المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - مفتي سوريا حسون يهدد أوروبا وأميركا مستخدماً اللبنانيين..؟
دراسات /
سياسية /
2011-10-10
الإثنين 10 تشرين الأول 2011
مفتي سوريا حسون يهدد أوروبا وأميركا مستخدماً اللبنانيين..؟
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
لقد كان مفتي نظام سوريا بدر حسون مميزاً فعلاً حين أعلن استهداف دول الغرب بمجموعة من الاستشهاديين اللبنانيين والسوريين من الشبان والفتيات على حد سواء، دفاعاً عن نظام بشار الأسد في سوريا في حال سقطت قذيفة أميركية واحدة في دمشق، لأننا كما يفترض امة واحدة وشعب واحد في دولتين، فقد هدد سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية أحمد بدر الدين حسون في كلمة له أمام قافلة مريم:(دول أوروبا وكل المتآمرين أنه وفي حال الاعتداء على سوريا ولبنان فإن كل أبنائنا سيكونون استشهاديين على أرض أمريكا وفرنسا وبريطانيا حيث قال:"في الوقت التي ستطلق فيها أول قذيفة على سوريا، فإن كل أبنائنا وبناتنا في سوريا ولبنان سيكونوا استشهاديين". وتابع حسون: "أقول لكل أوروبا، أننا سنعد استشهاديين هم الآن في أمريكا إن قصفت أمريكا سورية فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم"). لقد فات سماحته أن لبنان قد تعرض لحرب إسرائيلية عنيفة وقصف بالصواريخ والقذائف الأميركية والأوروبية وقد فاق عددها الآلاف، سقط بنتيجتها آلاف الشهداء وآلاف الجرحى، وأسقطت إسرائيل على جنوب لبنان والبقاع الغربي ملايين القنابل العنقودية، التي لا زالت نتائج انفجارها تصيب الفتيان والفتيات والمزارعين اللبنانيين بالقتل أو بالعاهات المستديمة.. ولم نسمع منه دعوة واحدة لاستنفار الاستشهاديين لا في سوريا ولا في لبنان..فما الذي استجد حتى يدخل لبنان في المعادلة إذا تعرضت سوريا لاعتداء وهي التي نأى بها عن نفسه حين تعرض لبنان للعدوان..؟؟
كذلك فقد تعرضت غزة ومحيطها وقطاعها لحرب إسرائيلية مدمرة مع نهاية العام 2008، وبداية العام 2009، استشهد خلالها الآلاف وجرح الآلاف أيضاً ولم نسمع من حضرته دعوة واحدة للنهوض والاستنفار والجهاد دفاعاً عن غزة هاشم ولا عن حتى عن ساحل الشام، فقد كان نظام سيده بشار منغمساً في مفاوضات سرية للغاية في ربوع تركيا وفي أحضانها وبرعايتها وهي التي يهاجمها اليوم ويهاجم نظامها، وللتذكير فقط فقد دعا بشار الأسد تركيا إبان أزمتها مع إسرائيل عقب حادثة سفينة مرمرة..: ( إلى تحسين علاقاتها مع إسرائيل لتضمن مجددا القيام بدور الوساطة بين سوريا والدولة العبرية. ونقلت صحيفة "القدس" الفلسطينية عن الأسد قوله لصحيفة "حرييت" التركية الصادرة اليوم قوله: "إذا رغبت تركيا في مساعدتنا في موضوع إسرائيل، فينبغي أن تكون لديها علاقات جيدة مع هذه الدولة".وتساءل الأسد "كيف يمكنها، في حال العكس، أن تلعب دورا في عملية السلام" في الشرق الأوسط؟، ورحب بمساهمة تركيا في عملية السلام بين بلاده والدولة العبرية. وقد تدهورت العلاقات بين إسرائيل وتركيا، الحليفتين الإستراتيجيتين، منذ يناير/كانون الثاني الماضي عندما انتقدت أنقرة بشدة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة). فماذا تغير اليوم يا سماحة مفتي نظام سوريا حتى تدعونا للاستشهاد دفاعاً عن نظام يطالب تركيا بالتعاون مع إسرائيل وتحسين علاقاتها وتجاهل ضحاياها في حادثة السفينة..؟؟
وهل يظن سماحة المفتي أن أبنائنا وبناتنا من الرخص بمكان بحيث نقدمهم قربانا لحماية نظام يمالئ عدوه ويقاتل شعبه ويستجدي دول الغرب للإبقاء على نظامه مستخدماً مظلة الأقليات وحماية مصالح هذه الدول في المنطقة.. وأين كان هذا المنطق يوم استبيحت غزة، وتعرضت لحرب شاملة، ووفد قافلة مريم هذا الذي يستقبله مفتي نظام سوريا، من المفترض أنه يستعد للعمل على فك حصار غزة وتقديم المساعدة لغزة المحاصرة وأهلها المحاصرين، فإذا بهم اليوم في شوارع سوريا يروجون لنظام سوريا الذي يتجاهل معاناة شعب لبنان وغزة ويفاقم أزمة شعب سوريا ومعاناته لحماية نظامه وضمان بقائه في السلطة ولو على دماء وأشلاء وجماجم اللبنانيين والسوريين وسائر الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بالتحديد..
إضافةً إلى وفد سفينة مريم التي لم تقلع بحراً إلى غزة بل براً إلى سوريا، طالعنا مدير عام الأمن العام اللبناني المعين حديثاً في منصبه اللواء عباس إبراهيم بخطوتين لافتتين، الأولى زيارته باسم فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية معزياً مفتي نظام سوريا باغتيال ولده، وتصريحه الذي قال فيه:("إن الذي يستهدف الأبرياء في سوريا ولبنان هو العدو المشترك").. هل اطلع فخامة الرئيس على هذا التصريح ووافق عليه..؟ اللهم إلا إذا كان سيادة اللواء يقصد شيئاً أخر، ولكن أنا كمواطن لبناني اعتبره من حيث المضمون تصريح جيد فهو يتهم ضمناً كما نفهم من معناه الظاهر، نظام سوريا وحلفائه في لبنان باستهداف الأبرياء في سوريا ولبنان، فمن قتل الطيار سامر حنان وجنود الجيش اللبناني في البقاع واستهدفهم في مار مخايل، وآل طباره في بيروت وآل القادري في صيدا، والشاب زياد قبلان والطفل زياد غندور في بيروت، لا بد انه متفاهم ومتواطئ مع نظام سوريا الذي يستهدف أبناء شعبه دون تردد، ومع ذلك فهذا الفريق اللبناني يدافع عنه، ويتجاهل التدخل السوري المباشر في شؤون لبنان واختراق الحدود في قرى وادي خالد وبلدة عرسال المستهدفة منذ الانسحاب السوري من لبنان، وحتى نواب المنطقة الذين ينتمون لتنظيم حزب الله تجاهلوا الاختراق العسكري السوري، وإطلاق النار على الأراضي الزراعية. واكتفى مدير الأمن العام اللبناني بمناقشة هذا الموضوع مع إخوانه في النظام السوري..( كما التقى إبراهيم عدداً من القادة الأمنيين السوريين وبحث معهم الحوادث التي حصلت أخيرا على الحدود اللبنانية – السورية) ولم نعرف نتائج هذا الاجتماع. والخطوة الثانية اللافتة كانت منع عرض فيلم إيراني لا ترضى عنه سفارة إيران.. ونظام إيران وحلفاء إيران وأتباع إيران في لبنان..حيث أورد موقع إيلاف الالكتروني:( أعلنت مديرة مهرجان بيروت الدولي للسينما اليوم الأحد أن السلطات اللبنانيّة منعت عرض شريط وثائقي إيراني عنوانه "الأحمر والأبيض والأخضر"، يتناول أعمال العنف في الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية في إيران العام 2009. وقالت كوليت نوفل مديرة المهرجان، "أبلغتنا سلطات الرقابة في لبنان الجمعة أن علينا سحب فيلم الأحمر والأبيض والأخضر للمخرج الإيراني نادر داودي من البرنامج". وعلمنا أن داودي لن يسمح له بالتوجّه إلى لبنان"). يبدو أننا سنعيش في أحضان نظام امني مخابراتي شمولي ديكتاتوري يرسم لنا ما نستطيع أن نرى، وما لا يجب أن نشاهد ونسمع، وأن مزاج السفير الإيراني وحلفائه في لبنان يجب أن يحترم.. وكان سبق أن عرض تلفزيون حزب الله وغيره برنامجاً عن السيد المسيح يناقض مفاهيم الكنيسة عن السيد المسيح، ومع ذلك لم يعترض الأمن العام حتى ارتفع صوت بعض المراجع الكنسية فتم وقف البرنامج بعد تقديم التماس لمدير المحطة لوقف بث البرنامج طوعاً، لأن اشرف الناس لا يمكن الطلب منهم أو توجيه الأوامر لهم..؟؟ (أثار مسلسل عن السيد المسيح استنكار الكنيسة الكاثوليكية في لبنان، فطلبت تدخل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية لوقفه. لكن قرار وقف بثه جاء من قبل القناتين اللتين تولتا بث هذا المسلسل ضمن شبكة برامجها الخاصة في رمضان. والقناتان هما قناة المنار التابعة لحزب لله وقناة ("ان بي ان") التابعة لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري. بيان قناتي المنار و("ان بي ان")عن وقف البث برر ذلك بالقول أن الخطوة "اتخذت بهدف تجنب تسييس القضية". يقول المطران بشارة الراعي عضو مجلس المطارنة الموارنة أن المسلسل "حرف سيرة السيد المسيح وان الكنيسة طلبت قبل بدء بث المسلسل وقفه لان هنالك معلومات مغلوطة قد تؤدي إلى فتنة"). كما يبدو من سياق التصريح أن المطارنة طلبوا وقف البرنامج قبل عرضه ولم يتم الاستجابة لمطلبهم، في حين تمت الاستجابة لطلب ورد من مكان آخر بخصوص الفيلم الإيراني، ولا أظن أن عرض هذا الفيلم قد يؤدي إلى فتنة أو شيء من هذا القبيل..
خلاصة القول أن هناك من يزال يسعى ليبقى لبنان ساحة صراع وتصفية حسابات ومنصة لإطلاق التهديدات والتلويح بإرسال المتطوعين واختطاف الأجانب، ولا زال في لبنان من يتجاوب مع هذه السلوكيات والطموحات ويقدم نفسه أداة في مسيرة هذا النظام الذي لا يقيم وزناً لحياة وأرواح أبناء شعبه الذي يقدم نفسه على انه رئيسهم وقائدهم، فكيف بأبناء الشعب اللبناني والفلسطيني الذين عانوا من عدوان إسرائيل واسع النطاق استهدف أرواحهم ومؤسساتهم فاكتفى هذا النظام بإصدار بيانات الإدانة وتصريحات الإشادة والترويج لمواقف وشعارات التخوين والتخاذل بحق سائر العرب.. لن نرضى بأن نكون أداة ولن نقبل بأن يفرض علينا سفير دولة أو فريق سياسي منهجه أو منطقه أو قناعاته التي لا نؤمن بها ولن نخضع لها.
hasktb@hotmail.com