بداية مشروع البِنى التحتيّة إلى ضرورة إجراء
نستطيع الآن أن نؤكد علمياً أنّ هناك استمرارية ، ولكنني أتوقع ذلك ، مثل جبيل وبيروت . لقد تبيّن لنا في بيروت وجود الاستمراريّة : ظهر لنا العصر النيوليتي ، والعصر البرونز القديم والبرونز الوسيط والعصر الحديث ، وبعد ذلك العصر الحديديّ ، ومن ثمّ العصر الرومانيّ والبيزنطيّ ... فمنذ تلك العصور المتعاقبة ، بيروت لا تزال مدينة آهلة بالسكان. لقد ظهرت لنا مفاجآت أثناء الحفريات، فاجأتنا كثيراً وغيّرت معلوماتنا . ولكن بالنسبة إلى عمر المدينة بيروت لم نفاجأ أيداً .
من هنا أدعو اليوم ، كما أعلنا ذلك بالنسبة لبيروت في بداية مشروع البِنى التحتيّة ، إلى ضرورة إجراء حفريات أثريّة منظّمة واستباق أيّ عمل إعماريّ ، مهما كان المشروع ، سواءً كنّا مع هذا المشروع أو ضدّ هذا المشروع ، من المفروض أن تجريَ عمليات الحفر وأن تكون منظّمة من قِبل علماء الآثار . أقول ذلك وبقلب محروق ، لأنّ ذلك لم يحصل في بيروت ولم يتمّ إطلاقاً . فأتمنّى أن يتشكّل في صيدا قوة ضاغطة تقف في وجه تنظيف صيدا من الآثار . تجري الآن عملية تنظيف المدن من الآثار ... لأنّ مصدر القرار في لبنان هو ذاته . أي أنّ المصدر الذي قرّر كبّ آثار بيروت ورميها في مكبّ النورمانديّ ، هو ذاته الذي سيقرر مصير آثار صيدا ... غيرنا ربّما يستعمل كلمة " الحيتان " (الوزير وليد جنبلاط)، ولكنّني أنا أفضَّل استعمال تعبير : " مصدر القرار "، هذا أفضل ... فمصدر القرار هو ذاته . من هنا الخوف الكبير على آثـار صيدا ومستقبل صيدا