فلسفة الجمال بين التراث والحداثة - جوزيف أبو رزق
محاضرات /
فنية /
1993-05-10
التاريخ في 10 أيار 1993
دعا المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، أول أمس، أستاذ مادة الجماليات في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة جوزيف أبو رزق، إلى إلقاء محاضرة، في قاعة محاضراته، وموضوعها: "فلسفة الجمال بين التراث والحداثة". قدّم المحاضر وأدار الجلسة الفنان التشكيلي جمال المعلوف.
استهل جوزيف أبو رزق كلمته بالإشارة إلى أنه "في هذه الحقبة" من التاريخ، يبرز التراث الفني، للخروج من الفراغ، وكأنه خسبة خلاص، وصرخة في وجه العابثين به، واصطراع صاخب بين الداعين إلى الالتزام به وبين المندفعين وراء الحداثة.
واعتبر المحاضر: "أن التراث الفني ليس بالشىء الجامد ولا هو نتاج فنان واحد أو تكرار آلي لموضوع واحد، بأسلوب واحد، بل هو شىء متحرك، حيّ متطور، يمثل حصيلة ما أبدعته أجيال متتالية من الفنانين".
ورأى أبو رزق أن ماهية الفن وخصائصه مرتبط بحاجات الإنسان الوجودية، لا بحاجاته الحياتية، ذلك أن الفنون على اختلافها تهدف إلى انتزاع الأشياء من واقعها المادي الموضوعي لتحولها إلى صورة تختلف في جوهرها عن الأشياء التي تمثلها أو ترمز إليها. فمجرد استهداف الفن، تبديد الواقع المادي الموضوعي، معناه أنه يخضع إلى حاجات تختلف عن الحاجات الحياتية.
وهنا يميز المحاضر بين الحاجات الحياتية وهي الواقع المادي الموضوعي وبين الحاجات الوجودية التي تقرر مسار الفن وأسلوبه ومضمونه. وهذه الحاجات الوجودية ينظر إليها أبو رزق في ضوء الحقائق التالية: الحقيقة الأولى هي أن الوجود أسمى ما حققه المركب البشري من إنجازات. والحقيقة الثانية هي أن الوعي الذي حوّل العلاقات الشعورية إلى علاقات اصطلاحية وحوّل الأشياء المتنازع عليها إلى موضوعات، لم يلبث أن حجّر العلاقات الشعورية وأفقدها فعاليتها وهدّد الإنسان بخطر العودة إلى العدم والحقيقة الثالثة هي أن الفن مدعو إلى إنقاذ العلاقات الشعورية وترميمها وملزم أن يقصر عمله على ملء الفراغ الذي يحدثه الوعي. وختم المحاضر قائلاً بأن العمل الذي يثير فينا الطبعة الجمالية الفعلية، يصبح جزءاً من تراثنا، أما الأعمال الفنية التي تبعث فينا الدهشة دون أن تحرك أحاسيسنا الجمالية، فهي أعمال خارجة عن تراثنا.