المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - سوريا: ننحني احتراماً لصمود شعبها وعظيم تضحياته ..؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-08-01
الإثنين 1 آب 2011
سوريا: ننحني احتراماً لصمود شعبها وعظيم تضحياته ..؟؟
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
ما جرى ويجري في سوريا من عمليات قتل جماعي وتدمير منهجي للممتلكات على يد قوات السلطة السورية الحاكمة بقوة الحديد والنار منذ أربعة عقود، استدعت استنكار وإدانة كافة الدول والمؤسسات والجمعيات والهيئات والمحافل الدولية والإنسانية لفظاعتها وبشاعتها واستهدافها المواطنين الأبرياء من قبل سلطة يفترض أنها تعمل على حفظ أمنهم ورعاية استقرارهم والاستماع لشكواهم ومعالجة مشاكلهم ولكن يبدو العكس هو الصحيح فهذا النظام يرى في مواطنيه رعايا يعملون في خدمته، ويحق له ساعة يشاء أن يقتل من يريد ويعتقل من يشاء ويعذب من يخالف أوامره ولا ينصاع لإرادته..
نحن لنا كل الثقة في أن الشعب السوري وبقياداته الوطنية المعارضة وجمهوره الصامد والثائر قادر على تغيير هذا الواقع المؤلم، وبإمكانه الانتقال من الدولة الديكتاتورية إلى الدولة المدنية الديمقراطية، وان بذل الدماء وسقوط الشهداء ضريبة لا بد منها لتحقيق التغيير المنشود والانتقال من مرحلة الاستعباد إلى مرحلة المواطنة ومن حالة الرعايا غلى حالة الشراكة في بناء الوطن وحكمه وإدارته. ومن شدة سقوط هذا النظام وانفضاض مواطنيه عنه فهو يستعين ببعض الوجوه اللبنانية التي رعاها النظام السوري على امتداد عقود حكمه للبنان للذهاب إلى سوريا ومخاطبة الجماهير السورية ومناشدتها الالتفاف حول النظام المتهالك.. وبعض هذه القوى والشخصيات التي تدعم النظام السوري وتسبح بحمده تقع في تناقض بالغ وتباين خطير حين تصدر البيانات المؤيدة لحالات متشابهة مع الواقع السوري، ولكنها تتجاهل تماماً مأساة ومعاناة الشعب السوري ومن جملة ما قرأت هذا البيان الذي أصدره تجمع العلماء المسلمين في لبنان، والذي يقدم نفسه واجهة وحدوية برعاية إيرانية وبإدارة مباشرة من حزب الله وفريقه ويقول هذا البيان الذي صدر في 16/03/2011 تعليقاً على أحداث البحرين: (إن التمسك بالسلطة ولو على حساب دماء الشعب وآلامهم أمر ترفضه الإنسانية والأخلاق والدين وعلى الحاكم أن يستمع إلى مطالب شعبه ويلبيها خاصة أنها لا تتعدى المطالبة بحقهم في التمثيل الأفضل ومن خلال أعمال سلمية كفلتها كل الشرائع وحقوق الإنسان. إن التعدي على المواطنين من خلال القتل بالأسلحة النارية واستدعاء قوات أجنبية للتدخل يعتبر عملاً مرفوضاً ويجعلنا نتساءل: لماذا لم تتحرك هذه القوات لرفع الحصار عن غزة؟! وهل إن الجيوش العربية أنشأت للدفاع عن الأنظمة؟!)..ما ورد في النص يمكن إسقاطه على كل واقع وحالة عربية ودولية مشابهة، وهل يمكن تجزئة الحق أو تجاهل بعضه والالتفاف على عناوينه..؟؟ لأن مضمون هذا البيان لا يتناقض أبداً مع واقع الشعب السوري وما يتعرض له إلا انه يستهدف نظام مملكة البحرين، ولا نختلف مع توصيفه لو أردنا لحال النظام السوري الذي يناقض في ممارساته كل الشعارات والمواقف والبيانات التي سبق وأطلقها وأعلنها من حماية المقاومة والشعب الفلسطيني إلى خدمة الإنسان السوري وحماية حقه المشروع في أن يعيش حياة لائقة وكريمة..ونحن هنا نسأل رئيس التجمع الشيعي الشيخ حسان عبدالله، ورئيس مجلس الأمناء السني، الشيخ احمد الزين، وسائر الأعضاء من المعممين السنة والشيعة. كيف اتفق أنهم قرءوا هذا الواقع في البحرين ولم يلحظوا ما يجري في سوريا، مشاهد القصف والقتل مروعة، والسرقات والاعتقالات والتعذيب واضحة للعيان، والنظام لا يستمع لمطالب شعبه ولا يستجيب، والدبابات السورية التي صمتت على جبهة الجولان 40 عاماً ها هي تخاطب شعبها الذي سدد ثمنها قصفاً وتدميراً ويحدثك هذا وذاك عن المؤامرة، الأميركية – الصهيونية التي تستهدف نظام الأسد وليس الشعب السوري..؟؟
ما يجري في سوريا لم يعد من الجائز السكوت عنه، فكل من يؤيد هذا النظام هو شريك في الجريمة سواء كان فرداً أو مؤسسة أو جمعية أو حزب أو دولة.. ولم يعد مقبولاً أن يستمر مسلسل القتل المتواصل وأن يستمر البعض في تجاهل ما يجري وكأن شيئاً لم يكن.. التغيير أصبح ضرورياً بل حتمياً لأن التعايش بين هذا النظام الحاكم بقوة السلاح والقهر والتأييد الخبيث من قوى تحمل في فكرها وأدبياتها وتوجهاتها فكراً مماثلاً وسلوكاً مشابهاً لم يعد مقبولاً على الإطلاق..
الدول العربية مطالبة بدعوة مجلس الجامعة العربية للانعقاد واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه المذبحة المجرمة فوراً. وكذلك منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي..
كافة الدول العربية والإسلامية والهيئات الدولية مطالبة اليوم بقطع علاقاتها مع دولة روسيا التي تؤيد نظام الأسد وتؤمن له الرعاية والحماية والغطاء اللازم لقتل شعبه والتنكيل به، ولا يمكننا أن ننسى ما فعلته دولة روسيا سابقاً خلال أزمة البلقان، وصربيا، والشيشان، وقبلها في دولتي تشيكسلوفاكيا والمجر خلال القرن الماضي..؟
إن الشعب السوري يقدم اليوم ملحمة صمود باسلة وهو الشعب الذي اعتاد المواجهة على امتداد التاريخ القديم والحديث فهو قلب الأمة النابض. وإننا إذ نعبر عن تأييدنا ومساندتنا لمطالب الشعب السوري بكافة فئاته ومكوناته، ننحني إجلالاً لشهدائه وتضحياته العظيمة وهو يواجه أعزلاً عاري الصدر نظاماً يستخدم الآلة العسكرية التي قيل إنها مخصصة لتحرير فلسطين لقتل المواطنين العزل من أبناء الشعب السوري تماماً كما ارتكب هذا النظام في لبنان طوال ثلاثة عقود من جرائم استهدفت الشعبين اللبناني والفلسطيني.. وواد الفتنة الذي يتحدث عنه الأسد اليوم هو في حقيقة الأمر عملية وأد للشعب السوري برمته..