النهار - بين طهران ودمشق والرياض ! - سمير منصور
الأحد 17-10-2010
بين طهران ودمشق والرياض !
لعل الزيارة المفاجئة للرئيس السوري بشار الاسد للمملكة العربية السعودية اليوم خطفت الاضواء في بيروت التي كان ايقاعها السياسي في حال ترقب "ترددات" زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من زاوية ايجابية وامكان استمرار اجواء الهدوء السياسي النسبي التي رافقتها. وقد وصفت اوساط حكومية زيارة الاسد للرياض اليوم بــ"الحدث الكبير" وهي في بعض جوانبها، ولاسيما في شقها اللبناني تؤكد استمرار التواصل السعودي – السوري الذي يشكل مظلة للتهدئة واعتماد الحوار سبيلا للخروج من السجالات السياسية وتداعياتها، بعدما بدا في مرحلة ما ان ثمة فتورا في هذا التواصل.
وفي ما يشبه التناغم بين زيارة نجاد للبنان ولقاء اليوم بين الاسد والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، فان مجرد انعقاد هذا اللقاء يعزز بوادر الانفراج في لبنان، في موازاة ترقب نتائج زيارة الرئيس الايراني وتأثيراتها الايجابية اقله على "الحلفاء" من خلال محطات ثلاث:
الاولى – جلسة مجلس الوزراء التي تعقد الاربعاء المقبل واجواء المناقشات التي ستسودها ولاسيما في حال طرح ما يتعلق بشهود الزور والمحكمة الدولية.
الثانية – الحملات الاعلامية والسجالات المتبادلة ومدى استمرار انحسارها تدريجاً وقد تراجعت حدتها خلال زيارة نجاد.
الثالثة – ترقب نتائج الاتصالات في شأن التحضير للقاء محتمل بين رئيس الحكومة سعد الحريري والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وليس سرا ان انعقاد هذا اللقاء يعكس ايجابيات مشتركة بين زيارة نجاد اللبنانية ومعاودة التواصل السعودي – السوري ولاسيما في شأن لبنان.
واستنادا الى مصادر مطلعة، فان هذا الاحتمال تم التطرق اليه خلال اللقاء الليلي بين الرئيس الايراني والسيد نصرالله في مقر السفارة الايرانية وأنه كان من بين العناوين التي نوقشت لدى التطرق الى الوضع السياسي الداخلي.
وعلى هامش زيارة نجاد، بدا واضحاً أن أكثر العبارات تأثيراً في الخطب المتعددة التي ألقاها، كانت تلك التي تتعلق بالوحدة الوطنية اللبنانية وحمايتها، فقد كانت من الأهمية بمكان في ظل الانقسام الذي تعيشه البلاد والمنحى الطائفي والمذهبي المقيت الذي اتسمت به بعض السجالات والخطب والتصريحات والمنابر الاعلامية في الفترة الاخيرة. وكان من شأن التركيز على أهمية الوحدة الوطنية طمأنة كثيرين في لبنان، وكل من يدرك خطورة تداعيات هذا النوع من الخطاب السياسي والاعلامي والذي يمس الجميع دون استثناء.
وأما في الجوانب الاخرى من المواقف التي اطلقها الرئيس الايراني في لبنان، والتي كانت موضع تباين ونقاش، مثل حديثه عن محاور اقليمية وضع لبنان ضمنها، فلن تؤثر على انعكاسات ايجابية لمسها كثيرون وعبروا عنها بمن فيهم المختلفون مع السياسة الايرانية في أماكن كثيرة في المنطقة، وقد لاحظ بعض هؤلاء أن الاتصال الذي أجراه نجاد عشية توجهه الى لبنان بالعاهل السعودي عبّر عن لياقة وساهم في مزيد من الاحاطة بالزيارة والتعامل معها "بين دولة ودولة" لا لدعم طرف على حساب آخر في لبنان. ومن المفيد للبلدين أن تصبح ذات يوم بين دولتين بالمطلق. ولن تحول دون ذلك علاقة مميزة لايران، دينياً وعقائدياً مع فئة من اللبنانيين ومع "حزب الله" تحديداً، فهو جزء من المكونات السياسية والحزبية ومن المؤسسات، سواء في مجلس النواب أو الحكومة.
ولئن يكن من المبكر السؤال عن حوار سعودي - ايراني في المدى المنظور، فإن من البديهي السؤال عن دور يمكن ان يضطلع به الرئيس السوري في هذا المجال من خلال "علاقة استراتيجية" لسوريا بايران. ولعلها اللحظة السياسية الملائمة لمثل هذا الطرح!
سمير منصور
samir.mansour@annahar.com.lb