النهار - عين على سوريا وأخرى على "حزب الله" بعد الزيارة
إعلام وصحافة /
إعلامية /
2010-10-15
الجمعة 15-10-2010
عين على سوريا وأخرى على "حزب الله" بعد الزيارة
لا استبدال راهناً للمشهد السعودي السوري في لبنان
أثار الحديث "عن زيارة محتملة لرئيس الوزراء التركي رجب الطيب اردوغان لبيروت اليوم ولقائه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعدما حدد الاخير زيارته للبنان تساؤلات اذا كان ثمة امر غير واضح المعالم يجري في المنطقة. وقد اجريت اتصالات استيضاحية في كل الاتجاهات لمعرفة مدى صحة ذلك، نظرا الى المشهد السياسي المختلف الذي يعنيه، علما ان هذه التوضيحات لم تتأخر اقله على المستوى السياسي والديبلوماسي في النصح بعدم الاغراق في التفسيرات والتأويلات. اذ ان لقاء ايرانياً تركياً في بيروت بعد اشهر معدودة على قمة ثلاثية في العاصمة اللبنانية، جمعت المملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان، قد يكون امراً مبالغا في حصوله او تبسيطيا جدا في قراءة التطورات. ويرجح كثر ان يكون ذلك طموحاً ايرانياً كان سيكون كسباً كبيراً لو تحقق. لكن قد يكون الامر مبالغاً فيه ايضاً بالنسبة الى لقاء ايراني تركي في غياب سوريا ايضا، التي لا تسلّم ولا يمكن ان تسلّم بأولوية وجود لاعب اقليمي اكثر تأثيراً منها في لبنان، وهي حليفة لايران كما هو معلن ما لم تكن التفسيرات حول رسالة ايرانية الى سوريا تتضمنها زيارة نجاد ايضاً، وفق ما يقرأ كثر في هذا الاطار. لكن لا يعتقد ان المملكة السعودية يمكن ان تخلي مكانها لتركيا في لبنان بهذه السهولة، فضلاً عن مصر وان لم تكن هذه في الواجهة في غالب الاحيان، كما سوريا والمملكة العربية السعودية. فمع ان ايران دولة اقليمية لها تأثيرها في لبنان على ما تظهره زيارة نجاد، او ما يراد منها ان تقوله، فإنه من المبكر الاستنتاج ان المجال أُفسح امام دخولها في المعادلة الاقليمية المتعلقة بلبنان على نحو علني ومباشر، باعتبار ان ايران موجودة فيه انما على نحو غير مباشر وعبر سوريا حتى الان التي تضبط ايقاع "حزب الله" بالتعاون مع ايران، الى حد اعتباره ورقة سورية بمقدار ما هو ورقة ايرانية. الا ان كثراً يرون ان لهذا الحضور الرسمي الايراني مفاعيله ومترتباته، وهو ما يجب مراقبته في المستقبل القريب.
وبحسب مصادر ديبلوماسية ينبغي الانتظار الى ما بعد زيارة نجاد لمعرفة احتمال توظيف سوريا هذا المشهد الايراني في لبنان، للحصول على دعم اكبر لنفوذها فيه، ام انها ستفسح لايران ان تتحدث مباشرة بالنيابة عن نفسها وعن "حزب الله"، او ان هذا المشهد سيحمل رسالة الى ان رعاية ايران الحزب يعني ان لها دورا في لبنان وكلمة فصل، ويفترض ان تجلس الى طاولة المساعي والاتصالات عند كل محطة طارئة كما حصل في القمة الثلاثية في بعبدا. فالزيارة وفق ما ترى هذه المصادر ذات بعدين أساسيين، احدهما يتصل بالداخل الايراني حيث يواجه نجاد طعناً متواصلاً بشرعية اعادة انتخابه رئيسا. في حين انه أريد من مشهد الحشود الضخمة ان يُظهر للداخل الايراني في شكل اساسي، كما للخارج، ان لسياسة ايران ورئيسها ايجابيات في القوة الاقليمية والحضور على مستوى المنطقة، وان لا تأثير للعقوبات الدولية على ايران من حيث سلطتها وامتداد نفوذها او قدرتها على ذلك. وهناك رسالة اخرى يتصل مضمونها بالقول ان للطائفة الشيعية في لبنان وليس لـ"حزب الله" وحده من يسندها ويحميها. والرسالة التي وجهها احمدي نجاد في موضوع المحكمة في خطابه في الضاحية الجنوبية واضح لهذه الجهة، من اجل التأكيد ان الحزب ليس وحده. لذلك فإن المشهد الاقليمي قد لا يبدو بالسهولة التي يتصورها البعض. وخصوصاً مع الدخول الاميركي والاوروبي على خط زيارة نجاد ايضاً.
فالمصادر السياسية المختلفة في بيروت لم تقم اي وزن للكلام الخارجي الذي انتقد زيارة الرئيس الايراني، ولا سيما منه التحذير الاميركي، من ابعاد الزيارة واهدافها، من منطلق اعتبار ان موقف الادارة الاميركية لا وزن له، في ظل تراجع او فشل ملموس لهذه الادارة في ملفين اساسيين في المنطقة لايران صلة اساسية بهما. احدهما يتصل بالملف العراقي، اذ يسري على نطاق واسع ان المكسب الاساسي فيه كان لايران، في ظل تراجع اميركي مبني على دفع ما يمكن سياسياً من اجل تنفيذ الوعود بالانسحاب عسكرياً. في وقت ضمنت واشنطن اتفاقات النفط في شكل اساسي. والآخر يتصل بالمفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، وسقوط هذه المفاوضات بعد أقل من شهر على انطلاقها، نتيجة عدم التراجع الاسرائيلي في موضوع تجميد الاستيطان. مما يعني عدم مونة الولايات المتحدة على حليفتها اسرائيل حتى مع كل العروض والضمانات التي قدمتها اليها. فهذا العجز الاميركي الذي يعزوه كثر الى تراجع شعبية الرئيس الاميركي باراك اوباما عشية الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي، يسمح بالاطمئنان الى ان المواقف الاميركية ليس لها اي قيمة عملية، بدليل ان كلاماً أشدّ وأقوى وقعاً قاله الرئيس الايراني أمام الجمعية العومية للامم المتحدة، ولم يكن للردّ الاميركي عليه مفاعيل عملية. ويعتقد هؤلاء ان الحمية الاميركية او الاوروبية لم تكن لتظهر، لولا حساسية الوجود الايراني العملي والمباشر على الارض في الجنوب اللبناني على مسافة كيلومترات من الحدود مع اسرائيل، والخشية من ان يؤدي اي استفزاز الى توتر، وليس هناك قلق ابعد من ذلك. ولا يعتقد ان الزيارة قد تترجم برد فعل لاثبات الوجود الغربي او سواه في لبنان في مقابل الحضور الايراني.
وهذا الامر يتسم بالكثير من الصحة في رأي المصادر الديبلوماسية المعنية، الا ان الامور ليست عند هذا الحد راهنا وامامها الكثير من العوائق.
روزانا بومنصف