الجمهورية - مصارف لبنان ترفض التعامل مع حزب الـله إيران تحاول دخول النظام اللبناني عبر أفراد وشركات
الثلاثاء 26 تموز 2011
ويكيليكس
مصارف لبنان ترفض التعامل مع حزب الـله
إيران تحاول دخول النظام اللبناني عبر أفراد وشركات
في وثيقة سرية مرسلة من السفارة الأميركية في بيروت في 6 كانون الثاني 2009 تحت الرقم 09beirut598، جدّد وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي خلال زيارة لبنان في 15 أيّار، يرافقه السفير الأميركي، تأكيده للمشرّعين في مصرف لبنان ولجنة الرقابة المصرفية ووزارة المال ومصرفيي القطاع الخاص، أنّ الولايات المتحدة تقدّر علاقة التعاون مع لبنان لحماية سلامة النظام المالي العالمي ومكافحة تمويل الإرهاب وطرائق التمويل الأخرى غير المشروعة.
وحذّر ليفي من أنّ على رغم اختلاف الموقف السياسي بين الولايات المتحدة ولبنان حيال حزب الله، فإنّ مقالا نُشر في صحيفة "فايننشال تايمز" في 13 أيار، أقرّ ضمنه حزب الله بأنّه يقدم دعما كاملا إلى حركة "حماس" التي تعتبرها أميركا وأوروبا منظمة إرهابية، شكل إشارة واضحة إلى أنّ الحكومة اللبنانية يجب أن تبقى يقظة لمنع اجتياح حزب الله النظام المصرفي.
وفي الشأن الإيراني، ناقش ليفي مع المجتمعين التهديد الذي تشكّله إيران على النظام المالي العالمي بسبب ممارساتها المالية والمضلّلة والمخادعة واستعمالها النظام المصرفي لتسهيل عمليات إرهابية.
وأشار إلى أنّه بسبب امتناع أكبر المؤسسات المالية عن التعامل التجاري مع إيران جراء المخاطر المرتبطة بها، تسعى إيران حاليا إلى أن تتشارك مع مؤسسات مالية خارج إيران تتمكن كيانات إيرانية من خلالها من الحصول على حصص في مؤسسات مصرفية وخلق مشاريع مشتركة أو شراء مصارف بهدف ولوج النظام المصرفي العالمي.
وتوافق المتحاورون مع رأي ليفي على أن الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان يعتمد على مستوى الثقة بالنظام المصرفي، فيما شدّد المصرفيون اللبنانيون على أنّهم محترفون ومكلّفون المحافظة على سلامة النظام، بيد أنّ أفرادا عدة منهم اعربوا عن قلق حيال رد فعل سلبي من جانب الولايات المتحدة في حال فازت قوى الثامن من آذار التي يقودها حزب الله، بالأكثرية في انتخابات السابع من حزيران.
خلال زيارته لبنان في 15 أيار، اجتمع وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي مع نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة: رائد شرف الدين، سعد عنداري، هاروتيان صومئيليان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف وليد علم الدين، إضافة إلى وزير المال محمد شطح و16 من ممثلي المصارف التجارية اللبنانية والعالمية.
دعم "حماس"
وأشار ليفي خلال اللقاء إلى مقال في صحيفة "فايننشال تايمز" بتاريخ 13 أيار يعترف فيه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأنّ حزب الله يقدّم دعما كاملا إلى "حماس"، ما اعتبره ليفي دليلا واضحا إلى ضلوع حزب الله في عمليات مالية وإرهابية غير مشروعة.
ولفت ليفي إلى أنّ دعم حزب الله "حماس"، التي تعتبرها الولايات المتحدة وأوروبا منظّمة إرهابية، قد يؤدّي إلى تغيير أوروبا طريقة تعاطيها في التعاملات المالية الخاصة بـ"حزب الله".
ورجّح أن يلاقي دعم "حماس" صدى في أوروبا، ما يدعو القطاع المصرفي الخاص في لبنان إلى إعادة النظر في الموضوع، محذّرا ممثلي الحكومة اللبنانية من أنّ من مسؤوليتها أيضا التقيّد بقواعد السلوك الدولي المتوافق عليها لمحاربة تمويل الإرهاب، بغضّ النظر عن مشاركة حزب الله في الحكومة.
وقال نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين إنّ مصرف لبنان واضح جدا في ما يتعلّق بممارسات المصارف التجارية، ولا يريد أن يعرّض النظام المصرفي في لبنان لأي ظلال من الشك. أضاف شرف الدين: "على رغم أنه ينتمي إلى الطائفة الشيعية، إلا أنه مهني في الدرجة الأولى، ومن واجب مصرف لبنان حماية النظام المصرفي".
من جهته، شدّد محمد بعاصيري، أحد نوّاب حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، على التزام الحكومة اللبنانية الممارسات المالية الدولية على رغم تباين المواقف بين الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية حيال حزب الله.
وأيّد وليد علم الدين رئيس لجنة الرقابة على المصارف زملاءه في مصرف لبنان، قائلا إن تمويل حزب الله لا يندرج تحت سقف النظام المصرفي الرسمي.
من جهتهم، كشف ممثلو المصارف التجارية أنهم يذهبون أبعد ممّا تنصّ عليه المعايير الدولية، ويرفضون حتّى فتح أي حساب مصرفي لأي شخص على صلة بـ"حزب الله".
وقدّم نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين مثالا على ذلك، حين رفض مصرف "فرنسبنك" أخيرا، فتح حساب لمدرسة تابعة للحزب بهدف دفع رواتب الأساتذة.
إيران
وفي ما يتعلق بإيران، قال ليفي للمجتمعين إنّ هناك دليلا إلى أنّ إيران تبحث عن منافذ جديدة للوصول إلى النظام المصرفي الدولي، وإن كيانات إيرانية تسعى إلى المشاركة في مؤسسات مالية في الخارج، للحصول على حصة غالبية في مؤسسات مصرفية وخلق مشاريع مشتركة أو شراء مصارف.
وشجّع ليفي الحكومة اللبنانية على تنفيذ تدابير مضادة لحماية النظام المصرفي اللبناني من مخاطر عمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، مفروضة من جانب إيران.
وعلى رغم تزايد نسبة التعاون الاقتصادي أخيرا بين لبنان وإيران، فإنّ نواب حاكم مصرف لبنان ليسوا قلقين من تلاعب إيران بالنظام المصرفي اللبناني. وطالبوا، مع ذلك، بالإبلاغ إلى مصرف لبنان ولجنة التحقيق الخاصة أيّ شكوك معيّنة وبكل شفافية.
وأشار بعاصيري والنواب الآخرون إلى أنّ التهديد الذي تشكله الكيانات المصرفية الإيرانية محدود في لبنان، مع وجود مصرف إيراني واحد فقط هو بنك "صادرات" الذي يملك 5 فروع في لبنان بأصول إجمالية تبلغ نحو 100 مليون دولار، أي أقلّ من 0,01 في المئة من إجمالي أصول النظام المصرفي، على حد تعبير علم الدين.
أضاف الأخير أن بنك "صادرات" على رغم حجمه الصغير، فإنّه يشكل إزعاجا للحكومة اللبنانية بسبب وضعه من قبل الولايات المتحدة على لائحة المؤسسات المرتبطة بتمويل الإرهاب، وبسبب وضعه تحت المجهر من قبل المجتمع الدولي.
من ناحيته، أكّد ليفي عدم تعامل الحكومة الأميركية والمواطنين الأميركيين مع بنك "صادرات" وبنك "ميلي" الإيرانيين، لافتا إلى أنّ أوروبا أوقفت أيضا تعاملاتها التجارية مع إيران. وحذّر السلطات المالية اللبنانية من سلوك بنك "صادرات" ومن إمكان أن تحاول إيران الدخول إلى النظام اللبناني المصرفي من خلال شركات أو أشخاص ينتمون إلى كيانات إيرانية. إضافة إلى ذلك، عرض ليفي لمساعدة بلاده الحكومة اللبنانية إذا طلبت ذلك، للتحقيق في ما إذا كان هناك أشخاص أو كيانات على صلة بمصارف إيران.
وقال ليفي إنّ قضية إعادة تفعيل قرض ممنوح من بنك "تنمية الصادرات" الإيراني إلى الحكومة اللبنانية يشكل مصدر قلق، فكرّر وزير المال محمّد شطح ونواب حاكم مصرف لبنان اعتقادهم أن توقيع إعادة تفعيل هذا القرض كان على الأرجح خطأ تم ارتكابه، مشيرين إلى أنّ القرض الأصلي مُنح في العام 2003، أي قبل تعيين البنك الإيراني على لائحة المؤسسات المرتبطة بالإرهاب. وشرح شطح أنّ القرض هو عملية تجارية بين الحكومتين ولا يدخل في إطار المصارف التجارية، وقد يكون مصدرا شرعيا لتمويل مشاريع إنمائية. وأضاف شطح أنّ القضية هي قيد المراجعة في مجلس الوزراء وسيتم البحث فيها.
الثقة بالمصارف
وشدّد ليفي للمجتمعين على أهمّية العلاقة المصرفية الأميركية – اللبنانية، لافتا في ظل الفترة المضطربة اقتصاديا وماليا، إلى أن لبنان يعدّ مثالا استثنائيا لاقتصاد إقليمي نجا من تداعيات الأزمة المالية العالمية، ومع ذلك فإنّ القلق موجود حيال قدرة لبنان على تفادي "أزمة سمعة" وفقدان الثقة من قبل المستثمرين الدوليين إذا أصبح حزب الله أكثر انخراطا في النظام المصرفي الرسمي.
وأشار أيضا إلى دعم حزب الله منظمة إرهابية أخرى إلى جانب "حماس"، وإلى واقع أنّ "حماس" تصنّفها أوروبا على أنّها منظمة إرهابية، إلا أنّ ممثلي المصارف التجارية أصروا على موقفهم الصلب من أنّ النظام المصرفي اللبناني في منأى حتى الآن عن الأصول السامّة والأنشطة غير المشروعة على حد تعبير جوزيف طربيه رئيس جمعية المصارف، الذي تعهد المحافظة على هذه اليقظة من أجل حماية النظام.
في المقابل، كان علم الدين أقلّ تفاؤلا ووصف النظام المصرفي اللبناني بأنه سريع التأثر أو غير محصَّن، وقال إن على رغم أن المصارف في لبنان تحوي رساميل مفرطة، فإنّها ضعيفة. وأضاف علم الدين أن في حال اهتزت الثقة بالنظام المصرفي اللبناني، فإنّ الاستقرار السياسي في البلاد سينهار.
وخلال جلسة تلت الاجتماع مع ممثلي المصارف التجارية، أعرب هؤلاء عن قلقهم الشخصي لوكيل وزارة الخزانة حيال رد فعل أميركي سلبي على انتخابات السابع من حزيران في حال فازت قوى 8 آذار بالأغلبية.
ورأى المصرفيون أن رد فعل سلبي سيسهم في انعدام الثقة بالقطاع المصرفي ويقوض القطاع المالي في لبنان.
كما أثار المصرفيون شكاوى حول التناقض بين لائحة التسميات الأميركية ولائحة الأمم المتحدة اللتين تضمان أسماء المؤسسات التي تخضع لعقوبات، واعتبروا أنه كلما كانت اللائحتان متطابقتين كان من الأسهل على لبنان أن يتخذ إجراءات ضد تلك المؤسسات أو الأفراد المحدّدين.
وسعى المصرفيون للحصول على مساعدة أميركية للتخفيف من مخاطر السمعة. وذكروا أنّ من المألوف بالنسبة إلى الدول الأخرى، وخصوصا في آسيا، أن تتأخر في استلام التحويلات المالية الصادرة من لبنان بسبب الاعتقاد أنّ جميع التحويلات الخارجة من لبنان ترتبط بطبيعتها بـ"حزب الله". فعرض ليفي استعمال مكتبه لتوعية الدول الأخرى هذه القضية وتأمين تفسير دقيق لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يدعو جميع الدول إلى اتخاذ تدابير ضرورية لمنع توفير أي مساعدة أو تدريب أو أسلحة لأي كيان أو جهة غير مرخص لها من قبل الحكومة اللبنانية، حيث يعتبر ليفي أنّ هذا القرار الأممي لا يمنع الدول من التعاملات المالية مع لبنان.