صيداويات - أبناؤنا ثروة إنسانية
إعلام وصحافة /
عمرانية /
2010-09-23
أبناؤنا ثروة إنسانية
صيداويات - الخميس 23 أيلول 2010-
بقلم كامل كزبر - مدير مدارس الإيمان في صيدا:
يشكل الموهوبون والمبدعون في أي مجتمع من المجتمعات ثروة حقيقية، لأن قدراتهم المتميزة والكامنة إذا ما تم إطلاقها واستثمارها وتوظيفها فإنها تعمل على شق الطريق نحو التطور والتقدم في كل المجالات. فالمبدعون ليسوا ثروة وطنية أو قومية فحسب، إنما هم ثروة إنسانية، لذا فإن اكتشاف هؤلاء المبدعين أصبح ضرورة إنسانية قصوى، من هنا كان لا بد من العناية والاهتمام بهم، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة تعمل على تفجير طاقاتهم الإبداعية وإظهار قدراتهم المتميزة، من غير أن نغفل تعريف الآباء والمعلمين بالقدرات الإبداعية والخصائص المميزة لأبنائهم المبدعين مما يعتبر ضرورة قصوى كونهم الأقرب إليهم والأقدر على إكتشافهم، ويمكن أن يتمّ ذلك من خلال تعريف الآباء والمعلمين بمثل هذه القدرات والخصائص الشخصية المميزة كما أن تطوير الإختبارات والمقاييس والأدوات الخاصة بهذه القدرات والخصائص الشخصية المميزة يعدّ من الأمور الأساسية في هذا الجانب، ليأتي بعد ذلك الاهتمام بتوفير بيئة تعليمية تربوية غنية ومميزة، تناسب تميز هؤلاء المبدعين، كأن يتم اعداد برامج إثرائية وطرق تعليمية خاصة، وتأمين معلمين متميزين، وإدارة تعليمية واعية ومشرفين متفهمين لإحتياجاتهم ومشكلاتهم..
ولا يمكن أن ننسى أيضاً الجو الأسري الدافئ والمتفهم لمتطلباتهم واهتماماتهم وطرق التعامل معهم وتقديم كل مساعدة من أجل حل مشاكلهم إضافة إلى هذه النظرة التقنية الحديثة. كما لا بدّ من الإشارة إلى ضرورة توفير جو تعليمي آمن ومشجع حتى يستطيع هؤلاء المبدعون أن يعبروا عن إبداعاتهم دون خوف أو قلق، الأمر الذي يمكنهم من إظهار قدراتهم الكامنة ليقودوا عملية التطوير الحضاري الإنساني، من خلال تحقيق أفكارهم غير المألوفة أو التخيلية لتصبح واقعاً ملموساً مثل كل الأفكار التخيلية التي كان يطرحها العظماء من المبدعين في التاريخ البشري والتي أصبحت اليوم بين أيدينا اختراعات وأدوات نستخدمها يومياً وتخدم الإنسانية جمعاء.
وهنا لا بدَّ من النظر بامعان إلى الكيفية التي تعاملنا بها مع التعليم في كل أنحاء العالم، مقارنة بجوانب أخرى مثل الطب وقطاع المصارف، وأفضل أن أستخدم الطب نموذجاً. فلنفترض أننا قد أخذنا آلة الزمن وأعدنا عقارب الساعة مئة عام إلى الوراء، وأخذنا طبيباً جراحاً، ثم وضعناه في غرفة عمليات حديثة، فإن ذلك الطبيب لن يتعرف على أي شيء فيها باستثناء جسم الإنسان الذي ستجرى له الجراحة، وستكون المعدات الجراحية بالنسبة إليه شيئاً مجهولاً تماماً. وفي المقابل، إذا أخذنا معلماً من صف مدرسي قبل مئة عام ووضعناه في أحد الصفوف المدرسية المعاصرة فإنه يمكن أن يكون بديلاً يحل محل المدرس المعاصر، إذ لم يتغير شيء مقارنة بما كان سائداً من قبل فيما يتعلق بالمدارس.
إننا في مدارس الإيمان نعمل ومنذ زمن على خلق المناخ الإبداعي في كل الاتجاهات والميادين، وها نحن في كل سنة نقطف ثمرات تميز أبنائنا، ففي السنة الماضية كان لطلاب مدارس الإيمان شرف تمثيل لبنان في المعرض العلمي في الولايات المتحدة الأميركية وللمرة الثانية وكذلك تمثيل لبنان في المسابقة العالمية للروبوت في كوريا الجنوبية، والقافلة مستمرة في تحقيق الإنجازات والإبداعات في أكثر من مجال وصولاً إلى تنشئة جيل من المبدعين على كافة المستويات.
وفي الختام أشير إلى أن جهودنا الكبيرة في مدرستنا تبقى فردية –رغم أهميتها– وما لم تتضافر جهود المؤسسات التربوية في اتجاه تحقيق المناخ الآمن لمبدعينا، وما لم تسهم الدولة في معظم مؤسساتها واحتضان المبدعين وتأمين الرعاية التامة لهم، فإننا نعود للتساؤل: كيف يمكن تبني المبدعين ومتابعة مشوارهم الإبداعي حتى النهاية من أجل رفاه المجتمع؟!
ومع بداية عام مدرسي جديد نأمل أن تتضافر جهود السياسيين والمسؤولين لتأمين جوّ من الاستقرار الأمني والنفسي الذي يساعد على التجدد والتطور ويمنع رحيل المبدعين والعباقرة.
http://www.saidacity.net