الأخبار - «رسالة كيسنجر» ضاعت ووجدها سليم نصار
السبت 13-11-2010
«رسالة كيسنجر» ضاعت ووجدها سليم نصار
من مسيرة لحزب الله أمس لمناسبة يوم الشهيد (جمال الصعيدي ــ رويترز)ضاعت «رسالة كيسنجر» التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله، في أكثر من بريد، إلى أن ظهر «كاتبها» مقدماً روايته عن أصلها وفصلها، ومقراً بصياغته لها إنما من محضر رسمي، ليؤكد أن المضمون صحيح بمعزل عن الشكل
رغم أن رئيس كتلة المستقبل وأعضاءها ووزير الإعلام طارق متري، تفرغوا أمس للدفاع عن أداء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، أثناء عدوان تموز 2009، ورفض اتهام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لها بالعمل على إطالة أمد العدوان، فإن ما نقله نصر الله عن صحيفة النهار «على ذمة النهار»، من مقاطع قال إنها رسالة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، رداً على رسالة وجهها له عميد الكتلة الوطنية الراحل ريمون إده، خطف الأضواء أمس، بعدما جاء من ينفي وجود الرسالة الجوابية من الأساس، ومن يؤكد صحة مضمونها لأنه... كاتبها.
الثابت أن «رسالة» كيسنجر لم تنشر في «النهار»، وهذا ما أكدته الصحيفة أمس، بل نشرت في مجلة «الحوادث»، لكن ما أثار الجدل هو حقيقة وجود هذه الرسالة أو عدمه، خصوصاً أن العميد الحالي للكتلة الوطنية نفى وجودها في أرشيف العائلة، وقال إن عمه لم يتلقّ جواباً على رسالته، مستنداً إلى شهادة قدماء الحزب للقول إن الرسالة التي تحدّث عنها نصر الله «كتبت على الأرجح بيد الصحافي الراحل سليم اللوزي». ورأى النائب أحمد فتفت أن رسالة كيسنجر «ادّعاء صحافي»، فيما ذكر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، أنها «من إنتاج صحافي وضع تصوّره لجواب على رسالة»، متمنياً «لو بقي السيد حسن... السيد حسن».
لكن من قال كارلوس إده إنه سليم اللوزي، تبيّن أنه سليم نصار، الذي نقل عنه موقع «النشرة» تأكيده أنه كاتب رسالة كيسنجر، وأن مضمونها صحيح، وصاغها من محضر لديه مستقىً من مصادر رسمية، مشيراً إلى أنه رفض في حينه «أن أنسبها لمصادرها الأصلية: الرئيسين تقي الدين الصلح ورشيد نفاع: حرصاً على سريتها المطلوبة». وإذ أبدى استعداده لأن يوضح لأي أحد يريد أن يتأكد من مضمون الرسالة، دعا إلى النظر لهذه الرسالة «عبر مضمونها لا شكلها لأنني استعملت فيها الأسلوب التشويقي».
كذلك أكد صاحب كتاب «لبنان في استراتيجية كسينجر» الدكتور نبيل خليفة، أن ما أورده نصر الله «عن رد كيسنجر على العميد ريمون إده»، هو نص موجود في كتابه، وأن مصدر هذا الرد ورد في مجلة «الحوادث» عام 1976 ثم أعيد نشره في مجلة الدستور عام 1984. وعن صحة نسبة هذا الرد إلى كيسنجر قال: «بما أن كتّاباً استشهدوا بهذا النص ومن بينهم عمر حلمي وبشير العريضي، فإني أرى أنه لا يمكن الجزم بأي من الأمرين إلا في ضوء مصطلح التاريخ».
السفير السوري: الرياض ودمشق تدركان خطورة الوضع ومستمرّتان في مسعاهما للتوافق
في هذا الوقت، أكد مصدر في تيّار المردة أن ما قاله نصر الله «لا يقبل التأويل»، مستشهداً بمحاضر اجتماعات الرئيس الراحل سليمان فرنجية مع مسؤولين أميركيين، التي ذكر منها لقاء فرنجية مع كيسنجر في رياق يوم 14 كانون الأول 1973، وقال إن الثاني، الذي كان حينها وزيراً للخارجية الأميركية، فتح خريطة وقال إن لبنان «فائض جغرافي» ويجب أن يقسّم إلى كانتونات طائفية حدّدها طائفياً ومذهبياً على الخريطة، وذلك لأنه كان يبحث عن مكان بديل للاجئين الفلسطينيين. وأضاف المصدر أن الرئيس فرنجية انتفض لدى سماعه مخطط الزائر الأميركي، وقال له: لا كلام لك معي. وأنا أسألك عن عمر بلادك. فاستغرب كيسنجر السؤال، ولدى إلحاح الرئيس أجاب: 300 سنة. فقال له فرنجية: «عندما يصبح عمر بلادك 6 آلاف سنة تعال لنتكلم»، وأنهى الاجتماع. ولفت المصدر إلى أن هذا الأمر وارد في كتاب كيسنجر الذي يقول فيه حرفياً «لم أوفق بالمهمة». ولذلك، يتابع المصدر: «من يعرض فكرة التقسيم تمهيداً للتوطين، فمن البديهي أن يتباهى ويعترف بأنه هو الذي خطط للحرب الأهلية في لبنان».
كذلك، ذكر مصدر المردة حادثة أخرى تعود إلى فترة بداية الحرب الأهلية، حين أتى دين براون، موفد وزير الخارجية الأميركية، إلى لبنان، وقال لفرنجية ما حرفيته: «أنتم المسيحيين إلى متى ستقاومون في هذا البلد؟ إذا أردتم الأساطيل فستنتظركم في البحر وتقلكم إلى حيث تشاؤون»، فأمسك فرنجية بذراعه وقاده إلى النافذة قائلاً له: «انظر إلى هذه الجلول، كلها بنتها سواعد أجدادنا بعدما حفروا الجبال بأيديهم، وهذا ما سنورثه للأجيال القادمة، وألله معك».
وبعدما أشار المصدر إلى أن فرنجية الجد هو أول من أطلق على كيسنجر صفة «السيئ الذكر»، قال: «نؤكد أن ما قاله نصر الله لا يقبل التأويل، ونندّد بالمشككين لأننا نحن من واجه مباشرة هذه الطروحات الكيسنجرية وشهادتنا أمام الله والتاريخ».
هذا ما رفضته حكومة السنيورة
أما ما أثاره نصر الله عن موقف حكومة السنيورة أثناء عدوان تموز، فنال النصيب الأكبر من الردود التي تمحورت حول المضمون نفسه، وأبرزها للسنيورة شخصياً، الذي قال إن كلام نصر الله خطير و«جانَب الحقيقة وكانت تعوزه الدقة»، وإن حكومته سعت منذ اللحظة الأولى للعدوان «إلى الوصول لوقف فوري لإطلاق النار»، وإنه كرّر ذلك في أكثر من مناسبة خلال العدوان، مردفاً أن صيغة القرار 1701 كانت نتيجة «لمفاوضات مضنية رفضت فيها الحكومة اللبنانية مشاريع متعددة منها مشروع مقترح لقوة متعددة الجنسيات ولصدور القرار تحت الفصل السابع». وذكر أن ما رفضته الحكومة هو «وقف هشّ للنار يسمح لإسرائيل باستئناف عدوانها على لبنان ساعة تريد»، مضيفاً أن وزراء حزب الله الذين كانوا في الحكومة، تابعوا كل تفاصيل قرار وقف إطلاق النار حتى وقت صدوره. ودعا نصر الله إلى الإفراج عن الوثائق والمستندات «التي تؤكد كلامه».
وبالمعنى نفسه، جاءت ردود الوزير طارق متري وعدد من نواب كتلة المستقبل التي اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري من دون أن يصدر عنها أي بيان.
وفي المقابل، تمحورت معظم مواقف مسؤولي حزب الله ونوابه، في احتفالات أقيمت أمس لمناسبة يوم الشهيد أيضاً، حول تأكيد المواقف التي أعلنها نصر الله أول من أمس، لكن النائب نواف الموسوي لم يتوقف عند ما قاله الأمين العام للحزب، بل زاد أن مسؤولاً فرنسياً، «في سياق حديثه معنا، صرّح بأن مبتغى السنيورة وفريقه هو الاستفادة من العدوان الاسرائيلي لإنهاء المقاومة»، مشيراً إلى أن «العروض الأميركية التي كانت تقدّم أكثر انخفاضاً من المطالب التي كان يطرحها السنيورة في مفاوضاته».
وفيما الجدل الداخلي مستمر، أكد السفير السوري علي عبد الكريم علي، استمرار المسعى السوري ــ السعودي، وأن التوافق اللبناني سيكون ثمرة هذا المسعى. وقال إن لبنان يهمّ الملك السعودي كما يهم الرئيس السوري، وإن «إدراك القائدين لحساسية الوضع ولخطورة ما يخطط للبنان والمنطقة، يستدعي هذا التشاور والتنسيق، ولذلك فالأمل معقود لتفويت الفرصة على العبث بالنسيج اللبناني»، واضعاً «ما تفعله الإدارة الأميركية ورهانات البعض، في خانة التعبير عن الضعف أمام الوقائع».
عدد السبت ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٠