د. دندشلي - محسن الشيخ راضي (2)
مـقـابـلـة
مع محسن الشيخ راضي ، عضو القيادة القطرية ،
والقيادة القومية في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق .
المكان والزمان : بيروت في 24 آب 1965
أجرى المقابلة : د. مصطفى دندشلي .
* * *
التصميم
1 ـ التهيئة لثورة 8 شباط ( 14 رمضان ) 1963 في العراق
* لمحة عن تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ، ونضاله
بعد ثورة 14 تموز 1958 : علاقة حزب البعث بالجيش ...
* لمحة عن الوضع السياسي بعد " ثورة تموز ": العلاقة بين الأحزاب السياسيّة ...
* المؤتمر القطري .
* دور القيادة القوميّة .
* الحرس القومي .
* نظرة الحزب للسلطة .
* القوى والجماهير التي أيّدت ( حركة 8 شباط ) وارتبطت بالحزب .
2 ـ الأيام الأولى لثورة 8 شباط 1963 في العراق .
* دور الجيش في الثورة .
* دور الحزب والحرس القومي بالذات .
* موقف الشيوعيين : الموقف المدني والموقف العسكري ...
* موقف القوى الرجعيّة .
* القضية الكرديّة .
* تشكيل الوزارة .
* المجلس الوطنيّ .
3 ـ منذ الأيام الأولى للثورة حتى التعديل الوزاري الأول في الشهر الخامس ...
* القيادة القطريّة والقيادة القوميّة ...
* المنهاج المرحلي للثورة .
* التنظيم العسكري .
* توسّع الحرس القومي : أخطاؤه ومواقفه الثوريّة .
* تعديل قانون الأحوال الشخصيّة : موقف حزب البعث ، موقف المجلس الوطني .
* المفاوضات مع الأكراد .
* استغلال حرب الأكراد لإغراق الجيش بالعناصر الرجعيّة من الضباط .
* استمرار عقلية إفناء الشيوعيين لدى السلطة .
* زيارة علي صالح السعدي للموصل وطرح شعارات معادية للرجعيّة ، وأثر ذلك على السلطة .
* احتفالات الأول من أيار .
* التغيير الوزاري : ملابساته ودور أحمد حسن البكر، عبد السلام عارف ، حازم جواد، طالب شبيب بهذا التغيير أساساً ... وعموم المجلس الوطني والتيارات الرجعيّة بالتالي...
4 ـ منذ التغيير الوزاري حتى الانتخابات الحزبيّة ...
* موقف حزب البعث من التغيير الوزاري .
* اشتداد الصراع بين الحزب والسلطة ...
* اشتداد الصراع بين السلطة والنقابات .
* اشتداد الصراع بين السلطة والاتحاد الوطني للطلبة ...
* الارتباط السياسي الكلّي بين حازم جواد وطالب شبيب وعبد السلام عارف وأحمد حسن البكر .
* موقف القيادة القوميّة من هذا الصراع الدّائر ....
* إعلان الحرب على الأكراد بعد التعديل الوزاري .
* علاقة صلاح الدين البيطار وميشال عفلق بعبد السلام عارف ، والاتفاقات الثنائيّة بين عارف وعفلق والبيطار تجاه الوحدة الثنائيّة .
* تغيُّر الموقف تجاه الحرس القومي .
* إشتداد حملة الرجعيّة على الحزب وقادته .
* علاقة صالح مهدي عمّاش ومدير الأمن العام جميل صبري البياتي بمبعوث الاستخبارات الأميركيّة .
* مساعدة الأميركيين للسلطة في حربها ضدّ الأكراد .
* موقف الاتحاد السوفياتي المعادي للسلطة ، خصوصاً في حربها ضدّ الأكراد .
* العمل المشترك بين حازم جواد وطالب شبيب وأحمد حسن البكر وعبد السلام عارف لإنهاء دور الحزب والمنظمات الشعبيّة .
* سفر عبد السلام عارف والوفد المرافق إلى القاهرة .
* الاجتماعات المشتركة بين ميشال عفلق وعبد السلام عارف وبقيّة الوفد .
* الاعتراف بالكويت : موقف عفلق والبيطار وتطوّر المباحثات .
* القرض الكويتي وأعضاء الوفد المفاوض .
* مؤامرة معسكر الرشيد، ذات الطابع الشيوعي ( الشهر السابع )، وموقف السلطة منها، خصوصاً عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر وحازم جواد ...
* مؤامرة " الناصريّة " وموقف عبد السلام عارف وطاهر يحيي وصالح مهدي عمّاش وأحمد حسن البكر ...
* مؤامرة الرجعيّة وموقف السلطة منها ، وبالذات عبد السلام عارف وحازم جواد وطالب شبيب وصالح مهدي عمّاش وأحمد حسن البكر ...
* قتل الفلاحين من قِبل الاقطاعيين في " الناصريّة " وموقف الحزب والسلطة منها .
* الاجتماعات المشتركة بين حازم جواد وممثلين عن " الحلف المركزيّ " لتنسيق العمل العسكري وغيره تجاه الحرب الكرديّة .
5 ـ منذ الانتخابات الحزبيّة حتى 11/11/1963
* شعار قواعد الحزب : تأييد معارضي السلطة وإسقاط مؤيديها في الانتخابات الحزبيّة...
* المؤتمرات القطريّة للحزب في العراق .
* المؤتمر القومي السادس .
* قرار القيادة القوميّة لإجراء الانتخابات القطرية التكميليّة في العراق وملابساتها .
6 ـ من 11/11 إلى 18/11/1963
7 ـ منذ 18 تشرين الثاني حتى مؤتمر المسرح العسكريّ .
8 ـ اللجنة التحضيريّة . المؤتمر القومي السابع لليسار :
القيادة القوميّة المنبثقة عنه
* * *
لمحة عن تاريخ حزب البعث في العراق
بعد ثورة 14 تموز 1958
شارك حزب البعث في العراق في النشاط السياسيّ العلني والمعادي لسلطة نور السعيد والحكم الملكي وفي قيادة مظاهرات عام 1956 . كما أنّه وقف موقفاً إيجابياً في مقاطعة الانتخابات التي أقامتها حكومة السعيد لعام 1957 . ولكن بدأ نشاط حزب البعث الجماهيري أساساً وبشكل ملحوظ بعد ثورة 14 تموز 1958 .
وكان البعث قد دخل في " الجبهة الوطنيّة " وشارك فيها بعد عام 1958 . وكان أطراف الجبهة حينذاك : الحزب الشيوعي ، حزب البعث ، الحزب الوطني الديمقراطي ، حزب الاستقلال ، الحزب الكردي الديمقراطي . وهذه الجبهة إنما كانت تكتيكية ، حيث أراد حزب البعث الاستفادة من الوقت لإحداث تغييرات في السلطة لصالحه بالتعاون مع العسكريين القوميين المشتركين في ثورة 14 تموز. كما أنّ الحزب الشيوعي أراد استغلال الأحزاب الأخرى كالحزب الوطني الديمقراطي والحزب الديمقراطي الكردي لتطويق البعث وثورة تموز بشكل عام والتعاون الحيوي مع عبد الكريم قاسم وجماعته لإبعاد الثورة عن الوحدة العربيّة . أما في ما يتعلق بحزب الاستقلال فلم يكن له أيّ وجود عمليّ ...
في داخل حزب البعث ، كان يوجد في ذلك الحين وجهتا نظر حول مجابهة الموقف الراهن : الأولى تعتبر أنّ النضال الشعبي وتوسيع قواعد الحزب وكسب التأييد الجماهيري ، له الأهميّة الأولى في تحديد سياسة الحزب المرحليّة ، وذلك بطرح شعرات منبثقة ومعبِّرة عن آمال ومصالح الجماهير ، وجعله السلطة مُطوَّقة بهذا التأييد للحزب . ووجهة النظر الأخرى ، تعتبر العمل فقط من خلال السلطة هو المخرج السليم لمجابهة الموقف الراهن . ولهذا بدأ هذا الصراع يشتد داخل القيادة فقط ، دون أن تشعر به الجماهير أو القواعد الحزبيّة . كما أنّ هذا الصراع أخذ يشتدّ أكثر خصوصاً حول استقالة فؤاد الركابي من الوزارة .
فالطرف المطالب بالعمل الشعبي يصرّ على استقالة الركابي من الوزارة كإنذار للجماهير بالخطر المحدق بالاتجاه القومي للثورة . وعلى رأس هذا الاتجاه على صالح السعدي . أما الطرف الآخر والمعارض لهذه النظرة كان على رأسه فؤاد الركابي . ظهر هذا الصراع داخل الحزب في الأشهر الأولى للثورة ، عندما توضَّح أنَّ اتجاه قاسم معادٍ للاتجاه العربي بشكل عام .
الصراع داخل ثورة تموز
إزداد الصراع وتفاقم الاختلاف في وجهات النظر حول سياسة العراق العربيّة ، بين الضباط في قيادة الثورة . فكان عبد الكريم قاسم ومجموعته من الضباط يتجهون نحو "تعريق" العراق والابتعاد عن الارتباط بالجمهورية العربيّة المتحدة (بقيادة جمال عبد الناصر). أما الاتجاه الآخر الذي يتزعمه عبد السلام عارف ينادي بالوحدة الفوريّة . والواجهة السياسيّة والمعبِّرة حزبيًا عن هذا الصراع : الحزب الشيوعي العراقي ويمثل وجهة نظر عبد الكريم قاسم . أما حزب البعث فإنه يمثل وجهة نظر عبد السلام عارف .
لقد انفجر هذا الصراع في إبعاد عبد السلام عارف وتجريده من مناصبه كرئيس أركان الجيش ووزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ، وتعيينه سفيراً في " بون "ـ ألمانيا. وإبعاد فؤاد الركابي من وزارة الإعمار وتعيينه وزيراً للدولة ، كما أُبعد وزير التربية جابر عمر ، المؤيد لعبد السلام عارف .
وعندما رجع عبد السلام عارف من " بون " في تشرين الأول 1958 واعتقاله ، اعتقل مع أعضاء القيادة المعارضين لفؤاد الركابي فقط . وكان فؤاد الركابي لا يزال في هذا الوقت وزيراً للدولة . ولم تتعرض السلطة إطلاقاً لكتلة فؤاد الركابي في القيادة القطريّة مع علمهم بهم ومع أنّهم مارسوا كغيرهم أعمالاً ونضالاً علنياً ...
إنّ إبعاد عبد السلام عارف عن البلاد ، كان بناءً على وجود نفورٍ بينه وبين العناصر القوميّة . وعودته من "بون" إلى العراق لم يكن في أساسه بناءً أو محاولة القيام بمؤامرة ضد قاسم ، وإنما لم يكن ليعتقد بأنّ قاسم يعدمه أو يسجنه . ولكن وجوده في العراق يسمح له بالاتصال بالعناصر القوميّة ، إذ كان في نيَّته اغتيال عبد الكريم قاسم ...
لقد استفاد فؤاد الركابي من اعتقال أعضاء القيادة القطريّة المعارضين وعيَّن أعضاء جدد ممن يرتبطون به شخصياً ، وإن لم تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لعضوية القيادة . وكانت القيادة القطريّة تتألف من : فؤاد الركابي أمين سر ، علي صالح السعدي ، حازم جواد ، عبد الكريم شنتاف ، خالد علي الصالح ، سعدون حمادي ، إلخ ... وقد أعتقل علي صالح السعدي وحازم جواد ، ثمّ هرب جواد إلى الجمهورية العربيّة المتحدة . أما موقف سعدون حمادي فكان موقفه وسطاً . والأعضاء الجدد الذين أُدخلوا إلى القيادة : مدحت جمعة ، إياد سعيد ثابت . فأصبحت القيادة القطريّة فاقدة بذلك لمفهوم القيادة الجماعيّة ويسيِّرها الركابي بالشكل الذي يرتئيه ...
والنتيجة الطبيعيّة لكلّ ذلك أنّ فشل عمل الحزب الشعبي واقتصر على التنظيم السابق له ، ولم يستفد من فترة 14 تموز الثوريّة ، بل اتجه كلياً للتآمر العسكري من وراء ظهر الجماهير وبالتعاون مع الجمهورية العربيّة المتحدة في القاهرة ، والاتجاه القومي العربي العاطفي المتميز به عدد كبير من ضباط الجيش في العراق، لتنفيذ فكرته الانقلابيّة. وكان أول ظاهرة لهذا الاتجاه مؤامرة عبد الوهاب الشوّاف في الشهر الثالث عام 1959، أما الذين لم يرتبطوا بالحزب، فمنهم : صبحي عبد الحميد ، عبد الكريم فرحان وكتلتهما...
ما هو سبب ارتباط الضباط بالحزب ؟...
هناك عدد من النقاط ، أبرزها :
1 ـ معاداة البعث للحزب الشيوعي العنيفة ، وبالمقابل معاداة الشيوعيين لحزب البعث .
2 ـ نشاط حزب البعث في معاداة حكم عبد الكريم قاسم .
3 ـ فكر حزب البعث القومي البرجوازي المعتدل .
4 ـ علاقات شخصيّة بينهم وبين بعض قادة الحزب .
فالمحرك الأساسي لهؤلاء الضباط وفكرتهم الرئيسة هما التآمر على نظام الحكم لعبد الكريم قاسم . فوجدوا في حزب البعث ضالتهم المفقودة حيث كانوا يبحثون عن تنظيم مدني يقف سداً منيعاً أمام مدّ الشيوعيين . والبعث أيضاً من جهته اتجه نحو السلطة والاستيلاء عليها وإسقاط حكم قاسم . فالحزب من الطبيعي لوحده غير قادر على القيام بثورة جماهيريّة عارمة لإسقاط هذا الحكم ، وذلك بسبب توزيع الجماهير بين البعث والحزب الشيوعي والحزب البارتي في المنطقة الكرديّة ، وبقية المنظمات الأخرى الأقل شأناً .
من أجل ذلك ، كان من الضروري للبعث ، بالنسبة لأسلوبه في تلك الفترة ، من إيجاد القوة المادية اللازمة لإسقاط حكم قاسم . والقوة الماديّة اللازمة هذه تكمن في الجيش. لذلك عمل حزب البعث قصارى جهده لكسب هؤلاء الضباط وللسير معهم في اتجاهاتهم وآرائهم السياسيّة .
بدأ التنظيم العسكري في الحزب يتبلور بعد محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم ، وبعد طرد فؤاد الركابي وبعد سيطرة القيادة القوميّة على التنظيم في العراق . فأصبح للحزب تنظيمان عسكريان :
ـ الأول ، التنظيم السابق ، الذي نشأ مع تكوين الحزب وكان يضمّ عدداً من الضباط الصغار فقط . وهو غير كافٍ لإحداث انقلاب عسكريّ . فعلى هذا الأساس ، بدأ الحزب جدياً التفكير في كسب عدد من الضباط ذوي الرتب العالية...
ـ التنظيم الثاني : هنا أحدث الحزب تنظيماً جديداً سمّي بـ" المجلس الاستشاري العسكري". وهو التنظيم العسكري الثاني ، مهمته التباحث والتشاور في وضع خطة الانقلاب العسكري . وكذلك كسب الضباط ذوي الرتب العالية والذين يسيطرون على وحدات عسكريّة فعّالة .... والرابط بين التنظيم العسكري للحزب السابق والمجلس الاستشاري العسكري الجديد ، يتمّ بواسطة صالح مهدي عمّاش وعلي صالح السعدي ....
أما أعضاء المجلس الاستشاري العسكري ، فهم : أحمد حسن البكر ، صالح مهدي عمّاش ، خالد مكي الهاشمي ، عبد الستّار عبد اللطيف ، حردان التكريتي . وأضيف إليهم في الأيام الأخيرة قبل " حركة رمضان " : ذياب العلكاوي وعبد الكريم مصطفى نصرت .
وقبل " حركة رمضان " بأشهر ، أي أكثر من ستة (6) أشهر ، اندمج التنظيم العسكري بالمجلس الاستشاري العسكري ، وأضيف منذر الونداوي الذي كان ضمن التنظيم العسكري ، إلى المجلس الاستشاري . واعتبرت القيادة الجديدة هي قيادة التنظيم العسكري والتي أصبحت فيما بعد : المجلس الوطني لقيادة الثورة ، بعد أن أضيف له : حازم جواد ، علي صالح السعدي ، طالب شبيب كممثلين للقيادة القطرية في العراق .
علاقة الحزب بضباط المجلس الاستشاري العسكري
بدأت العلاقة بين علي صالح السعدي وأحمد حسن البكر في المعتقل . وتطوّرت هذه العلاقة تدريجاً من علاقة شخصيّة إلى علاقة سياسيّة وأصبح أحمد حسن البكر يعطف على حزب البعث . وبعد مرور سنة على هذه العلاقة ، أي بعد إبعاد فؤاد الركابي من قيادة قطر الحزب في العراق واستلام علي صالح السعدي القيادة القطرية الجديدة والمرتبطة بالقيادة القوميّة ، بدأت صلة جديدة وعلى أساس حزبي بأحمد حسن البكر . وفي عام 1962 ، رُشِّح البكر للعضوية وأصبح عضواً في حزب البعث . ومن خلال أحمد حسن البكر ، ارتبط بالحزب مجموعته السابقة والتي عمل معها خلال " ثورة تموز ". وهذه المجموعة تسمّى "التكارتة" حيث إنهم جميعاً ينتسبون إلى مدينة تكريت .
هنا في هذا المجال ، لا بدّ من إيراد الملاحظات التالية : في زمن حكم نور السعيد ، كان يبعد من الجيش وقيادته معظم العناصر الكرديّة ومعظم العناصر الشيعيَّة ، ويغرق الجيش بالعناصر العربيّة السنيّة . وتتركز التجمعات السنية في مدينة تكريت وسامرّاء والموصل ولواء الرمادي . ولهذا نجد اليوم في الجيش العراقي : تكتل السوامرة والتكارتة ، كمدينتين متقاربتين ، وكتلة لواء الرمادي ، وتكتلة الموصل . وإن أخذت هذه التكتلات في الأيام الأخيرة تتأثر بالأحداث السياسيّة وتنطبع بطابع اتجاهات سياسيّة معيَّنة ، إلاّ أنّ الرابطة العشائريّة ، مع ذلك تبقى أساسيّة .
بقيت هذه العناصر العسكريّة بأفكارها القديمة واتجاهاتها السياسيّة السابقة وارتباطاتها الاجتماعيّة (والثقافيّة) التي كانت أكثرها عشائريّة ـ عائليّة ـ اقطاعيّة ، إنما هي التي تسيطر عليهم جميعاً ، حتى بعد انتمائهم للحزب ، حيث لم يتغير فيهم شيء سوى أنّهم أصبحوا حزبيين . فالالتقاء إذن بينهم وبين الحزب في أساسه وجوهره التقاءً وقتياً (سطحياً) واتفاقاً سياسياً مرحلياً ...
في الفترة التي أعقبت حوادث الموصل (آذار 1959)، وزحمة الأحداث المتلاحقة السريعة ، لم يتوقف التفكير لحظة لكسب عناصر عسكريّة جديدة . فقد عمل علي صالح السعدي وصالح مهدي عمّاش على كسب عدد آخر من "الضباط الأحرار". بواسطة عمّاش وتحت تأثير وتدبير علي صالح السعدي . فقد كسبوا إلى تنظيم البعث العسكري : عبد الستّار عبد اللطيف وخالد مكي الهاشمي ومجموعات أخرى . وبواسطة أحمد حسن البكر أيضاً توطدت العلاقة بين حزب البعث وعبد السلام عارف ، حيث إنَّ هناك علاقة شخصيّة وعائليّة وفكريّة بينهما . وكذلك بواسطة أحمد حسن البكر ، ارتبط ، بعد "حركة رمضان" طاهر يحيي ورشيد مصلح ، بحزب البعث ، وإن البكر كان قد أبلغهما بحركة رمضان (8 شباط 1963) وشاركا فيها ونسِّبا للحزب بعدها ـ طاهر يحيي ورشيد مصلح ليسا عضوين في المجلس الاستشاري العسكري .
لمحة عن الوضع السياسي بعد تموز
كانت الأحزاب السياسيّة مرتبطة بجبهة وطنيّة (جبهة اتحاد وطني) قبل " ثورة تموز"، مكوِّنة من : الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث وحزب الاستقلال . وبقيت هذه الأحزاب على سويّة لقيادة النضال الجماهيري . ولكن علاقة هذه الأحزاب بقيت فوقيّة ، حيث إنّ الصراع قد بقي على أشدّه بين القواعد الحزبيّة. فالبعث والاستقلال يمثلان طرفاً في الجبهة ، والشيوعي والوطني الديمقراطي الطرف الآخر . كما أنّ هذه الجبهة المعارضة كانت تكتيكيّة ، أيضاً ، وإن كان لها هدف استراتيجيّ : وهو إضعاف الحكم الملكي وتطوير الحركة الجماهيريّة .
لقد ارتبط حزب البعث بالجبهة وهمّه الأساسي توسيع قواعده الشعبيّة على حساب إضعاف الشيوعيين . لذلك كان دائماً يثير لهم المتاعب . والحزب الشيوعي في الوقت نفسه كان يريد أن يكون هو القائد لهذه الجبهة وأن تكون بقية الأحزاب تابعة لنضاله وخططه . إذن ، لم تتقدم هذه الجبهة الوطنيّة بين الأحزاب خطوة واحدة في سبيل تصفية العلاقات المعقدّة منذ عام 1948 بين الحزب الشيوعي والاتجاه القومي العربي . بل بالعكس كرَّست العقد وزادتها تعقيداً .
بدأت تنفجر هذه العلاقات المعقّدة بين الاتجاه القومي الوحدوي وبين الحزب الشيوعي ومؤيديه من بقيّة التكتلات السياسيّة ، بعد "ثورة تموز" مباشرة ، أي في الأيام الأولى لها .. لقد انفرط عقد الجبهة الوطنيّة ، (جبهة الاتحاد الوطني) في الأيام الأولى لثورة تموز ، ووقعت الاصطدامات العنيفة بين الشيوعيين وحلفائهم كطرف ، وبين البعثيين وحلفائهم القوميين والوحدويين كطرف آخر . تركز الخلاف أول ما تركز وبشكل أساسي بين هذه القوى السياسيّة المشاركة في "ثورة تموز" حول : شعار الوحدة ، الوحدة الاندماجيّة أو الاتحاد ، الوحدة الاتحاديّة ... فالعناصر القوميّة في الجيش ومن ورائهم حزب البعث وبقية القوميين ، يؤكدون على قيام الوحدة الفوريّة مع الجمهورية العربية المتحدة (ج. ع. م.). أما عبد الكريم قاسم ومجموعته من الضباط في الجيش ومعه الحزب الشيوعي وجهازه المدني والعسكريّ ، يؤكدون تكتيكياً على شعار الاتحاد الفيدرالي ، لمجابهة شعار الوحدة الاندماجيّة الفوريّة ، إذ إنَّ الجماهير متعلقة بالجمهورية العربيّة المتحدة كقائدة للنضال العربي ضد الاستعمار . لهذا لم يستطع الحزب الشيوعي معاداة الجمهورية العربية المتحدة علناً ، إلاّ بعد ربط المؤامرات المتكررة العسكرية على "ثورة تموز" بالجمهورية العربية المتحدة من قِبل الحزب الشيوعي والقوى السياسيّة المدنيّة والعسكريّة المؤيدة له ، إنما كان في الحقيقة شعاراً تكتيكياً ، بدليل أنه عندما سيطر الحزب الشيوعي على سلطة عبد الكريم قاسم ، لم يعمل بشعار الاتحاد الفيدرالي ، بل كرّس شعار "تعريق" العراق .
في الأشهر الأولى من قيام "ثورة تموز"، سعت الأحزاب السياسيّة المكوِّنة لها ، ولو تكتيكياً ، إلى بقاء الجبهة الوطنيّة واستمرارها . لقد قامت أو برزت فعلاً مرَّة أخرى إلى الوجود ، ولكن بعد أن أضيف إليها الحزب البارتي. فحزب البعث كان يريد حماية له، ولو لفترة وجيزة ، للسيطرة على السلطة عن طريق الانقلاب العسكري . والحزب الشيوعي من جهته كان يسعى إلى تطويق الثورة وحكم عبد الكريم قاسم بالذات ، وذلك لإبعاد "ثورة تموز" عن اتجاهها القومي. فالجبهة بالنسبة إليه إنما هي مجال واسع للعمل ضد قوة وتيار الضباط القوميين في " ثورة تموز". وحزب البارتي كان يريد اعترافاً علنياً من قبل الأحزاب السياسيّة بقضيته الكرديّة . لهذا ، كنا نجد أن للجبهة شعارات متعددة ، ولكلّ حزب شعاره الخاص المتفق مع أسلوبه السياسي . على سبيل المثال : شعار البعث ، توطيد أوثق العلاقات مع الجمهورية العربية المتحدة ، في حين أن حزب البارتي يركز على : الاستقلال الذاتي لكردستان العراق والأخوّة العربيّة ـ الكرديّة . أما الحزب الشيوعي ، فقد كان شعاره الديمقراطيّة والحرية ....
فمنذ الأيام الأولى ، لم ينقطع تراشق التهم والشتائم بين هذه الأحزاب . فعلى صفحات الجرائد ، كانت تسوَّد المقالات الطويلة للتعرض والطعن بين هذا الحزب والآخر. فالبعث ، كما قلنا سابقاً ، عمل من أجل السيطرة على السلطة بواسطة حوادث الموصل (آذار 1959)، والحزب الشيوعي استغل هذه الحوادث أبشع استغلال وفتك بالعناصر القوميّة . فسعيد الحظ آنذاك من استطاع أن يدخل السجن والتخلّص من السحل والقتل.
بعد حركة الشواف بأيام قليلة ، أصدرت الجبهة الوطنيّة بياناً موقعاً من حزب البارتي والحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي ، بطرد حزب البعث وحزب الاستقلال من هذه الجبهة . ولم يكتف الحزب الشيوعي بذلك ، بل بعد فترة وجيزة ، عمل لقيام جبهة وطنية جديدة ، مَهمتها تطويق حكم عبد الكريم قاسم بالذات ، حيث إنّ قاسم كان قد بدأ يتخوّف من قوة الشيوعيين ، وأراد ضمناً توجيه ضربة إليهم ...
وفعلاً ، أعلن الحزب الشيوعي قيام " جبهة القوى الوطنيّة "، المؤلفة من الحزب الشيوعي والمنشقين عن الحزب الوطني الديمقراطي ـ وهم عناصر قريبة جداً من الشيوعيين والذين فصلوا بالتالي من الحزب الوطني الديمقراطي ـ ومن المنشقين عن الحزب البارتي ، وهم أيضاً عناصر قريبة من الحزب الشيوعي ، ومن نقابات مهنية ومنظمات شعبيّة . كلّ المنظمات المذكورة سابقاً دخلت في الجبهة الجديدة ....وقد أُعلن الرئيسُ الشرف لهذه الجبهة عبد الكريم قاسم . ولكنه فاجأهم بأنه فوق الميول والاتجاهات السياسيّة ، وبالتالي الحزبيّة . فلم يسمح بقيام هذه الجبهة ، فانفرطت قبل أن تولد وتقوم بأي عمل مشترك .
فواضح من ذلك أنَّ الحزب الشيوعي عملياً كان يريد أن يتفرَّد بالعمل السياسي ، ويوجه ضربة في مرحلة " الثورة الديمقراطيّة " للقوى البرجوازيّة . ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الأسلوب السياسي إلى نكسة ، كما أنّ نتيجة ذلك اصبحت معروفة بالنسبة إلى الحزب الشيوعي . إنَّ الحوادث الدامية والرهيبة التي بدأت بعد حركة الشواف في شهر آذار 1959 في الموصل (ثمانية أشهر بعد قيام "ثورة تموز")، لم تكن بنت ساعتها ، وإنما هي حصيلة تاريخ معقّد ونزاع دائم ومستمر بين الحزب الشيوعي والقوى القوميّة الوحدويّة في العراق .
فالقوى القوميّة وعلى رأسها حزب البعث تعتبر الحزب الشيوعي مزيَّفًا لإرادة الأمة العربية وناسخاً لتجربتها الثوريّة . فلا بدّ إذن من معاداة هذا الحزب والتخلّص منه... وهذا شيء أساسي بالنسبة إلى " نهضة " الأمة العربيّة . والحزب الشيوعي من جهته ، عمل منذ انبثاق حزب البعث وظهوره في العراق ، وابتداء نشاطه العلني ، على تحطيمه ومحاربته دون هوادة وضربه واعتباره وبأي شكل من الأشكال ، خطراً على حركة الجماهير ، لأنه يستغلها بشعاراته الاجتماعيّة وبخاصة شعار "الاشتراكيّة"، فيداعب بها عواطف الجماهير الشعبيّة ، وبالتالي يبعدها عن خطها الثوريّ. فمن خلال هاتين النظريتين ، تأزم الموقف السياسي وتعقّد بينهما . فجاءت "ثورة تموز" لتزيد في هذا التعقيد...
فالحزب الشيوعي قد اعتبر أنّ نجاح حزب البعث في خطته الوحدويّة الفوريّة ، معناه نهاية الحزب الشيوعي ، كما جرى في سوريا بعد قيام وحدة عام 1958 والجمهورية العربية المتحدة . لذلك لا بدّ من الإطاحة بهذا الحزب ، حزب البعث والتيار الوحدوي الذي يمثله في العراق ، وشلِّه عن العمل كلياً ومهما كان الثمن ، عن طريق تحريض الجماهير الشعبيّة ضده وزجّ أعضائه وأنصاره في السجون والمعتقلات . وهذا ما حدث فعلاً بعد حركة الشواف الفاشلة حيث أعدم عدد كبير من الضباط القوميين الوحدويين ومن الشباب البعثيين وكادرات الحزب والعناصر الوحدوية . وكانت جريدة "اتحاد الشعب"، جريدة الحزب الشيوعي ، تحبَّر المقالات التحريضيّة وتدعو الجماهير لاستعمال أبشع أنواع الفتك والسَّحْل بالعناصر القوميّة . وكانت تدافع علناً عن شعار " السَّحْل "، وتعبيرها معروف : الحبال موجودة !!
فالحزب الشيوعي إذن لم ينساق وراء هيجان جماهيري عارم ضد القوى الوحدوية ، بل كان عملياً هو المخطط والمحرِّض والموجِّه لها . لقد اشترك أعضاء من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في قيادة الجماهير واستعمال أساليب العنف . ولا يمكن أن يُعتبر ذلك غريباً ، لأن نظرة الحزب الشيوعي ، كما قلنا ، تجاه حزب البعث معروفة ، بمعنى اعتبار هذا الحزب يشكل خطراً على حركة الجماهير لتزييفه شعار الاشتراكية ولإمكانياته النضالية الموجّه ضد الحزب الشيوعي .
لذلك كله ، لم ينس حزب البعث هذا التاريخ قط ، بل كان ، كما ذكرنا سابقاً ، محركاً لنشاطه وموسِّعاً جماهيره على حساب الحزب الشيوعي . يضاف إلى ذلك ، نظرة حزب البعث إلى الماركسية والشيوعية أساساً . فهذه النظرة المعادية أصلاً والتي تعتبر أنَّ الماركسيّة مزيفة لإرادة الأمة العربية ماسخة لحقيقتها القوميّة ، فلا بدّ إذن ، بالنسبة إلى حركة البعث من تصفية الشيوعيين للتخلص من الخطر المحدق بالأمة العربية من جراء انتشار هذه الأفكار الشيوعيّة الالحادية " الهدامة ".
فهذان العاملان قد حركا في المضمون والجوهر "ثورة رمضان" (8 شباط 1963) وحدَّدا خطّ سيرها . وهما يوضحان حقيقة الصراع بين الشيوعيين والبعثيين ، وما أدى فيما بعد إلى المأساة المعروفة التي كانت نتيجتها خدمة الاستراتيجية الأميركيّة في المنطقة وسيطرة شركات النفط الاستعماريّة من خلال حكم عبد السلام عارف .
المؤتمر القطري :
وجَّهت سلطة عبد الكريم قاسم في العراق ضربة قوية ومركزة إلى حزب البعث بعد فشل عملية الاغتيال ، حيث اعتقلت أعضاء القيادة القطريّة أو هروب معظم أعضائها وكادرات الحزب إلى الجمهورية العربية المتحدة . كذلك وفي الوقت نفسه اعتقل أعضاء قيادة فرع بغداد وأعضاء قيادات الشُّعَب والفِرَق ، ولم يبق في الحزب إلاّ أعضاء من القاعدة الحزبيّة والأعضاء القياديين الموجودين خارج بغداد ، وهم قلَّة . في هذه الفترة حاول عدد من الأعضاء القياديين الموجودين خارج بغداد ، الانتقال إليها وقيادة الحزب والاتصال بالقيادة القوميّة . فتشكل في الداخل " مكتب تنظيمي " يضمّ بعض القياديين منهم: حميد خلخال ، محسن الشيخ راضي ... وتشكلت في الخارج ـ في سورية ـ قيادة قطرية تحت إشراف القيادة القوميّة ، من أعضائها : علي صالح السعدي ، حازم جواد ... بعد ذلك بقليل ، عاد ودخل علي صالح السعدي وحازم جواد إلى بغداد وأصبحا أعضاءً في "المكتب التنظيمي " الداخلي ، ثم تحوّل هذا المكتب إلى قيادة قطرية بقرار من القيادة القومية عام 1960 .
لقد كانت مَهمة القايدة القطرية آنذاك إعادة تنظيم الحزب وإجراء اتخابات حزبيّة. وبالفعل ، فقد أجرت القيادة القطرية الانتخابات الحزبيّة في العام نفسه ، وعقد المؤتمر القطري العراقي ، واُتخذ قرارات عديدة من جملتها : اقتراح بفصل فؤاد الركابي من حزب البعث . وقد اُنتخبت قيادة قطرية جديدة من أعضائها : علي صالح السعدي ، حازم جواد ، حميد خلخال ، محسن الشيخ راضي ، فيصل حبيب خيزران ... وانتخب علي صالح السعدي أمين سرّ حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق . كما أنَّ البعث في العراق شارك في العام نفسه في المؤتمر القومي الرابع ، واُنتخبت قيادة قومية جديدة من أعضائها : ميشال عفلق أمين عام ، منيف الرزاز ، غسان شرارة ، عبد الرحمن منيف، فيصل حبيب خيزران ، علي صالح السعدي ـ وهو لأول مرة ينتخب عضواً في القيادة القومية ـ طالب شبيب ، غالب ياغي ، خالد يشرطي ، علي جابر ...
قبل ثورة رمضان (8 شباط 1963) بعشرة أشهر تقريباً ، عُقد في بغداد مؤتمر قطري ، جاء ممثلاً لقواعد الحزب ، وكان قد حصل إثر انتخابات حزبيّة جديدة . فطرحت القيادة القطرية الجديدة موضوع تغيير نظام حكم عبد الكريم قاسم . فأيد المؤتمر القطري بالإجماع هذا المشروع للقيام بحركة انقلابية ضد النظام القائم . وأكد على ضرورة عدم اشتراك القيادة القطرية في الحكم (السلطة). وبعد نقاش من قِبل القيادة ، وافق المؤتمر على اشتراك تلك القيادة في الحكم . ولما كان عدد أعضاء القيادة القطرية ثمانية ، لهذا فتشترك القيادة بثلاثة أعضاء فقط . ولم يبحث المؤتمر خطة الحكم وسياسته الداخلية أو الخارجية ، بل اعتبر أنَّ السيطرة على الحكم إنما هو مفتاح لكلّ الأمور الأخرى . وإذا لم يبحث الحزب هذه المواضيع المهمة ، فما ذلك إلاّ بسبب العجز الموجود في عموم الحزب قطرياً وقومياً . وكان الحزب دائماً يتخلَّص من هذه المواضيع بإحالتها على القيادة العليا أو المؤتمرات القادمة ... ولهذا السبب ، عندما وصلنا إلى الحكم واستلم حزب البعث السلطة في بغداد ، فقد كان ذلك بدون خطة عمل (أو برنامج سياسي للحكم) وبدون أية فكرة عن متطلبات الحكم ....
بعد هذا المؤتمر القطري ، انعقد المؤتمر القومي الخامس في حمص (سوريا) عام 1962 ، وانبثقت عن هذا المؤتمر الخامس قيادة قومية من أعضائها : ميشال عفلق أمين عام ، علي صالح السعدي ، حمدي عبد المجيد ، منيف الرزاز ، جبران مجدلاني ، خالد يشرطي ، خالد العلي ، علي جابر ، طالب شبيب ، جمال الشاعر ... ففي اجتماعات القيادة القومية الجديدة ، طرح الأعضاء العراقيون موضوع قرار المؤتمر القطري حول الانقلاب على سلطة عبد الكريم قاسم في العراق واستلام الحكم في بغداد .فبعد نقاش طويل، قُسِّم العمل والتحضير للانقلاب بين القيادة القوميّة والقيادة القطريّة في العراق . مهمة القيادة القطريّة التهيئة للثورة والاستعداد الكامل لها ، على أن تباشر القيادة القوميّة بإعداد الدراسات المطلوبة حول الحكم : المنهاج المرحلي للحكم ، السياسة الداخليّة والخارجيّة والسياسة العربية، والفئات والتيارات والعناصر التي يمكن التعاون معها، إلخ...
وبعد رجوع الرفاق العراقيين وعودتهم إلى بغداد ، والاتصال بالعسكريين وإعلامهم بموافقة القيادة القومية ، بدأت الاستعدادات الجديّة للقيام بالانقلاب . وكان التأخير في حدوث الانقلاب ، يثير في نفس القيادة القومية كثيراً من التخوف . وكان الأمين العام ميشال عفلق يعتبر أن الانقلاب البعثي في العراق سيكون مفتاح توسع الحزب وإمكانية استمراره . وكان أيضاً ، وهذا هو المهم ، يتخوف كثيراً من قيام انقلاب في سوريا ، لأنّه سيكون حتماً انقلاباً ناصرياً ، إذا حدث قبل الانقلاب البعثي في العراق .
الحرس القومي
قبل الثورة :
أثناء دراسة الحزب في العراق للقوى المادية المطلوبة لإسقاط حكم عبد الكريم قاسم ، وجد أنه يحتاج إلى قوى شعبيّة عسكريّة لمساعدة الجيش من جهة ، ولصدّ هجمات القوى المؤيدة لحكم عبد الكريم قاسم من جهة أخرى . من أجل هذا الغرض ، بدأ الحزب ، منذ أوائل عام 1962 ، في اختيار العناصر المناضلة في حزب البعث في العراق وتقسيمها إلى خلايا ، ووضعها تحت إشراف ضباط من الجيش لتدريبها على حرب الشوارع واستعمال الأسلحة الخفيفة والمتنوعة . وكان عدد الحزبيين المشتركين حوالي 300 حارس قومي : ووزعت مهام هؤلاء يوم الثورة والتي سنذكرها فيما بعد ...
نظرة الحزب إلى الحكم
من خلال مشاركة حزب البعث في الحكم في سوريا ، وازدياد التعلق والارتباط بالسلطة كسلطة قبل الالتزام بقضيّة الجماهير الشعبيّة ، ابتعد الحزب كثيراً عن النضال اليومي شيئاً فشيئاً هذه ، هي الصورة التي رُسمت في ذهن البعث في العراق . لهذا كان دوماً يخاف السلطة أو الاقتراب منها . لقد كان يريد أن يغيّرها لصالحه ، ولكنه في الوقت نفسه يخشى الانغماس فيها . كان يؤكد دوماً الانغماس والارتباط بالجماهير الشعبيّة وبالفئات الكادحة ، والابتعاد عن السلطة أو يتهيَّبها ... فهذا هو سبب قرار المؤتمر القطري بعدم مشاركة أكثر من ثلث أعضاء القيادة القطرية في الحكم . وهذا أيضاً سبب جعل المجلس الوطني للثورة سريّاً . وهذا سبب جعل أسماء أعضاء القيادة القطريّة الحاكمة سريّة أيضاً ، وعدم مشاركتها في مسؤوليات الحكم العلني . كل هذا يرجع في الأساس إلى وضع الحزب في سوريا بعد مشاركته في السلطة من جهة ، وإلى إخفاء عجز الحزب وعدم إمكاناته في تحمل المسؤولية العلنية للسلطة من جهة أخرى . كان يريد السلطة ، ولكنه كان يخشى تحمُّل مسؤولياتها بشكل علني . والسبب الرئيسي لهذا الموقف اللاواعي، هو في الأساس عجز فكر حزب البعث وتناقضه الرهيب : التناقض بين شعار الاشتراكية الذي طرحه وحقيقة فكره البرجوازي . (هنا في هذا المجال وفي ما يتعلق بيسارية بعث العراق وتطرفه " الثوري "، وبصورة خاصة قواعده الحزبيّة في المدن والأرياف ، هو تأثره من خلال صراعه المستمر مع الحزب الشيوعي العراقي، بطروحاته الاجتماعيّة ومفاهيمه الاشتراكيّة . ولم يقتصر الأمر على الشعارات السياسيّة والاجتماعيّة، وإنما امتد إلى التنظيمات الجماهيرية والمهنية والقواعد الحزبيّة : مثلاً ضرورات العمل السريّ وشكله وحتى تعبيراته وتسمياته وتقنياته وضوابطه ، إلخ ...).
الأيام الأولى لحركة 14 رمضان
أخذ يميل حكم عبد الكريم قاسم في آخر أيام عهده وتتَّجه نيَّته إلى توجيه ضربة قوية للبعثيين على المستوى العسكري والمدني على حدّ سواء . وكانت البادرة الأولى والشرارة المنذرة هي مداهمة بيت طالب شبيب واعتقال علي صالح السعدي وكريم شنتاف وآخرين . كما أنه في الوقت نفسه اعتقل صالح مهدي عمّاش . وكان ذلك قبل حركة 14 رمضان (8 شباط 1963) بثلاثة أيام فقط .
اجتمع المجلس الوطني وناقش الأوضاع الجديدة وقرر القيام بالانقلاب لتخوفه كثيراً من تصرفات عبد الكريم قاسم . ووُزِّعت الأدوار بين الجيش والحرس القومي والحزب المدني على الشكل التالي : مَهمة الجيش احتلال الإذاعة ومداهمة وزارة الدفاع ـ مقر إقامة عبد الكريم قاسم ـ ثم احتلال معسكرات الجيش وإذاعة البيان الأول . مَهمة الحرس القومي تطويق المعسكرات ومنع قوات قاسم العسكرية من الحركة المضادة وتشكيل مفارز حرس قومية حول بيوت قادة الجيش المؤيدين لقاسم . ثم تطويق مدينة الضباط في الكرخ ـ والإذاعة في الكرخ أيضاً ـ واعتقال جميع الضباط الذين لا يعرفون كلمة السرّ . وبالفعل فقد اعتقل أكثر من 300 ضابط . لهذا أصبحت وحدات جيش عبد الكريم قاسم مشلولة وبدون ضباط . وهذا سبب مهم من أسباب نجاح "ثورة 14 رمضان". وكذلك كان من مهام الحرس القومي احتلال مدينة المأمون ، هذه المدينة التي تفصل بين المرسلات ـ الإذاعة ـ وبين قوات عبد الكريم قاسم . وقد نفَّذ الحرس القومي هذه المهمات جميعها .
أما مهمة حزب البعث المدني ، فهي القيام بالمظاهرات الجماهيرية في جميع أنحاء القطر تأييداً للثورة ، وشلّ نشاط القوى السياسيّة المدنية المؤيدة لحكم قاسم . فقد نجح الحزب أيضاً في معظم المناطق . فخرجت مظاهرات التأييد تأييداً للثورة منذ الساعة التاسعة والنصف صباحاً .
موقف الشيوعيين من الثورة
كان الشيوعيون يعلمون بتوقيت " ثورة رمضان "، إذ أخبر أحد الضباط البعثيين بشكل غير إرادي وغير مباشر ، باليوم المحدد لقيام الانقلاب ويدعى هذا الضابط حاتم الياسين (ملاحظة مهمة ، يبدو هنا وقع خطأ بالاسم ، والصحيح هو الرائد حاتم حسن الكرخي وهو بعثي من المسؤولين عن عملية تحضير الانقلاب . فقد كان على علاقة غرامية مع فتاة (غانية) تدعى فريال التي علمت منه بطريقة عفوية وغير مقصودة بتوقيت الحركة الانقلابية والتي كانت هي بدورها تعمل لحساب الحزب الشيوعي العراقي وعلى علاقة بسكرتير الحزب سلام عادل ... كما أنّ المقدم جابر علي كان يعمل لحساب عبد الكريم قاسم ـ هذا ما صححه فيما بعد محسن الشيخ راضي ، فاقتضى التوضيح ). فقد كان على علاقة غرامية بإحدى الغانيات التي علمت منه بطريقة عفوية غير مقصودة بتوقيت الحركة الانقلابية والتي كانت هي بدورها على علاقة غرامية بأحد القياديين الشيوعيين ، فنقلت له الخبر والمعلومة الجديدة رأساً . وهذا بدوره أيضاً وبأمر من اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي ، على اتصال دائم ومستمر بأحد أعضاء اللجنة المركزيّة والمكتب السياسي : عبد الرحيم شريف . فمن الطبيعي إذن أن يتصل هذا الأخير بسرعة بسكرتير الحزب سلام عادل الذي أصدر أنذاراً للجهاز الحزبي المدنيّ فقط ، على أن يبقى على أهبة الاستعداد تحسباً للطوارئ . ولكن لماذا لم يستنفر بأقصى سرعة وبأمر مستعجل الجهاز الشيوعي المدني والعسكري ؟... لأنّه ومن المرجّح وقد يكون هو السبب الرئيسي في هذا الشأن ، في الأشهر الثلاثة الأخيرة تقريباً من حكم عبد الكريم قاسم ، كثرة الإشاعات والأخبار المختلفة حول احتمال قيام حركة عسكريّة ضد الحكم في بغداد . وفي كلّ مرّة كان يتوضح ويظهر كذب مثل هذه الإشاعات ، لذلك اعتبر الموضوع هذه المرّة ايضاً إشاعة لا غير ، ولم يُعطَ أهمية كبرى ولم ينذر الجهاز العسكري . ولكن تحسباً لكلّ احتمال ، حتى ولو كان مجرد إشاعة ، فقد أُنذر الجهاز المدني فقط .
لذلك وفي الساعة الأولى للحركة الانقلابية ، أُنزل الحزب الشيوعي المدني إلى الشارع بأسلحته المتنوعة واحتل مراكز الشرطة ووزّع الأسلحة على عناصره ومؤيديه ... كما أنّه احتل بسرعة مدينة الكاظمية المجاورة لبغداد . وقد استمرت مقاومة الحزب الشيوعي مقاومة عنيفة ، شرسة ، مدة ثلاثة أيام متتالية، ذهب ضحيتها من الحرس القومي أكثر من 80 حارساً قومياً بعثياً ، نظراً لتدفق الشيوعيين بكثرة . ذلك أنّه قد احتل الشيوعيون في الساعات الأولى الشارع وسيطروا على المناطق المنتشرين فيها. وكان يقود هذه المظاهرات والمقاومة المسلحة ـ وهي مقاومة بالحق بطولية ـ أعضاء المكتب السياسي .
ولكن بعد احتلال معسكر الرشيد ومعسكر التاجى ومعسكر الشاش من قِبل الجيش وتوزيع الأسلحة على أفراد الحزب والحرس القومي والجماهير المؤيدة لهم ، جرت عندئذ اصطدامات عنيفة بين الحرس القومي والحزب الشيوعي ( وبخاصة المقاومة الشعبيّة التابعة للحزب الشيوعي ) ذهب ضحيتها أعداداً كبيرة جداً من الشيوعيين ومن الحرس القومي على حد سواء .
أما في مدينة الكاظمية ـ معقل الحزب الشيوعي ـ فلم يستطع الحرس القومي مجابهة الشيوعيين . فتدخل الجيش واحتل مدينة الكاظمية ومقرات الحزب الشيوعي فيها . وكذلك تحرك في مدينة بعقوبة الشيوعيون لاحتلال المعسكر ، ووقعت اصطدامات عنيفة بين الجيش المؤيد للثورة وبين الشيوعيين والعسكريين المؤيدين لهم . بعد أن قتل الشيوعيون ضابطيْن بعثييَّن وجندي ، استطاع الجيش من السيطرة على المعسكر . كما تحرك الشيوعيون في معسكر الرشيد واحتلوه لفترة من الزمن . ولكن بعد معركة بسيطة استطاع الضباط المؤيدون للحركة الانقلابيّة من السيطرة على المعسكر . كذلك تظاهر الشيوعيون دعماً لحكم عبد الكريم قاسم خارج بغداد في مواجهة الانتفاضة الانقلابيّة ، فوقعت اصطدامات أيضاً عنيفة بين الشيوعيين والبعثيين .
موقف الرجعيّة من الثورة
لقد اعتبرت الرجعيّة السياسيّة والاجتماعيّة في الأيام الأولى ، أنّ هذه الحركة الثوريّة إنما قد جاءت ضد إجراءات عبد الكريم قاسم التقدمية . واعتبرت نفسها مشاركة في التحضير للثورة والتهيئة لها . واعتبرت في الوقت نفسه أنّ بعض قادة الثورة من العسكريين أمثال أحمد حسن البكر وعبد السلام عارف ، عناصر يمكن الاعتماد عليها لأنها معروفة بتديُّنها . لذلك فإننا نجد أنّ الرجعية العراقية في الداخل عموماً عملت بخط مزدوج : ففي الوقت الذي وطدت علاقاتها مع عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر، بدأت تضطهد الفلاحين . ولكن مواقف الحرس القومي وتحرك وزارة الداخلية التي كان على رأسها حينذاك علي صالح السعدي ، أحبط خطتهم هذه . فقد اُعتقل في الأيام الأولى لحركة 8 شباط 1963 ، عدد من الإقطاعيين في " لواء الديوانيّة " وعدد آخر في مدينة "أبو غريب ". كذلك وجَّه الحرس القومي ضربة عنيفة للإقطاعيين في "لواء الناصرية".
ما الذي شجع الفئات الرجعيّة أن تقف هذا الموقف ؟....
1 ـ الموقف من الحزب الشيوعي عند قيام الثورة .
2 ـ وجود علاقات وصداقات توطّدت في المعتقلات وخارجها بين هذه الفئات الرجعيّة والإقطاعيّة ، وبعض ضباط الجيش للتقارب في الاتجاه .
3 ـ العلاقات الاجتماعيّة والأصول الاجتماعيّة لعدد كبير من قادة الثورة .
أما بالنسبة للرجعيّة الدينيّة ، فقد تحركت وبشكل سريع ، للاستفادة من الوضع الجديد . فقد أرسلت برقيات للإذاعة في الأيام الأولى تطالب فيها الثورة وتؤيد إلغاء قانون الأحوال الشخصيّة . ولكن سيطرة البعثيين على الإذاعة منعت من إذاعة هذه البرقيات . ولكن الرجعيّة الدينيّة لم تيأس ، بل بقيت تتصل وترسل الوفود تلو الوفود إلى رئيس الوزراء أحمد حسن البكر ورئيس الجمهورية عبد السلام عارف ، اللذين فتحا أبوابهما لمثل هذه الوفود . وبالفعل ، فقد طلب رئيس الحكومة أحمد حسن البكر من المجلس الوطني لقيادة الثورة دراسة هذا الموضوع ، بعد أن أكد أنه لا يستطيع المشاركة في حكم يعارض القرآن الكريم صراحة .
أما موقف قيادة الحزب ، فكان ضد تعديل قانون الأحوال الشخصيّة . فالرجعيّة الدينيّة بقيت تلحّ على هذا الموضوع . واعتبرت أنّه بالإمكان الاستفادة من هذه الأجواء الجديدة لإحداث تناقضات في قيادات الحكم الجديد من جهة ، وتحقيق تراجع لدى الثورة بتعديل قانون الأحوال الشخصيّة من جهة أخرى . وهذا ما تمّ بالفعل .
المجلس الوطني
يتكوَّن المجلس الوطني لقيادة الثورة من الأعضاء وهم كما يلي :
أولاً : العسكريون في الجيش الوطني هم أعضاء قيادة الجيش البعثيون ، مضافاً إليهم أنور عبد القادر .
ثانياً : إضافة ثلاثة أعضاء من القيادة القطريّة وهم : علي صالح السعدي ، حازم جواد ، طالب شبيب .
ثالثاً : إضافة عبد السلام عارف . إذن ، واحد فقط في المجلس الوطني لقيادة الثورة غير بعثي وهو عبد السلام عارف .
منذ الأيام الأولى للثورة حتى التعديل الوزاري الأول
وصلت القيادة القوميّة إلى بغداد بعد مرور حوالي عشرة (10) ايام على قيام الثورة : ميشال عفلق الأمين العام ، منيف الرزاز ، جبران مجدلاني ، علي جابر ، خالد العلي ، محمد خير الدويري (أمين سر قطر لبنان) على الخليل . وعُقدت اجتماعات مشتركة بين القيادة القوميّة والقيادة القطريّة العراقية . ونوقشت لحدّ ما في هذه الاجتماعات الصياغة العامة للمنهاج المرحلي . وقد طرحت القيادة القطريّة العراقية عدم إمكانياتها قيادة الثورة وطلبت مشاركة القيادة القوميّة وضرورة دمج القيادة القطرية بالقيادة القومية وإيجاد قيادة موحَّدة منهما حتى تكون مسؤولية أعضاء القيادة القومية مسؤولية مباشرة عن الثورة . وقد طلبنا كذلك من منيف الرزاز البقاء في العراق . ولكن الرزاز طلب راتباً شهرياً قيمته 4000 ليرة لبنانية ، وكأنه مثل ايّ خبير وليس قائداً حزبياً مسؤولاً عن هذه الثورة وتطورها . وقد رفضت القيادة القطرية هذا الطلب واعتبرت الموافقة عليه خطراً يُحدق ويهدد الثورة ويؤدي بأعضائها بالتالي إلى مسلك برجوازي . كما أن القيادة القطرية طلبت موافقة ميشال عفلق الأمين العام ومشاركته . فوافق ، على أن يكون عضواً في القيادة القطرية العراقية . وكذلك جبران مجدلاني الذي أضيف إلى أعضاء القيادة القطرية في بغدلد . وكان حبيب فيصل الخيزران عضواً في هذه القيادة أيضاً .
هذه القيادة واللقاءات المتتالية التي كانت تُعقد ضمن إطار الحزب والتي عملت مشتركة في الأيام الأولى للثورة ، لم تظهر أية قدرة في تسيير أمور الدولة . وإنما أظهرت بالعكس عن عجز عام مُحدق . وإنّ انعدام هذه الكفاءة العملية إنما تعبِّر عن مستوى كفاءة الحزب ككل. وبعد أن القينا تحمل المسؤولية كاملة على عاتق الأمين العام ميشال عفلق وباقي أعضاء القيادة القومية ، فلم يجدوا من سبيل للعمل سوى الهروب . ولهذا تركوا العراق بعد مرور أسبوع على مجيئهم إلى العراق .
في الاجتماعات المشتركة الأولى ، كان اهتمام أعضاء القيادة القومية في تنظيم قواعد الحزب ، أعضائه وأنصاره ، بدلاً من الاهتمام بالحكم نفسه وطريقة سيره .
المنهاج المرحلي
كلُّ من يطلع على المنهاج المرحلي ، يجد النَّفس البرجوازي واضحاً وجلياً فيه . ويجده ايضاً بعيداً جداً عن مستلزمات الاشتراكية. فمثلاً ، عند مناقشة القضية الزراعيّة في الاجتماعات المشتركة بين القيادة القومية والقيادة القطرية ، طرح احد الرفاق من أعضاء القيادة القطرية ضرورة تعديل قانون الإصلاح الزراعي وذلك بالنقطتين التاليت