الجمعية الوطنية للتأليف والنشر-اللغة العربية بين مكائد أعدائها وانهزام أبنائها
إعلام وصحافة /
تربوية /
2010-03-31
اللغة العربية بين مكائد أعدائها وانهزام أبنائها!!
[2010-03-31 11:55:49
المرابط ولد محمد لخديم رئيس الجمعية الوطنية للتأليف والنشر
E- mail; lemrabott8@gmail.com
لن يحوجنا هذا المقال إلي الخوض في التعريف بجميع الكتب والدراسات التي تناولت اللغة العربية فهي كثيرة جدا تعز على الحصر وتربو على العد ويلزمها كنب ومجلدات , وقد اهتم علماء اللغة والمختصين بها و تناولوها بالبحث والتفصيل, ولقد أصبح من الواجب عليهم الآن استخراجها من جديد وتداولها... إننا سنبحث في جانب آخر ندرت حوله الكتابات فلقد اتجهت الأنظار منذ زمن بعيد إلى أن بناء الفكر وبناء الوجود لا يكون إلا واحدا، وليس هناك صيغة ثابتة للأفكار إلا أجسادها اللفظية التي كانت مستغلقة على ذاتها، ولم تقم محاولات للبحث عن الاتساق بين اللغة والوجود باعتماد حركة الجدل الواحدة فيها وكان من يقولون بإمكان الاستدلال على خصائص اللغة(93) أمثال: باميدس، وسبينوزا، وهيكل، وبرادلى: ليس لديهم نظرية تبحث في اللغة بحثا جدليا يكشف عن التضاد القائم في كل لفظ من ألفاظها ليصلوا من خلال هذه الخصائص اللغوية إلى إقامة فلسفة تعتمد أمثلة ذات وجهين: وجه طبيعي وآخر إنساني مجتمعين معا في اللفظ، فهو من حيث الصوت حركة طبيعية ككل حركات الطبيعة ومن حيث المعنى سمة إنسانية، ومن حيث أنه صوت ومعنى يجمع الطبيعة والإنسانية في كل واحد يضمهما معا، والفلسفات كلها على اختلافها ترى أن هناك حاجة لنشوء نظرية لغوية عامة ،لا تنفصل فيها الصورة عن المادة تكون قاعدة لهذه الفلسفات. والنظرية اللغوية التي تقوم على اتصال الصورة بالمادة هي النظرية التي أسفرت عنها حركة الجدل في الحرف العربي والتي كشفت أن كل لفظ يحتوي على ضده في داخله، وأنك حين تقلب حروف أي لفظ من ألفاظ هذه اللغة تجيء بعكس المعنى والمبنى معا. كما أن هناك تضادا في الحرف ذاته بين الحركة والحرف على أمثال التضاد في اللفظ أيضا، وهذه الحركة الجدلية في سيرها تكشف عن معنى الزمان والمكان والكم والكيف والحرية والضرورة والمعرفة والمحدود وغير المحدود: كما تكشف قوانين الطبيعة عن الطبيعة ذاتها. وحين تحدد وجهات هذه الألفاظ فإنها ستؤذن بقيام فلسفة جديدة تقوم على أسس صحيحة ذات قرار مكين. فقد تبين أن التضاد في هذه اللغة وفي الطبيعة غير التضاد المتعارف عليه، وأن الحرية والضرورة قائمتان في كل شيء، وأنهما متلازمان لا تنفك إحداهما عن الأخرى، وأن الكم والكيف يجريان في جدلية واحدة كجريان الزمان والمكان، وأنه يجري الانتقال من الحرية الى الضرورة, ومن الضرورة إلى الحرية, كما يجري الانتقال من الكم إلى الكيف وبالعكس (94) وكل ذالك مستفاد من التمييز بين الضد وضده في جدلية الحركة من كل لفظ، والمقولات التي كانت تلفها سحب الغموض والتعقيد ستتضح وتظهر جلية بينة بسبب وجود الأمثلة التي تشرحها وتفسرها من ألفاظ هذه اللغة.. ولو أن أهل اللغة العربية تحدثوا عن النحو والصرف والعروض والبلاغة دون أمثلة لوجدنا في كلامهم من الصعوبة ما يجده المنشغلون في الفلسفة في عبارات هيكل من غموض وتعقيد، فالأمثلة وحدها هي التي تضيء لنص فيشف بالمعنى ويصفه ويجليه ويوضحه. وليس الإتيان بالأمثلة سهل المنال، وإنها ـ وهي صورة الواقع الحي ـ لا تأتي إلا بعد ترجمتها إلى لغة إنسانية وفي صيغ من ألفاظ ليست إلا صورة فوتوغرافية وصادقة للوجود الذي ارتسم فيها، من وجه، وصورة له بلحمه ودمه من وجه آخر. وهذه الصورة الحية النامية المتطورة التي تنبض بالحياة لا تفتح إلا بمفتاح الجدل الذي يكشف عن وحدة الحركة فيها وفي الوجود من حولها وحين نقف عند نص لأبي نصر الفارابي فنحسب انه بلغ من الغموض درجة يصعب معه تصور ما بلغه من تعقيد وحشو وترديد لألفاظ لا معنى لها، والسبب في ذلك انه بحاجة إلى مثال يوضحه ويجليه، ولا سبيل إليه إلا عن طريق صورة تلخص الواقع الموضوعي كما هو في واقعه: نضعها أمامنا ثم نبدأ بالتعرف على النص من خلالها كما يجري التعرف اليوم على نتائج الغارات الجوية من خلال الصور التي تؤخذ لمواقع القذف. والتحدث عن نص الفارابي وأمثاله كالتحدث عما أحدثته الغارات باللسان دون الصورة.. والصور التي تشرح الفلسفات على اختلافها قائمة في صيغ الألفاظ التي هي قوالب للأفكار وأجساد وقد تكشف نص الفارابي بعد عرضه على صيغة اللفظ وكأنه نص عادي في مستوى العبارات التي يتداولها الناس: تكشف أن أبا نصر الفرابي كشف عن حركة الجدل برمتها في هذا النص البسيط بشكل يكاد يلخص كثيرا مما وصل إليه هيجل الذي جاء بعده ببضعة قرون. لهذه الأسباب شعر كبار الفلاسفة بأن الحاجة تدعوا إلى نشوء نظرية لغوية لا تنفصل فيها الصورة عن المادة. ولعل عذر أبناء اللغات الأخرى في تأخر الكشف عن حركة الجدل في لغاتهم بعد هذه اللغات عن أصولها الأولى، وتقطع أرحامها). فعلى سبيل المثال يقول غوستاف لوبون: ” ولا أسهب في الكلام عن اللغات بأكثر بما أسهب في النظم، وإنما اقتصر على القول بأن اللغة تتحول بحكم الضرورة عند انتقالها من أمة إلى أخرى. ولو أثبتت كتابة، وهذا ما يجعل الفكر القائل بلغة عامة أمر عقيما، اجل إن الغوليين مع كثرة عددهم ـ قد انتحلوا اللغة اللاتينية في اقل من قرنين بعد الفتح الروماني، غير أن الغوليين لم يلبثوا أن حولوا هذه اللغة على حسب احتياجاتهم، ووفق منطق روحهم الخاص، ومن هذه التحولات خرجت لغتنا الفرنسية الحاضرة في آخر الأمر ״(96) وهذا عكس اللغة العربية التي مازالت موصولة الرحم منذ نشأتها الأولى إلي يومنا هذا في حين انقرضت أو تغيرت جميع اللغات الأخرى.مما يؤهلها أن تكون لغة إنسانية.. فرغم الظروف المتاحة للحملات الصليبية المتعاقبة على العالم الإسلامي، ورغم كل ما بذله ويبذله هؤلاء الغزاة (إلى اليوم) من جهود مضنية للقضاء على اللغة العربية فقد باءوا بالفشل الذريع، وتحطمت كل مساعيهم حيث بقيت اللغة العربية ـ رغم انتشار اللهجات المحلية(217) وتباينها أحياناـ هي اللغة النموذجية الوحيدة التي تفرض نفسها فرضا على كافة اللهجات العربية، والمعين الأقوى الذي أخذت ولا تزال تأخذ عنه هذه اللهجات مفرداتها للتعبير عن المعاني الراقية في شتى مجالات الحياة. وكما باءت بالفشل كل المحاولات الظاهرة والباطنة داخل العالم العربي وخارجه، للقضاء على العربية يتغير قواعدها (باسم التبسيط) أو استبدال حروفها (باسم التسهيل) أو إجراء أي تحويل في بنيانها (باسم الإصلاح) أو أي شعار آخر. ولك أن تسأل كيف تتهم اللغة العربية بالضعف والتخلف؟! وهي اللغة الوحيدة التي استطاعت أن تصمد أمام هذه التحديات السالفة الذكر... ولقد رأينا آنفا كيف أنها أجابت على تساؤلات المفكرين والفلاسفة في بحثهم عن نظرية لغوية عامة ،لا تنفصل فيها الصورة عن المادة تكون قاعدة لكل الفلسفات وترجمتها إلى لغة إنسانية, بعد توفر الشروط التي تؤهلها لهذه المكانة, لأنها اللغة الوحيدة من بين جميع لغات العالم التي مازالت موصلة الرحم بنشأتها الأولى. وأن لها ظهر وبطن؛ غير أن الخطأ ناتج عن كيفية التعامل معها حيث "أن قسما كبيرا من مشاكل اللغة العربية يعود إلى أسباب ذاتية، ونقصد بها ضعف همة أبنائها وقصورهم في القيام بواجبهم تجاه لغتهم التي هي لسان دينهم وعنوان هويتهم الثقافية ورمز سيادتهم الحضارية، وتفريطهم في مسئوليتهم التاريخية في الحفاظ على تراثهم وحماية وجودهم المعنوي.. إن محنة العربية لا تتمثل في حشود الألفاظ والمصطلحات الوافدة من عالم الحضارة المعاصرة، إلى عالمها الذي يبدو متخلف، ليس ذالك فحسب ، بل إن محنتها الحقيقية هي في انهزام أبنائها نفسيا أمام الزحف اللغوي الداهم، واستسلامهم في مجال العلوم للغات الأجنبية، بحيث قد تكونت في العالم العربي جبهة عنيدة تجاهد للإبقاء على العربية بمعزل عن مجال العلوم والتكنولوجيا، فما دامت صفوة المشتغلين بالعلوم تعرف الإنجليزية أو الفرنسية مثلا، فلا بأس أن نعزل العربية "بل ونقتلها في عقر دارها". وإذا طبقنا القاعدة القائلة: إن اللغة كائن حي، يعتريها ما يعتري أي كائن من عوارض، وتقلبات الزمن ومتغيرات ومستجدات التي تطرأ. فإننا نجد أن حياة اللغة من حياة أبنائها، وهي تقوى أو تضعف حين يقوون أو يضعفون "" واللغة التي نشاهدها اليوم هي لغة هجينة تولدت عن تداخل اللغتين الفصحى والعامية وقد انتشرت على نطاق واسع داخل الأقطار العربية وخارجها حيث يوجد من يعرف اللغة العربية من الجاليات العربية, وممن تعلم العربية وهي ليست لغة الأم. واللغة الثالثة هذه، والتي صارت لغة الإعلام المعتمدة، هي منزلة بين المنزلتين، كما كان يقول أهل العدل والتوحيد في تاريخنا ! فلا هي اللغة الفصيحة في قواعدها ومقاييسها وأبنيتها وأصولها، ولا هي لغة عامية لا تلتزم قيودا ولا تخضع لقياس ولا تسري عليها أحكام ولكن ميزة هذه اللغة أنها واسعة الانتشار انتقل بها الحرف العربي إلى آفاق بعيدة ، ولكن الخطورة هنا، تكمن في أنها تحل محل الفصحى، وتنتشر بما هي عليه من ضعف وفساد باعتبارها اللغة العربية التي ترقى فوق الشك والريبة. وبذالك تكتسب هذه اللغة الجديدة(مشروعية الاعتماد)، ويخلو لها المجال، فتصير هي لغة الفكر والأدب والفن والإعلام والإدارة والدبلوماسية، أي لغة الحياة التي لا تزاحمها لغة أخرى من جنسها أو من غير جنسها "(218) وهنا نرى بالإضافة إلى ما ذهب إليه الدكتور التويجري (219) أن خطورة هذه اللغة الهجينة التي توصف بأنها عربية تكمن في تركيزها على طبيعة سير الحركة في الصيغة ومساوقة ذالك لطبيعة سير الحركة في الوجود وهذا هو هدف أعداء هذه اللغة الإنسانية وحرفها العربي محاولين بذالك استبدال هذه اللغة الإنسانية الهجينة بالفصحى، في رطانة تقضي على صلة القربى والرحم بين لفظ اليوم في لساننا ولفظ الأمس في لسان أوائلنا. فإذا ضاعت الأنساب اللغوية تبعتها، بل قد تسبقها الأنساب القومية في الضياع، حيث تصبح اللغة مقطوعة الصلة بحركة الوجود في سيرها.. وغني عن البيان أن اللغة العربية التي استطاعت أن تترجم العلوم الكونية والفلسفية السابقة إلى لغة إنسانية وتقترح لها حلول لم تكن لتقف عاجزة أمام الشكل النهائي لهذه العلوم في ما يعرف بالتقدم الصناعي والتقني. وهذا ما يؤكد كلام التويجري السالف الذكر القائل: " إنما نشاهده اليوم ليس هو اللغة العربية الفصحى"، لكن هذا الضعف الذي تعاني منه اللغة العربية لم يكن وليد الساعة بل يرجع إلى قرون. ففي القرن السابع الهجري نعي العلامة ابن منظور في مقدمة كتابه (لسان العرب) ما صارت إليه حال اللغة العربية في زمانه من ضعف ووهن وهزال.يقول ابن منظور في مقدمة كتابه بعد استهلال ما يلي: "...وذالك لما رأيته قد غلب، في هذا الأوان، من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبح اللحن في الكلام يعد لحنا مردودا، وصار النطق بالعربية من المعايب معدودا، وتنافس الناس في تصانيف الترجمانات في اللغة الأعجمية, وتفاصحوا في غير اللغة العربية, وجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون، وصنعته كما صنع نوح الفلك وقومه منه يسخرون".(220) ولعل هذا ما فتح ثغرات استغلها على مرور الزمن الاحتلال الصليبي للقضاء على اللغة العربية وإزالتها من الوجود خاصة في تلك البلاد التي كانت خاضعة له. وهذا ما يفسر بعد ذالك اهتمام أوربا الشرقية والغربية بالعاميات العربية على حساب الفصحى ففي: سنة 1727م تأسست مدرسة نابولي الإيطالية للدروس الشرقية واهتمت بتدريس العاميات العربية بدل الفصحى. سنة 1745م تأسست مدرسة القناصل يفينا وكان من أهدافها تعليم القناصل والسفراء الأوروبيين لغات الشرق ومنها العاميات العربية. سنة 1759م تأسست مدرسة باريس للغات الشرقية الحية وكانت تدرس اللهجات العربية العامية ومن بين مدرسيها المستشرق الفرنسي (دي ساسي) والشامي ميخائيل الصباغ الذي ألف لتلك المدرسة :" الرسالة التامة في كلام العامة". و" المناهج في أحوال الكلام الدارج". وفي سنة 1814م تأسست مدرسة " الأزاريف" في موسكو. واهتمت بتدريس اللهجات والمحكيات العربية... 1856م تم إنشاء فرع اللغة العربية ولهجاتها بجامعة لندن المملكة المتحدة (انجلترا). 1891م تم إنشاء الكلية الملكية لعلوم الاقتصاديات الشرقية في المجر وكانت تدرس اللهجات العربية... (ورغم انتشار هذه اللهجات المحلية وتباينها أحيانا ورغم الظروف المتاحة للحملات المعادية للغة العربية من داخل العالم الإسلامي من القوميين (اللائكيين) من غير العرب (واللائكيين) الغرب من غير المسلمين بالإضافة إلى ما أسلفنا فقد باءت كلها بالفشل الذريع وتحطمت كل مساعيهم على صخرتها الصلبة بالفشل الذريع وتحطمت كل مساعيهم على صخرتها الصلبة وبقيت اللغة العربية وقد كان هدف هؤلاء هو إفساد نظام الحروف في اللفظ مما سيؤدي إلى إسدال الستار على الصيغة الجدلية برمتها. ـ وهل يوجد دليل أقوى في محاولة القضاء على هذه اللغة من أن نرى أعداء يحيون لغات ميتة وأشقاء (221) وأبناء يحاولون قتل أو وأد لغة كتبت لها الحياة الأبدية والأمر في كلتا الحالتين يبعث على الاحتقار من الذات للذات فضلا عن الاحتقار المنطقي لأهل اللغة والتشفي الذي ينكي الكلوم في القلوب المؤمنة النابضة بالحياة.. وهذا ما يظهر خطورة الغزو الداخلي بالمقارنة مع الغزو الخارجي حيث أن هذا الأخير نوع تقليدي يتم من أطراف فاعلين من خارج المجتمع المغزو، وهو غير خطير ـ نسبيا لأنه مكشوف وظاهر(لغير العميان). أما الغزو الداخلي فإنه غزو ذاتي وهو مضمون النتائج وسليم العواقب.والغزو الخارجي نستطيع محاربته لأنه مكشوف ونحاكمه لأنه معروف، أما الغزو الذاتي فكيف نحاربه وأين نحاكمه، ومن يحاكم من؟ فالمفعول هو الفاعل والخصم قد يكون هو الحكم في نظر القانون!! هذا وعلى رغم أنف الحملات التي تدار للقضاء على لغة الضاد في الداخل والخارج، الخفي والظاهر فإنها لم تزد اللغة إلا قوة واستمرارا.... إن تحميل اللغة ما لا تحتمل يتوجه إلى مراد الناطق حين يحملها ما لا يُحتمل، أما اللغة نفسها فهي كالشجرة، فهي أكبر من كل محاضرات علماء النبات في كل الجامعات: لأنهم أعجز من أن يحيطوا بها، فالبحث في بناء اللغة أمر، وما يريده زيد الناس وعمرهم من نطقهم بألفاظها أمر آخر... واللغة وسعت وتسع كل أهلها، وأما ألفاظ المتكلم فتسعه وحده وعلى قدره كأي قلم في يد أي كاتب فهو معه على قدره. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل من الممكن أن تعود اللغة العربية سيرتها الأولى؟!! وما هو سر قوتها واستمرارها؟!! يقول الدكتور شوقي ضيق رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة "الفصحى تحي في عصرنا حياة مزدهرة إلى أبعد حدود الازدهار، وهو ازدهار أتاح لها لغة علمية حديثة، وفنونا أدبية متنوعة، وأسلوبا مبسطا ميسرا، مع استلائها على ساحة الصحف ومع محاولاتها الجادة في الاستيلاء على ساحة الإذاعة. وأنا أومن بأنها ستظل تزداد ازدهارا وانتشارا من يوم إلى يوم حتى تحل نهائيا في الألسنة مكان العامية، لا في ما بقي لها من الفنون الأدبية الشعبية فحسب، بل أيضا في لهجاته التخاطب اليومية".(222) ويرى الدكتور عبد العزيز التو يجري أن المقارنة بين قول ابن منظور في القرن السابع السابق(223)، وقول الدكتور شوقي ضيف، في القرن الخامس عشر، عن حال اللغة العربية فتح أفقا واسعا للتأمل. مضيفا أن هذا من شأنه أن يحفز إلى تدبُر المستوى الذي وصلت إليه اللغة العربية في هذا العصر..(224). غير أن استحضارنا لواقع اللغة العربية وتأويلنا له لا يستند إلى المقارنة السابقة فقط.ورأي التويجري فيها بل يستند أيضا إلى قول العلامة محمد عنبر في كتابه المميز(جدلية الحرف العربي). حيث يجزم أن عودة لغة الضاد بسيرتها الأولى ممكنة حين يقسم لهذه اللغة أن تحرر أصولها بكشف الجدل الذي يحكمها، وبيان مسيرته الديالكتكية عن طريق مدارس تقيمها الأمة لهذه الغاية بل أكثر من ذالك سيصبح في مقدور أهلها مجتمعين أن يأتوا بما لم يأت به الأول. لأن هذا الحرف العربي في نظره من أقرب الحروف إلى الأصل الأم لأنه مطابق ومساوق لحركة الوجود في سيرها.(225) ومحمد عنبر في معالجته هذه يكشف عن نظرية تختلف شكلا ومضمونا عن كل ما كتب سابقا ويكتب الآن عن اللغة العربية, وهي النظرية التي اعتمدناها في بحثنا هذا.. ويرجع عجز اللغة التقليدية ـ كما يعبر عنها الآن ـ إلى أشياء لا تمت بصلة إلى اللغة نفسها وإنما النظر إليها على أنها لغة اصطلاحية تواضع عليها أهلها كوسيلة للتفاهم فيما بينهم دون النظر إلى اللغة ـ أي لغة ـ على أنها في أصل صدورها ليست إلا مجرد أصوات صدرت عن صائت فطرة وسليقة وطبعا كردة فعل على الواقع الذي فعل بهم فصانوا، وهم حينما .صاتوا لم يريدوا إفهام الآخرين بمرادهم(226) " ومن هنا كانت الأصوات الفطرية القليلة جدا ـ إذا اعتبرت بما آلت إليه اللغة فيما بعد ـ في إعرابها عن ذاتها بذاتها عما هي عليه في ذاتها، إنما هي أصوات يمكن أن تقرأ فيها أسرار هذا الوجود. وواضح أن قراءة كهذه لا بد أن تكون على قدر استيعابنا وليس على قدر ما هي عليه في ذاتها، ومن هنا قام التفاوت في هذا الاستيعاب بين قارئ وآخر. ولما كانت أٌقدار هذا الاستيعاب في نمو بين كل خطوة حضارية وأخرى، فإن استيعاب ما تعرب به اللغة الفطرية من ذاتها بذاتها عما هي عليه في ذاته يزداد يوما بعد يوم"(227) وبالرجوع إلى اللغة الهجينة السالفة الذكر وهي لغة الإعلام المعتمدة وبحكم التوسع في وسائل الإعلام وتعدد قنواته ومنابره ووسائطه، ونظرا إلى التأثير العميق والبالغ الذي يمارسه الإعلام في اللغة، وفي الحياة والمجتمع بصورة عامة، فإن العلاقة بين اللغة العربية والإعلام أضحت تشكل ظاهرة لغوية جديرة بالتأمل.وهي ذات مظهرين اثنين: ـ أولهما: أن اللغة العربية انتشرت وتوسع نطاق امتدادها وإشعاعها إلى أبعد المدى، بحيث يمكن القول إن العربية لم تعرف هذا الانتشار والنبوغ في أي مرحلة من التاريخ.. وهذا مظهر إيجابي باعتبار أن مكانة اللغة العربية قد تعززت كما لم يسبق من قبل، وأن الإقبال عليها زاد بدرجات فائقة وأنها أصبحت لغة عالمية بالمعنى الواسع للكلمة. ـ ثانيها: ويتمثل في شيوع الخطأ في اللغة، وفشوا اللحن على ألسنة الناطقين بها، والتداول الواسع للأقسية والتراكيب والصيغ والأساليب التي لا تمت بصلة إلى الفصحى، والتي تفرض نفسها على الحياة الثقافية والأدبية والإعلامية، فيقتدي بها وينسج على منوالها، على حساب الفصحى التي تتوارى وتنعزل إلا في حالات استثنائية. وبذالك تصبح اللغة الهجينة هي القاعدة، واللغة الفصحى هي الاستثناء. وهذا مظهر سلبي للظاهرة"(228) وإذا قمنا بالتكيف اللغوي ـ على غرار التكييف القانوني ـ لهذه الظاهرة، لا نعدو الحق إذا قلنا إن اللغة العربية تعاني في هذه المرحلة مما أسماه التويجرى (التلوث) الذي يلحق أقدح الأضرار بالبيئة اللغوية ، ويفسد الفكر، ويشيع ضروبا من الاضطراب والإرباك والقلق في العقول, علاوة على ما يسببه هذا الوضع اللغوي غير المستقر ، من فساد في الحياة العقلية للأمة, تنتقل عدواه إلى فساد في معظم المجالات، فتختلط المعاني والدلالات والمفاهيم والرموز في لغة الحوار بين الطبقات المثقفة، وبين قيادات المجتمع ، فيؤدي ذالك إلى الغموض والالتباس والتداخل في مدلولات الكلمات، مما ينتج عنه حالة من (الفوضى اللغوية) التي إن عمت وانتشرت، أفضت إلى فوضى عارمة في الحياة الفكرية والثقافية، وإلى ما هو أعظم خطرا من ذالك كله. (229) إن هذا التشخيص للعلاقة بين اللغة والإعلام يمكننا من أن نقف على حقيقة الحالة الراهنة للغة العربية، وهي حالة خطيرة بكل المقاييس في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية وما دام التشخيص السابق وصف هذه المرحلة ب:(التلوث) فإننا نتوقع معالجة الخلل وتطهير البيئة اللغوية من هذا التلوث، وإفساح المجال أماما تنمية لغوية يعاد فيها الاعتبار إلى الفصحى، وتستقيم فيها حال اللغة، بحيث تقوم العلاقة بينها وبين الإعلام على أساس سليم، فيتبادلان التأثير في اعتدال وفي حدود معقولة ، فلا يطغى طرف على آخر، بحيث تبقى اللغة محتفظة بشخصيتها، ويظل الإعلام يؤدي وظيفته في التنوير والتثقيف والترفيه النظيف، فيتكامل الطرفان وينسجمان، فتصبح اللغة في خدمة الإعلام، ويصبح الإعلام داعما لمركز اللغة. فمتى يتحقق هذا التكامل الذي هو أساسا لتنمية لغوية يعاد فيها الاعتبار إلى الفصحى؟! يقول التويجري إنه ممكن في المدى القريب فلقد تحقق اليوم ما أطلق عليه اسم (التضخم اللغوي)، أو (التوسع اللغوي) الذي نتج عن اتساع رقعة الإعلام وتأثيره في المجتمعات، وذالك لانتشار اللغة العربية بوضعها الحالي، على نطاق واسع، وهو حسب رأيه ما يخدم أحد أغراض التنمية اللغوية بالمعنى الشامل للتنمية المعتمد في الخطاب المعاصر. والتضخم الذي ذكره التويجري ليس هو التضخم المعروف عندنا في الاقتصاد والذي هو خطر على الاقتصاد ، فهذا التضخم اللغوي إيجابي لأنه توسيع لاستخدام اللغة، وإغناء لمضامينها ومعانيها، وتلك غاية سامية من الغايات التي تهدف إليها التنمية اللغوية. وانطلاقا من هذا المصطلح فإنه من المعلوم أن لأي تنمية من حيث هي, سواء كانت اقتصادية, أم اجتماعية, أم ثقافية، قواعد, وضوابط, ومعايير, وأهداف مرسومة. ولما كانت التنمية اللغوية تندرج في هذا السياق, فلن يتحقق الغرض منها ما لم تتوافر لها الشروط الموضوعية، وهي الشروط التي إن انتفى منها شرط واحد، فقدت التنمية اللغوية الهدف المتوخى منها حسب تعبير التو يجري، وتنقسم إلى ثلاثة شروط: أولا: أن تلتزم اللغة القواعد والأبنية والتراكيب والمقاييس المعتمدة والتي بها تكتسب الصحة والسلامة، في غير ما تزمت، أو تقعر أو انغلاق، مع مراعاة المرونة والتكيف مع المستجدات التعبيرية، فلا تسف، ولكنها تحافظ على طبيعتها، وأصالتها ونضارتها. ثانيا: أن تفي اللغة بحاجات المجتمع، وأن ترتقي إلى المستويات الرفيعة لشتى ألوان التعيير، بحيث تكون لغة متطورة، مسايرة لعصرها، مندمجة في محيطها معبرة عن ثقافة المجتمع ونهضته وتطوره، مواكبة لأحواله، مترجمة لأشواقه وآماله. ثالثا: أن يحتفظ بمساحات معقولة بين لغة الخطاب اليومي عبر وسائل الإعلام جميعا، وبين لغة الفكر والأدب والإبداع في مجالاتها، بحيث يكون هناك دائما المثل الأعلى في استعمال اللغة، يتطلع إليه المحدثون والكتاب على اختلاف طبقاتهم، ويسعون إلى الاقتداء به ويجتهدون للارتفاع إليه، فإذا عدم هذا المثل الراقي حل محله مثل أدنى وأحط درجة، لا يربي ملكة ولا يصقل موهبة ولا يحافظ على اللغة، إن لم يسيء إليها ويفسدها. والشرط الثالث هو من الأهمية بمكان، لأن انتفاء المثل الأعلى في اللغة يؤدي إلى هبوط حاد في مستوى التعبير الشفاهي والكتابي على السواء، ويتسبب في شيوع اللهجات العامية التي تنازع الفصحى السيادة على الفكر واللسان، لدرجة أنها تصبح مثلا يحتذي به. وتلك هي الخطورة التي تهدد شخصية اللغة العربية في الصميم. وهذه هي النتيجة التي يخشى اللغويون العرب من الوصول إليها، لأنها تمثل خطرا حقيقيا على الفصحى، وعلى ما تمثله من قيم ثقافية رفيعة، هي من الخصوصيات الحضارية للأمة العربية والإسلامية. وهذه الشروط الثلاثة تتمثل في الفصحى المعاصرة (230) ويري الدكتور شوقي ضيف: أن هذه الفصحى المعاصرة هي خلاصة التطور الذي عرفته اللغة العربية في هذا العصر، وهي اللغة (الوسطى) التي هي أعلى مستوى وأرفع مقاما من (اللغة السيارة). فهي لغة عربية تحافظ على خصائصها ومميزاتها وتراكيبها وصيغها، ولكنها لغة عربية معاصرة، بكل ما في المعاصرة من دلالات, ولذالك كانت الفصحى المعاصرة تعيش مرحلة خصبة من جميع الوجوه، إذ وسعت مضامين شتى من العلوم والآداب، ونفذت إلى أسلوب ميسر مبسط ، من شأنه أن يساعدها على انتشارها في جميع الألسنة، وقد ظفرت بفنون كانت خاصة بالعامية. ولكننا نعرف أن الفصحى المعاصرة استولت منذ القرن الماضي على أكبر ساحة لغوية شعبية في هذا العصر. (231) ويصل المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم د: التو يجري من اجتهاده هذا إلى أن الفصحى من هذا المنظور، هي الأمل في تطور اللغة العربية تطورا سليما، في هذه المرحلة التي تهاجم فيها الهوية الثقافية والخصوصية الحضارية للأمم والشعوب، فهي لغة الإعلام والفكر والثقافة والإدارة الدبلوماسية ، وهي لغة لا تنفصل عن الماضي، ولا تتنكر للتراث اللغوي، ولكنها لا تجمد عند مرحلة تاريخية من تطور اللغة، وإنما تساير المستجدات في غير ما اندفاع أو علو أو تطرف،لأن التطرف في اللغة هو الانفلات من القواعد، والانقلاب على التراكيب والصيغ البيانية المقطوع بصحتها وسلامتها. ويري أن هذه الفصحى المعاصرة هي لغة الحاضر والمستقبل، وهي الرد الموضوعي على الأخطار التي تتهدد اللغة العربية، وهي إلى ذالك التطور الطبيعي للفصحى الأصلية التي ضعف استعمالها في المجتمع نتيجة للأسباب والعوامل السالفة الذكر، مبينا أن هذا المصطلح الجديد (الفصحى المعاصرة) تعنى معاني كثيرة, منها ربط الفصحى بالمعاصرة، بما يستلزمه ذالك من الانخراط في العصر، والاندماج في تحولاته، والاستغراق في تياراته، وهو الأمر الذي يعني في المقام الأول الأخذ بالنتائج التي انتهى إليها علم اللغة الحديث، والاستفادة من ابتكارات العلوم (232) المرتبطة بفقه اللغة وعلم الأصوات وهذا ما يجعلها تلتزم بقواعد العلوم الحديثة. إن المعرفة التي بحوزتنا، هي الوسيط الذي ندرك من خلاله الوجود المادي والمعنوي، والواقع التاريخي، والواقع المعيش، وهذا الوسيط يتم تطويره عبر الخبرة البشرية، وعبر الكشوف والبحوث المتجددة. إننا نعيش في عالم متغير تجتاز فيه الإنسانية منعطفا جادا، ومثلها تدرجت في عصور الرعي, والزراعة,والصناعة, ها هي ذا تدخل الآن في عصر المعلومات، الذي تتنامى فيه العمالة الفكرية على حساب العمالة اليدوية، وتتبدل فيه مقاييس التقدم ومعايير ارتقاء الأمم وتترك خصائصه آثارها العميقة على طرف التفكير، وأنماط العيش وسبل التخاطب وأساليب التربية والتعليم وقواعد السلوك وسائر العلاقات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية المحلية منها والإقليمية والدولية. وككل التحولات الكبرى في التاريخ سوف نضطرب خلال مراحل تحول القيم والموازين وأنماط السلوك، وسوف يقاوم الإنسان التغيير ويدافع بحكم الاعتياد إلى أن يستقر الجديد وتثبت فعاليته وجدواه. إن أهم تحول عرفته نهاية القرن العشرين هو الانتقال مما أسماه (توفلر)(233) بالموجبة الحضرية الثانية ,التي بدأت مع نهاية القرن السابع عشر الذي كان مصدر الثروة والنفوذ فيها هو رأس المال والإنتاج الصناعي, إلى الموجة الحضارية الثالثة التي تمثل فيها المعرفة (إعلام ، معلومات ، تقنية رقمية) المصدر الأساسي للقوة والهيمنة. لقد عجل ظهور مجتمع الإعلام والمعرفة بحدوث تطورات هائلة على صعيد إنتاج وتداول وتخزين ومعالجة المعلومات والاستفادة منها في مدة زمنية قياسية. " إن تزايد نفوذ الإعلام المقروء والمسموع والمرئي(234) سيشكل عاملا مساعدا لذيوع اللغة العربية وسعة انتشارها ووصولها إلى آفاق بعيدة, تتخطى رقعة الوطن العربي إلى العالم الإسلامي. وإلى مناطق شتى من العالم، خصوصا وأن الإعلام المرئي يلعب دورا بالغ التأثير في تبليغ الرسالة الإعلامية إلى العالم أجمع". وبذالك اتسعت الساحة أمام الضاد على نحو لا عهد لها به من قبل. وفي هذا الامتداد للغة العربية تجديد لها، على نحو من الأنحاء، وتبديد الوهم الذي ساد في فترات سابقة، بأن لغة الضاد لم يعد لها مكان في هذا العصر.(235) لكن هذا الاتساع المطرد والانتشار المستمر للغة العربية لا يخلو من سلبية حيث أن “الرضا بمستوى اللغة والركون إلى وضعها الحالي، يورثان حالة من الاطمئنان والقبول والتسليم بالأمر الواقع، مما يتسبب في العزوف عن تراث اللغة والزهد في رصيدها على النحو الذي قد يؤدي ، إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه اليوم، إلى ما يشبه القطيعة مع الثقافة العربية الإسلامية في مصادرها وأصولها "(236) ولتجاوز هذه السلبية يقترح التويجري ما أسماه (بالمنهج التكاملي) وهو أن تواكب الجهود التي تبذل على مستوى مجامع اللغة العربية في الوطن العربي وعلى مستويات أخرى في أقسام اللغة العربية بالجامعات العربية، التطور الذي تعرفه اللغة بحكم تأثير وسائل الإعلام فيها، وأن يساير هذا العمل الأكاديمي والفني الوضع الحالي للغة العربية، فلا يرتفع عنه، ولا يستهين به ، وإنما يتفهمه، ويستوعبه ، بحيث لا يتم خارج نطاق الواقع، وإنما يكون جزءا من هذا الواقع، يتفاعل معه تفاعلا إيجابيا ينتج عنه ازدهار اللغة العربية وانتشارها، والحفاظ عليها وحمايتها، وتطويرها وتجديدها. ولهذا المنهج أربع قواعد وهي: أولا: التعامل مع اللغة على أساس أنها كائن حي قابل للتطور وفق ما يقرره أبناء اللغة، أي أن تطوير اللغة يأتي من إرادة الناطقين بها، ويصدر عنهم، فهم أصحاب المصلحة في هذا التطوير. ثانيا: إحكام العلاقة بين عملية تطوير اللغة وإصلاحها وتحسينها وتجديدها، وبين المتغيرات التي تعيشها المجتمعات العربية، بحيث تكون عملية التطوير استجابة لتطور المجتمع ونابعة عن واقعه المعيش. ثالثا: الانفتاح على المستجدات في العالم، خاصة في مجالات العلوم والتقانة والمعلوميات وعلم اللغة الحديث بكل تفريعاته والحقول البحثية المرتبطة به، والسعي إلى الاقتباس والنقل والاستفادة الواسعة من نتائج هذه العلوم جميعا في إغناء اللغة العربية وربطها بحركة الفكر الإنساني. رابعا: الاهتمام بالجانب القانوني والتشريعي في عملية التطوير، حرصا على ضبط مساره والتحكم في نتائجه، من خلال وضع قوانين تصادق عليها الجهات المختصة في الدولة، لفرض هيبة اللغة وإلزام أفراد المجتمع والهيئات والجماعات باحترامها طبقا للقانون أسوة بما هو عليه الأمر في بعض الدول الغربية. إن هذا المنهج الذي ندعو إليه، يلائم عصر العولمة الذي نعيشه، وينسجم مع طبيعة التحديات التي تواجه الضاد، ويتناسب والواقع الثقافي في العالم العربي. وحول الاستفادة من لغة الإعلام في عصر العولمة السالفة (237) الذكر التي تتيح فرصا كثيرة لكل من يرغب في تطوير لغته، حيث تقدم الصحون اللاقطة والإنترنت(238) والبريد الإلكتروني والحاسوب، كل ما يلزم من عمليات الإحصاء والترتب والتخزين والاسترجاع والتصحيح فانه يقترح الخطوات التالية: أولا: تفعيل المنظومة التربوية تفعيلا معاصرا، وذالك بتطوير الخطاب اللغوي، حتى يلبي كل أنماط الخطاب البسيط العلمي، ويغطي كل أساليب التعبير، ويصاحب هذا بالتجديد في متن اللغة استجابة لملاحقة العصر. ثانيا: بناء الذخيرة اللغوية، وبنوك المعطيات. ثالثا: علاج اللغة علاجا آليا، من خلال اعتماد نظام الترجمة الآلية منها وإليها. رابعا: إدخال التراث اللغوي العربي في أقراص ممغنطة (CD) (239). ونحن نعد كتاب الدكتور التويجري: (مستقبل اللغة العربية) الذي أخذنا عنه من الكنب الهامة التي تهتم بتطوير اللغة العربية وتطويعها، حتى تكون لغة المستقبل ، كما كانت لغة التألق الحضاري في تاريخ الأمة.كما أنه يبين للباحث الأسباب والعلل التي أدت إلى ضعف اللغة العربية وعدم مسايرتها للركب الحضاري. والحلول اللازمة لذالك مما سيؤدي إلى النهوض باللغة العربية وإقامة الجسور بينها وبين المستقبل.. ويمكننا أن نقول في ضوء هذا كله، إن العيب في أبناء اللغة وليس في اللغة، وإن التنمية اللغوية مرهونة بالجهد الذي يبذله هؤلاء الأبناء في الواقع وبين الناس. وإذا تكللت هذه الجهود بالنجاح فإن هذا من شأنه أن يجعل من وتيرة التنمية اللغوية التي ظهرت بوادرها في ما أسماه التو يجري (بالتضخم اللغوي) (240) وإذا تحقق هذا بشكل أو بآخر فإن اللغة في عصر المعلومات وانفجار المعرفة والاتصالات سوف تتجاوز كل أزمانها المزمنة ومشكلاتها التقليدية. وان اختراق المعلومة لكافة الحدود والسدود والحواجز والقيود، وغزارتها بما يشبه طوفان نوح، تنهمر بها الفضائيات من السماء، وتنبجس بها الشبكات العنكبوتية عيونا من الأرض، وسهولة تخزينها وتصنيفها واسترجاعها، سوف يغير أذواق الناس وأنماط تفكيرهم وأساليب تعاملهم وتحصيلهم وأن تعدد الخيارات أمام الملتقى ووفرتها بين يديه، سوف يكسر احتكارات المعرفة، ويضع الجميع أمام فرص متكافئة يفوز فيه من مكان أحسن عملا. ولسوف تسقط الوصايات الفكرية وممارسات القمع والحجر، وتنفتح القواقع الإيديولوجية والتيارات الفكرية والثقافات ويسود الحوار, ولسوف يعلو شأن اللغة العربية ويشتد تأثيرها ويزداد الاهتمام بها. وسوف تستعيد اللغة دورها المنشود في بناء الإنسان، ولن تكون يومها اللغة العربية فقط, بل إنها سوف تعود سيرتها الأولى لغة إنسانية بين الأمم, بعد أن صمدت في وجه التصحيف والتحريف والإفساد. أما عن محافظتها على قوتها واستمرارها فتأتى من علاقتها بالدين حيث يعتبر من أقوى النظم الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات البشرية منذ بدء الخليقة... ولئن اختلف العلماء في تحديداتهم لماهيته.وتضاربت آراؤهم حول تحديد مصادره.. أو سبب وجوده .. فإنهم لا يختلفون على أنه موجود كظاهرة اجتماعية صاحبت الإنسان في جميع أطواره الثقافية عبر التاريخ. وان له علاقة تأثير وتأثر بمعظم النظم الاجتماعية السائدة في المجتمع لعلاقته بالإنسان وارتباطه بصميم الواقع الاجتماعي. (وانطلاقا من هذه المسلمة سنحاول أن نتبين علاقة النظام الديني بالنظام اللغوي كما نلاحظها في الحالات التالية: 1 ـ إن الأديان مهما اختلفت أنواعها فهي مجموعة من القواعد الضابطة لسلوك الفرد مع نفسه ومع الجماعة، ومن حيث هي كذالك تتطلب ـ بالضرورة ـ الاستعمال اللغوي في الدعوة لها ، وفي ممارسة طقوسها ، بل وفي اعتناقها كالتشهد في الإسلام مثلا (حيث يعتبر التلفظ بالشهادتين ، شرطا للدخول في الدين الإسلامي). 2 ـ يؤثر الدين في اللغة ببعض الخصائص التي يتميز بها، ومن هذه الخصائص الرموز التي تحمل دلالات، ولا توجد بنفس المعنى في غير النطاق الديني، ككلمة (أحد) التي ترمز إلى الوحدانية وكلمة (البعث) التي ترمز إلى يوم القيامة في الآخرة، وكذا (الخلود)، و(الصراط) و(الحساب والعقاب)، والرموز الحرفية مثل: (ألف ـ لام ـ ميم)و(ياسين) و(كاف ها يا عين صاد) في القرآن الكريم. فهذا النظام الرمزي في لغة الدين له تأثير ظاهر في النظام اللغوي عموما حيث يغير مدلول كلمات أو يضيف دلالات جديدة إلى اللغة السائدة. 3 ـ من خصائص الدين أنه يتعلق بمبادئ قيم ثابتة، وبكائن علو أبدي، والاتصال بهذا الكائن العلوي الأبدي, أو اتصال الكائن العلوي بالكائنات الدنيا يتسم بوسيلة الاتصال التي هي اللغة، ويبدو ذالك واضحا في لغة الدعوات مثلا، وأسلوب التضرع إلى الله ..الذي لا يكاد يتغير في جميع الديانات منذ ظهورها، مع أنه كلام بشر ويجوز الاجتهاد في تغيير أسلوبه (نقصد الكلمات التي تصاغ بها الدعوات إلى الله ، وليس كلام الله المقدس الذي لا يجوز تغيير صيغته). ومن الأمثلة البارزة على ذالك :اللغة العبرية التي زالت من التداول منذ أكثر من عشرين قرنا، ولكنها بقيت محفوظة كلغة خاصة بفضل علاقتها بأسفار التوراة التي ظل اليهود يحافظون عليها حيثما تشتتوا في أقطار العالم إلى أن اصطنعوا وطنا قوميا لهم في هذا القرن، فوجدوا وسيلة الاتصال قائمة بين اليهود ـ على ضعفها ـ فعملوا على تقويتها وإثرائها بالمفردات العلمية لتساير العصر، وليجعلوا منها إحدى دعائم القومية اليهودية، وإحدى رسائل الاتصال بين أشتات اليهود من سلالات البشر المختلفة. ويمكن القول بأن اللغة العبرية لو لم تكن لغة الدين اليهودي لزالت من الوجود إلى الأبد، ولعلها هي اللغة الوحيدة التي عادت إلى وضعها الصحي بعد جمود دام أكثر من عشرين قرنا. ونفس الكلام يمكن أن يقال عن اللغة العربية، فلو لم يكن القرآن هو حافظ اللغة العربية لتغيرت كثيرا عما هي عليه الآن، ولو فرضنا أن التوراة أوالإنجيل أو القرآن أنزل باللغة السامية الأولى لوجدنا هذه اللغة مستعملة إلى يومنا هذا. وأقرب مثال إلينا في هذه الحالة هي اللغة القبطية في مصر فعلى الرغم من زوال هذه اللغة تماما من التداول اليومي منذ عدة قرون فإننا نجدها باقية في الكنائس القبطية، ومستعملة في الطقوس الكنائسية والأدعية والتراتيل. ويكفي القول في موضوع (المحافظة) بأن الدين يتعلق بكائن أبدي (خالد). واللغة التي يبلغ بها هذا الدين، أو اللغة التي تمارس بها طقوسه، لا بد أن تكون بالضرورة باقية ما بقي هذا الدين قائما في المجتمع. 4 ـ تفرض لغة الدين نفسها على معظم فئات المجتمع لأن الدين يخلق عادات(241). وقيما وتقاليد في المجتمع لا يجد الفرد بدا من إتباعها ـ طوعا أو كرهاـ. ومن الأمثلة التي يظهر فيها فرض الدين اللغة على الألسن ترديد الناس لبعض التعابير الدينية المختلفة.(242) والملاحظ أن تلك التعابير تتردد حتى على ألسنة أناس يجهرون بإلحادهم, فهم على كفرهم يذكرون الله إذ يقسمون بقولهم(والله العظيم) ويترحمون على الأموات بقولهم (الله يرحمه) أو يردون على المتسولين بقولهم (الله يفتح),أو (الله كريم) وذالك يصدر عنهم ـ لا شعوريا ـ يحكم العادة، والتطبع، أو ـ شعوريا ـ بفعل ماللنظام الاجتماعي من قوة الجبر وإلزام الأفراد على عدم الخروج عن بعض قواعده، وضوابطه العامة.(243) ويظهر تأثير الدين في اللغة في المناسبات المتعددة كالمواسم والأعياد، وترديد الناس للمدائح الدينية بكيفية خاصة، ولغة خاصة، ومن أوجه هذا الارتباط بين الدين واللغة ما يظهر باستمرار من كتابات أدبية، أو فلسفية، أو فقهية، أو علمية...تكتب حول الدين شرحا، أو نشرا، أو دفاعا عنه في وجه خصومه. والملاحظ من هذا المثال الأخير أن للغة ـ أيضا ـ تأثيرا في الدين بقدر ما للدين من دور في نشر اللغة(244)، والحفاظ عليها .. فبالقدر الذي كان الدين دافعا للكتاب، والفلاسفة، والعلماء على التفكير، وإنتاج الآثار الأدبية الرائعة دفاعا عنه ونشرا له، كانت اللغة وسيلة مؤثرة في الدين بوصفها أداة تبليغ الآخرين، وكلما كانت غنية في بلاغتها، وأجادت التعبير عن التعاليم التي يبشر بها الدين كلما ساعدت على نشره أرسخت مبادئه، ورغبت فيه... ولعل بلاغة القرآن وإعجازه البياني الذي يؤثر في النفوس لأوضح مثال على تأثير اللغة في الدين ، ولا أدل على ذالك من أن القرآن المترجم لا يجد قارئه أي ذوق أو جاذبية أو أثر في نفسه أشبه بذالك الذي يستشعره المسلم من بلاغة وعذوبة عندما يقرأ القرآن بلغته الأصلية. ونخلص إلى الإقرار بوجود علاقة قوية بين الدين واللغة تتمثل في تأثير كل منهما في الآخر بمقادير متفاوتة. وبقدر ما يكون الدين منتشرا في المجتمع بقدر ما تكون علاقته باللغة أقوى تأثيرا وتأثرا، والعكس صحيح في بعض الأحيان: أي بقدر ما يبتعد أفراد المجتمع عن الدين تكون لغة هذا الدين تكون لغة هذا الدين ضعيفة في المجتمع، وأبرز مثال على ذالك ضعف اللغة اللاتينية وتقلصها في أوربا.(245) حينما بدأ نطاق الدين المسيحي في السنوات الأخيرة إلى الإفتاء بجواز إلقاء خطب الوعظ ...باللغات المحلية، التي يفهمها الجمهور ترغيبا له في الدين (246) وفي هذه الحالة أيضا نجدنا أمام مثال واضح لتأثير اللغة في الدين, حيث يعمد إليها كوسيلة لنشر الدين، والتبشير به، وترغيب الناس في تعاليمه، ويظهر ذالك في الحملات التبشيرية بالدين المسيحي التي ما انفكت تجوب أقطار العالم، وخاصة إفريقيا، مبلغة تعاليم المسيح باللغات المحلية، علما بأن هذا إن انطبق على الديانة الإسلامية من حيث أسلوب الدعوة باللغات المحلية فإنه لا ينطبق عليها في تلاوة القرآن باللغات المحلية، أو الدعاء، أو الصلاة. وهذا ما يجعل اللغة العربية أكثر ارتباطا بالإسلام من غيرها من الديانات فما هي هذه العلاقة ؟ علاقة اللغة العربية بالدين الإسلامي إذا كانت للغة علاقة تأثير بالدين السائد في المجتمع.. على النحو الذي حاولنا التدليل عليه فيما سبق .. فإن للغة العربية علاقة خاصة بالدين الإسلامي تتميز بها عن علاقة سائر اللغات في العالم بدياناتها السماوية، أو الوضعية, ويعود السبب الأول لهذه العلاقة إلى نزول القرآن الكريم باللغة العربية، وما نجم عن ذالك من تقديس المسلمين للغة العربية كتقديسهم للقرآن . وتقديس المجتمع لشيء من الأشياء يتطلب بالضرورة فهمه والمحافظة عليه. وهكذا ارتبطت اللغة العربية ارتباطا قويا بالإسلام لأنها مفتاح فهم العقيدة الدينية، ووسيلة المحافظة عليها ما بقي لهذه العقيدة معتنقون في المجتمع. ومهما يكن من أمر فإن اللغة العربية ما كان لها أن تبرح الجزيرة العربية، ولا أن تكتسح الأقطار المجاورة شرقا وغربا، وتنتشر فيها، وتؤثر في لغاتها، أو تحل محلها بالسرعة والكيفية التي عرفها صدر الإسلام، لولا أنها كانت لغة القرآن، ولغة فهم الدين الجديد، فالإسلام كان دفعا جديدا لرقي اللغة العربية وجاء هذا الدفع على يد القرآن نسقا جديدا في التعبير إلى جانب الشعر والنثر، وكان القرآن الرابطة الأقوى بين اللغة والدين، فما يقوله القرآن يصبح القاعدة والمعيار حتى وإن لم يكن للعرب عهد به. فالقرآن هو الفيصل في الدين واللغة العربية، وفي ذالك يقول المستشرق الألماني (يوهان فك): " إن لغة القرآن تختلف اختلافا غير يسير عن لغة الشعراء السائدة في الجزيرة، فلغة القرآن تعرض من حيث هي أثر لغوي صورة فذة لا يدانيها أثر لغوي في العربية على الإطلاق. ففي القرآن لأول مرة في تاريخ اللغة العربية يكشف الستار عن عالم فكري تحت شعار التوحيد، لا تعد لغة الكهنة والعرافين الفنية المسجوعة إلا نموذجا واهيا له من حيث وسائل الأسلوب، ومسالك المجاز في اللفظ والدلالة" (247) ولو تتبعنا اللغة العربية في العهد الإسلامي لوجدنا كتاباتها متأثرة في المبنى والمعنى بالقرآن ويليه الحديث، ومن أمثلة الكلمات والتعابير المتداولة في اللغة العربية والتي ترجع في أصلها إلى القرآن: (العروة الوثقى. سنة الله. مثقال ذرة. أسوة حسنة. المثل الأعلى. بكرة وأصيلا. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها..). وإلى جانب القرآن يوجد الحديث الذي ترك آثاره على اللغة العربية أيضا(248) فاللغة العربية إذن هي وعاء الثقافة الإسلامية، وهي الأداة المثلى لمعرفة مبادئ الدين الحنيف وفهم أحكامه, وهى اللغة الوحيدة في العالم التي ترتبط بالدين ارتباطا لا انفصام له. فهي لغة الإسلام لأنها لغة القرآن الكريم. ولغة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الارتباط يأتي في أن القرآن الكريم كان له الدور الكبير في توجيه وتطوير وتقويم اللغة العربية فمن أجل ذالك كان لا بد لمن أراد العكوف على دراسة العربية وآدابها من أن يعكف على دراسة القرآن وعلومه، وكلما ابتغى مزيدا من التوسع في العلوم العربية وثقافتها، احتاج إلى مزيد من التوسع في دراساته القرآنية المختلفة. ويلخص البوطي هذه الحاجة وأسبابها في النقاط التالية: السبب الأول: أن هذا الكتاب العربي المبين، هو أول كتاب ظهر في تاريخ اللغة العربية(249) وإنما نشأت حركات التدوين والتأليف بعد ذالك على ضوئه وسارت بإشرافه، وتأثرت بوحيه وأسلوبه. ومن أجل ذالك ، كان مظهرا هاما للحياة العقلية والفكرية والأدبية التي عاشها العرب فيما بعد، فكيف يتأتى أن يكون هذا الكتاب مع ذالك بمعزل عن العربية وعلومها وآدابها؟!.. السبب الثاني: أن اللغة العربية إنما استقام أمرها على منهج سليم موحد، بسر هذا الكتاب وتأثيره، وهي إنما ضمن لها البقاء والحفظ بسبب ذالك وحده. فقد كانت اللغة العربية من قبل عصر القرآن أمشاجا من اللهجات المختلفة المتباعدة، وكان كلما امتد الزمن، ازدادت هذه اللهجات نكرة وبعدا عن بعضها وحسبك أن تعلم أن: المعينية، والسبئية، والقتبانية، واللحيانية، والثمودية، والصفوية، والحضرمية، كلها كانت أسماء للهجات عربية مختلفة، ولم يكن اختلاف الواحدة منها عن الأخرى محصورا في طريقة النطق بالكلمة، من ترقيق أو تفخيم أو إمالة أو نحو ذالك, بل ازداد التخالف واشتد إلى أن انتهى إلى الاختلاف في تركيب الكلمة ذاتها وفي الحروف المركبة منها، وفي الإبدال والإعلال والبناء والإعراب. فقضاعة مثلا كانت تقلب الباء جيما إذا كانت باء مشددة أو جاءت بعد العين، وكانت العرب تسمي ذالك: عجعجة قضاعة، ومن ذالك قول شاعرهم: خالـي عويـف وأبـو علبـــجّ المطعمــان اللحـم بالعشـــجِّ وبالغــداة قطــع البرنـــجِّ يؤكـل باللحـم و الصيصـــجّ وحمير كانت تنطق ب "أم" بدلا من "أل" المعرفة في صدر الكلمة، وكانت العرب تسمي ذالك طمطمانية حمير. ومن ذالك قول أحدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله:أ