السفير - لبنان يساعد إيران - ساطع نور الدين
السبت 16-10-2010
لبنان يساعد إيران
ساطع نور الدين
لم يكن معارضو الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في ايران يبالغون كثيرا عندما قالوا انه سافر الى لبنان كي يتهرب من مواجهة مشاكل داخلية سياسية واقتصادية متفاقمة، وكي يعزز شعبيته المتهاوية من خلال صوره مع الحشود اللبنانية التي فاقت في بعض الاحيان الحشود الايرانية التي انفضت من حوله او تضاءلت في الآونة الاخيرة، ولم تعد تحميه من حملات شركائه المحافظين، ولا طبعا من حملات خصومه الاصلاحيين.
الفكرة مغرية بعض الشيء: ما زال لبنان، بشيعته ومقاومته ودولته، مؤثرا وفاعلا في الداخل الايراني، وما زال عنصر جذب ومحورا يدور حوله الجدل بين اركان النظام، الذين أخرج منهم قادة التيار الاصلاحي بعد معركة انتخابات الرئاسة في العام 2009 ، وتفردوا يومها بخطاب سياسي مثير للذهول ينادي بوقف الدعم الايراني الموجه الى لبنان وفلسطين وصرف تلك الاموال على فقراء ايران ومحتاجيها، وترك اللبنانيين والفلسطينيين يعتمدون على اثرياء العرب.. مع الاشارة الى ان الرئيس نجاد لم يأت الى لبنان بأكياس محملة بالدولارات، بل برقم رسمي متواضع جدا للعقود الاقتصادية بين البلدين لا يزيد على 450 مليون دولار، بالمقارنة مع نحو ملياري دولار من القروض التي تقدمها ايران سنويا الى العراق، ونحو مليار دولار الى افغانستان. اما المبلغ الفلسطيني فهو سر من الاسرار الايرانية والفلسطينية الدفينة، وكذا الامر بالنسبة الى سوريا.
المهم ان لبنان، كما تفيد الارقام المعلنة على الاقل والتي لا يمكن للارقام الخفية ان تزيد عليها، يحتل المرتبة الثالثة على لائحة الاولويات الخارجية للدولة الايرانية، التي لا تبدو بالقوة المقدرة في بيروت، لا عل المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي. المؤكد انها ليست امبراطورية، لم تكن يوما ولن تكون. هي دولة اقليمية كبرى بالمقارنة مع دول متعثرة مثل العراق وافغانستان، ودول خائفة مثل بلدان الخليج العربي، وبالمواجهة ايضا مع مشروع اميركي متحول يخوض مراجعة شاملة لتجربته العسكرية والامنية ورؤيته السياسية. لكن هذه الدولة الاقليمية الكبرى لا يمكن ان تصمد في المقارنة مع بلد متقدم مثل تركيا، او مع حتى مع بلدين راسخين نسبيا مثل السعودية ومصر..
علامات الضعف ظاهرة في ايران، وهي لا تحتاج الى دليل ولا تبنى فقط على قراءات اصلاحية مبتسرة او حتى متوترة. فقد انتقل الخلل الى داخل التيار المحافظ نفسه، وصار تأثير العقوبات الدولية ملموسا في الشارع اكثر من اي وقت مضى، بحيث لم يعد يترك للقيادة الايرانية من خيار سوى اللجوء الى الخارج لتخفيف وطأة الحصار وافتتاح اسواق جديدة للسياسة والتجارة الايرانيتين، بعدما اغلق الوضع الداخلي على خيارات مستحيلة تهدد النظام الذي اضطر بعد الانتخابات الرئاسية الى اعتماد سلوكه الامني في ضبط التململ الشعبي.
من هذه الزاوية جاء نجاد الى لبنان ليفتتح علاقة رسمية مع الدولة اللبنانية تسند العلاقة السياسية مع حلفاء ايران وانصارها، وتساهم في فك الطوق الدولي المشدد. هو جاء يطلب المساعدة، اكثر مما جاء يعرضها.