المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - هل المحكمة الدولية من اجل لبنان سياسية ..أم الهدف تسييسها - حسان القطب
الإثنين 7 آذار 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
هل المحكمة الدولية من اجل لبنان سياسية ..أم الهدف تسييسها !.؟؟
بقلم مدير المركز.. حسان القطب
عصفت بلبنان موجة اغتيالات سياسية على مدى عقود، وبقيت هذه الجرائم لغزاً غير قابل للحل.. وبقي تفسيرها خاضعاً لمزاج المواطن اللبناني بحسب انتمائه، من حيث اتهام هذا الفريق أو ذاك أو هذه الجهة أو تلك.. وللخروج من هذه الدائرة المغلقة، تم طلب إنشاء محكمة دولية خاصة بلبنان لمتابعة قضية اغتيال الرئيس الحريري وسائر الجرائم التي ارتكبت بعدها.. التوافق على طلب إنشاء المحكمة كان سريعاً ولم يتطلب جهداً يذكر.. ولكن إقرار تشكيلها وبروتوكول التعاون معها كان موضع عرقلة، وهدفاً للإفشال في أكثر من مناسبة سواء باستقالة وزراء حركة أمل وحزب الله، من حكومة الرئيس السنيورة الأولى، وبمقاطعة إميل لحود رئيس الجمهورية السابق لجلسات مجلس الوزراء آنذاك، أو بإغلاق أبواب المجلس النيابي من قبل نبيه بري رئيس المجلس النيابي لمدة تقارب العامين بهدف منع دراسة وإقرار بنود بروتوكول التعاون مع المحكمة من قبل المجلس النيابي..
ما ينشر ويقال اليوم عن دستورية وقانونية المحكمة الدولية من حيث طريقة إقرارها أو الموافقة عليها.. يؤكد أن ما جرى خلال تلك الفترة من ممارسات كان هادفًا ومبرمجاً ومدروساً:
- استقالة وزراء الطائفة الشيعية من حكومة الرئيس السنيورة كانت أقرب للمقاطعة منها للاستقالة، بدليل أنهم ضغطوا باتجاه منع توزير أي وزير بديل من الطائفة الشيعية مع صدور فتوى تحرم ذلك من قبل المرجع الشيعي عفيف النابلسي.. مع استمرارهم في ممارسة شؤون وزاراتهم بتقطع ولكن دون مقاطعة كاملة، وهذا يعني أن الاستقالة كانت تهدف لتعطيل دور الحكومة والتشكيك بمقرراتها لاحقاً وهذا ما يجري اليوم..
- إغلاق المجلس النيابي لمدة تقارب العامين كان دون وجه حق وبلا أي مسوغ قانوني أو دستوري.. والعذر الذي كان يطرحه بري لهذه الممارسة، هو سعيه لمنع الفتنة أو لتأجيج الصراع وتعميق الانقسام العامودي الطائفي والمذهبي بين اللبنانيين في حال انعقاد المجلس النيابي، وتظهير الخلاف بين الطوائف اللبنانية داخل الأطر الدستورية.. واليوم يتم استغلال إغلاق المجلس النيابي ليقال أن إقرار بروتوكول المحكمة كان في غياب المجلس النيابي.. ولا يذكر هذا الفريق سبباً دستورياً لإغلاق المجلس النيابي، لأن هذا الأمر يعرضه للمساءلة والمحاسبة..
- إطلاق حملة إعلامية واسعة من قبل حزب الله وحركة أمل للتشكيك بالمحكمة والاستعانة ببعض العناصر والمجموعات التي ترتبط بالمحور الإيراني- السوري.. للتشويش على المحكمة واتهامها بأنها إسرائيلية وصهيونية ومسيسة...
دأب حزب الله على القول بأن هناك مخطط يهدف لاتهامه بجريمة اغتيال الرئيس الحريري وسائر الجرائم الأخرى لتشويه صورة المقاومة والإساءة إلى انجازاتها.. وأصّر حسن نصرالله على أن فريقه وحزبه منضبط وغير مخترق من قبل أية أجهزة أمنية أو مخابراتية قد توقع ببعض عناصر حزب الله في فخ القيام بعمليات اغتيال.. واعتبر أن ما ورد في بعض الصحافة الأجنبية حول ضلوع حزب الله محض اختلاق ومن نسج الخيال..؟؟ ورفع مرتبة عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق على يد مجهولين عام 2008، إلى مرتبة عالية، تستحق الثناء والتقدير..؟؟؟؟؟ إلى أن جاء الخبر الذي أو التقرير الذي كتبه رضوان مرتضى، وأوردته جريدة الأخبار المؤيدة والموالية لحزب الله وسوريا وإيران في 22 شباط/ فبراير 2011، ليقول: (ذكرت المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» أنّ أدلة بلمار «الدامغة» كانت تتجه إلى الحسم بأن سيارة الميتسوبيشي أتى بها عناصر أصوليون متعاونون مع جهاز الاستخبارات العسكرية السورية، وأن مغنية زوّدهم بالمتفجرات. «المعلومات» التي اعتمدها مكتب بلمار تُشير إلى أن قيادة حزب الله، «نتيجة الاتهامات التي سيقت ضدّها، أجرت تحقيقاً مع عدد من قيادييها، فتبيّن لها أن أفراداً من الحزب بقيادة مغنية، وبالتعاون مع الاستخبارات العسكرية السورية، نفّذوا عملية الاغتيال». وتلفت إلى أن ما جرى «سبّب شرخاً بين قيادة حزب الله والحرس الثوري الإيراني جرى احتواؤه، قبل أن يبدأ الحزب بتصفية كل من تثبُت علاقته بجريمة اغتيال الرئيس الحريري. وقد استُثني من عمليات التصفية أشخاص سُمح لهم بالسفر إلى إيران ليقيموا هناك». لكن أحد أفراد مجموعة «الحاج سليم»، نجا من حملة التصفية، وهُرّب إلى قبرص عبر الطريق البحرية من ميناء جونية بواسطة الموساد، وهو موجود اليوم في هولندا بصفة شاهدٍ ملك، وهو المسؤول الإيراني السابق علي أ.)..
هذه المعلومات التي أوردتها صحيفة الأخبار، بالغة الخطورة والأهمية وهي تؤكد بل توضح سبب هذه الهجمة الشرسة على المحكمة الدولية ومحاولة منع المعلومات عنها من قبل حزب الله ونبيه بري، والوزراء المحسوبين عليهم، والدعوات المتكررة التي أطلقها نصرالله، للامتناع عن التعاون مع المحكمة الدولية ومحققيها.. وبالتالي اتهام المحكمة بالتسييس وإطلاق كافة أشكال النعوت والألقاب بحقها..لأن وراء الأكمة ما وراءها..من هنا نفهم استقالة وزراء حزب الله وحركة أمل من الحكومة وتعطيل المجلس النيابي، والدعوة التي أطلقها مؤخراً نائب حزب الله محمد رعد وتبعه زميله محمد فنيش بطلب تجميد بروتوكول التعاون مع المحكمة ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة تنظر في هذا البروتوكول..وكيف يكون عمل المحكمة الدولية مساوياً لاستباحة لبنان كما روج محمد رعد في مؤتمره الصحافي. (رغم ما أوردته أكثر الصحف التصاقاً بمحورهم وأكثرها تهجماً على من يعارض سلاحهم وممارساتهم).. إذا استطاعت هذه المحكمة كشف المجرمين الفعليين بغض النظر عن الجهة الفاعلة والمرتكبة..؟؟ وكانت قد أفادت مصادر مطلعة لجريدة "النهار" أن الكشف عن عدد من جوازات السفر اللبنانية غير الصحيحة، والمزورة بالتواطؤ مع أجهزة رسمية، دفع لجنة التحقيق إلى طلب حيازة نسخة عن بصمات اللبنانيين الذين يحملون جوازات سفر. وقد تبيّن للجنة التحقيق أن جوازات سفر لبنانية صدرت في عهود مختلفة بطريقة غير قانونية، ومنها 5000 جواز سفر قال اللواء الركن جميل السيد إنها بيعت من فلسطينيين قبل أن يتسلم المديرية، إلى أخرى أعطيت لمسؤولين حزبيين ومنهم سامي شهاب الذي انتقل من مصر إلى السودان وعاد إلى لبنان جواً بجواز سفر مزور. وتعمل لجنة التحقيق على ربط المعلومات التي لديها بالبصمات لاكتشاف هوية عدد من المتهمين أو المشبوه بهم الذين يتجولون بأسماء وببطاقات وبجوازات جديدة، ومنهم من ادعت جهات حزبية وأمنية أنهم قتلوا أو خطفوا أو هاجروا منذ زمن بعيد، أو حتى تدعي عدم وجودهم في الأساس. ويقول مصدر قريب من التحقيق إن مسؤولين في "حزب الله" نفوا مراراً وجود عماد مغنية قبل أن يعلنوا اغتياله في ظروف غامضة في دمشق. وأفاد المصدر أن البصمات التي أخذتها اللجنة لنحو 700 لبناني هي مرحلة أولى وقد تطلب دفعة ثانية في وقت قريب بعد تحليل معلومات الدفعة الأولى...
ولتوتير الأجواء ورفع منسوب التشنج المذهبي أطل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في تصريح له قائلاً: (أن <المقاومة وسلاحها أشرف من الأموات والأحياء فهي باقية ما بقي الدهر طالما وجد في هذا العالم خطان: خط شر وخط خير، ولا يبقي الخير إلا نهج المقاومة والممانعة الذي فيه نبقى ونستمر، وببقائه يسلم خط الأنبياء والمرسلين وخط الشرفاء وان كل من يحاول أن يطعن المقاومة في مسلكياتها وفي منهجها فهو مرتهن وخائن واتبع نفسه هواها، هوى الشيطان الأكبر أميركا وحلفاؤها>• وقال: <لن ننسى دماء أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في عدوان تموز 2006 ولن ننسى كل من ساهم وأيد العدوان الإسرائيلي على لبنان واللبنانيين وسيأتي اليوم الذي يحاسب فيه هؤلاء مهما يكن>•أضاف:> لقد آن لنا أن نسدل الستارة الدولية على انتهاء هذه مسرحية الهزلية المسماة بالمحكمة الدولية، التي ستكون عواقبها غير سليمة ولن تنفع كل التجمعات التي ضللتم فيها جماهيركم)•
إذاً المشكلة ليست في المحكمة ولا في بروتوكول التعاون الذي أقرته الحكومة السابقة في ظروف صعبة وقاسية وخطيرة.. المشكلة هي أن من ارتكب كافة الجرائم بحق سياسيين ومسؤولين وإعلاميين ومواطنين وكيان وجمهورية ووطن وشعب وجيش، يجند كافة قواه ومؤسساته وأمواله وإمكاناته وأعضائه وتابعيه للتشكيك بالمحكمة والارتباط بإسرائيل هو أقصر الطرق للتملص من الجريمة.. ولكنه أخطرها لأنه يبرر ارتكاب جرائم جديدة.. فالذين يتهمون المحكمة بالتسييس إنما يتهربون من خطاهم ومن مسؤوليتهم عن جر البلاد إلى مهالك الفتنة والانغماس في أتون الصراع الداخلي المدمر.. عبر تسييس عمل المحكمة ومحاكمتها قبل أن تحاكمهم.. الأحد المقبل في 13 آذار/مارس سوف يقول الشعب اللبناني كلمته في هذا الشأن.. بانتظار صدور القرار الاتهامي الذي لن يطول صدوره...