوات لتاريخه. ولربما تكون الأحداث المؤلمة والاضطرابات الأمنية المتعاقبة هي من الأسباب التي فرضت التأخير. غير أن استمرار توقف مشروع نشاء هذه الحديقة العامة في صيدا حدا بالبلدية الاتصال بأفرقاء آخرين من اجل التعاون بشأن تنفيذ هذا المشروع، كون التفاهم الأول مع مؤسسة الحريري ـ كما ترى بلدية صيدا ـ لم يصل إلى حيِّز التنفيذ لفترة طويلة. في هذا الوقت، تلقت أخيراً بلدية صيدا اتصالاً من قِبَل مؤسسة الحريري، منذ ثلاثة أسابيع، أي بعد مضي أربع سنوات (2008) يفيد أن لدى المؤسسة تصوراً لإنشاء هذه الحديقة. حينذاك ورغم إجراء اتصالات مع أفرقاء آخرين بشأن موضوع الحديقة، إلاّ أنه عُقد اجتماع بين اللجان المختصة في البلدية والمهندس المنتدب من قِبَل مؤسسة الحريري، وتسلمت البلدية المشروع البديل المبدئي، وذلك لدراسته وتقييمه من نواحي عدة أهمها:
1 ـ في تصميم الحديقة
* بداية، اعتبرت البلدية أن هناك الكثير من النقاط التي تحتاج إلى إعادة دراسة وتقييم للناحية العملية والوظيفية للحديقة، خصوصاً المساحة الكبيرة التي تحتلها البحيرة في وسط الحديقة وما مدى الحاجة إليها…..
* المداخل والمخارج من وإلى الحديقة والحاجة إلى تنظيم مداخل أكثر ملاءمة لطبيعة الموقع…..
* عدم لحظ أماكن للسيارات التي تخدم الحديقة وكذلك سيارات الزوار…..
* دراسة الإنشاءات المقترحة لناحية عدد المقاصف وأماكن النشاطات الترفيهية والثقافية حتى تقوم بدور وظيفي وثقافي ورياضي للحديقة…..
* أخيراً عدم لحظ المكان المخصص للمسرح المكشوف الذي تُقام فيه المناسبات المختلفة.
2 ـ من الناحية الإدارية
* الحاجة لتوضيح طبيعة العلاقة بين بلدية صيدا صاحبة الأرض والمشروع وبين مؤسسة الحريري، وذلك لناحية إدارة الحديقة والمنشآت التي يمكن استثمارها داخل الحديقة. ولهذا، فإن صيغة العقد القديم الموقع مع البلدية السابقة لا تتلاءم وتطلعات المجلس البلدي الحالي وأهالي المدينة، كون هذه الحديقة منشأة عامة وليست منشأة خاصة. لذلك، فإن بلدية صيدا ستقترح صيغة إدارية واستثمارية جديدة للحديقة، مما يسمح لها أن تكون مركزاً عاماً للصالح العام والذي تمثله البلدية في صيدا…..
إحترام السجال
حول الحديقة العامة
على أثر ذلك، فقد استجد الخلاف واحتدم السجال بين بلدية صيدا ومؤسسة الحريري واشتعل ـ "كباش" جديد بينهما، كما يقول أحد الصحافيين ـ وذلك على خلفية مَن له الأحقية في إنشاء الحديقة العامة وتأهيلها في صيدا. وكانت بلدية صيدا خلال ذلك على وشك توقيع عقد لإنشائها وإدارتها عَبْر هبة عينية، بالاتفاق مع إحدى الهيئات أو المؤسسات، على أن تتولى بلدية صيدا أعمال الإدارة والإشراف على الحديقة العتيدة.
في غضون ذلك، كانت مؤسسة الحريري قد تقدمت بكِتاب إلى رئاسة مجلس الوزراء تطلب فيه "قبول الهبة" التي سبِقت أن تقدمت بها المؤسسة لإنشاء الحديقة العامة في صيدا وتأهيلها. وذلك بناء على اتفاق سابق بين المؤسسة وبلدية صيدا منذ أكثر من أربع سنواتً مضت. ولفتت في كتابها إلى أن هذا "المشروع أصبح جاهزاً للتنفيذ"…
وقد رد رئيس بلدية صيدا، من ناحيته، على ذلك باستغراب معتبراً أن "هذا الموضوع بالذات يخص بلدية صيدا ولا علاقة لمجلس الوزراء به، لا من قريب أو من بعيد". كما أنه يعود مرة أخرى ويؤكد أن طلب مؤسسة الحريري إلى بلدية صيدا السابقة لإنشاء الحديقة العامة وتأهيلها، كان قد تعثَّر في دوائر التنظيم المُدني ورُدّ، لوجود مخالفات غير مطابقة لطبيعة العقار نفسه. ولهذا فقد أعاد التنظيم المُدني الطلب إلى بلدية صيدا الحالية لإعادة دارسته. ويشير رئيس البلدية في هذا الصدد مرة أخرى إلى أنه كان قد طلب المجلس البلدي الحالي من "مؤسسة الحريري إجراء تفاهم جديد بينهما من أجل تأهيل الحديقة العامة. وإذا كانت قد وافقت في حينه مؤسسة الحريري على هذا الطلب (..) إلا أنها بقيت أربع سنوات دون أن تقدِّم أي مقترح إلى بلدية صيدا لإعادة تأهيل الحديقة، مما جعل البلدية أن تتصل بجهات وأطراف أخرى من أجل تأهيلها، خصوصاً وأن في العقد الأساسي بين البلدية السابقة ومؤسسة الحريري، نصاً واضحاً يجعل من مؤسسة الحريري الجهة المستثمرة للعقار من حيث الأمور التجارية والسياحية. وهذا ما يُعتبر مخالفاً لطبيعة الحديقة العامة. مما دعا بلدية صيدا إلى "استدراج عروض عديدة وأفكار جديدة من أجل إنشاء الحديقة دون العامل الاستثماري، على أن تبقى طبيعة إدارتها والإشراف عليها لمصلحة بلدية صيدا، لا لمصلحة أي مؤسسة أخرى".
ويضيف رئيس بلدية صيدا قائلاً: على هذا الأساس، فإننا "نعتبر ما ورد في كتاب مؤسسة الحريري إلى مجلس الوزراء حول هذا الموضوع، مستغرباً وغير مناسب لطبيعة العلاقة بين الإدارات اللبنانية، لأن بلدية صيدا هي مَن يطلب أساساً الموافقة على أي اتفاق أو أي شىء يتعلق ببلدية صيدا، ولا يتعلق بأي طرف آخر".
في هذا السياق العام من السجال، باشرت جرافات تابعة لبلدية صيدا البَدء بتنفيذ مشروع الحديقة العامة. وأعمال الجرف هذه إنما هي مجرد حسم للخلاف الواقع بين بلدية صيدا ومؤسسة الحريري على هُوية الجهة التي ستقوم بتنفيذ الحديقة. وكل الدلائل تشير إلى أن مؤسسة الشهيد معروف سعد الثقافية في صيدا، هي التي ستنشىء الحديقة بتمويل يصل إلى ما يقارب المليون ونصف المليون دولار أميركي حصلت عليها كهبة غير مشروطة من جهة إقليمية. وبلدية صيدا هي التي تدير الحديقة مباشرة دون توخي أي ربح مادي أو تجاري….
وهكذا، مع بَدء التنفيذ، يكون النِّزاع قد استفحل حول موضوع الحديقة العامة بين بلدية صيدا ومؤسسة الحريري. وهنا السؤال يطرح إذا كان هذا الملف سيتوحل إلى نزاع قانوني، بعد أن وُضع الأمر بعهدة مجلس الوزراء؟… في حين أن مؤسسة الحريري تؤكد رفضها الدخول في أي سجال مع أي طرف حول هذا الموضوع، بعد أن أصبح في عهدة رئاسة مجلس الوزراء وأن المؤسسة ما زالت ملتزمة بتنفيذ الحديقة بموجب اتفاق جرى بينها وبين بلدية صيدا السابقة في 14 نيسان 2004 (أي منذ أربع سنوات من الآن)، ما دام أنها لم تتلق لتاريخه أي كتاب رسمي من البلدية تعلن فيه رفض الهبة المقدمة من المؤسسة. لذلك فإن المؤسسة جادة في التزامها تطوير الحديقة استكمالاً للعقد الموقع بينهما، تاركة للقانون مسألة البتّ بالسجال الدائر بين مؤسسة الحريري وبلدية صيدا.
* * *
وكانت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري قد شرحت أثناء ذلك أمام وفد من الهيئات الأهلية والاقتصادية والتربوية في صيدا، بنود الاتفاق الموقع مع مجلس بلدية صيدا السابق لجهة تطوير حديقة الوسطاني، مقابل توليها الإدارة بالتعاون مع البلدية، على أن تتولى هذه الإدارة الأنشطة والصيانة حتى لا يكون مصيرها ـ كما أكدت ـ كمصير الملعب البلدي حالياً. وأشارت السيدة بهية الحريري إلى أن "مراسلات مؤسسة الحريري مع بلدية صيدا الحالية لم تتوقف. وإن التأخير في تنفيذ المشروع إنما يعود إلى أسباب خارجة عن إرادتنا، وبسبب تعاقب الظروف الأمنية القاهرة وما حدث في الأعوام: 2005 و2006 و2007 من أحداث كبيرةً. وأضافت: "ولكن في نيسان 2008، وبعدما أنجزنا كل الدراسات طلبنا موعداً من البلدية ليطلعها المهندس المنتدب من جهتنا على حيثياتها. فوضعت البلدية بعض الملاحظات عليها وتم الأخذ بها. وقد أُرسلت الدراسة مع الخرائط إلى البلدية من جديد، فسُجلت في بلدية صيدا في تموز 2008. وفي هذا الوقت، قمنا بتقديم مشروع الهبة لتطوير الحديقة مع الخرائط إلى مجلس الوزراء. في هذه الأثناء بدأنا نسمع أن المخطط نفسه أعطيَ لمؤسسة أخرى وبدأت العمل فيه، رغم أن بلدية صيدا لم تبد يوماً رغبتها في فسخ العقد".
هنا، من جهتها ردت بلدية صيدا قائلة إنها اتخذت الخيار الآخر، بعد أن انتظرت مؤسسة الحريري مدة أربع سنوات متتالية ولم تنفذ تعهدها. وأكدت أن تصاميم المشروع الجديد وكل ما يتعلق بتفاصيله جاهزة وسوف توضع أمام الرأي العام الصيداوي، وأن المشروع سوف يُنجز والحديقة العامة تفتتح في عهد ولاية المجلس البلدي الحالي. وستضُمُّ الحديقة، وفق ما تشير إليه بلدية صيدا، مسرحاً كبيراً وصرحاً ثقافياً ونماذج جميلة للترفيه العائلي مع أشجار وارقة الظلال وبركة مائية…. وممشى للتنزه واستراحة للعموم….
* * *
عرض مشاريع
مستقبلية
هذا، ومن جهة أخرى، في مقابلة مع وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، قدَّم لها وفد من نقابة صيادي الأسماك في المدينة مذكرة تضمّ مطالب الصيادين والعاملين في قطاع البحر في صيدا. كما أَطْلعت الحريري الوفد ـ في الوقت نفسه ـ على نتائج الزيارة التي قام بها وزير الأشغال العامة غازي العريضي إلى مدينة صيدا. فأبلغتهم أن هذه الزيارة وضعت القضايا الملحّة بالنسبة إلى العديد من القطاعات ومنها قطاع البحر، على سكة التنفيـذ والمعالجة. وفي المناسبة نفسها، أشارت إلى أن مشروع تأهيل وترميم الواجهة البحرية للمدينة الصناعية في سينيق هو في عهدة وزارة النقل والهيئة العليا للإغاثة وسيتم تنفيذه في العام المقبل(1)
كذلك فقد أعلنت نائبة صيدا أمام وفد نقابة الصيادين أنه في آخر جلسة مجلس الوزراء، تمّ إقرار الهبة التي قدمها النائب سعد الحريري لاستكمال الواجهة البحرية لصيدا القديمة والبالغة مليونين وثلاثمائة وتسعين ألف دولار (2.390.000). وفي هذا المجال أيضاً أشارت إلى هبة منجزة مقدمة من مؤسسة الحريري لتنفيذ حديقة عند الواجهة البحرية الجنوبية للمدينة القديمة وضمن الأملاك البحرية العمومية، وذلك تحقيقاً لرغبة أبداها سماحة مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان بهذا الخصوص…
كما أنها، في الإطار نفسـه، تناولت موضوع معمل معالجة النفايات على الساحل الجنوبي لصيدا (…). فأشارت إلى أن هذا المعمل ستتسلمه وزارة النقل بحكم ملكيتها للأرض ضمن الأملاك البحرية العمومية. وهذا المعمل المذكور لن يُستملك إلا بعد الاطمئنان على المواصفات التقنية العالية وبَدء العمل فيـه، وذلك كي نطمئن إلى أن هذا المعمل يقوم بدوره على أكمل وجه.
وفي موضوع الحديقة العامة في صيدا، أعادت الحريري تأكيدها مرة أخرى أن هذا الملف أصبح الآن في عهدة وزارة الداخلية التي وجهت رسالة إلى المحافظ لإبداء الرأي في هذا الموضوع. وأضافت: "نحن لدينا عقد موقع مع بلدية صيدا، ولم يعلن أحد أو يبدي رغبة في فسخ هذا العقد. ففي هذه الحالة، نحن لدينا الحق في أن نكمل هذا المشروع الذي ليس ملكاً لنا ولا ملكاً لغيرنا…. وللعلم، فإن هذه الحديقة مالكها الأساسي كان الشهيد رفيق الحريري. فخلال تنفيذ مشروع الضّمّ والفرز، اشترى أراضٍ كان متنازع عليها، ولكنها تحوَّلت فيما بعد إلى مدارس وقصر عدل وبقيت الحديقة".
* * *
هنا، جاء رد رئيس بلدية صيدا سريعاً في تصريح صحفي، على ما ورد على لسان السيدة بهية الحريري "معتبراً أن البعض عاد إلى عادته القديمة في إطلاق الوعود المعسولة التي تتزامن دائماً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. فها هي المشاريع نفسها تطل علينا مجدَّداً كما هي الحال كل أربع (4) سنوات وآخرها كان وعود لصيادي الأسماك بتنفيذ مطالبهم التي طال انتظارها، متسائلاً: أين ذهب مبلغ 660 ألف دولار، وهي مبالغ صرفتها وزارة الأشغال في السنوات الماضية من أجل إعادة تأهيل وتنظيف مرفأ الصيادين، فماذا حل بها؟.. وكيف تمّ صرفها؟…
وفي الإطار نفسه، أشار "إلى الوعود التي أطلقها وزير الأشغال العامة غازي العريضي خلال زيارته إلى مدينة صيدا التي جاءها عن الطريق البحري، هذه الوعود التي ما زالت حتى الآن وعوداً إنشائية، مشدداً على حاجة صيدا إلى تأكيدات أن وزارة الأشغال العامة قد رصدت فعلاً ضمن ميزانيتها في العام المقبل، أموالاً مخصَّصة لتلبية هذه الوعود".
أما في ما يتعلق بالحديث عن الحديقة العامة في منطقة الوسطاني، فقد أسف رئيس بلدية صيدا لزج اسم الشهيد رفيق الحريري في هذا الموضوع، ليس لأن ما قيل في هذا الخصوص غير صحيح، وإنما لأن الرئيس الراحل عندما قدَّم لمدينة صيدا ما قدَّم في الماضي، لم يشترط يوماً الوصاية الشخصية أو أسلوب التشغيل لما قدمه. غير أن الجميع يعلم أن العقار المنوي إقامة الحديقة العامة عليه، هو ملك لبلدية صيدا، وبالتالي للمدينة وأهلها، وكان نتيجة أعمال الضمّ والفرز في منطقة الوسطاني. لذلك فإننا نؤكد أن ما تقوم به بلدية صيدا من أجل إنشاء الحديقة العامة بهبة غير مشروطة هو لصالح المدينة ويعطي البلدية التي تمثل كل المدينة ومصالح أهلها، الحق بالإشراف على الحديقة وإدارتها، بدلاً من أن تُستثمر أو توضع في خانة سياسية معينة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى تمنّى رئيس بلدية صيدا على الجميع، مسؤولين ومواطنين، عند الحديث عن معمل معالجة النفايات الصلبة، توخي الدقة والحقيقة في هذا الموضوع، ذلك أن العقد إنما هو موقَّع مع بلدية صيدا، وهي بالتالي وحدها التي يمكن أن تسمح لشركة I.B.C. أن تتملك الأرض وتبدأ الأعمال، بعد التأكد من سلامة أعمال معالجة النفايات الصلبة. وأشار رئيس بلدية صيدا إلى أنه "وفي حال تمّ تشغيل مركز معالجة النفايات الصلبة بإشراف مجلس الإنماء والإعمار، كما يُخطط له الآن في بعض الأروقة وبعيداً عن أعين البلدية، فسيتم إدخال /400/ طن من النفايات يومياً إلى صيدا، وبالتالي ستتحوَّل المدينة مركزاً إقليمياً لهذه الصناعة الضارة بيئياً". ويُنهي حديثه بالتأكيد أن المجلس البلدي الحالي لن يألو جهداً في العمل على الحفاظ على ما تبقى من شروط العقد الموقع مع شركة.I.B.C. وصيانة السلامة البيئية لصيدا، والتعويض عليها من كل الأضرار الناجمة عن هذا المشروع.(1)
* * *
مشاريـع إنشائيـة
حاضراً ومستقبلاً
إلى جانب ذلك، هناك بعض المشاريع الإنشائية التي أُنجزت أو ما زالت مجرد مشاريع مطروحة للبحث والتنفيذ مستقبلاً. فمن الأهمية إلقاء نظرة عامة عليها والتذكير سريعاً بها، دون الخوض في التفاصيل، تاركين بحثها ودراستها إلى وقت آخر، يأتي في مقدمتها: الملعب البلدي الذي أنشىء في عهد رئيس الوزراء رياض الصلح في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، وتحوَّل فيما بعد تحت اسم: المدينة الرياضية في صيدا، فغدت مع مضي الزمن لا هي مدينة بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولا هي رياضية. وختاماً لهذا الفصل، فلا بد من أن نشير سريعاً إلى ما أثير حولها من سجال ومعارضته في حينه.
المدينة الرياضية
في عام 1998، صدر مرسوم في عهد البلدية السابقة برئاسة المهندس هلال قبرصلي، إنشاء المدينة الرياضية، عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا في المكان الذي يقع فيه الملعب البلدي السابق، وبوشر في حينه بأعمال الردم في البحر كمرحلة أولى. لقد أثار هذا المشروع معارضة شديدة لدى مجموعة كبيرة من المهندسين المعماريين في لبنان ومن مهندسي صيدا وفاعلياتها السياسية التي عارضت هذه المنشآت الرياضية الضخمة عند المدخل الشمالي للمدينة. وقد تقدّم هذا الفريق الصيداوي المعارض بـ "طعن" إلى مجلس شورى الدولة. وتضمَّن هذا "الطعن" ملفاً كاملاً حول المخالفات القانونية التنظيمية والتخطيطية المبدئية الأساسية لبناء المنشآت في المكان الحالي بمحاذاة البحر والمعرَّض للأنواء الطبيعية، مبدياً شوائب المرسوم الذي صدر بإنشاء المدينة الرياضية في مكانها. وبالتالي يطالب "الطعن" حينذاك بنقل إقامة المدينة الرياضية إلى منطقة أخرى ملحوظة في جيوبي مدينة صيدا بالقرب من "الحسبة" الجديدة. وهذا الطلب يلاقي الدعم والتأييد وبوجه خاص من المهندسين والمهندسيين المعماريين. ولكن، كل الأصوات المعارضة لم تلق آذاناً صاغية وذهبت جميعها أدراج الرياح وأقيمت المدينة الرياضية الضخمة في المكان الذي أراده لها فيه المسؤولون عند المدخل الشمالي لصيدا…..(1)
القلعـة البحريـة
تعتبر قلعة صيدا البحرية، أو كما تُسمى أحياناً "قصر البحر" (Château de la mer) من المعالم الأثرية والتاريخية في مدينة صيدا، هذه المدينة القديمة التي تشكل، باعتراف خبراء عالميين في الآثار، أعرق متحف قائم بذاته في البحر المتوسط. والقلعة البحرية من تلك الزاوية، كان دائماً يُنظر إليها على أنها ترمز إلى أبرز هذه الآثار في مدينة صيدا حيث تعاقبت عليها حضارات عديدة وتفاعلت معها. فكانت حصيلة ذلك كله كتابة تاريخها المديد، عَبْر حِقب طويلة.
فإنطلاقاً من هذه الأهمية التاريخية للقلعة البحرية في تواصل الحضارات وتلاقيها، جاء طرح فكرة التعاون مع إسبانيا لإعادة ترميم القلعة البحرية. وهذه المبادرة للتعاون ـ وإن بقيت مجرد مشروع مستقبلي ـ أعلنت لدى زيارة السفير الإسباني في لبنان، ميغيل بينزا، إلى مدينة صيدا القديمة. وعند زيارته القلعة البحرية أبدى اهتماماً كبيراً بدراسة إمكانية أن يكون هناك تمويل إسباني ولو جزئي للقلعة، لذلك ينبغي وضع دراسات واضحة بالاتفاق مع وزارة الثقافة لكيفية إعادة تطوير هذه القلعة والحصول على هبة وقروض من أجل ترميمها وتأهيلها. ذلك أن معظم هذه القروض أو الهبات ينبغي أن تكون مستقبلاً أوروبية، لأن تاريخ القلعة إنما هو تاريخ مشترك بينها وبين الأوروبيين.
القلعـة البريـة
هنا، فإننا نلاحظ أن هناك غياباً كاملاً من حيث السياسة السياحية المعتمدة لدى الدولة اللبنانية من أجل الاهتمام بالقلاع المهملة في لبنان. والمثل على ذلك حالة القلعة البرية في صيدا المعرَّضة بصورة خطيرة للانهيار. لذلك يجري الآن الحديث وتقوم الاتصالات، وإن كانت خجولة، بين بلدية صيدا من جهة والبنك الدولي ومجلس الإنماء والإعمار من جهة أخرى، وذلك من أجل تقديم هبة أوروبية بقيمة حوالي مليون دولار أميركي، بهدف الاتفاق ليس لترميم القلعة البرية، بل لمنعها من السقوط، وبالتالي من الانهيار والزوال…..
ترميـم القشلـة
حول هذه القضية بالغة الأهمية من الناحية المعمارية، لقد وُضعت أخيراً، فيما يبدو، الدراسات لتنفيذ مشروع ترميم ما يسمى "ثكنة القشلة" أو "خان القشلة" والمنطقة المحيطة في مدينة صيدا القديمة نتيجة جهد إسباني ـ إيطالي. وقد وافقت إسبانيا مبدئياً على تمويل تنفيذ هذا المشروع…. كما أن مدينة "بلما"البحرية، وهي من المدن الإسبانية الكبرى، قد أبدت رغبتها في تمويل الجزء المتبقي من القشلة القديمة….(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ـ لقد اعتمدنا في طرح هذا الموضوع وبحثه على المعلومات الصحفية الواردة في جريدة "السفير" بتاريخ 5 و6 و10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 وعلى البيانات الصحفية الصادرة عن بلدية صيدا في التاريخ نفسه..
(1) ـ أنظر جريدة "المستقبل"، الثلاثاء 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008.
(1) ـ أنظر، محمد صالح، مراسل جريدة "السفير" في صيدا، السبت في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008.
(1) ـ أنظر، جريدة "السفير"، السبت في 12 كانون الثاني (يناير) 1998.
(2) ـ أنظر، جريدة "اللواء"، بتاريخ 10 كانون الثاني (يناير) 2007.