المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات-الحريات السياسية والإعلامية في لبنان مستهدفة تحت شعار حماية المقاومة- حسان القطب
الإثنين 21 شباط 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
الحريات السياسية والإعلامية في لبنان مستهدفة
تحت شعار حماية المقاومة....
مشهد الانتفاض العربي المضرج بالدماء، والممتد من المحيط إلى الخليج دون استثناء، إلى جانب الانتفاضة المباركة للشعب الإيراني، ضد سياسات الظلم والقهر والتجويع وكبت الحريات ولجم الأصوات وكمّ الأفواه، لم يتعلم منه حزب الله والمجموعات التابعة له شيء مطلقاً إلى الآن، ولا زال هذا الفريق يتعاطى مع الواقع اللبناني المركب والمعقد، بفوقية وعنجهية تستند إلى قدرة ميليشياته وسلاحها على الانتشار والتهديد، والعمل على إطلاق ألسن مجموعاته الإعلامية في وجه كل من يعترض أو يعبر عن وجهة نظره أو عن موقفه و قناعاته.. سواء من موقعه كمواطن أو بصفته مسؤول.. على سبيل المثال مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان أعلن عن موقفه من موقعه المسؤول فقال.(«نحن أهل السنة والجماعة حريصون على أهلنا ووطنيتنا ولبنانيتنا وعروبتنا وعلى مقاومتنا وعلى كل الحقوق الوطنية، ونحذر من أن التمادي في سياسة التجاهل الأنفة الذكر ستؤدي إلى خراب لبنان وخراب البصرة. إن طائفتنا تتكلم باسمنا وليست بحاجة إلى مجنون أو معتوه ليتكلم باسمها...طائفتنا لها أم وأب ومرجعية تتكلم باسمها فلماذا الإصرار على زجنا في أتون الصراعات؟»)...فأطلقت بوجهه حملات إعلامية، وسياسية معروفة التوجه، لأن المطلوب هو أن نخاف جميعاً من أن نتكلم ومن أن نعلن مواقفنا السياسية أو أن نعبر عن رأينا، وحتى من أن نحتفل بمناسباتنا الدينية والوطنية..بحرية وبكرامة وعزة..والأبواق التي انبرت لتهاجم وتستنكر هذا الكلام وهذا التصريح، هي نفسها التي اندفعت لتهاجم سماحة مفتي الجمهورية والبيان الصادر عن دار الفتوى بحضور السياسيين والمفتين والمجلس الشرعي الأعلى، الذي حدد مضمونه ثوابت وطنية ولبنانية لا يرقى إليها الجدال وهي بالتأكيد ليست طائفية، لذا جاء التهجم على صاحب السماحة والحاضرين خارج إطار مضمون البيان الوثيقة..كما جاء التهجم الحالي ليستهدف مفتي صيدا وأقضيتها في سياق بعيد عن مضمون كلمته وأهدافها..وهذا الفريق عينه الذي طالب مفتي الجمهورية والمجلس الشرعي الأعلى بعدم التدخل في الشؤون السياسية..تجاهل البيان الذي أطلقه المجلس الشيعي الأعلى توجهات أكثر من نصف اللبنانيين حين( دعا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى "الإسراع في تشكيل حكومة وطنية يؤكد بيانها الوزاري على الثوابت الوطنية في التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة بما يحفظ منعة لبنان واستقراره وسيادته، واعتبر أنّ "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الفاقدة للشرعية الدستورية والوطنية تحولت إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية بدل كشف الحقيقة، فما ظهر من تسريبات حول القرار الظني المعروف سلفاً، والوقائع المثبتة في ملف "شهور الزور"، يؤكد أنَّ المحكمة مسيسة، وتستهدف لبنان ومقاومته". وإذ أكد أنَّ "المحكمة لاغية بالنسبة إليه"، دعا المجلس إلى "رفض أي تعاون معها لما تشكله من تجاوز للدولة والدستور والشعب").
نحن نرى أن من حق المجلس الشيعي الأعلى أن يتخذ القرار السياسي أو الموقف الذي يريده ولكنه لن يكون ملزماً لنا نحن الشريحة الواسعة من اللبنانيين..لأن من حقنا أن نعرف من يقتلنا ومن يستهدفنا ومن يعرقل شؤون حياتنا، ومن يحاول وضع يده على لبنان الكيان والوطن والشعب وعلى المقاومة وتاريخها..؟؟ فالتناقض في خطاب وممارسات هذا الفريق متعددة وفاضحة في آن معاً تماماً كما نرى في غياب التعاطي مع بيان المجلس الشيعي الأعلى.. فوزير حزب الله محمد فنيش يقول: ("ما الذي تغير ليرفض البعض معادلة الشعب والجيش والمقاومة التي وافقوا عليها سابقاً في البيان الوزاري "، مشدداً على "أننا نملك المرونة في السياسة لكن للمرونة حدوداً).. التساؤل في مكانه ما الذي تغير..؟؟ ألم يلحظ الوزير فنيش، أن سلاح حزب الله الذي استعمل في السابع من أيار/مايو، من عام 2008، في شوارع بيروت.. وفي أزقة بيروت خلال شهر رمضان المبارك الفائت في وجه جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية..؟؟ والانتشار باللباس الأسود الذي برز في شوارع بيروت قبل بدء الاستشارات الملزمة لتكليف رئيس وزراء عقب استقالة الحكومة..؟؟ وحلفاؤه الذين يهددون الداخل اللبناني بسلاح حزب الله كل يوم..؟؟ والحوادث الفردية كثيرة وأكثر من أن تعد وتحصى..؟؟أليست هذه الممارسات كافية ليدرك الجميع أو على الأقل أن نصل إلى قناعة مشتركة أن هذا السلاح المنتشر دون رعاية أو عناية أو ضبط، قد خرج عن السيطرة أو عن الأهداف الأساسية التي من اجلها تم إنشاء المقاومة..؟؟ رغم ان التحرير وجهته واحدة والدفاع عن لبنان طريقه محدد وواضح..وبالتأكيد على خطوط المواجهة الجنوبية وليس في الداخل..؟؟ في الحقيقة هذا كله كافٍ ليكون مدعاةً للتغيير..!!ولكنه نسي أن يسأل نفسه وحزبه ما الذي تغير حتى أعلن حزب الله، ونبيه بري، والمجلس الشيعي الأعلى، رفضهم المحكمة الدولية، وهم كانوا قد وافقوا عليها.. على طاولة الحوار..؟؟ أم أن المطلوب أن لا نعرف من ارتكب الجرائم وهدد وحدة الوطن والسلم الأهلي والعيش المشترك..؟؟ وبما أن للمرونة حدوداً كما يقول الوزير فنيش، واستكمالاً للممارسات الديكتاتورية والتوجهات الفوقية التي تسعى لمنع العمل السياسي، وإلغاء حرية التعبير، انبرى الناطق الرسمي باسم حزب الله وئام وهاب ليطالب بإحالة من يهاجم سلاح حزب الله بالإحالة على القضاء...؟؟
من الواضح أن لبنان يواجه مرحلة صعبة وخطيرة للغاية والتجاذب والتراشق السياسي عبر البيانات المتناقضة التي تحمل طابعاً أو عنواناً دينياً، تفاقم من الانقسام الداخلي العامودي بين شرائح المواطنين اللبنانيين ومكونات الكيان اللبناني.. واستغراق البعض في جمع جمهوره وحشده في مناسبات دينية وتعبئته بالمواقف السياسية المستندة إلى تعاليم دينية يزيد من حدة الخلاف والشقاق..كما أن اندفاع بعض المكونات اللبنانية إلى تأييد مظاهرة هنا أو هناك..كما ورد في بيان المجلس الشيعي الأعلى حين أيد مظاهرات البحرين وتجاهل انتفاضة طهران..وبارك ما يجري في ليبيا، ولم يلحظ ما تعانيه الأقليات الإيرانية والمواطنين الأكراد في سوريا..حين قال في بيانه.. (واستنكر المجلس "التعرض للمتظاهرين في البحرين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة في تطوير نظامهم السياسي بما يحقق العدالة والمساواة"، مؤكدا "أهمية الاستجابة إلى مطالب الشعب بما يصون وحدته وحريته")...ماذا عن الحقوق المشروعة لتلك الأقليات أيضاً..لماذا تم تجاهلها في هذا البيان، وإذا كانت ثورة الشعب الليبي والبحريني مشروعة فكذلك فإن ثورة الشعب الإيراني مشروعةً أيضا..؟؟
خلاصة ما تقدم مما ورد في تصريحات قادة حزب الله والمكونات التابعة له، فإنها في مجملها تهيئ، لسلسلة إجراءات تستهدف الحريات العامة، إلى حرية التعبير والإعلام والتصريح، وإلى ترهيب أصحاب المواقع الرسمية من دينية وغير دينية، لحثها على الصمت تحت طائلة التشهير، والاستهداف بأقسى العبارات غير المسؤولة وغير الموضوعية، إضافةً على استعمال المنطق الأحب على قلوب هؤلاء وهو منطق التخوين وفتح ملفات الحرب الأهلية.. وهذا ما يؤكد أن هؤلاء القوم لم يتعلموا ولم يستفيدوا مما جرى ويجري في الدول العربية ودولة إيران من انتفاضات ضد الأنظمة المسلحة بالمخابرات والميليشيات والجيوش، حين هبت الشعوب تهتف مطالبة بالحرية والديمقراطية وانتصرت..وقادة الظلم والتهديد في لبنان لن يكونوا استثناء وسلاحهم لن يحميهم من غضبة الشعب التواق للحرية والديمقراطية والعدالة مهما استصدروا من بيانات وتصريحات..
حسان القطب