المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- إرباك وتناقض في مواقف قوى الثامن من آذار/مارس...؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-11-11
الجمعة 11 تشرين الثاني 2011
إرباك وتناقض في مواقف قوى الثامن من آذار/مارس...؟؟
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
التناقض سيد الموقف لدى فريقوقوى 8 آذار/مارس..وهذا ما يمكن أن نلمسه ونقرأه بوضوح في سلسلة المواقف السياسية والتصريحات العلنية التي تطلق على لسان بعض قيادات هذا الفريق، أو من خلال تلك المقالات الصحافية التي تكتبها بعض الأقلام التابعة أو المرتبطة أو المعجبة بهذا المحور.. من الملاحظ أنه وفي معرض التأييد لمواقفها ومسيرتها، تستشهد هذه القوى بتصريحات صادرة عن قوى سبق لها أن وضعتها في خانة العداء، وفي بعض المواقف تطلقها بهدف الحديث عن سيادة الدولة وبناء مؤسساتها تفتح هذه القوى الباب واسعاً أمام سؤالها عن دور وممارسات تشكيلاتها الحزبية..
عندما أحس نظام دمشق أن المجتمع الدولي قد خفف من نسبة اهتمامه بالملف اللبناني، اندفع وزراء بري ونصرالله، والوزير الوديعة عدنان السيد حسين، (الذي تمت مكافأته لاحقاً برئاسة الجامعة اللبنانية) للاستقالة من حكومة الرئيس سعد الدين الحريري، وتطايرت التصريحات التي أطلقها وزراء بري وحزب الله في كل الاتجاهات تتحدث عن حالة سياسية جديدة بدأت مع اختيار رجل المرحلة الرئيس نجيب ميقاتي، وعن ضرورة تداول السلطة التنفيذية مع بداية انطلاقة الربيع العربي الرافضة لمبدأ التمسك بالسلطة.. ولكن عندما أشار الرئيس الحريري مؤخراً إلى انه إذا فاز في الانتخابات النيابية المقبلة لن ينتخب بري لرئاسة المجلس النيابي، فقد الأخير صوابه، واندفع وزراء ونواب بري وحزب الله للدفاع عن حق بري في رئاسة المجلس.. فقال النائب عبد المجيد صالح:("إن الأمور لا تتعلق بأكثرية أو أقلية، فالبلد محكومة بتوازنات)، وأضاف نائب حركة أمل علي خريس، معلقاً على ما قاله الرئيس الحريري على موقع "تويتر" الإلكتروني عن الرئيس بري سائلاً: ("من همس في أذن الحريري، وقال له أن يتحدث منذ الآن، وقبل سنة ونصف السنة عن انتخابات رئاسة مجلس النواب؟"، مضيفاً: "إما أن هناك غباءً في السياسة من قبل الحريري، أو أنه من الممكن أن تكون أميركا هي من تهمس في أذنه"). والتناقض نفسه نقرأه في موضوع مراقبة الاتصالات حين قال نائب حزب الله فضل الله عن إطلاق "مركز التنصّت": (أنّ "مركز التنصّت سيكون مجهّزاً بأحدث التقنيات، وعندما يتم تشغيله من المفترض ألا يبقى أي جهاز أمني "فاتح على حسابه" فيما يتعلق بداتا الاتصالات أو التنصّت أو إنشاء أي مراكز غير شرعيّة"). سؤال وجيه يطرحه نائب حزب الله حول تحديد قانونية من يملك غرف تنصت شرعية من عدمه، الأجهزة الأمنية الرسمية..؟؟ أم حزب الله الذي يقوم بتمديد وتركيب شبكة اتصالات خاصة به تشمل معظم الأراضي اللبنانية بحجة حماية امن المقاومة..؟؟ من الطبيعي أن تكون الشرعية لمصلحة المؤسسات الأمنية الرسمية، مع اعتراضنا على مبدأ التنصت نفسه دون وجه حق أو دون مسوغ قانوني يخضع للرقابة القضائية المسبقة..ولكن الأسئلة الأهم تبقى:(من يحمي أمن الوطن والمواطن اللبناني، الدولة اللبنانية بأجهزتها الأمنية، أم الأجهزة الحزبية..؟؟ وهل تتضمن أجهزة حزب الله التي يقوم بتركيبها علناً ودون ترخيص غرف تنصت أو مراقبة، ومن يستطيع تفتيشها والتأكد من عدم وجودها أو عدم قيامها بهذا الدور..؟؟ وهذا السؤال هو برسم نائب حزب الله حسن فضل الله..؟؟ الذي أضاء مشكوراً على هذه المشكلة، حتى لا يبقى أي فريق سياسي فاتح أمن على حسابه..كما سبق وأشار..؟
التناقض الآخر الذي وقع ويقع فيه حزب الله وحركة أمل وسواهم من هذا الفريق هو إطلاق الاتهامات بالعمالة والخضوع لتوجيهات سياسية من المجتمع الدولي وبالتحديد الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاعتدال العربي.. عبارة (السين- السين) كان أول من أطلقها نبيه بري، وتم تداولها على نطاق واسع باعتبارها الكلمة السحرية التي تفتح لها أبواب التفاهم اللبناني- اللبناني..والمقصود بها تفاهم سوريا والمملكة السعودية.. فمن الذي تجاهلها لاحقاً وعمل على تجاوزها ونقضها وخرج على مفرداتها، بالتأكيد نبيه بري وحسن نصرالله.. وفي حين يتهم النائب خريس، الرئيس الحريري، بالاستماع للهمس الأميركي كما ورد في تصريحه الوارد أعلاه، يكتب ناصيف نقولا، الصحافي في جريدة الأخبار اللبنانية المؤيدة لكل ما تقوم به سوريا وإيران وأحزاب الثامن من آذار/مارس، وتحت عنوان; واشنطن معجبة بميقاتي قائلاً:(يُفكّك الرئيس نجيب ميقاتي التحفّظ الغربي عقدة تلو أخرى، ويتولى مباشرة شرح مواقف حكومته واستيعابها أهمية تعاونها مع المجتمع الدولي، واحترام القرارات الدولية. بدورها واشنطن صارت أقل تشدّداً. خففت نبرة التصعيد والتشكيك، وبدأت تتقبّل الحكومة وتُعجب بأداء رئيسها).. هل هذا اتهام أو مديح..؟؟ من الذي أخبر هذا الصحافي بهذا السر وهذا التوجه الأميركي وهل هذا معناه أن الولايات المتحدة قد تخلت عن الحريري وقوى الرابع عشر من آذار/مارس، وقامت بتبني ميقاتي وقوى الثامن من آذار/مارس..؟؟ وهل كلام الولايات المتحدة مع الرئيس الحريري هو همس موجه ضد بري وحلفاء سوريا وإيران..؟؟ وإعجاب واشنطن بميقاتي هو لخدمة قوى وأتباع سوريا وإيران في لبنان وعلى رأسهم بري ونصرالله..؟؟ وكيف يقبل حلف الممانعة والمقاومة بتأييد أميركي...؟
بقلم مارلين خليفة وتحت عنوان: (آشتون تطلب اللقاء وتشيد بجهد الحكومة لحماية الاستقرار، جريدة "السفير" تنشر وقائع لقاء الـ45 دقيقة في 10 داوننغ ستريت: ميقاتي يتكلم وكاميرون يستمع.. اتخذت نجيب ميقاتي "الخاصة" إلى لندن طابعاً سياسياً بامتياز تجلى في الحرارة التي استقبل فيها رئيس الوزراء البريطاني كاميرون نظيره اللبناني من جهة، وفي مقاربته المنفتحة للملفات كافة من جهة ثانية وإبداء استعداد بلاده الصريح لتقديم الدعم للبنان وخصوصاً في ملفه البحري مع إسرائيل من جهة ثالثة. ويذهب مصدر دبلوماسي إلى القول إن «الزيارة وما رافقها من اهتمام دبلوماسي وإعلامي برهن أن جو العزلة الذي كثر الحديث عنه منذ تشكيل حكومة ميقاتي هو من صنع اللبنانيين أنفسهم»، وأضاف «الحكومات الغربية لا تقيم وزناً إلا للمؤسسات وهذا ما بينته زيارة ميقاتي للندن»). هذا الكلام فيه الكثير من الإشادة للمفهوم الغربي للدولة التي تتعامل مع المؤسسات لا الأفراد.. فأين نحن من هذا المفهوم في لبنان، وأين منها سياسة حزب الله وحركة أمل ومن يتبعهم..؟ كما أن من الواضح وبناءً على هذه القراءة أن التأييد البريطاني لميقاتي يعتبر إيجابي بنظر هذا الفريق، الذي سبق له واتهم هذه الدول ومنها بريطانيا بأنها شيطانية وتسعى لتشتيت وتقسيم وتفتيت الشرق الأوسط وضرب المقاومة ودول محور الممانعة..؟؟
مما تقدم نقرأ حجم الإرباك والتناقض الذي يعتري مواقف قيادات وسياسيي وصحافيي هذا الفريق، الذي كما يبدو يتوق لبناء علاقات مع دول الغرب باعتبارها مقياس الحضارة والوعي السياسي، وضمانة الحضور على الساحة الدولية والدخول إلى ميادين المؤسسات الدولية، في حين يتم إدانة الفريق الأخر لو سمح لنفسه باستقبال وزير أو سفير أو حتى قام بزيارة مجاملة لإحدى هذه الدول..؟؟ هذا الارتباك والقلق سببه عجز هذا الفريق عن إدارة شؤون الدولة بشكل يتناسب وحجم المشاكل التي تعاني منها المنطقة على المستوى الإقليمي(سوريا وإيران)، وعدم القدرة على معالجة الشأن الداخلي مع تأزم العلاقات السياسية بين حلفاء السلطة الحالية، والاقتصادي منه ونحن نشهد غلاء المعيشة الفاحش وتدهور القوة الشرائية، يواكبه صمت الاتحاد العمالي المريب، وإلغاء زيادة الأجور من قبل مجلس شورى الدولة، والتأخر في دفع الرواتب بسبب الخطأ في إصدار المراسيم، ووقف الحديث عن إنجاز الميزانية العامة، إضافةً إلى التدهور الأمني في عدد من المناطق وبالتحديد في الضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي، مع عدم معالجة قضية المخطوفين واللاجئين السوريين في لبنان.
إذاً لبنان اليوم بين خيارين: إما التعاون مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية وخاصةً المحكمة الدولية ومجلس الأمن الدولي، والتجاوب مع قرارات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وقريباً مجلس الأمن، فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على دولتي سوريا وإيران، وإلا فإن خلاف ذلك هو ما سنشهده وما سنعاني منه قريباً من عزلة دولية بسبب الامتناع عن دعم وتمويل المحكمة الدولية وعن سحب سلاح الميليشيات التي تتحكم بسياسات الدولة ومؤسساتها وحتى الأمنية منها، وعن عدم الالتزام بالعقوبات المفروضة. وحينها سنرى أن مواقف هذا الفريق بحق ميقاتي والقراءة الإيجابية من هؤلاء الصحافيين والسياسيين تجاه واشنطن ولندن لن تكون على ما كانت عليه اليوم، بل سوف تختلف، تماماً كما تغير المديح بحق دولة قطر الذي أطلق سابقاً في فترة التناغم بين الفريقين، وعلى لسان بري حين قال: (أول الغيث قطرة فكيف إذا كانت قطر) وبين ما يطلق اليوم من اتهامات ومواقف معادية بحق دولة قطر وأميرها، وما أعلنه سابقاً من مواقف إيجابية حول دور السعودية قبل أن ينقلب عليها حين قال بري:(«علينا أن نستثمر في النفط السياسي المتمثل في المبادرة السورية- السعودية). وما يقال اليوم حول المملكة ودورها من قبل الفريق عينه..؟؟
hasktb@hotmail.com