المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- حكومة حزب الله التي يرأسها الميقاتي تبحث عن اسم أخر لها ـ حسان القطب
الإثنين 31 كانون الثاني 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
حكومة حزب الله التي يرأسها الميقاتي تبحث عن اسم أخر لها....!!
منذ العام 2005، وحزب الله يضع العراقيل والعقبات أمام عمل الحكومات التي تعاقبت على السلطة ولم يسمح لواحدة منها بممارسة العمل السياسي والتنموي والإداري وحتى الأمني كما يجب أو بالطريقة المناسبة.. حكومة الرئيس السنيورة الأولى انسحب منها الوزراء الشيعة، واعتبرت غير ميثاقية وغير دستورية، وتم حصار السراي الحكومي من قبل حزب الله وأعوانه، وخاض لبنان حرباً مدمرة ضد إسرائيل بقرار من حزب الله ورعاته الإقليميين، خضع بعدها لبنان الرسمي والشعبي لعملية إعادة أعمار شبه شاملة وورشة بناء صعبة ذات كلفة باهظة وقاسية على الشعب اللبناني.. وسط تباين سياسي وصراع مذهبي وتحالفات إقليمية متناقضة.. وحكومة الرئيس السنيورة الثانية التي تم تشكيلها بعد جريمة السابع من أيار/مايو من عام 2008، وعقب اتفاق الدوحة مباشرةً، تعرضت حكومته لمطبات كثيرة أولها الثلث المعطل لتخريب سياسات الحكومة وفعاليتها وإنتاجيتها..وتعطيل التعيينات الإدارية في المؤسسات الحكومية.. وعقب الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في عام 2009، والتي بشّر حزب الله جمهوره بأنه سيربحها وسيضع بنتيجتها يده على الكيان والنظام .. جاءت نتائجها مخيبة للآمال بالنسبة لحزب الله ورعاته وحلفائه بعد خسارتهم المدوية لها رغم كل ما تم القيام به من قبلهم للفوز بهذه الانتخابات.. وكرد فعل على الخسارة ولتقويض نتائج الانتخابات، تمت ممارسة السياسات السابقة عينها بحق الحكومة التي ترأسها الرئيس سعد الحريري بهدف تعطيلها منذ بداية تأليفها.. ومورست خلال هذه الفترة الضغوط على وليد جنبلاط للانقلاب والتحول من ضفة إلى أخرى وهذا ما كان.. ولما فشل حزب الله في تسويق وتامين وصول مرشحه لرئاسة الحكومة وهو بالتأكيد ليس الرئيس عمر كرامي، الذي نفى بطريقة هزلية ادعاءات نصرالله، حول الأسباب الحقيقية لرفضه التكليف.. تمت تسمية الرئيس ميقاتي برغبة ورعاية سورية ومباركة إيرانية على أن يكون هناك إشراف كامل من حزب الله، على الحكومة الجديدة المقبلة وسياساتها.. وإذا كان لبنان بلد التسويات والمصالحات والخروج من الأزمات تحت عنوان لا غالب ولا مغلوب.. أي بما معناه عدم المعالجة الجدية للملفات الخلافية.. وهذا ما أشار إليه نصر الله في خطابه الأخير... في إشارة واضحة لاستعداده للتسوية غير المتكافئة بين فريق مدجج بالسلاح، وفريق لا يملك سوى رد الاتهامات عن نفسه فقط لا غير.. في خضم هذه الإشارة، أطل علينا الشيخ عفيف النابلسي ليقول:(نحن نعتبر أننا في هذه الأيام قد انتصرنا انتصارا سياسياً، لأول مرّة ننتصر انتصارا سياسياً بلعبة برلمانية )• وهذا الكلام فيه الكثير من الدلالات الواضحة على أن ما تم ممارسته سابقاً من سياسات التعطيل المنهجية التي اتبعها حزب الله مباشرةً أو عبر حلفائه وأتباعه كانت بهدف الوصول إلى هذه الحالة التي يكون فيها غالب ومغلوب بين اللبنانيين..(على قاعدة أننا حققنا انتصاراً كما يقول النابلسي). والانتصار يكون عادةً على العدو لا على الشريك في الوطن.. مهما بلغت التباينات والخلافات حادة أو متفاوتة.. بناءً على هذا التوجه رأينا أن القوى السيادية لم تشكل حكومة من طرف واحد رغم حصولها على الأكثرية، وأصرت على أن تتمثل فيها كافة القوى السياسية رغم الممارسات الشاذة وغير الموضوعية التي تمت خلال الفترة الماضية التي سبقت التكليف والتأليف... ولم تتحدث عن غالب ومغلوب على الإطلاق...!! وكلام النابلسي هذا كان قد سبقه كلام يتجانس تماماً مع ما قد سبق وأطلقه نائب حزب الله محمد رعد حين قال:(أنهم «أخطأوا الحساب مرةً أخرى فسقطوا، تجاوزنا اليوم هؤلاء وبدأنا مساراً جديداً بتأليف الحكومة الجديدة ونأمل من هذه الحكومة أن تعرف بشكل صحيح ماذا يريده الشعب اللبناني وكيف تضع البرامج لمواجهة الاستهداف.. كفانا شعارات وصراخاً وعويلاً فهذا لا يغيِّر في الواقع شيئاً ولا يعيدنا إلى الوراء، فما حصل حصل، ودخلنا في سياق جديد علَّنا نستنقذ فيه ما يمكن استنقاذه من الذين ضللوا سابقاً..).. بهذا الكلام أماط النائب رعد اللثام عن أن حزب الله ينوي أن يبقى ممارساً لسياسة التوجيه من خلف الستار ومن وراء حجب، ويتجنب بذلك تحمل المسؤولية مباشرة، ويكون بإمكانه تغيير الحكومات دون أن يكون مسؤولاً عن سياساتها وفشلها.. وذلك حين يدعو الحكومة الجديدة، لأن تعرف ماذا يريد الشعب اللبناني، وكلنا يعرف أن الشعب اللبناني يريد الاستقرار الأمني والسياسي وتعزيز الوضع الاقتصادي.. ولكن الملفت للنظر هو أن الرئيس ميقاتي هو شخص رأسمالي يعتبر من أثرياء العالم بثروة تتجاوز 6،2 مليار دولار أميركي، وعضو في عدد من المؤسسات التربوية والسياسية الدولية.. إذا هو ليس رئيس قادم من حزب مقاوم ولا من مجموعة عانت وعاشت الظروف المعيشية القاسية حتى نتوقع منه سياسات اقتصادية غير عادية تلامس هموم الناس ومعاناتها وإذا كان حزب الله يتهم الرئيس الحريري بتوزيع المساعدات على المواطنين اللبنانيين، فهي السياسة عينها التي يتبعها الرئيس الميقاتي وحزب الله ايضاً.. إذا المطلوب هو:
- تأكيد سياسة الغالب والمغلوب على الساحة السياسية اللبنانية بمجرد تغيير الواجهة السنية في الحكومة ونقلها من الحريري، الذي يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين إلى الميقاتي، الذي يملك قاعدة شعبية محدودة ولكن تربطه علاقات جيدة مع النظام السوري..
- إحداث شرخ ضمن الطائفة السنية على خلفية الصراع على تبوأ الرئاسة الثالثة..
- إضعاف قوى الرابع عشر من آذار/مارس..وتفكيك صفوفها..
- تسريع التوظيف في مؤسسات الدولة العامة الشاغرة منذ سنوات بسبب إصرار حزب الله وحركة أمل على إعاقة التعيينات وإفراغ الإدارات من الموظفين في الفترة السابقة وصولاً لهذه المرحلة المناسبة وكان بيان حركة أمل واضحاً بهذا الخصوص..
- الطلب من الميقاتي إلغاء ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية على أمل إنقاذ حزب الله وسوريا من تداعيات القرار الإتهامي الذي سيصدر قريباً أو على الأقل تأخير مفاعيله.
- وضع المجتمع اللبناني برمته في مواجهة المجتمع الدولي ومؤسساته وذلك حين يتم رفض القرار الإتهامي من قبل الحكومة التي يقودها حزب الله برئاسة الميقاتي، حتى لا يكون حزب الله وحده في هذه المواجهة، وهذا ما أكده ممثل النظام السوري في كتلة بري النيابية حين يقول..قاسم هاشم في كلمة أمام وفود زارته: إن «المطلوب الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وطني، في ظل ما يتعرض له لبنان من مؤامرات وتحديات وما يحاك له في كواليس السياسة الدولية»..
هذه الحكومة هي صناعة الحلف الإقليمي يرعاها ويقودها حزب الله، والمطلوب إطلاق تسمية معينة على هذه الحكومة تمحي من ذهن المواطنين أنها حكومة حزب الله، والتناقض في توصيف دور هذه الحكومة وواجباتها ومهماتها في المرحلة المقبلة تكشف زيف الادعاءات التي تطلق عن فشل الحكومات السابقة في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبات من الواضح أن هذه الحكومة سيكون دورها فقط إلغاء ارتباط لبنان بالمحكمة ومنع تنفيذ حكم العدالة بالمجرمين الذين ارتكبوا جرائم الاغتيال.. ولهذا لا يريد حزب الله لهذه الحكومة أن تكون حكومته لأنها لن تستطيع معالجة شؤون الناس الحياتية والمعيشية..
لذلك نهيب بالرئيس ميقاتي وهو الذي ينقل عن أوساطه في أكثر من مناسبة سابقة، عن أن المنطقة العربية تتعرض لهجمة فارسية خطيرة... أن لا يكون جزءاً من هذه الهجمة وان لا يكون رأس حربتها، أو الغطاء الرسمي لها، مهما كانت الأسباب والظروف.. وعليه أن يعرف أنه مهما كان اسم الحكومة المقبلة أو عنوانها سيبقى راسخاً في أذهاننا ومحفوراً في صدورنا أن حزب الله قد نفذ انقلاباً سياسياً بأدوات غير سياسية..؟؟.. وانه صاحب وسيد هذه الحكومة، وسننظر إليها دائما على أنها حكومة الأمر الواقع التي هدف البعض من خلال تركيبها تثبيت سياسة الغالب والمغلوب على الساحة اللبنانية..
حسان القطب