المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - لبنان: حكومة يشكلها أمراء الحرب الأهلية ..تخدم ديكتاتورية سوريا
دراسات /
سياسية /
2011-06-17
الجمعة 17 حزيران 2011
لبنان: حكومة يشكلها أمراء الحرب الأهلية ..تخدم ديكتاتورية سوريا
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
من المفارقة أن بعض أهم عملاء المخابرات الإسرائيلية الذين تم اعتقالهم أخيراً هم من المقربين من قيادات مرتبطة بالنظام السوري وحزب الله، أحدهم اعتقل في مدينة النبطية وكان مقرباً جداً من أحد قيادات حزب الله، والعميد كرم الذي تتأجل محاكمته من شهر لآخر كان من اللصيقين جداً بالجنرال عون، وآخر هذه السلسلة ما نشرته جريدة الأخبار بالأمس حيث: (ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، على الموقوف بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، جلال أ. د. (من بلدة الجاهلية الشوفية). ما يفرق جلال عن غيره من الموقوفين، أنه من الصف الأول من العملاء التنفيذيين. الرجل كان يشغل منصب مسؤول الأمن الشخصي للوزير السابق وئام وهاب، وبقي كذلك إلى حين توقيفه. أضف إلى ذلك أن الرجل قدم خدمات تنفيذية لاستخبارات العدو، بينها المشاركة (المباشرة أو غير المباشرة) في اثنتين على الأقل من عمليات الاغتيال التي استهدفت مقاومين).. ومن الملفت للنظر أيضاً أن تاريخ ودور هؤلاء العملاء لا يبرز على الأجهزة الإعلامية التابعة لفريق الممانعة والمقاومة، بل يتم تجاهله كلياً ولا يتداول إلا بسرعة وبرعونة وعدم اهتمام، دون أن يلقى الضوء على حجم الضرر أو الخسائر التي تسبب بها هذا العميل أو ذاك في جسم الوطن وأمنه.. في حين تركز هذه الأجهزة على أدنى لقاء يقوم بهم مسؤول أو موظف أو وزير أو سواه من الفريق الآخر مع أي مسؤول دولي مهما كان الموضوع أو الحدث الذي يستدعي هذا اللقاء، مع توجيه الاتهامات والتحذير من التداعيات والتشكيك في النوايا والتنبيه من المخططات.. وهذا الكلام نذكره اليوم بعد أن رأينا ولمسنا تدني مستوى الخطاب الذي كان يتبنى فيه حزب الله المطالبة بإعدام العملاء بعد محاكمتهم بسرعة ودون إبطاء وصولاً لدرجة الغياب شبه الكلي.. ولكن السؤال الأهم يبقى كيف استطاع هؤلاء العملاء اختراق طبقة الصف الأول من السياسيين والأمنيين في قيادات قوى الثامن من آذار/مارس..؟؟؟
هذا المشهد الأمني المؤسف والمؤلم والمسيء يعطينا الانطباع عن طبيعة توجهات وطموحات وعمل هذا الفريق السياسي الذي لم يجد الوقت الكافي بعد، لتنظيف صفوفه من العملاء، فكيف به من الانتهازيين والوصوليين ومن الناشطين في خدمة مشروع دول إقليمية أخرى في محيطنا دون الأخذ بعين الاعتبار أو الالتفات لمصالح هذا الوطن وأبنائه وشعبه..إذاً كيف نثق بحكمة ومصداقية وسلوك هذا الفريق وتوجهاته.. من هذا المنطلق نلحظ أن تشكيل الحكومة الحالية التي يرأسها الرئيس ميقاتي اليوم والتي قد استغرقت 139 يوماً، كان غير مبرر، وهذا الفريق كان بانتظار أمر العمليات من النظام السوري، حيث لم نفهم خلالها طبيعة الخلافات بين أبناء الفريق الواحد والتوجه الواحد التي أخرت التأليف وهو خلاف بدا شكلاً، ولكن ليس مضموناً، فلن نصدق مثلاً أن الوزير الصفدي قد أصبح فجأة من المؤمنين بالمقاومة، كما لا يمكن أن نصدق أن الرئيس بري هو من الطامحين حقاً لإلغاء الطائفية السياسية..؟؟ تماماً كما اكتشفنا مؤخراً أن بعض المؤمنين بالمقاومة والتماهي مع مشروع المقاومة والمحور الإيراني السوري، هم عملاء لإسرائيل وكلَ يعمل لخدمة أهداف مناقضة لما يعلنه من شعارات، سواء المقرب من ميشال عون، أو من وئام وهاب، أو من أحد قادة حزب الله..أو حتى غيرهم..؟؟
من هنا نرى أن الحكومة الحالية ما كان لها أن تتشكل إلا بعد وصول الإشارة السورية لحلفائها بضرورة إعلانها على الشكل المسرحي هذا، غير المتوازن وغير الجدي الذي شاهدناه، وما تم الاتفاق عليه كان نتيجة قبول وموافقة أمراء الحرب الأهلية اللبنانيين المتحالفين مع نظام دمشق الديكتاتوري سابقاً وحاليا ًوهم (بري، جنبلاط، عون، حزب الله) على ما أشارت لهم به حكومة دمشق من حاجة ماسة لإعلان الحكومة فوراً على هذه الشاكلة، لتعزيز دورها خارج الحدود، ليكون لبنان ورقة مساومة، وكذلك ساحة توتير محتملة، خلال المفاوضات التي تجري بين دول المجتمع الدولي حول الوضع السوري الداخلي.. والوجود السني في الحكومة هو تحصيل حاصل وغير فاعل لا من حيث الحضور أو حتى الدور، كونه ضروري لإضفاء الشرعية الدستورية لا الشعبية على الحكومة اللبنانية، ودور الرئيس نجيب ميقاتي على رأس هذه الحكومة هو تماماً كالدور الرمزي والشكلي فقط الذي يلعبه وجود (فاروق الشرع) في نظام سوريا كنائب لرئيس الجمهورية في نظام الأسد، الذي يحذر أمير الحرب اللبناني وليد جنبلاط من سقوطه كما ورد في جريدة اللواء اللبنانية، حين يقول: (إن سقط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا من شأنه أن يؤدي إلى وقوع فتنة سنية- شيعية في لبنان)، وطبعاً، لتجنب هذه الفتنة يجب دعم هذا النظام في سوريا، ولو على أشلاء ودماء أكثرية الشعب السوري وكذلك أكثرية الشعب اللبناني ومستقبله، وذلك حين يتحالف أمراء الحرب الأهلية من اللبنانيين مع نظام الأسد في سوريا، لقمع باقي اللبنانيين سياسياً تحت سقف الدستور مستندين إلى توقيع نجيب ميقاتي، وامنياً بموجب السلطة المخولة لهم بقيادة كافة المؤسسات الأمنية بعد إمساكهم بمفاصل السلطة بقوة القانون والدستور الذي وقّعّ مرسومه فخامة الرئيس، ودولة الرئيس، ويبقى لتحقيق التنفيذ على أرض الواقع لخدمة نظام سوريا وإيران، ومصالح أمراء الحرب اللبنانية تأمين توقيع الوزير المختص، وكل ما يتحدث عنه الرئيس ميقاتي وسواه عن موضوعية دوره ومصداقية توجهاته وعن وسطيته وعدم ممارسته الكيدية السياسية، تكذبها تصريحات ميشال عون الأخيرة، والتسريبات التي تخرج من الدوائر الضيقة لفريق ميقاتي الحكومي من حلفائه..
ودور هذه الحكومة المقبلة كما ذكرت إحدى الصحف المؤيدة لنظام سوريا هو العلاقة مع سوريا: (لعل الأولوية الأساسية للحكومة على هذا الصعيد هي إعادة تثبيت الثقة بين البلدين، بعدما بقيت مهتزة طيلة فترة وجود الرئيس سعد الحريري في السلطة. فإن المنتظر من الحكومة اللبنانية الجديدة في هذه المرحلة طمأنة دمشق سياسيا وأمنيا من خلال ضبط الحدود مع سوريا، لمنع تهريب السلاح إليها، ترجمة لاتفاق الطائف الذي يحظر جعل أي من البلدين ممرا أو مقرا لاستهداف البلد الآخر. كما أن الحكومة ستكون معنية بالحؤول دون استدراج لبنان إلى أن يصبح جزءا من الحملة الدولية للضغط على سوريا ومحاصرتها، لاسيما أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة إلى جره نحو مثل هذا الدور، وليست الزيارة الأخيرة لجيفري فيلتمان إلى بيروت سوى أحد الأمثلة على هذا المـسعى الأميركي الحثيث، وإلى جانب ذلك كله، فإن الوقت قد حان لتطبيق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وصولا إلى «مأسسة» العلاقة الثنائية، من دون أن يعني ذلك الانتقاص من كونها مميزة). فأين مصالح الشعب اللبناني في هذه الفقرة، وهل السلاح يتوجه من لبنان إلى سوريا أم العكس هو الصحيح..؟؟؟
فأي مستقبل واعد هذا الذي يعدنا به هؤلاء وقد خبرناهم طويلاً خلال الحرب الأهلية وبعدها وإلى الآن، وأي مصداقية نتوقعها من هذا الفريق وقد شهدنا جميعاً تخلي هؤلاء عن حلفاء وأنصار وأتباع وموظفين خدموا هذا الفريق طوال سنوات طلباً واستجابةً لخدمة نظام سوريا الديكتاتوري، وهم الذين انتظروا طويلاً بعد أن تم تقديم الوعود لهم مرات عديدة بأن يكافئوا بوزارة أو إدارة، إذا ما أعلنوا هذا التصريح أو مارسوا هذا الدور، وتصريحات الغاضبين منهم الأخيرة، كانت كافية لإلقاء الضوء على حجم المؤامرة على هذا الوطن وشعبه، ومدى خطورة الاستغلال الذي مارسه فريق سوريا بحق هؤلاء، حيث ينتهي دور هذا المرتزق أو ذاك مع تحقيق الأهداف والطموحات وإنجاز المهمات، وإذا كان بعضهم قد سقط في أيدي القوى الأمنية بتهمة العمالة لدولة عدوة، فإن بعضهم قد سقط في امتحان الثقة التي أعطاه إياها جمهوره ومواطنيه، بعد أن برر كثيراً سبب انخراطه في هذا المشروع الإقليمي والعمل في خدمته.. وكليهما لا يعمل في خدمة لبنان الوطن والشعب والأمة والقضية.