الجمهورية - جنبلاط في مواجهة الأنصار: كلٌّ يريد حصة!
السبت 23 تموز 2011
ويكيليكس
جنبلاط في مواجهة الأنصار: كلٌّ يريد حصة!
لأن ولاء أي مجموعة لقائدها يضعف تلقائيا كلما ضعف إحساسها بالخطر، فإنّ المبايعة الدرزية لوليد بك، التي بلغت في الفترة ما بين العامين 2005 و2009 سقوفا لم تبلغها حتى في عز الحرب الأهلية، أخذت منذ السابع من أيار، وتحديدا منذ اتخاذ جنبلاط قرار تحييد نفسه عن المعركة "السياعسكرية" الدائرة بين السنّة والشيعة تنخفض تدريجا من مرتبة المبايعة العمياء إلى مرتبة "من حقنا أن نناقش". ومن هذا المنطلق، فإنّ كثيرا من القرارات التي كان في استطاعة البيك الاشتراكي أن يمررها من دون اعتراض، ذلك على قاعدة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ستكون من الآن فصاعدا، أو لعلّها باتت بالفعل، محور اعتراض من مجموعات عائلية ومناطقية في البيئة الدرزية، لا يجمع بينها سوى شيء واحد: الشعور بالغبن.
وإذا كان جنبلاط استفاد من الشلل الذي عانته الحكومة السابقة لتخفيف وتيرة "النق" عليه من قبل أنصاره، فإنّ انطلاق عجلة التعيينات مع تأليف الحكومة الجديدة، وضع الرجل في مواجهة الكثير من مناصريه، الذين باتوا يشعرون بأنّ صبرهم لامس الحدود، وخصوصا بعد أن تراكمت وعود زعيم الحزب الاشتراكي لهم طوال سنوات من دون أن يتحوّل أي من هذه الوعود إلى حقيقة. ولعلّ أدلّ مثال إلى هذا الشعور العام، هو التململ الحاصل في واحدة من أكثر العائلات الدرزية تأييدا لزعيم المختارة، "آل أبو الحسن".
فالعائلة التي يتركّز أفرادها في بلدة بتخنيه في قضاء بعبدا، ويصوّت أكثر من 97 بالمئة من أبنائها للوائح الاشتراكيين، فيما يتعرّض المخالفون لقرار الأكثرية العائلية لضغوط اجتماعية كبيرة قبل كل انتخابات وبعدها، هذه العائلة، طاردت وعد وليد جنبلاط لها بترشيح أحد أبنائها للندوة البرلمانية منذ العام 1992 وحتى العام 2009 من دون أي نتيجة، بل إن جنبلاط الذي تعهد بعد ترشيحه أيمن شقير في أوّل انتخابات بعد الطائف، أن يكون هذا الترشيح استثنائيا ولمرّة واحدة فقط، أبقى على النائب المذكور ممثلا للمتن الجنوبي طوال سبعة عشر عاما متتالية، علما أن شقير، وطوال تلك المدة، لم يزر يوما منبر المجلس، فحرم تاليا الناس من فرصة الاستماع إلى صوته، وحرم "ناسه" من حقهم في... إسماع أصواتهم.
أيا يكن، وبما أنّ المقعد الدرزي في بعبدا لم يعد تلك "الأكلة الطيّبة" في الانتخابات الماضية، بعد أن صار اسم الفائز به معتمدا على الكتلتين الشيعية المؤيدة لحزب الله والمسيحية المؤيدة للعماد عون أكثر بكثير من اعتماده على الكتلة الدرزية المؤيدة لجنبلاط، فإنّ مطلب آل أبو الحسن تحوّل من السياسة إلى العسكر، إذ أصرّت العائلة أكثر من أي وقت مضى على إسناد منصب رئيس الأركان في الجيش اللبناني، وهو أرفع منصب يمكن أن يصل إليه الدروز في المؤسسة العسكرية، إلى العميد بسّام أبو الحسن، علما أن الأخير من الشخصيات التي تتمتع بسمعة طيّبة داخل المؤسسة العسكرية، كما أنّه أدّى قبل اتفاق الطائف دورا بارزا إلى جانب الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن جنبلاط خذل العائلة مجدّدا في أول جلسة لمجلس الوزراء، ودفع باتجاه تعيين قائد المدرسة الحربية العميد وليد سلمان في هذا المنصب، واعدا بأنّ يعوض لاحقا على العميد أبو الحسن بتزكية ترشيحه كرئيس لفرع الأمن القومي في مديرية المخابرات، إلا أنّ العائلة رفضت هذا الطرح على اعتبار أنها لن تقبل مجدّدا بالحصول على جوائز ترضية.
وفي الوقت الذي ما زالت العائلة تدرس إمكان عقد مؤتمر صحافي توجّه من خلاله رسالة واضحة من بتخنيه إلى المختارة، مفادها ضرورة تصحيح الأخطاء والتوقف عن الاستهتار بمن تعتبر أن تأييدهم لها بمثابة تحصيل الحاصل، بل وحتى التلويح بامكان مقاطعة التصويت في انتخابات العام 2013 في حال لم يرشح أحد أبناء العائلة على لوائح الحزب الاشتراكي، فإنّ الوضع لا يختلف في مناطق درزية أخرى لعلّ أبرزها بلدة بيصور، إذ على رغم الشعبية العالية التي يتمتع بها وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي، فإنّ اعتراضات متزايدة على استمرار بقائه في منصبه الوزاري والنيابي بدأت تخرج إلى العلن في بلدته بيصور، وتحديدا من عائلة "ملاعب"، وهي العائلة المعروفة بولائها التاريخي لآل جنبلاط، شأنها شأن عائلة أبو الحسن، والتي يؤمن وجهاؤها بأنها دفعت ثمن هذا الولاء استخفافا جنبلاطيا بها لمصلحة استرضاء عائلة العريضي الإرسلانية، ذلك من خلال حرص "وليد بك" على ترشيح "الرفيق غازي" في كل دورة انتخابية، ولو اقتضى الأمر البحث عن مقعد له في بيروت.
سواء نجح جنبلاط في تجاوز هجمة المطالب الحالية – وهذا أمر مرجّح – أو لم ينجح، فإنّ المؤكد أن كثرا من الاشتراكيين الذين ردّدوا دائما أن درب النضال "طويل طويل"، باتوا يشعرون بأن هذا الدرب وصل إلى نهايته السعيدة. وقد حان وقت تقاسم المغانم.
من قالب الحلوى، كل يريد حصة!