المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - مخلوف يكشف حقيقة حلف المخادعة لا الممانعة..؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-05-13
الجمعة 13 أيار 2011
مخلوف يكشف حقيقة حلف المخادعة لا الممانعة..؟؟
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب
خلال عقد التسعينات من القرن الماضي نشرت إحدى المؤسسات الإعلامية الدولية تقريراً قالت ما معناه، أن النظام السوري والذي كان يحكمه الأسد الأب حينذاك، لن يتخلى عن قانون الطوارئ، وبالتالي لن يوقّع اتفاقية سلام مع إسرائيل، لأن من مصلحته إبقاء حالة اللاحرب واللاسلم بين سوريا وإسرائيل، وذلك بهدف أبقاء البلاد تحت السلطة العسكرية التي يقودها الأسد الأب مستنداً لدعم طائفته العلوية، المسيطرة على المراكز العليا في الهيكلية الإدارية للدولة والقيادية في الجيش السوري، وبذلك تبقى الطائفة السنية الأكبر في سوريا ضمن السيطرة السياسية والأمنية، ويبقى لها أن تلعب دوراً اقتصاديا واجتماعياً فقط، تحت إشراف الأقلية العلوية ورعايتها وسيطرتها، وبالتالي فإن الحديث عن حرب سورية – إسرائيلية، محتملة لتحرير الجولان وفلسطين والأمة العربية، هو محض خيال، وسيناريو غير واقعي، بل هو غير منطقي.. ومرت الأيام واستلم الأسد الابن، فحافظ على هذا الواقع دون تغيير يذكر، فتبنى شعارات المقاومة والممانعة لكن دون ممارسة حقيقية ودون تقديم تضحيات على الإطلاق، وتابع ربط نفسه بتحالفات مع حزب الله وإيران وحركة حماس وبعض القوى الفلسطينية الضعيفة، لتعطيه حضوراً سياسياً أمام المجتمع الدولي، وتبرزه لاعباً إقليمياً في محيطه وقادر على ضبط أداء هذه المجموعات في حال طلب منه ذلك، وقدم نفسه أنه بإمكانه أن يكون وسيط مقبول لدى إيران وبطلب من الغرب في حال طلب منه ذلك..وفي تقديره أن هذا الدور يساعده في أن يتجاوز مشاكله الداخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تحت عنوان مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض ودعم حركات المقاومة، والتذرع أمام شعبه بما يسببه ذلك من تعرض للعقوبات ومواجهة التحديات والضغوطات. لكنه في حقيقة الأمر كان يستثمر هذه العلاقات في الداخل لضبط الواقع السياسي والاجتماعي وليبرر سيطرة عائلته وجمهوره وطائفته على السلطة في سوريا.. مع إتباع سياسة ترهيب الأقليات من حضور الأكثرية السنية لتبقى إلى جانبه من خلال المشهد العراقي الخطير والمتفجر والفوضوي، ومع العلم أن المسؤول عن هذا الواقع إلى جانب الإدارة الأميركية، هو النظام الإيراني الذي كان ولا يزال يدعم الميليشيات المتطرفة..(ميليشيا بدر وجيش المهدي) التي تبطش بأهل السنة والمسيحيين في العراق، والقوى المتطرفة التي انطلقت من سوريا وبرعايتها، لتنفذ عمليات عسكرية ضد الأميركيين ولكنها طالت أيضاً معظم شرائح المجتمع العراقي، ودون تمييز..هذا المشهد الدامي والفوضوي المستمر في العراق استثمر النظام السوري نتائجه وتداعياته على الساحة السورية واللبنانية وغيرهما أيضاً، في محاولةٍ منه لترهيب كما لطمأنة الأقليات في منطقة الشرق ولإقناعها بأنه هو أي النظام السوري ضمانة استمرارها بأمان وعلة بقائها بخير، وان مصيرها مرتبط بمصيره ووجودها مرهون بسيطرته على السلطة في سوريا..لذا رأينا أن ما قاله رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام: ( إن أحداث سوريا شكلت الهمّ الأول في اللقاء حيث وجود أكبر أبرشيات السريان في العالم على أرضها، ولاحتضان عاصمتها دمشق مقر البطريركية، مؤكداً أن أمن واستقرار سوريا أولوية مطلقة، أما توق الشعب السوري إلى تغييرات تصب في انفتاح سياسي وثقافي وإعلامي وحزبي وحريات، فهذا ما نتمناه للدولة الشقيقة في حركتها)•.. هذا الكلام يصب في مصلحة النظام الحاكم في سوريا ولكنه في الوقت عينه يؤجج مشاعر الغضب لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب السوري..؟؟ لأن الأمن والحرية كانت ولا زالت مفقودة في سوريا بحضور هذا النظام في السلطة منذ 50 عاماً، ولا يمكن أن يكون هذا النظام الآن ضمانة الاستقرار وهو من يبني سلطته على تطبيق سياسة القمع والقتل والاعتقال ومنع الحريات..؟؟ وتحريض المجموعات والدينية ضد بعضها البعض..!! ولو كان هذا النظام حريصاً على الأقليات ومصالحها ورعاية شؤونها، فلماذا لم يعط الأقلية الكردية حق الجنسية إلا بعد التحرك الشعبي الأخير في شهر آذار/مارس..؟؟ ولماذا اضطهد المسيحيين في لبنان منذ العام 1975.. وموقف حبيب افرام هذا قابله موقف أخر من وليد جنبلاط زعيم الطائفة الدرزية في لبنان حين قال: (في مقابلة مع موقع <الانتقاد> الالكتروني القريب من <حزب الله> مؤكداً: (في الوقت الذي تمر فيه سوريا بأزمة، لا بدّ من تحصين الخاصرة السورية في لبنان بتشكيل سريع للحكومة، مشدداً على أن سوريا مفصل أساسي للاستقرار في المنطقة، فهي باب السلم والحرب)... أي حرب أو سلمٍ يتحدث عنهما وليد جنبلاط وهو كان قد اتهم نظام سوريا بالكثير الكثير..؟؟؟
إذاً سياسة التهويل والتخويف والترهيب هي هادفة يسعى من خلالها النظام لحماية حضوره بجمع الخائفين والمترددين من حوله ليبطش بشعبه ويستمر في سلطته..والكلام الذي كان يطلق منذ عقود عن أن إسرائيل تريد أن تحمي كيانها بزرع كيانات طائفية ومذهبية من حولها أكده ما قاله ابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف بالأمس في حوار استمر لأكثر من ثلاث ساعات، حيث قال مخلوف: («لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا. لا يوجد مخرج ولا أحد يضمن ما سيحدث بعد حدوث أي شيء لهذا النظام، لا قدر الله. وفي رده على سؤال عما إذا كان هذا تحذيرا أم تهديدا، أضاف مخلوف: «أنا لم أقل حربا. ما أقوله هو: لا تدعونا نعاني، لا تضعوا المزيد من الضغوط على الرئيس، لا تدفعوا سوريا للقيام بأي شيء لا تريد القيام به... وأضاف مخلوف من مقره الفخم في دمشق: «بالنسبة لنا، لن نخرج، أما أنتم فاتركوا السفينة واذهبوا للعب القمار. أنتم تفهمون ما أعنيه. سوف نظل هنا في المعركة حتى الرمق الأخير»، وأضاف بعد ذلك: «يجب أن يعلموا أننا حين نعاني لن نعاني وحدنا»). (تجسد هذه الكلمات فكرة تسعى الحكومة لترسيخها - نحن أو الفوضى - وتلقي الضوء على تكتيكات تتبناها النخبة الحاكمة التي استغلت تقلبات المنطقة من أجل الحفاظ على هدفها الأساسي وهو استمرارها).. إذاً النظام السوري ليس مصدر قلق لإسرائيل والغرب بل هو يقدم نفسه على انه ضمانة استقرار إسرائيل ومفتاح الحل لخوف بعض المجموعات الدينية والعرقية في المنطقة من أزمات يفتعلها النظام السوري لضمان استقراره وهذا ما استشفه وقرأه من قام بمقابلة مخلوف ليجري معه المقابلة كما ذكر أعلاه..
لا يمكن أن يكون الظلم والقهر والاعتقال والاتهام والتخوين ضمانة الاستقرار لأي نظام وأية مجموعة وأي طائفة أو حزب.. العدالة والحرية والنمو الاقتصادي والاجتماعي والتحول نحو الديمقراطية هو الحل الوحيد لسوريا وكافة دول الشرق الأوسط، واللعب على الوتر المذهبي والطائفي لحماية أي نظام هو عمل خطير للغاية ونتائجه ستكون كارثية، وكل من يسعى لوضع الأقليات في مواجهة الأكثرية إنما يسعى لإشعال فتيل فتنة خطيرة، والمراهنون على دور سوريا الأسد في التحرير والمقاومة وتحقيق العدالة والحرية وحماية الأقليات ورعاية الأكثرية ما عليهم سوى إعادة قراءة ما قاله مخلوف الذي فضح حقيقة تحالف الممانعة والمقاومة وأهدافه السياسية الحقيقة، فهو حلف الخداع والتزوير وحماية حدود إسرائيل وليس تحرير الجولان المحتل، وهذا الكلام برسم من لا يزال يمجد نظام الأسد ودوره، ومهما حاول هذا النظام زرع الفتنة والخوف بين مكونات المجتمع العربي في بلادنا فإنه لن ينجح وسوف يستمر العيش المشترك راسخاً معززاً بين كافة مكونات بلادنا المشرقية كما استمرت لمئات السنين مهما تعرض لنكسات ومؤامرات ودسائس..
حسان القطب