الجمهورية - عون يفتّش عن الثمن للتخلّي عن «حزب الـله» ويستدرك أن خطاباته ضدّ السُنّة شوّهت صورته
الأربعاء 05 تشرين أول 2011
ويكيليكس
عون يفتّش عن الثمن للتخلّي عن «حزب الـله»
ويستدرك أن خطاباته ضدّ السُنّة شوّهت صورته
كشفت وثيقة رسميّة صادرة عن السفارة الاميركيّة في بيروت أنّ النائب ميشال عون مستعدّ للاستغناء عن حلفائه والتخلّي عن دعمه لسلاح "حزب الله"، إذا ما لاحت امامه فرصة الوصول الى الرئاسة أو حتى تلقّى عرضا أفضل.
وأشارت الوثيقة الى أنّ عون يعتقد أنّه يسيطر على "حزب الله".
و"إذا كان لدى أحد فكرة أفضل للسيطرة على حزب الله"، أعرب عون عن "استعداده للتخلّي عن وثيقة التفاهم".
ولم يوفّر عون حليفه النائب سليمان فرنجيه، فحاول التقليل من اهمّية دوره السياسيّ، مُعتبرا أنّ "لديه علاقات عائلية، وليس سياسية مع الرئيس السوريّ بشّار الأسد".
واعترف عون انّه "شوّه صورته خاصة صورة الوسيط النزيه الذي يحاول كبح جماح حزب الله" من خلال تهجّمه على السُنّة والرئيس سعد الحريري.
وتكشف الوثيقة عن تواصل الوزير جبران باسيل مع السفارة، حيث "اتّصل بنا جبران باسيل في اليوم التالي لإبلاغنا أنّ حزب الله يفكّر جدّيا في إزالة الخِيم نهاية الاسبوع".
رقم الوثيقة: 07BEIRUT1534
تاريخ الإصدار: 2 تشرين الأوّل 2007
الموضوع: عون ينأى بنفسه عن فريق 8 آذار
1 - في تغيير مفاجئ لمواقفه، أبلغ الجنرال ميشال عون السفير الأميركي أنّه لن يدعم تشكيل حكومة ثانية، كما لمّح إلى استعداده لإلغاء وثيقة تفاهم العام 2006 مع حزب الله إذا ما تلقّى عرضا أفضل. وعون، الذي حاول خلال الأيّام العشرة الماضية التواصل مع قيادات 14 آذار، بات مدركا أنّ حلفاءه في فريق 8 آذار، وعلى الرغم من تطميناتهم، مستعدّون للتضحية به من أجل ضمان وصول مرشّح توافقي من اختيارهم الى رئاسة الجمهورية.
2 - التقى السفير الأميركي مع رئيس التيّار الوطنيّ الحرّ ميشال عون في منزل الأخير في الرابية، وحضر الاجتماع المستشاران جبران باسيل وإبراهيم كنعان، بالإضافة الى نائب عن كتلة عون.
تلميح الى إلغاء
وثيقة التفاهم؟
3 - نفى عون حصول أيّ تبديل في مواقفه التي ما زالت متمثّلة في دعم قيام لبنان سيّدا مستقلّا عن سوريا. وبينما أشار الى ضرورة توحيد الدولة اللبنانيّة، قال عون إنّه يريد تجنّب المواجهة خلال هذه العملية من خلال "تحييد" المتعاطفين مع سوريا. مضيفا أنّ هناك حاجة لإيجاد إطار للتوصّل الى اتّفاق مع حزب الله من أجل القيام بذلك، وفي حال كان هذا الإطار غير مناسب فيجب تغييره.
كما أكّد أنّه لم يكن "متحالفا" مع حزب الله، وإنّما وقّع وثيقة تفاهم "على بعض النقاط"، وإذا حزب الله لم يلتزم بالاتّفاقية فسيسقط التحالف. واشتكى عون من أنّ "الآخرين متسامحون مع حزب الله أكثر منّا، ولا أحد غيرنا يريد التحدّث عن سلاح الحزب". أمّا إذا كان لدى أحد فكرة أفضل للسيطرة على حزب الله، أعرب عون عن استعداده للتخلّي عن وثيقة التفاهم.
4 - واتّفق عون مع السفير على أنّ وصول رئيس جمهورية قويّ سيكون لصالح الدولة، مضيفا أنّ حتى أمين عام حزب الله حسن نصر الله كان يطالب بدولة قويّة. ومع ذلك، رفض عون تأكيدات السفير بأنّ برنامج نسيب لحّود الرئاسي يقدّم أفضل صيغة للتعامل مع سلاح حزب الله من خلال الفصل ما بينه وبين مسائل كمزارع شبعا والمسائل الحدوديّة، بحجّة أنّ لحّود لن يتمكّن من تطبيق نظريته طالما لدى حزب الله ذريعة مزارع شبعا.
5 - وفي حين اشتكى أنّ فريق 14 آذار كان يحاول تنحيته عن السباق السياسيّ، قال عون إنّهم لولاه لما استطاعوا حشد تأييد لبنانيّ كافٍ للضغط على حزب الله، مضيفا أنّه عوضا عن ذلك يجب أن يجمعوا جهودهم. وافق السفير على أنّ لبنان المنقسم بحاجة الى جهود موحّدة من أجل مواجهة حزب الله، ولكن كتلك التي نجحت في تحقيق ثورة الأرز عام 2005، والتي برهنت أنّ الأمر ليس بالمستحيل. أمّا المشكلة الآن فتكمن في أن عون قد أمّن الغطاء لحزب الله عندما يجب أن يكون هناك وحدة في وجه سلاح حزب الله.
وقال باسيل إنّ لبنان بحاجة إلى أن يكون موحّدا من أجل أن يكون قويّا، كما فعل مع سوريا، وكان في مصلحة الجميع ان نصل الى حلّ سلميّ لقضية حزب الله.
مقاربة إيجابيّة للرئاسة
6 - هذا الـ"عون" الألطف قال لنا إنّ "الجميع يستعدّ للعنف، ولم يتعلّموا من دروس السبعينات. أمّا أنا فبَلى، وقد عشتُها". ولهذا السبب، قال عون إنّه كان يحاول لعب دور إيجابيّ عبر المطالبة بمباحثات من دون شروط مسبقة (ملاحظة: كان هذا انتقادا واضحا لمبادرة نبيه برّي التي طالبت فريق 14 آذار بالموافقة على نصاب الثلثين الإلزامي).
أضاف عون أنّ المشكلة تكمن في انعدام الثقة بين القادة السياسيين المتناحرين في لبنان، وهو الشيء الذي حاول التيّار الوطنيّ الحرّ التغلّب عليه عبر تقديم رئيس نافذ ذي رؤية قويّة. وزعم عون أنّه شخصيّا المرشّح الأكثر شعبيّة.
7 - رفض عون تعليق السفير عندما عبّر عن شكّه بأنّ سوريا والموالين لها من السياسيّين اللبنانيّين أمثال سليمان فرنجية يدعمون ترشّحه للرئاسة، وقال: "البعض يدعمني والبعض لا يدعمني"، مضيفاً أنّ فرنجيه لديه علاقات عائلية وليس سياسيّة مع الرئيس السوريّ بشّار الأسد، وحتى نسيب لحّود كان في مرحلة معيّنة قريبا جدّا من سوريا.
- وتساءل السفير ما إذا كانت سوريا ستستغلّ تهديدات فريق 14 آذار في انتخاب الرئيس بأكثرية ساحقة كعذر لتحدّي شرعيّة الحكومة الجديدة بتشكيل حكومة ثانية والإتيان بميشال عون كرئيس للجمهورية. وباستدارة 180 درجة من تصريحاته السابقة لنا والعلنية، قال عون إنّه سبق وأبلغ ميشال المُر أنّه سيرفض المشاركة في أيّ حكومة ثانية، مضيفا "خطآن لا يصنعان صوابا" "أنا لا أستطيع انتهاك الدستور على الرغم من أنّ الآخرين قد فعلوا ذلك، وأنا لا أبحث عن السلطة بأيّ ثمن".
9 - أمّا السفير الأميركيّ، الذي أخذ بعين الاعتبار تهديدات عون السابقة باستغلال "جميع الوسائل" من أجل مواجهة رئيس الأغلبية المطلقة، سأل عون ماذا سيفعل. فأجاب متمتما "ربّما سأتظاهر، لا أعرف..." فتدخّل إبراهيم كنعان مشدّدا أن لا أحد يريد حكومة منقسمة، وإذا توافقنا يمكننا الخروج من المأزق. فردّ السفير قائلا إنّ التيّار الوطني الحرّ قد يكون لديه مشكلة في إيصال سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، نظرا الى أنّ عون لديه مشكلة مع السُنّة، ونظرا الى خطابات عون المستمرّة المناهضة للحريري. فوافق عون قائلا إنّ ذلك قد "شوّه صورته" خاصة صورة الوسيط النزيه الذي يحاول كبح جماح حزب الله.
فأشار السفير الى انّ اعتصام "مدينة الخيم" التابع للمعارضة في وسط مدينة بيروت قد زاد من حدّة النظرية القائلة إنّ المسيحيين والشيعة يجتمعون ضدّ السُنّة. (ملاحظة: اتّصل بنا جبران باسيل في اليوم التالي لإبلاغنا أنّ حزب الله يفكّر جدّيا في إزالة الخيم في نهاية هذا الاسبوع، وأنّ الحزب سيعلن ذلك خلال مسيرة يوم القدس في 5 تشرين الأوّل).
10 - أوجز عون أولويّات اهتماماته من أجل لبنان (لا يبدو أنّ مشروعه قد تغيّر كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية):
أ- إعادة تنظيم الجيش، ووضع كافّة القطع تحت إمرة قيادة مركزيّة. ب- إنشاء نظام قضائيّ أكثر استقلالاً، الذي بحسب عون هو مشلول الآن في تنفيذ سيادة القانون.
ج- الاقتصاد اللبناني.
د- بالإضافة إلى معركة عون الدائمة الحضور، محاربة الفساد.
تعليق
11 - بات عون مدركا أنّه من أجل الحفاظ على أيّ أمل في أن يصبح أفضل رئيس للبنان، فقد حان الوقت مرّة أخرى لتغيير المسار. حتى لو كان ذلك يعني الاستغناء عن حِمْل حلفائه السابقين وخصوصاً حزب الله. كما أنّ عون لا يبدي انفتاحا على فريق 14 آذار فقط، ولكنّه يلمّح الى استعداده للتخلّي عن دعمه لسلاح حزب الله كما ذُكر في وثيقة تفاهم العام 2006، ونبذ بصراحة أيّ حديث عن المشاركة في حكومة ثانية.