المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - لبنان والعراق بين يدي حزب الله والدعوة الإسلامي
دراسات /
سياسية /
2011-12-16
الجمعة 16 كانون الأول 2011
لبنان والعراق بين يدي حزب الله والدعوة الإسلامي
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
قبل أن ينسى المواطن اللبناني كلام نصرالله الذي طالب فيه الجميع باحترام المرجعيات السياسية والرموز والمعتقدات الدينية أطل علينا أحد أهم رموز حزب الله ومفكريه النائب في البرلمان اللبناني نواف الموسوي، مطلقاً عبارات وألفاظ تتجاوز بل وتتناقض مع ما أعلنه نصرالله أو ما طالب به علناً خلال احتفالات عاشوراء، وذلك حين استعمل الموسوي لغة الأحذية في مخاطبة نائب زميل في البرلمان اللبناني.. هذه الواقعة إن دلت على شيء فإنها تدل على عميق التناقض الذي يعيشه قادة حزب الله في مضمون خطابهم وبين طبيعة ممارساتهم واتهاماتهم..والاعتذار الذي قدمه الموسوي والموجه لرئيس المجلس النيابي والنواب جميعاً دون النائب الذي تم التهجم عليه وهو النائب سامي الجميل، يتضمن في سياقه عنجهية وفوقية تتجاوز لياقات الاعتذار والعمل السياسي والاحترام المتبادل ولغة الخطاب الرسمي وآدابه.. حيث اعتذر النائب نواف الموسوي عن الكلمة "النابية" التي صدرت عنه في الجلسة العامة في مجلس النواب. في تصريح وزعته العلاقات الإعلامية في حزب الله" اليوم:("التزاما مني بقيم الحزب وأدبياته، أتقدم من دولة رئيس المجلس النيابي الموقر الأستاذ نبيه بري وزملائي النواب بالاعتذار عن الكلمة النابية التي وردت في سياق ردي بالأمس، مؤكدا على المضمون السياسي الكامل لما ورد فيه)..
- يؤكد حزب الله وفي مناسبات عديدة أن العمالة هي نتيجة ثقافة وتوجه ومنهج سياسي، وأن فريقه وحده دون سواه يمتاز بمواصفات الإخلاص والشفافية والوطنية، وشرح لنا حزب الله مرات عدة كيف أنه يدرس انتماء كل عضو بتمعن وحذر ناهيك عن التربية الدينية الجماعية التي يقوم بها ويمارسها حزب الله وتشمل كافة فريقه وجمهوره وأبناء طائفته، ولكن تبين لاحقاً وكما يذكر ويشيع بعض المقربين جداً من حزب الله، أن عدد لا يستهان به من العملاء قد تم تجنيده أو زرعه أو شراؤه أو استمالته من قبل أجهزة عدوة أو صديقه لهذا العدو، وتسببت بأضرار جسيمة في جسم حزب الله وزرعت الشك في كافة المستويات التنظيمية وأدت إلى إعادة النظر في البنية والهيكلية الحزبية لهذا الحزب الإلهي..
- أكد نصرالله على ضرورة احترام المعتقدات لكل فريق وأطل الشيخ محمد يزبك ليطلق كلاماً غير مقبول كاد أن يؤدي لزعزعة الاستقرار، وتكمن خطورة ما قاله يزبك، لا في كونه شيخاً شيعياً أو عضواً في حزب الله، بل لكونه الممثل الشرعي للخامنئي في لبنان، وكان الخامنئي أصدر فتوى تحرم الإساءة للصحابة وأمهات المؤمنين المحترمين لدى الطائفة الإسلامية السنية، ويزبك أيضاً رئيس مجلس شورى حزب الله، فهو بذلك لم يلتزم بكلام الولي الفقيه الذي يمثله في لبنان، ولا بتوجيهات أمين عام حزب الله، وهنا مكمن الخلل والخطورة في آن واحد....
- تحدث مؤخراً نعيم قاسم عن كشف شبكة عملاء أميركية في لبنان وتقيم في السفارة الأميركية في بيروت، حيث قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أن ما كشفه الحزب حتى الآن من معلوماته عن المخابرات الأميركية هو جزء من كل وهو بعض ما لدينا من معطيات»، مؤكداً أن «هيكلية المخابرات الأميركية مكشوفة والمشغلون معروفون، وهناك تفاصيل كثيرة تجري مع هــؤلاء ومن معهم من عملاء وهي محل رصـد واهتمام. وشدّد، «أننا سنتابع هذا الملف ومعطياته، فهو تحت الكاشفات الضوئية للمقاومة الإسلامية. ولكن كما يبدو فإن حزب الله المنشغل بمتابعة وملاحقة عملاء أميركا في لبنان، يغض الطرف عما يجري في العراق وعلى يد حليفه رئيس وزراء العراق نوري المالكي رئيس حزب الدعوة الذي يتحالف معه نعيم قاسم، فقد قال رئيس البرلمان العراقي النجيفي في مؤتمر صحافي عقده:(إن "الحديث عن 15 ألف موظف في السفارة الأميركية في بغداد بعد انسحاب قواتها من العراق أمر غير منطقي في ظل تبادل التمثيل الدبلوماسي والعلاقات الثنائية ضمن إطار الاتفاقية الاستراتيجي الموقعة مع العراق"، مضيفا أن "ذلك يتطلب إجابة واستفسارا من الحكومة العراقية"). لذا يبدو أن ما كشفه نعيم قاسم في لبنان لا يوازي مطلقاً من حيث العدد والكم والنوع ما هو موجود في بغداد في ظل رعاية وعناية حكومة حزب الدعوة الإسلامي الذي يحكم العراق ويرأسه المالكي، ومع ذلك لم يصدر حزب الله في لبنان أي تعليق على حجم هذا الوجود وطبيعة هذا الدور..؟؟
- يضع حزب الله كل علاقة بين لبنان الرسمي والحزبي والقوى الأمنية مع المجتمع الدولي وبالأخص دول الغرب في خانة الخيانة لمحور الممانعة وطموحات المقاومة والإساءة لدماء الشهداء، ومع ذلك فهو يتجاهل رغبة حليفه المالكي في إقامة حلف استراتيجي مع الولايات المتحدة التي تؤكد انه ليس رجل إيران في المنطقة.. حيث (وصل المالكي إلى واشنطن على رأس وفد يضم وزير الخارجية هوشيار زيباري، ووزراء النقل والتجارة والاستثمار والدفاع ومستشارين، للبحث في تعميق الشراكة العسكرية والسياسية والاقتصادية بين الجانبين. ورفض مسؤولون أميركيون خلال لقاء خاص مع عدد من المراقبين اعتبار المالكي «رجل إيران» في بغداد، ووضعوا الانسحاب والمرحلة المقبلة في إطار اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين)..
لم يعد بمقدور حزب الله أن يمارس سياسة المكيالين ساعة يشاء ويرغب ولصالح هذا الفريق أو ذاك، وهذا الواقع يدل على أن التوجه السياسي لحزب الله لا يقوم على أسس وقواعد عقائدية كما يزعم بل إن منطلقات سياسيه نابعة من رغبته في خدمة مصالحه الحزبية الضيقة فقط، فهو يتمسك بسلاحه ليس لمواجهة العدوان والاحتلال ولكن ليحمي استقرار دولة إيران على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة ومشروعه السياسي في لبنان المرتبط بتوجهات إيرانية فقط وليس سورية أبداً. ودوره في سوريا هو دعم نظام متهالك حارب حزب الله سابقاً حلفاء نظيره في العراق ويتحالف مع مثيله اليوم في سوريا، فالأول كان ظالم لشعبه كما يقول حزب الله والمالكي، والأخير وجوده ضرورة لمواجهة المؤامرات الدولية كما يقول الفريق عينه، ورغم انه لم يطلق رصاصة واحدة يوما باتجاه الجولان والأراضي المحتلة، والأسباب التي لم يعلنها حزب الله لتحالفه مع نظام الأسد هي أنه يؤمن له خط عبور ومرور آمن من وإلى العالم العربي وإيران وهذا ما أكده ملك البحرين وما تعرفه المملكة السعودية والكويت وسائر دول الخليج، وما يعاني منه سكان شمال وغرب ووسط العراق. والولايات المتحدة المتهمة من قبل إعلام حزب الله وإيران وسوريا بالتحريض على الفتنة تجد لها أدوات صالحة وحلفاء مناسبين يمارسون سياسات ملتوية ومتناقضة ومتباينة تؤجج نار الفتنة وتعمق الشرخ بين مكونات المجتمعات العربية والإسلامية، ويؤكد هذا الكلام ما نشر على موقع ويكيليكس من وثائق تدين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالقول: (بأنه يحرك فرق خاصة تأتمر به مباشرةً قامت بعمليات تصفية وقتل وتعذيب، وتحدثت تلك الوثائق المنشورة عن تجاوزات كبيرة وصلت إلى حد الاختطاف والتصفية الجسدية لخصومه السياسيين، بواسطة قوات خاصة لا تأتمر إلا من خلاله استعملت العنف ضد كل من يعتبرهم تهديدا لنفوذه السياسي وتهديداً للنظام الحاكم في العراق. كما أظهرت الوثائق أن 180 ألف شخص سجنوا لأسباب تتعلق بالحرب على العراق ما بين الأول من يناير/كانون الثاني 2004 وديسمبر/كانون الأول 2009. وبينت الوثائق كذلك بأن القوات العراقية ألقت القبض في 2006 على 17 شخصا قالوا إنهم فرقة تحت إمرة المالكي، وأنهم قوات خاصة كانت تقوم بتنفيذ عمليات اعتقالات بأوامر مباشرة منه)..
خلاصة القول هي أن من ينظر لحالنا في لبنان يفهم ما يجري في العراق والفريقين الحاكمين واحد ولكن بأسماء مختلفة.. حزب الله في لبنان وحزب الدعوة في العراق، وللدلالة على ما نقول نكتفي بما قاله مستشار الأمن القومي السابق موفق الربيعي لوكالة "فرانس برس" (إن "ما كنا نخشاه من لبننة للقضية العراقية يحدث الآن". ويضيف إن "بعض الأطراف السياسية التي تعمل على التفاوض نيابة عن المكون (أي الطائفة)، ترى أن مصلحتها تكمن في لبننة النظام". قبل نحو عام، توصل القادة العراقيون إلى اتفاق برعاية أميركية يعكس التقاسم الفعلي للصلاحيات والرئاسات الثلاث، فأسندت رئاسة الجمهورية إلى الكردي جلال الطالباني، والحكومة إلى الشيعي نوري المالكي، والبرلمان إلى السني أسامة النجيفي).
حسان القطب