هيئة العمل الوطني والمركز الثقافي - قانون الانتخابات
بدعوة من هيئـة العمـل الوطنـي والمركـز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، أقيم لقاء سياسي وحوار مفتوح مع رئيس المجلس السياسي لحزب الله النائب الحاج محمد رعد والوزير ونائب جزين السابق أدمون رزق ورئيس المركز الثقافي الدكتور مصطفى دندشلي. وذلك في قاعة محاضرات المركـز وحضور حشد كبير من الهيئات الثقافية والاجتماعية والسياسية في المنطقـة.
ألقى كلمة التقديم وأدار الجلسة المسؤول الثقافي جوزيف عبود. أكد رزق في مستهل مداخلته أن قانون الانتخاب الذي يحقق حرية الاختيار وصحة التمثيل الشعبي وعدالته، إنما هو اعتماد التجربة الديمقراطية وإعطاء الناخب قيمة وشأناً في العملية الانتخابية ذاتها.
وبعد أن أشار إلى الهامش الضيّق الذي كان مسموحاً به لإرادة الناخب وحريته في الاختيار وإلى العوامل الضاغطة التي كانت تمارس عليه من تدخلات وتحالفات وتزوير من كل نوع قدّم رزق نموذجاً لتشويه الانتخابات التي كانت تجري في منطقة جزين وأوضح أنه كان يتم التحالف أولاً بين مرشحين قويين في المنطقة ومن ثم يؤتى بمرشح كاثوليكي ثالث من خارج منطقة جزين لتمويل اللائحة فيوضع الناخبون هكذا أمام الأمر الواقع وختم بالتأكيد على أن الدائرة الفردية هي مطلب يجب أن يتحقق عندما تكون الأجيال المقبلة قد تحررت من رواسب الطائفية والمذهبية والتبعية والارتهان.
اعتبر النائب رعد أن قانون الانتخاب هو مرآة، يعكس حقيقة المجتمع ومستوى وعيه والتنوع السياسي والثقافي الموجود فيه وهو المعيار الحضاري لتداول السلطة والتطوير والتجديد في أيّ مجتمع. وأوضح أن وجهة نظر حزب الله المبدئية هي اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس التمثيل النسبي مما يتيح لكل فريق سياسي ولكل تيار اجتماعي وثقافي فرصة أن يتمثل في الندوة البرلمانية ويحقق المشاركة السياسية. ولكن وجهة النظر المبدئية هذه لا يتحملها النظام السياسي في لبنان الذي يعتمد صيغة تقوم على الطائفية وتشكل مرتكزاً للدولة اللبنانية، لذلك فلنكن واقعيين وألاّ نفرض طموحاتنا المبدئية في المجال السياسي. من هنا يرى حزب الله مرحلياً وعملياً اعتماد الدائرةالوسطى التي تبقى الأفضل في ظروفنا الراهنة.
ويؤكد رعد أنه حتى في اعتماد الدائرة الوسطى في ظل نظام يقوم على الطائفية السياسية سوف يتحكم حراس الطوائف في نظامنا السياسي ويقسمون جغرافياً الدوائر الوسطى بحسب مصالحهم الانتخابية. ولكن وعلى الرغم من كل الشوائب والثغرات تبقى الدائرة الوسطى هي الممكن اعتمادها في المرحلة الانتقالية وصولاً إلى الدائرة الكبرى لتحقيق إصلاح سياسي وإلغاء للطائفية على مستوى النظام السياسي.
أبدى الدكتور مصطفى دندشلي في مستهل مداخلته بعض الملاحظات أهمها أن قانون الانتخابات في الدول الديمقراطية المتقدمة هو جزء من مواد الدستور والقصد من ذلك هو وضع موانع وصعوبات قانونية لعدم إمكانية تغييره كلما تغيّرت العهود وتبدلت الحكومات. كما أن أي قانون للانتخاب إنما هو تعبير عن طبيعة تكوين المجتمع السياسي، فالمجتمع السياسي التقليدي الاقطاعي الطائفي لا يمكن إلاّ أن يُنتج حكماً قانوناً للانتخابات يتصف بهذه الصفات. لذلك فإن أي إصلاح اقتصادي إداري اجتماعي يجب أن ينطلق من إصلاح سياسي حقيقي. والاصلاح السياسي قوامه بداية تحقيق إصلاح في قانون انتخابي عادل وديمقراطي وتمثيلي ومساوٍ بين المناطق وفي تقسيم الدوائر الانتخابية دون استثناء أو تمييز.
وأكد أن القانون الانتخابي الذي طُبّق على أساس المحافظة، باستثناء جبل لبنان، في دورتين نيابيتين 1992 و1996 قد أثبت فشله الذريع وإخفاقه في تحقيق ما كان يرفع من شعارات فلم يتحقق العيش المشترك ولا الاندماج الوطني ولم تتحقق صحة التمثيل الشعبي، بل قد أدّى إلى إذكار شعلة الطائفية الكامنة وتحولت إلى مذهبية ظاهرة كرّست الزعامات الميليشياوية المحدلية وعصبية سلطة المال المستجدة.
واعتبر أخيراً أن اعتماد الدائرة الوسطى التي هي أكبر من قضاء وأقل من محافظة هي الأقرب إلى الواقع الاجتماعي الحقيقي حيث يتحقق من خلالها صحة التمثيل الشعبي وإرادة الناخب الحرة وحقّه في المشاركة السياسية. كما أن دمج محافظة النبطية ومحافظة الجنوب في دائرة انتخابية واحدة قد كان الصيغة الأسوأ: فلم تؤمن صحة التمثيل الشعبي ولا عدالته ولا ديمقراطيته ولا حرية الناخبين في اختيار نوابهم الحقيقيين.
وبعد نقاش مستفيض شارك فيه الحضور أصدر المجتمعون توصيات أهمها:
1 ـ اعتماد مبدأ واحد في تقسيم الدوائر الانتخابيـة في كافة المناطق دون أي استثناء أو تمييز.
2 ـ اعتبار الدائرة الوسطى هي الحل الأمثل ضمن المعطيات السياسية الحالية.
3 ـ استحداث فصل خاص في قانون الانتخابات مفصلاً وشاملاً بهدف تنظيم الإعلام والإعلان الانتخابي وتحديد سقف نفقات الانتخابية.
4 ـ خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة واعتماد المكننة والبطاقة الانتخابية.