المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات-الحاخام مارك غوبن لـ «الراي»: أحبطنا مخطط بوش وتشيني لتغيير النظام في سورية- حسان القطب
الإثنين 24 -1- 2011
الحاخام مارك غوبن لـ «الراي»: أحبطنا مخطط بوش وتشيني لتغيير النظام
في سورية
المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية
القدس - من زكي أبوالحلاوة ومحمد أبوخضير
يؤمن مدير مركز «الدين والديبلوماسية وتسوية النزاعات» (CRDC) في جامعة «جورج ميسون» الاميركية، الحاخام اليهودي مارك غوبن، ان «من خلال الحوار بين الاديان يمكن نزع فتيل الازمات والحروب بين الولايات المتحدة وسورية»،موضحا انه من خلال هذا التوجه نحاول بأمل تعزيز مسار السلام السوري - الاسرائيلي».
وكشف الحاخام في حديث خاص لـ «الراي» عن زيارة قام بها الاسبوع الماضي لدمشق، التقى خلالها السيدة الاولى في سورية أسماء الاسد في القصر الرئاسي لمدة ساعتين، واصفا اياها بانها «احدى الشخصيات المهمة التي تقوم بقيادة وتنفيذ اجراءات اصلاحية جذرية»، مضيفا انه قام ايضا بالاجتماع مع نائب رئيس الوزراء السوري، وهو احدى الشخصيات التي تقوم بقيادة برنامج اصلاحات في سورية».
وقال غوبن ان «السيدة الاولى شخصية لامعة ورائعة فعلت الكثير من البرامج الهادفة من اجل الشباب والعديد من البرامج الاقتصادية التي تم تطبيقها، ورعايتها كانت ناجحة لإيجاد اشغال للعاطلين وتأهيل شريحة كبيرة من الشباب في سورية، فالنساء والتطور هو الجوهر والاساس الذي يحتاجه المجتمع العربي وكلما بعدنا عن النموذج التونسي الكارثي، أعتقد انه يمكن احداث التغيير نحو الافضل».
واضاف غوبن، الذي يزور اسرائيل والاراضي الفلسطينية ضمن وفد اميركي من رجال دين مسلمين ويهود ومسيحيين: «أمضيت 7 سنوات في الذهاب الى سورية كمواطن ديبلوماسي لكنني اليوم اقوم بتنظيم محاضرات عدة في الصفوف التي احدثتها في سورية حيث تتمحور المحاضرات في الصفوف في التعبير عن التضامن بين سورية والولايات المتحدة».
وتابع: «كنت قلقا من السياسة الاميركية والعلاقات المتبعة من قبل الرئيس السابق جورج بوش ونائبه ديك تشيني مع سورية حيث تدهورت العلاقات، وارادا تغيير النظام في سورية... ونحن من جهتنا، ادركنا ان تغيير النظام سيؤدي الى كارثة لا تحمد عقباها خصوصا تجاه السوريين، وقمنا باحباط هذا المخطط من خلال احاطة القيادة السورية بالدلائل والقرائن حول نية بوش وتشيني، والقيادة السورية من جهتها قامت بتكريمنا في مكتبة الاسد».
واكد انه «خلال المداولات التي اجريناها مع السوريين وقيادتهم كانوا على الدوام يؤكدون انهم يريدون تحقيق السلام من خلال اتفاق مرض، وانهم ليسوا الطرف الذي انسحب من المفاوضات».
وقال: «قالوا ان الاميركيين والاسرائيليين هم الذين لم يستطيعوا قول «نعم» للانسحاب... وغيرها، وبصفتي حاخاما قمت بنقل الرسائل ما بين الاطراف كما انني ظهرت في برامج عدة على شاشة التلفزيون السوري بصحبة مفتي سورية العام (أحمد حسون)، واتذكر انه خلال العام 2006 ابان اشتعال الحرب العراقية كان للجانب السوري مليونا من اللاجئين العراقيين، وذهبت كذلك الى المسجد في حلب ورأيت الناجين من الاسرى والمساجين الذين تم تعذيبهم في معتقل ابو غريب وقمت بدوري بالاعتذار لهم باسم الشعب الاميركي ولهذا الشأن تأثير كبير في صفوفهم».
واوضح انه «كان واضحا جدا خلال المقابلات التي اجريتها في سورية حيث كنت انادي بالحل الشامل اي ليس فقط بانجاح واعادة تنشيط المسار السوري - الاسرائيلي، بل كذلك تنشيط وتعزيز المسار الفلسطيني - الاسرائيلي حيث ان الامر كما اسلفت يجب ان يكون شاملا، فانت لا تستطيع التركيز فقط على مسار واهمال المسار الآخر».
واشار الى انه بصفته حاخاما يهوديا فقد تعرض للهجوم «كصهيوني» خصوصا خلال البرامج العديدة التي شارك فيها مع رجالات الدولة كما ان المسؤولين الذين خاض معهم الحوارات لم يتطرقوا لحقوق الفلسطينيين، وقال: «قمت مرارا وتكررا بالحديث عن القضية الفلسطينية وابعادها وتداعياتها المختلفة، ففي سورية هناك شعور عميق لفكرة العروبة، والفلسطينيون هم جزء لا يتجزأ من النضال العربي وبودّي مساعدتهم وابعادهم عن هذا المسار العروبي القومي».
واضاف: «قابلت العديد من الفلسطينيين الموجودين في سورية وانني بحاجة لإحاطة السوريين بان الفلسطينيين موجودون ولهم قضية وهوية وانه ستقوم دولة فلسطين خاصة بهم وتعتني بشؤونهم وان استرجاع السوريين لهضبة الجولان هو امر طبيعي كما انهم من الجناح والحرس اليميني الذي يرى ان كل تلك الاراضي والهضبة لسورية».
وقال: «انتم تعلمون ان اول اجراء فلسطيني للاستقلال في العام 1920 كان سوريا وهم ما زالوا يحلمون بذلك بان الاراضي هي سورية، نحن نريد تقوية معسكر المعتدلين عندهم، واؤكد ان هؤلاء يمثلون فقط الجناح اليميني لكننا قمنا باحاطتهم علما بان السلام يجب ان يكون اقليميا في سورية واسرائيل وفلسطين، لذلك يجب تقوية معسكر المعتدلين في صفوف السوريين لإحداث التغيير وهذا ما نسعى ونناضل من اجله».
وعما اذا كان التقى الرئيس بشار الاسد، اوضح: «لم اقابل الدكتور بشار الاسد... ومن المهم لي الاستمرار بالعمل على نطاق الشعب وفئاته المختلفة، ولا أريد أن اظهر على ان هدفي هو مقابلة القيادات، فانا حريص على العمل وأحاول أن أحظى باحترام الشعبين الفلسطيني والسوري، ولا اريد ان اكون احد الاشخاص الاميركيين الذين يريدون السفر بغية اخذ الصور التذكارية مع الاسد. لا اهتم بمثل هذه الديبلوماسية».
وعما اذا كان يعتقد بان السلام ممكن ان يتحقق بين سورية واسرائيل، رد: «بالطبع، الكثير من كلا الشعبين يريدون السلام، لكن المشكلة تكمن في انهم لا يثقون ببعضهم البعض... اعرف ان الرؤساء في اسرائيل وسورية يمكن ان يتكلمون بصورة مختلفة لكنهم هم الذين يقررون الرجوع الى الشعب».
واضاف: «لا أتفق مع الطريقة التي جرى فيها ابرام اتفاق اوسلو من خلال الديبلوماسية السرية حيث مثل هذه الديبلوماسية تجعل الشعوب غاضبة من بعضها وعند الانتهاء منها تعلمهم بالاتفاق وهذه الطريقة برأيي مثل السراب وغير ناجحة».
ورأى انه لا يؤمن «بمثل هذه الطريقة، فالشعب يجب تهيئته لمثل هذا السلام، وان يكون جزءا من الحل والشعب يجب ان يكون ذا احساس وشعور ديني... يهود تجاه الفلسطينيين مثلا، وكذلك العكس، فعلى الاسرائيليين واليهود ان يحترموا على نحو عميق لقضية اللاجئين وتشتتهم في انحاء العالم».
وعبر عن الأمل في «ايجاد حل عادل لكلا الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني يأخذ في الاعتبار التوصل الى اتفاق بخصوص اللاجئين والكرامة الوطنية والمساواة وتبادل للاراضي وغيرها وعلى الاسرائيليين التحرك في هذا الاتجاه، الشعب الفلسطيني يريد اقامة دولته المستقلة الى جانب اسرائيل».
واتفق على ان المستوطنات «تشكل العقبة امام ابرام اي سلام، فمنذ التسعينات، لم تكن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة جادة، بل افضت الى مخالفات وخروقات واسعة تجاه الفلسطينيين من الاستيلاء على اراضيهم الى عمليات القتل في الانتفاضة الاولى. كما ان حركة حماس بتنفيذها عمليات التفجير اضرت بصورة كبيرة بعدالة القضية الفلسطينية، ثم جاء بناء الجدار العازل ليزيد من معاناة الشعب الفلسطيني في اراضيه من خلال تشديد القبضة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم وفصلهم.
هذه السياسة هي التي أدت الى حدوث العمليات الاستشهادية وكذلك احداث مفاهيم هدامة كارثية في صفوف الاسرائيليين تجاه الفلسطينيين. احدى الكوارث الاسرائيلية تكمن بشن الحرب على غزة وعلى لبنان، كما ان العمليات الاستشهادية زادت من مشاعر الحقد والكراهية والعنصرية والعنف تجاه الفلسطينيين».
وتابع: «حتى ان حلفاء اسرائيل في الخارج يتساقطون ويتخلون عن اسرائيل... حتى المجتمع الاميركي اليهودي ولم يبق غير المتدينين اليهود، وهم يقومون بزيادة النفور والبغضاء تجاه الاسرائيليين. انا لا اقول ذلك لان تختفي دولة اسرائيل، انني على العكس لا أريد ان تعاني».
وقال ان «بهذه الطريقة التي تقود بها الحكومة اسرائيل لن تكون دولة في صفوف أمم العالم، واؤكد ان طريقة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان لن تؤدي الا للمزيد من العزلة والكراهية من قبل دول العالم تجاه اسرائيل. لن تكون دولة مثل بورما، وانما ستكون دولة مذلة بهذه الصورة وهذا ليس الصراع الذي خاضه اليهود منذ 2000 سنة».
واضاف: «اعتقد على العكس ان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ينتهج سياسة معتدلة ستفضي مع الوقت الى احترام قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، فياض يصرح مرارا وتكرارا بانه يريد ايجاد عمل للفقراء الفلسطينيين والدولة لا محالة ستنشأ من منطلق قوة وعلى قاعدة شعبية واسعة».
واعرب عن يقينه بان دول العالم «ستعترف آجلا ام عاجلا بالدولة الفلسطينية في حدود العام 1967 حتى انهم في صفوف حزب ليكود يتكلمون عن هذا الانسحاب الى حدود 1967... انني اعتقد ان استراتيجية بناء دولة من خلال عدم العنف والمقاومة السلمية ناجحة جدا، واعرف الشعب اليهودي، لا يريد عنفاً، يريد حلا سلمياً مع الشعب الفلسطيني.
انني متفائل جدا باليهود الاميركيين الذين يؤيدون ايجاد حل عادل مع الشعب الفلسطيني».
ورأى غوبن ان «هناك حاجة الى الضغط نحو ايجاد تسوية عادلة سلمية ما بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وكلا الطرفين بحاجة لبعضهما البعض علينا خلق حقائق على الارض لإحداث التغيير، واعتقد ان السيدة الاولى في سورية تحدث التغيير، كما ان الدكتور فياض يحدث التغيير على الارض في فلسطين من خلال رعايته وتنفيذه للمشاريع العديدة لنهضة ونمو الشعب الفلسطيني.
نحن من خلال المشاريع التي نقوم بتنفيذها نستثمر في شريحة الفقراء... نريد بناء السلام من الصفر».
وعن وضع الجالية اليهودية في سورية، قال: «لم يبق من الجالية كثيرا... صليت مع افراد من الجالية في احد الكنيس وهم يتمتعون بمستوى معيشي كبير. وعندما أكون هناك، لا أثير موضوعهم لانهم يعيشون حياة مرضية ورويدا رويدا، سورية تحاول بناء علاقات افضل مع المجتمع اليهودي الاميركي في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، وزرت الكنيس اليهودي في البلدة القديمة في دمشق وجرى عليه ترميمات وتعميرات حديثة».
وعن علاقات اسرائيل مع تركيا، اوضح ان «النموذج التركي الحالي صدم الاسرائيليين... وتركيا لا تريد اسرائيل خصوصا جمهور الاسلاميين في بناء نهضة بلادهم بمعنى ان النموذج الاسلامي التركي يذهل الجميع وعلى رأسهم اسرائيل».
من جهة ثانية، اكد الحاخام انه يعارض سياسة تقوية «حزب الله» في لبنان على حساب بقية الاحزاب الاخرى، «فهذه سياسة غير حكيمة ولا اعرف اين سيقود النظام الايراني لبنان، فانظروا ما حدث في لبنان والمحكمة الدولية وتداعياتها. هذه السياسة هي سياسة غير حكيمة تقودها ايران في المنطقة خصوصا في سورية ولبنان، لكن المسؤولين واعون لهذه السياسة وهم يريدون ابرام سلام ولا يريدون حروباً اخرى».
وتابع: «علينا بذل المزيد من الجهود لإخراج الجانب السوري من صورة المدافع عن حركة حماس ليكون افضل وسيط بين حركتي فتح وحماس، وان يلعب دورا في تحقيق المصالحة بين الحركتين كما يفعل السعوديون في تذليل المشاكل والعقبات».
حسان القطب