الجمهورية - باريس : لبنان طفلنا ومفتاح فرنسا في الشرق الأوسط الأسد تعهّد المساعدة لفتح حوار بين بيروت واسرائيل
الثلاثاء 28 حزيران 2011
باريس : لبنان طفلنا ومفتاح فرنسا في الشرق الأوسط
الأسد تعهّد المساعدة لفتح حوار بين بيروت واسرائيل
كشفت الحكومة الفرنسية عبر مستشار الاليزيه لشؤون الشرق الادنى، أن الرئيس نيكولا ساركوزي أكد لنظيره السوري بشار الاسد، أن لبنان يشكّل عنصرا ثابتا في السياسة الفرنسية القائمة في الشرق الاوسط، واصفا إيّاه بأنه "طفل فرنسا". وأضاف أن باريس ترفض زوال الدولة اللبنانية، رافضا تقارير أميركية اتهمت الحكومة الفرنسية بأنها باعت لبنان الى سوريا.
ففي مذكرة سرية تحمل الرقم 08PARIS1358 صادرة عن السفارة الاميركية في باريس في 17 تموز 2007، تحدث مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى بوريس بويون طويلا عن زيارة بشار الأسد للعاصمة الفرنسية في 15 تموز، موضحا أن الفرنسيين يشعرون بأنهم حققوا تقدما كبيرا في العلاقات مع سوريا، خصوصا في الملف اللبناني. وكشف بويون أن القمة الفرنسية - السورية تركّزت في شكل كبير على التأسيس لعلاقات طبيعية بين سوريا ولبنان، مضيفا أن الفرنسيين حددوا شروطا لزيارة الرئيس ساركوزي لدمشق في منتصف ايلول، وربطوها بتقدّم السوريين بحسن نيّة في مجال تطبيع علاقاتهم الثنائية مع لبنان.
وجاء في المذكرة أنّ بويون استرسَل خلال اجتماعه مع المسؤولين الاميركيين في الحديث عن حساسية لبنان ونجاحه كدولة مستقلة بالنسبة الى موقف فرنسا في الشرق الأوسط، مضيفا "ان المفتاح بالنسبة الى السياسة الفرنسية في المنطقة هو لبنان". وعبّر كذلك عن انزعاجه وآخرين داخل قصر الاليزيه، من قراءتهم تحليلات صحافية أميركية تشير الى أن باريس "باعَت" لبنان الى السوريين في سبيل التأسيس لعلاقة أفضل مع دمشق، قائلا : لو كانت هذه النظرية صحيحة، فذلك يعني استهزاء بكل ما فعلته فرنسا منذ العام 1943 في سبيل فصل لبنان عن "سوريا الكبرى"، ومحاولة جعله دولة قادرة على البقاء والاستمرار، موضحا ان "لبنان هو طفلنا" ونحن لا نريد زَواله، "ولبنان عنصر ثابت في السياسة الفرنسية، بصرف النظر عَمّن يكون الرئيس".
وأوضح بويون امام محاوريه أنه متحمّس للتحدث بسبب تلك الموضوعات الصحافية الأميركية التي أشارت الى أن فرنسا طبخت صفقة مع السوريين على حساب السعوديين واللبنانيين، من أجل تحييد قرارات الأمم المتحدة ومسألة المحكمة الخاصة بلبنان، مشيرا الى أن ساركوزي، وخلال محادثاته مع الأسد، شدّد على أن الفرنسيين يدعمون تأسيس المحكمة في أقرب وقت ممكن، كما أنهم يعتمدون على عملها في شكل مستقل، بما معناه السير في عملها القانوني بعيدا من "التدخّل السياسي".
وفي سياق آخر، أشار بويون الى أن فرنسا تستكمل التشديد على موضوع ترسيم الحدود اللبنانية - السورية، موضحا أن فرنسا لا تتوقع تحرّكا فوريا في هذا السياق، لأنه أمر غير منطقي في هذه المرحلة من عهد الحكومة اللبنانية الجديدة، وقبل تحقيق خطوات أساسية مثل تبادل السفراء.
وفي سياق آخر، قدّم بويون توضيحا عن بعض النقاط التي تم تناولها في محادثات ساركوزي - الأسد، ومنها:
- المحادثات بين سوريا واسرائيل، إذ أوضح بويون ان السوريين طلبوا رعاية مشتركة فرنسية للمحادثات المباشرة مع اسرائيل، ذلك بعد وصول إدارة جديدة الى الحكم في الولايات المتحدة.
- وفي نقطة ثانية، قال بويون إن ساركوزي طلب من الأسد تشجيع اللبنانيين على فتح حوار غير مباشر مع اسرائيل، فكان رَدّ الأسد: "لِما لا".
- وفي الملف الإيراني، قال بويون إن ساركوزي طلب من الأسد تمرير رسالة عن جديّة المخاوف الفرنسية حيال البرنامج النووي الايراني، فوافق الأسد على إيصال الرسالة الى الايرانيين. وأوضح أن الايرانيين هم "أصدقاء سوريا المقربين"، ولذلك فإنّ الأسد لن يعرّض هذه العلاقة للخطر.
- وحسب بويون، فإن ساركوزي تحدث صراحة مع الرئيس السوري عن موضوع حقوق الإنسان، معتبرا ان من مصلحة سوريا تحسين الوضع الإنساني، مشيرا الى أن الأسد بدا متفهما، لكنه أكّد أنه لا يمكنه الظهور وكأنه
يخضع للضغوط الغربية.
- وفي النقطة الأخيرة، طلب ساركوزي من الأسد المساعدة في الضغط على قائد حركة حماس خالد مشعل من أجل إطلاق الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. وأوضح بويون ان الأسد كان متعاطفا في هذا الملف، ولكنه أكد أنه سيبحث مع الرئيس المصري في سُبل التوَصّل الى أفضل طريقة لمقاربة الموضوع مع مشعل.
ساركوزي وميشال سليمان
وتحدث بويون عن محادثات ساركوزي المنفصلة مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي وصفه بويون بأنه "رجل لطيف" وقائد رصين مُنخرط في العمل لمصلحة بلاده، ولكنه "قلق من كل شيء". كما أوضح بويون أن سليمان غالبا ما يذكر صلاحياته الرئاسية المحدودة في ظل الدستور الجديد، مشيرا الى أن ساركوزي قدّر صراحة سليمان و"جهوزيته"، على رغم صلاحياته المحدودة. وأشار الى ان الرئاسة الفرنسية واثقة من اعتمادها على سليمان في موقعه كحَكم مخلص للمصالح الوطنية. وجاء، حسب بويون، ان رسالة سليمان الى ساركوزي تركزت على ان لبنان لا يمكنه تحمّل نزاع مع سوريا، وأن على بيروت العمل بطريقة بنّاءة مع دمشق، كما شكر سليمان لفرنسا مساهمتها في القوات الدولية في جنوب لبنان، وأن ساركوزي شدّد على أن فرنسا ملتزمة مساعدة لبنان