المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - لبنان: الاستهداف الأمني بعد الانقلاب السياسي
دراسات /
سياسية /
2011-11-30
الجمعة 30 كانون الأول 2011
لبنان: الاستهداف الأمني بعد الانقلاب السياسي
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
عقب استهداف سيارة مدنية لبنانية في وادي خالد من قبل الجيش السوري واستشهاد ثلاث شبان من أبناء المنطقة بعد إطلاق النار عليهم بدم بارد، كان يفترض بوزير الدفاع وقائد الجيش ومسؤولي المخابرات في الجيش التوجه فوراً إلى المنطقة لمعاينة مكان الاعتداء والخرق الحدودي وبلسمة جراح المواطنين اللبنانيين الذين فقدوا أبناء وأعزاء على يد جيش الأسد ديكتاتور سوريا..؟؟ ولكن هذا لم يحصل على الإطلاق، والسلوك نفسه لاحظناه بعد استشهاد أحد شبان بلدة عرسال البقاعية على يد جيش الأسد.. والسبب بسيط وهو أن ما جرى من جرائم غير مبررة عبر الحدود يناقض تصريحات وزير الدفاع اللبناني الذي قال بوجود تنظيم القاعدة في بلدة عرسال اللبنانية في البقاع، ويدين مخابرات الجيش اللبناني التي زودت وزير الدفاع بهذه المعلومات حين قال في معرض تنصله من المسؤولية المباشرة على تصريحاته بقوله كما ورد في إحدى الصحف المحلية: "لا علاقة لي بالأمر. أنا ذكرت ما وردني من الأجهزة الأمنية، وما وردني منها أخطر بكثير مما ذكرته في الإعلام لكنني تجنبت قوله لئلا ينعكس على سمعة البلد"). ما الذي ذكرته هذه الأجهزة الأمنية وما هو الخطير الذي لم يقله وزير الدفاع نتركه للأيام المقبلة التي ستكشفه حتماً وكما تعودنا من ممارسات هذا النظام الأمني الجديد في لبنان.. وفي حين أن الرئيس ميقاتي نقض ما يقوله وزير دفاعه بتأكيده "أن لا أدلة لدى الجيش على وجود القاعدة في لبنان ..نرى انه من المفيد الإضاءة على ممارسات وسلوك أجهزة الدولة اللبنانية في مناسبات مماثلة لنرى وطننا في أي اتجاه يسير..
- عقب حادثة مار مخايل التي سقط فيها عدد من القتلى بعد أن تصدى فيها الجيش اللبناني لمجموعة من شبان فوضويين في الضاحية الجنوبية، كانوا قد هددوا السلم الأهلي بإطلاقهم النار كما ذكر حينها خلال احتجاجهم على انقطاع التيار الكهربائي إبان حكومة دولة الرئيس السنيورة، وبالمناسبة هؤلاء الشبان لم يتظاهروا ولم يعترضوا على انقطاع التيار بعد هيمنة حزب الله على الحكومة (فلا ضرورة للكهرباء بعد اليوم) حينها قام قائد الجيش آنذاك، بزيارة حسن نصرالله لتقديم واجب العزاء بالضحايا وتمت معاقبة الضباط والجنود الذين أطلقوا النار بعد تحقيق داخلي،وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن مرجعية المحتجين هي حزب الله ولا أحد سواه.....
- بعد خطبة الشيخ أحمد الأسير في مدينة صيدا والتي احتج فيها على الإساءة التي وجهها ممثل الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك إلى السيدة عائشة، مطالباً إياه بالاعتذار، ذكرت الصحف المحلية حينها أن قيادة مخابرات الجيش في الجنوب انتقلت إلى منزل مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان لتطالبه بإصدار بيان يتبرأ فيه من كلام الشيخ الأسير إضافة لاتصال مباشر من نبيه بري لسماحته للغاية عينها..
- الانفجار الذي وقع في مدينة صور واستهدف مطعماً يقال انه يقدم الخمور في حفلاته كان قد سبقه انفجارات وحملة مبرمجه على محلات بيع الخمور في مدينة النبطية بواسطة القوى التي يطلق عليها (الأهالي).. ولم يتم توقيف احد ولا حتى مراجعة تنظيم الأهالي الأصولي في مدينة النبطية التي يهيمن عليها أهالي حزب الله وحركة أمل..
- قبل إطلاق الاتهامات على لسان وزير الدفاع اللبناني بوجود القاعدة في بلدة عرسال البقاعية كان سبقه إلى ذلك وعلى لسان مصادر أمنية اتهامات مماثلة وأشد خطورة حيث ذكر داوود رمال في صحيفة السفير: (ويقول مصدر لبناني واسع الاطلاع.. إن ما يشهده الشمال من سهولة حركة وتنقل للجماعات المتطرفة والتي جعلت من هذه المنطقة نقطة انطلاق للتدخل في أحداث سوريا عبر السلاح والمال والمقاتلين، وما تشهده عاصمة الجنوب صيدا من محاولة لتعميم النموذج الشمالي على الساحة الجنوبية "إن توسع الحالة السلفية في صيدا والتي يقودها أحد المشايخ، تثير الشكوك حول الأهداف التي تسعى إليها هكذا حركات ليس من منطلق وجودها أو حركتها، وهذا أمر مشروع، إنما استنادا إلى الخطاب الذي يخالف القيم والقوانين والدستور اللبناني القائم على التعدد والتنوع ومنع التحريض المذهبي والطائفي الذي يعاقب عليه القانون").
إذاً الخطر الأصولي منتشر في الشمال برمته والبقاع وتحديداً في عرسال وصولاً إلى مدينة ومخيمات عاصمة الجنوب صيدا بحسب هذه المصادر، وعلى لسان إعلام هذا الفريق وتصريحات سياسييه، ولا قيمة حقيقية وفعليه لسقوط الضحايا الأبرياء على مذبح أصحاب هذا المشروع، بل حتى لا تعبير عن مشاعر إنسانية وتعاطف وجداني مع أهالي وأبناء الشهداء الذين سقطوا.. ماذا يبقى من وسيلة للتقارب والحوار والتفاهم مع هذا الفريق بعد كل هذه الاتهامات الجاهزة للإطلاق بحق فريق لبناني أساسي.. القاعدة تنظيم مستفحل الانتشار في كافة مفاصل هذا المكون اللبناني، والأصولية جزء من ثقافته، والسلفية حالة متمددة ومنتشرة ومؤثرة، من أقصى الشمال إلى عاصمة الجنوب صيدا.. ما هو الحل إذاً غير الاستئصال فهو السبيل الوحيد لإزالة الأورام الخبيثة والحالات المرضية المستعصية.. ولكن هل من السهل استئصال وضرب وتهميش هذا الفريق..؟؟؟.. ربما هؤلاء الذين ينشرون هذه الأخبار والتسريبات والمقولات لا يدركون ما الذي قد ينتج عنها من تداعيات، لأنهم إنما يعملون دون تفكير، وربما نتيجة تعبئة معينة في خدمة مشروع هيمنة ووصاية واستعمار ثقافي وسياسي وامني جديد يسعى لوضع الوطن والكيان تحت سلطته ورعايته وفي خدمة مشروعه.
وبدأ هذا المشروع يأخذ طريقه للتنفيذ بعد إسقاط حكومة الرئيس الحريري، برعاية سورية ودعم إيراني، وحضور ميليشيا القمصان السوداء في شوارع بيروت وذلك بهدف التهميش السياسي أولا وصولاً للإمساك الأمني ثانياً، والآن يسعى هذا الفريق واستكمالاً لتنفيذ مخططه هذا في إطلاق سلسلة اتهامات خطيرة ومجحفة وظالمة بحق هذا الفريق اللبناني، إضافةً لتجاهل المعاناة الناتجة عن الاعتداء المباشرة عبر الحدود لكتائب ديكتاتور سوريا.. وذلك بهدف إدخال الإحباط إلى قلوب المواطنين اللبنانيين، وترهيبهم عبر الحدود ومن خلال أجهزة أمنية رسمية تتعاون معهم بالكامل مع الأسف عندما تبرر بتسريبات من هذا النوع الاعتداءات وتجاهل المعاناة.. إضافةً لمحاولة فك عرى الوحدة الوطنية عبر تخويف مكونات المجتمع اللبناني من بعضها البعض، وقد أشار رمال في مقالته لهذا التوجه بقوله: (إن مدينة صيدا ومحيطها لا تتحملان أصلا هكذا ظواهر لم تألفها بيئتهما سابقا، لأسباب موضوعية أهمها: أنها على تماس مع المسيحيين في داخلها وفي قرى شرق صيدا وصولا إلى جزين.. ولارتباطها بعمق شيعي حيوي.).. بناءً على هذا الكلام التحذيري الخطير، ما على المواطن المسيحي سوى أن يخاف من أبناء مدينة صيدا السلفية المتطرفة، وما على المواطن الشيعي سوى أن يكون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الواقع الخطير..
أي مشروع هذا الذي يستبيح لنفسه حمل السلاح وتجاوز القانون والاعتداء على الأملاك العامة ويمنع ما يريد منعه ويسمح بما يشاء ويريد بقوة الأمر الواقع، ثم يحدثك هذا وذاك من هذا الفريق عن احترام القوانين والدستور والقيم والتحريض المذهبي والطائفي.. ومع ذلك لم تلحظ الأجهزة الأمنية هذا الكلام وخطورته على العيش المشترك والسلم الأهلي ولم تجد ضرورة لزيارة أي من المرجعيات السياسية أو الدينية كما فعلت في مناسبة سابقة ولا حتى القيام بواجب العزاء..
حسان القطب