المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - العلاقات السورية – الإيرانية.. تناقض في العقائد وتقاطع في المصالح..!! - حسان القطب
الإثنين 6 كانون الأول 2010
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
العلاقات السورية – الإيرانية.. تناقض في العقائد وتقاطع في المصالح..!!
بقلم مدير المركز... حسان القطب
البعد عن المبادئ والأسس الواضحة والمعلنة، أصبح سمة تطبع اليوم السياسيات التي تمارسها سوريا وإيران وحلفائهما في لبنان والمنطقة، والديماغوجية والانتهازية هي حقيقةً ما يمكن أن توصف به العلاقات السورية – الإيرانية والفريق التابع لهما برمته، وما عدنا نصدق شيء من الشعارات والعناوين والطروحات المرفوعة من قبل هذا الفريق... فالتناقضات الأيدلوجية والعقائدية كثيرة وعميقة بين النظامين، بحيث نكاد لا نجد بينهما قواسم مشتركة على الإطلاق..... فالنظام السوري ولو ظاهرياً وحتى شكلياً يقدم نفسه على انه نظام علماني يعتنق مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي، فكراً وممارسةً، والوحدة العربية تشكل الهدف الأسمى لهذا الحزب..وفريقه..أما النظام الإيراني فهو نظام ديني شمولي يقوم على مبدأ ولاية الفقيه التي أطلقها للعلن الخميني إبان عهده، ويتولى مسؤوليتها الآن الخامنئي ومهمته تتلخص في تعبيد الطريق لعودة المهدي المنتظر الذي سيحكم العالم..وخلال هذه الفترة يتولى الولي الفقيه إدارة شؤون الأمة ريثما تتم العودة.... إذا شكل الحكم وعنوانه وسلوكه ومصطلحاته، دينية بحته لا يمكن التغاضي، عنها أو تجاهل قواعدها وأسسها ومنطلقاتها....
من خلال متابعة السياسات التي تمارس من كلا الفريقين وحلفائهما.. نلحظ أن التناقض بين الشعارات والتطبيقات عميق جداً لدرجة انه لا يمكن تجاهلها أو إغفالها.. في الملف العراقي يتقاسم كل من إيران وسوريا دعم فريقين مختلفين ومتناقضين ففي حين تدعم حكومة إيران المجموعات الشيعية التي تمسك اليوم بزمام السلطة في العراق..تدعم حكومة سوريا وإن بشكل غير معلن، ولكن بشكل لم يعد من الممكن إخفاؤه أو إنكاره المجموعات المتواجدة في غرب العراق...هذا الدعم المطلق للقوى العراقية المتصارعة والمتناقضة سياسياً ودينياً إلى أين يؤدي..؟؟ حتماً سوف يؤدي إلى انهيار دولة العراق ووحدة شعبها وانقسامها إلى دويلات يسهل على إيران السيطرة على جنوبها وشرقها وعلى سوريا ممارسة نفوذها في غربها.. في حين سوف يعاني الشمال الكردي من مشاكل هي في أصلها مزمنة مع دول الجوار ومع دولة تركيا بالتحديد..التي سوف تعاني بدورها من عواقب هذا الانقسام ومن فقدان الدولة العراقية المركزية القوية التي تسيطر على وسط البلاد وأطرافها.. وفي حين تعلن حكومة العراق المدعومة من دولة إيران والولايات المتحدة في نفس الوقت وهما العدوان اللدودان كما يبدو للعيان حتى اليوم..الحرب على حزب البعث المنحل، وتشكل اللجان لاجتثاثه ومحاكمة أتباعه ومناصريه بعد اتهامهم بكافة أشكال الجرائم... نرى أن حكومة طهران الدينية وحكومة دمشق البعثية.. تربطهما علاقة سياسية إستراتيجية وروابط ووشائج تجارية.. ويدافع كل منهما عن مصالح الأخر بكل شدة وحدة..؟؟؟ ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو عضو في حزب الدعوة الشيعي..تماماً كما هو الشيخ نعيم قاسم نائب أمين حزب الله في لبنان.. ولكن المفارقة.. أن المالكي يسعى لوأد حزب البعث في العراق.. ونعيم قاسم يقول..( نم قرير العين يا بشار الأسد فنحن في لبنان بالمرصاد لكل من يتربص بك شراً).. نعيم قاسم عضو حزب الدعوة يتجاهل ارتباط المالكي بالمحتل الأميركي الذي يمسك بزمام السلطة والقوة في العراق الجريح.. ويتهم بعض اللبنانيين بالعمالة للولايات المتحدة لمجرد الاجتماع بالسفير الأميركي أو بأي مسؤول أميركي... فكيف يكون الحكم تحت السيطرة الأميركية والاحتلال الأميركي مشكوراً ومقبولاً في العراق..؟؟..هل فقط لأن الحاكم المفترض هو عضو في حزب الدعوة الشيعي...وما الفرق بين حزب البعث العراقي الذي يحارب بلا هوادة في العراق من قبل حزب المالكي ونعيم قاسم.. ويهادن بل ويتم التحالف معه وصولاً للدفاع عنه في سوريا..؟؟؟ أليس كلا الحزبين وليدا فكرة ميشال عفلق مؤسس حزب البعث..؟؟ ومن ناحية أخرى كيف تسقط مبادئ القومية العربية التي تجاهر بها سوريا وتختفي بالتحالف استراتيجياً مع دولة إيران المعادية للعرب تاريخياً.. وكيف تتجاهل إيران شعاراتها الدينية وتتحالف مع نظام علماني حاربته لسنوات في العراق ولا تزال.. وتدافع عنه بواسطة حلفائها وبأموالها في سوريا..؟؟..
وفي مفارقة أخرى، كيف تتبنى سوريا شعارات المقاومة وتحتضن حركات المقاومة في الدول المجاورة..(لبنان، فلسطين) دون أن يكون لها مقاومتها السورية الشعبية الخاصة لمقاومة المحتل وتحرير الجولان..؟؟ (وقد كشفت مؤخراً إحدى وثائق ويكيليكس المسربة أن الرئيس السوري بشار الأسد وصف حماس بالضيف الذي جاء بدون دعوة في لقائه مع وفد من الكونغرس الأميركي عام 2009 وشبه حماس بحركة الإخوان المسلمين في سورية والتي سحقها والده في الثمانينيات. ولمح إلى أنه قد يقطع علاقته مع الحركة مقابل حوافز مثل السماح لسورية بشراء طائرات مدنية وقطع غيار لها)... إذاً المقاومة في غزة التي تقودها حماس لا تساوي أمام ممانعة النظام السوري سوى شراء بعض الطائرات المدنية وبعض قطع الغيار..أي مستقبل ينتظر هذه المقاومة وهي تجلس في فك الأسد تنتظر منه أن يساوم عليها وان يفاوض من خلال احتضانه لها دول الغرب والمجتمع الدولي..على تسوية تضمن له الاستمرار في الحكم..وأوضح هذا الأمر حين اعتبر الأسد وجود حماس في دمشق بقوله أنها "كضيف بلا دعوة"..
أما في لبنان فالأمر مماثل حيث تحالف حزب الله مع ميشال عون وهو عراب القرار الدولي 1559.. الذي يصفه حزب الله بالقرار المؤامرة..وفجأة حين ينكفئ حزب الله عن المطالبة بإعدام العملاء بعد فضيحة اتهام أحد أركان ميشال عون العميد المتقاعد فايز كرم بالعمالة.. فلم نعد نسمع من قادة حزب الله ونصرالله بالتحديد المطالبة بتنفيذ حكم الإعدام الفوري بالعملاء.. ولم نعد نسمع حديثاً عن البيئة الحاضنة للعملاء كونها كانت تطلق وتذكر لتستهدف أطرافاً أخرى...؟؟ وحزب الله الذي ما برح يهاجم تيار المستقبل لتحالفه مع القوات اللبنانية ويجند لهذا الأمر أبواق معروفة التمويل والارتباط.. قد كلف مؤخراً كما رشح عبر البعض مسؤول الملف المسيحي في حزب الله غالب أبو زينب بفتح قناة اتصال بالقوات اللبنانية..تمهيداً لتطوير العلاقات مع حزب القوات اللبنانية الذي يقوده سمير جعجع..؟؟؟ وفي نفس الوقت الذي يتهم الأصولية الإسلامية بالاغتيالات ويحذر منها عند كل مناسبة.. يجهد حزب الله لفتح قناة اتصال معها وتطوير علاقاته بها..وبشكل خاص المجموعات السلفية.. وتبني موضوع المدعو عمر بكري من قبل حزب الله أمام المحاكم العسكرية كان من العلامات البارزة في هذا الشأن.. وهو الذي كان محط انتقاد وسائل إعلامية ومراجع سياسية تابعة لهذا الفريق... ووليد جنبلاط الذي كان يوصف بأنه مجرم حرب وساعياً للفتنة بين السنة والشيعة كما كان يقول حزب الله.. فجأة أصبح وليد جنبلاط من حكماء الساحة اللبنانية بل والعربية أيضاً دون مقدمات وبسحر ساحر.. أو بالأحرى بمجرد الالتفات والتحول للتحالف مع المشروع الإيراني – السوري وأتباعه في لبنان.. وشريط الفيديو الذي نشره تلفزيون المنار عن علاقة النائب الجنبلاطي أكرم شهيب بالاحتلال الإسرائيلي.. واجتماعه بالحاكم العسكري إبان الاحتلال في منطقة عاليه.. قد أصبح من الماضي.. وأكرم شهيب يجتمع اليوم مع حسن نصرالله ولا خوف على سماحته من اختراق شهيب للإجراءات الأمنية للمقاومة خلال الزيارة..
من هنا نرى أن منطق المبادئ والثوابت والالتزام بأدبيات العقائد غير متوافر لدى هذا الفريق بل وغائب تماماً.. فما يرفضه من سياسات الآخرين يمارسه هذا الفريق بكل وضوح.. مستنداً لماكينة إعلامية متمكنة من تغييب الحقائق عن الجمهور الذي يعيش حالة خوف من الآخرين.. كل الآخرين.. الشركاء في الوطن والمجتمع العربي والمجتمع الدولي.. والاستناد فقط إلى سلاح ميليشيا حركة أمل المدعومة من سوريا.. وحزب الله المدعوم من إيران..لحماية المنجزات والإنجازات التي تحققت حتى الآن على طريق السيطرة على لبنان والعالم العربي.. وان تناقض العقائد بين هذه القوى مع الآخرين، لا يمتنع تحالفها حتى مع الغرب بكل أطيافه لتحقيق أهداف وإنجاز مصالح قد تكون متداخلة ولا بأس من المساعدة في احتلال أفغانستان والعراق والتخلي عن حماس وربما حزب الله لاحقاً.. مقابل مصالح معينة...
حسان القطب
hasktb@hotmail.com