المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - لبنان: محاكمات إعلامية استناداً لوثائق أميركية- حسان القطب
الإثنين 4 نيسان 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
لبنان: محاكمات إعلامية استناداً لوثائق أميركية
بقلم مدير المركز... حسان القطب
دأب حزب الله دائماً على اتهام الولايات الأميركية والأجهزة الصهيونية بمحاولة دس الفتن ومحاولة الإيقاع بين مكونات المجتمع اللبناني لإضعاف المقاومة ومشروعها وجمهورها، وفي الفترة الأخيرة كان الهم الأساس لحزب الله التشكيك بالمحكمة الدولية، والتنبيه من تداعيات قرارها الاتهامي في حال اتهمت حزب الله أو بعض عناصره بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري أو غيرها من الجرائم، باعتبارها محكمة مسيسة من قبل الأميركيين والغرب عموماً وتستهدف المقاومة ودورها...وفي هذا الإطار كان تصريح للشيخ نبيل قاووق احد قادة حزب الله: (حيث أكد أن المقاومة لا تخشى التهديدات الدولية والمناورات السياسية والاتهامات الزائفة ولكنها تقرع جرس الإنذار لتفادي الأسوأ ولتحمي لبنان والمنطقة وتقفل الأبواب أمام أي تسلل صهيوني أو أمريكي للعبث في الداخل اللبناني وإثارة الفتن)... فالاتهامات زائفة كما يقول وهدفها الفتنة وبالتالي لا مصداقية لوثائق أو بيانات صادرة عن هذه الجهة طالما أنها تتهم حزب الله..
وبتاريخ 22-03-2011 نشرت صحيفة الانتقاد الصادرة عن حزب الله، صور بعض القادة السياسيين اللبنانيين المتهمين من قبل حزب الله بالتآمر وأطلقت عليهم لقب(المتآمرون على لبنان) خلال حرب تموز/يوليو 2006، ووقائع وتفاصيل محاكمة صورية شكلية جرت لهم، حيث كتبت الجريدة..: (ولأن حرب تموز 2006 كانت وستبقى قضية بحجم الوطن.. ولأن الأحكام عادة ما تصدر باسم الشعب اللبناني.. لذا فقد لجأنا إليه واضعين الحقائق بين يديه ليكون الحكم بالعدل لديه.. مقدمين أمامه دعوى صورية في محاكمة افتراضية رمزية.. لفريق سياسي ضلّ الطريق فتآمر على لبنان وأبنائه خلال حرب تموز 2006، مرتكبا أشنع الجرائم والمؤامرات... وهي خطوة افتراضية رمزية يأمل الكثير من اللبنانيين بأن تتحول إلى حقيقة ملموسة، وأن يكون القضاء بمستوى التحديات.. فيتصدى لمحاسبة المسؤولين والمتآمرين.. منعاً لتكرار سيناريو التآمر مجددا على لبنان وحقناً لدماء المزيد من اللبنانيين في أي حرب مقبلة). أم الجهة المدعية فقد اختارت لها الصحيفة أو الكاتب أسم (المدعي: شرفاء لبنان) بموجب هذا التوصيف تم شق الصف اللبناني إلى فسطاطين الشرفاء ويمثلهم حسن نصرالله وجمهوره، والمتآمرون ويمثلهم: المدعى عليه: فريق 14 آذار ( فؤاد السنيورة – سعد الحريري – سمير جعجع – بطرس حرب – فارس سعيد – مروان حمادة ...) وكل من يظهره التحقيق شريكا أو متدخلا أو محرضا)... أما موضوع الادعاء فهو.: (الموضوع : مؤامرات فريق 14 آذار خلال حرب تموز 2006).. وهذا الاتهام هو ما اعتدنا إطلاقه من قبل فريق حزب الله ونبيه بري وسواهم من أتباع النظام السوري في لبنان.. وكذلك من أوصاف وألقاب ومبررات... أما المستندات التي بموجبها تقدمت الصحيفة بالادعاء الصوري والشكلي ولكن الإعلامي والشعبي، فهي كما ذكرت: (كشفت العديد من الوثائق التي نشرتها صحيفة "الأخبار" اللبنانية بدءا من تاريخ 15 تموز/يوليو 2011، أن خلاصة تلك الوثائق المنشورة الصادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتواريخ مختلفة والمصنفة بأنها سرية، تظهر بأن ثمة فريقا سياسيا لبنانيا تآمر على وطنه لبنان، وسعى لاستدراج عدوان عليه فضلا عن سعيه لإطالة أمد الحرب)..بناءً على ما سبق ذكره فإن هذا الأمر يدفعنا للتساؤل بل وبطرح بعض الأسئلة:
- كيف تكون تلك الوثائق الأميركية المسربة مصدر ثقة لفريق دأب على اتهام الولايات المتحدة بالتحريض على الانقسام الداخلي وإشعال نار الفتنة ضمن المجتمع اللبناني وبين مكونات المجتمع اللبناني..
- لماذا يرفض حزب الله الاعتراف بشرعية المحكمة الدولية ومصداقية وثائقها وتحقيقاتها، وهي ذات طابع دولي، ويدعونا للوقوف بجانبه في رفضها، طالما انه يعترف بمصداقية وثائق أميركية المنشأ والتسريب فقط، ويدعونا في الوقت عينه كذلك لتصديقها وإجراء محاكمات شعبية بناءً عليها..؟؟
- ألا يعتبر ما ورد في مضمون ما نشر وخاصة فيما يتعلق بمعاقبة المتهمين أميركياً ولكن بقناعة كاملة من حزب الله، حين نقرأ ما مفاده..(هي خطوة افتراضية رمزية يأمل الكثير من اللبنانيين بأن تتحول إلى حقيقة ملموسة) بأن هذا الكلام من الوجهة القانونية البحتة دس وتحريض وتهديد للسلم الأهلي والعيش المشترك..
- ألا يعني هذا الكلام التحريضي الصريح بأن السلاح بين يدي هذه المجموعة من الناس خطراً يتهدد امن اللبنانيين والسياسيين والإعلاميين وسائر من يناقض مواقف حزب الله وطموحاته وأهدافه. وأن كل من ترغب الإدارة الأميركية بالتخلص منه سياسياً يكفي زج اسمه بوثيقة أو مستند من هذا القبيل عبر نفس المصدر أو سواه..؟؟
- كيف يتهم فريق لبناني بإشعال الحرب والعمل على إطالة أمدها وهو لطالما كان ضد الحرب وأعلن رفضه لها لحظة نشوبها، واتهم حينها بأنه ضد منطق المقاومة والممانعة، كما أن هذا الفريق لم يقم بأية عملية اختطاف أو اعتقال أو أسر لجنود إسرائيليين عبر الحدود، ولم تقم القوى الأمنية الرسمية اللبنانية بأية عمليات هجوم مسلح على الإطلاق، ولم تقم بإطلاق النار إلا في حالات الدفاع عن النفس ولحماية مواقعها من أي عدوان، رغم أنها كانت تحت إمرة الفريق السياسي المتهم والذي يحاكم إعلامياً وبناءً على مستندات أميركية..؟؟
- إذا كانت قيادات فريق يمثل الأكثرية النيابية والشعبية الحقيقية التي لم تخف من لابسي المعاطف السود ومن يمثلهم، متهمة من قبل حزب الله وأعوانه، استناداً لوثائق أميركية، فهذا يعني أن حزب الله يتمنى الرغبة الأميركية، ويؤسس لانقسام داخلي خطير، يقوم على مبدأ من ليس معي فهو ضدي وخصمي، وهذا يتطابق مع ما أطلقه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش خلال أزمة أبراج نيويورك في أيلول/سبتمبر من عام 2001...
- ماذا لو قرر الفريق الأخر الذي تعرض للاعتداء في أكثر من مناسبة بالسلاح وبغيره من الأدوات، اللجوء للأسلوب عينه ومطالبة جمهوره بمحاكمة كل من ارتكب بحقه جريمة أو أساء إليه، مادياً ومعنوياً وجسدياً..؟؟ وما أكثرها..؟؟
إن الحرب المدمرة التي اندلعت في تموز/يوليو من عام 2006، بتداعياتها ونتائجها وخسائرها وفضائحها كان يجب أن تكون حافزاً لتوحيد صفوف وشرائح ومكونات الكيان والمجتمع اللبناني، خاصةً بعد التلاحم والترابط والتماسك الذي أظهره الشعب اللبناني في مواجهة العدوان وإبان العدوان وبعده، ولكن هذا الفريق الذي يحتكر السلاح والبطولات وتاريخ الحروب والانتصارات، يأبى إلا أن يقود البلاد نحو الانقسام والتفرق، ونكء الجراح وفتح ملفات الحرب الأهلية وإعطاء أوصاف وألقاب لهذا وذاك، ونزعها عمن لا يرغب ويريد، وتجاهل ممارسات ارتكبها هو نفسه أو بعض حلفائه، بل وإلقاء التهم الخطيرة كالتي وردت أعلاه، بحق كل من لا يرتضي الخضوع لمشاريعه الداخلية والارتباط بأجندته الإقليمية، بل ووصل به الأمر إلى إقامة محاكمات إعلامية علنية، تؤسس لصراع داخلي خطير ومقيت ويخدم مشاريع ما برح يبلغنا أنه ضدها وان سلاحه مخصص لمواجهتها، ولكن العكس هو الصحيح، وما جرى في البحرين وساحل العاج بحق المغتربين اللبنانيين بناءً على ممارسات هذا الفريق السياسية والإعلامية، وتدخله في الشأن الداخلي لدول أخرى صديقة، يدل وللأسف على تجاهل هذا الفريق لمصالح اللبنانيين ومستقبل أبنائهم وطموحاتهم وتطلعاتهم لصالح علاقاته ومصالحه وارتباطاته.. وقد يستحق هذا الفريق المحاكمة على ما اقترفه داخلياً وخارجياً ولكن في محاكمة حقيقية ليست صورية أو شكلية...
حسان القطب