الجمهورية - فيلتمان حَمل الى دمشق مَلفّات الشرق الأوسط والإرهاب: لا تطبيع ولا صفقات على حساب المحكمة ولبنان
الثلاثاء 31-5-2011
ويكيليكس
فيلتمان حَمل الى دمشق مَلفّات الشرق الأوسط والإرهاب:
لا تطبيع ولا صفقات على حساب المحكمة ولبنان
كيف كان الأميركيون ينظرون الى سوريا وقيادتها قبل اندلاع الاضطرابات الدائرة الآن في المدن والبلدات السورية؟
وما هي أهم الملفّات التي كانت واشنطن تلوّح بها في وجه الرئيس بشار الأسد ؟ وما هي أهم الأوراق التي كان يتسلّح بها الرئيس السوري في مواجهة الولايات المتحدة ؟ وأين كان لبنان يقف بين عامل سوري يريد التحكّم به وعامل أميركي يريد تحريره؟
"الجمهورية" تنشر مذكرتين في هذا الشأن، واحدة صادرة من وزارة الخارجية وأخرى صادرة من السفارة الاميركية في دمشق، تتحدث الأولى عَمّا كان يحمله وفد دبلوماسي أميركي الى العاصمة السورية، وتعرض الثانية ما حمله في طريق العودة الى العاصمة الاميركية.
تقول المذكرة الأولى: "بعد قطيعة اميركية - سورية مستمرة منذ شهر كانون الثاني 2005، قررت الولايات المتحدة الأميركية إرسال وفد دبلوماسي يضمّ مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ومدير مكتب مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا دانييل شابيرو للبحث مع الحكومة السورية في موضوعات عدة، منها العلاقات بين البلدين والسلام مع اسرائيل، إضافة الى علاقات سوريا مع كل من لبنان وايران وفلسطين. وجاء في المذكرة النقاط التي يجب الاعتماد عليها من قبل الوفد الأميركي، إضافة الى التأكيد على معالجة انشغالات الحلفاء العرب، وخصوصا مواجهة النفوذ الايراني والدفع في اتجاه تحقيق السلام الشامل. وطُلب من الوفد الاميركي التشديد على توثيق التعاون مع دول الاتحاد الاوروبي وتركيا في مقاربة سوريا وتقويم تجاوبها.
ففي مذكرة سرية تحمل الرقم 09STATE20919 صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية في 6 آذار 2009، وردت النقاط التي يمكن للبعثة الأميركية المؤلفة من فيلتمان وشابيرو الاعتماد عليها في محادثاتهم مع الطرف السوري، وورد ايضا أن في ظل إعادة تقويم الولايات المتحدة الاميركية لسياستها تجاه سوريا، فمن المهم إشراك حلفاء اميركا في تحديد الطريقة الأنسب لتحقيق الأهداف المشتركة.
نقاط الحوار
وجاء في المذكرة أن الولايات المتحدة الاميركية لا تزال تشعر بقلق شديد من تصرّفات سوريا والتهديد الذي تمثّله على المنطقة، وأنها تبحث عن الطريقة الأفضل لمعالجة سلوك سوريا المزعزع للاستقرار، قائلة: كما ذكرت وزيرة الخارجية الاميركية، فالولايات المتحدة لا تتعاطى مع سوريا لغرض التعاطي فقط، وإنما بهدف حماية مصالحها ومصالح حلفائها. والحوار هو وسيلة لمعالجة مخاوف أميركا، ومن ضمنها استمرار الدعم السوري لحركة "حماس" والمنظمات الإرهابية الفلسطينية الأخرى وشبكات المقاتلين الغربية المرتبطة بتنظيم القاعدة، فضلا عن مخاوف اميركا أيضا حيال علاقة سوريا مع ايران، وتدخّلها في الشؤون اللبنانية، وتسهيل عملية تسليح حزب الله، وجهودها للحصول على أسلحة نووية وغير تقليدية، وتدهور حال حقوق الإنسان في سوريا.
وأشارت المذكرة الى لقاء فيلتمان مع السفير السوري في الولايات المتحدة الأميركية عماد مصطفى في 26 شباط، موضحة أن الحديث بينهما دار حول العلاقات الاميركية - السورية، مع طرح كل طرف مواضع تُقلِق بلاده. وفي وقت لم يصدر قرار أميركي بعد لإرسال سفير الى دمشق، تعتبر زيارات فيلتمان وشابيرو فرصا لمناقشة مستقبل العلاقات السورية - الاميركية، وإعادة فتح الموضوعات التي يجب معالجتها إذا ما أراد السوريون استكمال الشراكة مع اميركا.
وأضافت المذكرة أن جهود اميركا تهدف الى تعزيز الامن والاستقرار الإقليميين، من خلال الدفع في اتجاه تحقيق سلام شامل يضمن حَلّ الدولتين للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، والدفع في اتجاه المصالحة الفلسطينية، بناء على شروط ملائمة ودعم لبنان سيّدا ومستقلا، ومحاربة الإرهاب والتصدي للتأثير الإيراني السلبي، مشيرة الى أن السلام الشامل يجب ان يتضمن اتفاقات بين اسرائيل وكل جيرانها العرب، وأن تنصح أميركا بجهود تركية للتوسّط في المفاوضات غير المباشرة، وأن تواصل دعمها المحادثات السورية - الإسرائيلية، وأن تحثّ الطرفين على استئناف المفاوضات في اقرب وقت ممكن.
وأشارت المذكرة الى أن التقدّم على المَسار السوري، يجب ألاّ يقوض التقدم على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني، ولا يجب ان يأتي على حساب أطراف آخرين في المنطقة، بما في ذلك السيادة اللبنانية، وعلى سوريا ان تكون مستعدة لمعالجة مخاوف اسرائيل الأمنية. كما يجب التأكيد على ان الولايات المتحدة الاميركية لن تبرم اي صفقة مع سوريا على حساب المحكمة الخاصة بلبنان، ولا على حساب السيادة اللبنانية.
وجاء في قسم من المذكرة توصيات الى دول الاتحاد الاوروبي وحلفاء اميركا الدوليين، الذين يجب ان يبقوا موحدين مع اميركا في مقاربتهم سوريا، وطلبت وزارة الخارجية الدعم والمساعدة من هذه الدول في إطار الحذر من سوريا، مشيرة الى أنّ الهدف المشترك هو السلام والأمن الإقليميين، والتركيز على حَثّ سوريا للاعتراف بمسؤولياتها وأخذ الخطوات التي تعزز الاستقرار.
كما طلبت الولايات المتحدة الأميركية من حلفائها الضغط على سوريا من أجل أن تستعمل نفوذها مع حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة للحَدّ من سلوكها المدمّر، ومن اجل تفكيك شبكات المقاتلين الأجنبية الناشطة داخل سوريا، وتحسين مستوى التعاون لمكافحة الإرهاب، كما يجب الضغط على سوريا من اجل ضمان إتمام الانتخابات اللبنانية المقبلة بعيدا من العنف والتخويف، ومن أجل أن تفي بالتزاماتها من اجل تبادل السفراء وترسيم حدودها مع لبنان، والتعاون مع تحقيق وكالة الطاقة الذرية في مشروعها النووي السري.
كما شرحت وزارة الخارجية الأميركية أن على أميركا وحلفائها إثبات الأهداف المشتركة تجاه سوريا من خلال الاعمال والاقوال: فدَور سوريا هو تثبيت الاستقرار في المنطقة، وهي ستبحث عن الاختلافات داخل رسائلنا وأهدافنا. كما أن على سوريا إثبات التزامها في السلام والاستقرار، من خلال تنفيذ خطوات ملموسة، وليس فقط عبر وعود فارغة، قبل أخذ أي خطوات من جانبنا لتطوير العلاقات السورية - الأوروبية.