تعريب العلوم أـ بو مرعي : اللغة الأم تنمّي الشخصية
إعلام وصحافة /
تربوية /
1986-01-21
المركـز الثقافـي
للبحوث والتوثيـق
صـيـدا
يفتتح المركز الثقافي للبحوث والتوثيق نشاطاته الثقافية والتربوية والاجتماعية ، بمحاضرة عنوانها :
مـن أجـل
" تعريب العلوم والرياضيات "
في مدارسـنـا
تقدمهـا : الدكتورة أرميل أبو مرعي
أستاذة في الجامعة اللبنانية
الزمـان : الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت الموافق 18 كانون الثاني 1986
المكـان : قاعة محاضرات دوحة المقاصد الإسلامية ـ صيدا
اللجنة الثقافية
الدعـوة عامـة
ملاحظة : 1 ـ تلقى المحاضرة باللغة الفرنسية
2 ـ يتبع المحاضرة نقاش وحـوار
محاضرة في صيدا عن تعريب العلوم
أبو مرعي : اللغة الأم تنمّي الشخصية *
صيدا ـ " السفير "
افتتح أمس ، المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا نشاطاته بمحاضرة لرئيسة القسم الفرنسي في فرع كلية الآداب في صيدا الدكتورة آمال أبو مرعي موضوعها " من أجل تعريب العلوم والرياضيات في لبنان " في حضور عدد من الأساتذة الجامعيين والمثقفين في صيدا .
قدم المحاضرة رئيس المركز الدكتور مصطفى دندشلي بكلمة عن أهمية الموضوع المطروح .
استهلت الدكتورة أبو مرعي محاضرتها بشرح الصعوبة التي يواجهها الطفل عند تعلمه المواد العلمية باللغة الأجنبية فقالت : في بداية المرحلة الابتدائية يبدأ الطفل في تعلم الحساب والرياضيات باللغة الأجنبية الفرنسية أو الإنكليزية وذلك في معظم المدارس الخاصة في لبنان . وتعلمه الحساب يتوافق مع تعلمه المبادئ الأولى في اللغة بالإضافة إلى تعلمه العلوم الطبيعية باللغة الأجنبية كما أنه في بداية المرحلة المتوسطة يتوجب عليه التعاطي مع مفاهيم جديدة وصعبة في العلوم ، وهي مفاهيم القوة والطاقة والعمل والكهرباء وغيرها وهنا يحصل أحد الأمرين ، إما أن يكون الطفل مجيداً للغة الأجنبية فيستطيع عندئذ أن يتفهم هذه المفاهيم العلمية الجديدة ، لكنه يكون قد بذل مجهوداً مزدوجاً من خلال فهم الجملة الأجنبية واستيعاب المصطلحات وحفظها عن ظهر قلب ومن ثم محاولة استيعاب المفهوم الرياضي أو الفيزيائي أو العلمي وهذا الأمر يعني جهداً ضائعاً ومهدوراً .
أضافت : أما الأمر الثاني فهو أن يكون مستوى الطفل وسطاً أو ضعيفاً فلا يحسن التعبير الشفوي في بداية المرحلة المتوسطة فكيف به أن يجاري سرعة الفهم اللغوي الضروري ليستطيع متابعة شرح الأستاذ ؟ علماً أن لكل طفل سرعته الخاصة به لجهة الفهم والاستيعاب تتناسب وشخصيته وعندما تكون اللغة أجنبية فإن سرعة الفهم تلعب دوراً أكثر أهمية أيضاً . والنتيجة المنطقية هي أن ستة أو سبعة أطفال يتابعون كلياً الدروس العلمية في صفوف تضم عادة بين 30 و40 طفلاً فتكون النسبة 20 في المئة من تلامذة الصف تتابع الدروس وليس أكيداً أنهم جميعاً مؤهلون وجيدون في العلوم والرياضيات وباقي التلامذة نسبتهم 80 في المئة يضحى بهم في مختلف مراحل دراستهم .
وأشارت إلى اتباع بعض المدارس اللبنانية لكتب تاريخ وجغرافيا موضوعة باللغة الأجنبية ومخصصة في الأصل للتلامذة الأجانب انطلاقاً في البيئة المحيطة بهم . فإذا بهذه المدارس تلزم الطفل اللبناني أن يتكيف مع هذه الكتب . بدلاً من جعل الكتاب يتكيف وقدرة الطفل وطاقاته وقالت : أننا لا نسهل للطفل في لبنان إدراكه للمعارف والعلوم إنما نجبره على تقبلها كما هي ونتيجة ذلك فإن الطفل صاحب المستوى الوسط في اللغة الأجنبية أو الضعيف فيها يصبح ضعيفاً في المواد العلمية .
ورأت " إننا إذا علمنا الأطفال المواد باللغة العربية وهي اللغة الأم فإن نسبة التلامذة الذين سيتابعون شرح الأستاذ ستصل إلى 98 و100 في المائة ".
وقالت : إن احتكاك الطفل مع العالم الخارجي يساعده على تكوين شخصيته ويدفعه على تنمية إمكاناته الفكرية والعقلية ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا بالقدر الذي يعقد فيه الطفل علاقات جديدة ويتصل مع الآخرين ويحسن التكلم تدريجياً بلغته الأم . إذ أن شخصية الطفل ولغته يتكونان سوياً وبالتالي فإن معرفة العالم الخارجي وبنية النظام الفكري لا يكونان إلا عن طريق اللغة .
وختمت محاضرتها بالقول : في لبنان هناك انقطاع غير طبيعي بل واصطناعي في تكامل الشخصية عند الطفل فعندما نحاول أن ندخل في مجالات المعرفة بواسطة لغة أخرى نكون وكأننا نلصق شخصية الآخر على شخصية الطفل التي هي في طور التكوين وهذا خطير جداً على الصعيد النفسي واللغوي والمعرفي والأخلاقي أيضاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ) جريدة السفير بتاريخ 21 كانون الثاني 1986