القصة الكاملة لعلاقة إسرائيل بالبرزاني - بقلم إسرائيلي يهودي
مقالات و تحقيقات /
سياسية /
2010-06-19
القصة الكاملة لعلاقة إسرائيل بالبرزاني.
الاثنين, 19 أبريل 2010
بقلم إسرائيلي يهودي....
عرض: د. صلاح عبد اللطيف د. أيمن الهاشمي
تغطية لحقائق وكتاب يهودي
والواقع أن علاقة الأكراد بالإسرائيليين بدأت منذ عام 1943 أى قبل قيام الدولة الإسرائيلية، وتعمقت بعد قيام الدولة العبرية، وقامت إسرائيل بمساعدة الأكراد فى معاركهم مع الأنظمة العراقية منذ أيام الملكية وما بعدها، وقد أمدتهم أكثر من مرة بالسلاح والأغذية والمعونات الصحية، والأموال، وان ممثلين من الموساد الإسرائيلى زاروا المواقع الكردية فى شمال العراق فى فترة الستينيات، وكانت الاتصالات بينهما تتم عبر طهران فى ظل حكم الشاه وعبر العواصم الأوروبية وخاصة فى باريس ولندن. وأن زعيم الأكراد الراحل مصطفى البرزانى زار اسرائيل مرتين والتقى هناك بالقيادات الاسرائيلية وقيادة الموسادفى فترة الستينيات.فترة الستينيات.
هذه الحقائق وغيرها كشفت عنها الوثائق والصور التى خرجت فى السنوات الأخيرة والتى ظهرت فى كتب وتقارير من بينها كتاب شلومو نكديمون وهو يهودى أمريكى تابع هذا الملف الكردى الاسرائيلى فى كتابه.. الموساد فى العراق ودول الجوار، انهيار الآمال الإسرائيلية الكردية.
الأكراد يطالبون بحكم ذاتي
يقول نكديمون أن هدف الأكراد منذ سنين طويلة هو بناء الدولة الكردية، وقد بدأ الملا مصطفى البرزانى الزعيم الكردى السابق العمل لتحقيق هذا الهدف منذ عام 1943 وهو العام الذى هرب فيه من السليمانية الى برزان مسقط رأسه وإعلان العمل ضد حكومة العراق.. وبدأ بحرب العصابات ضد الجيش العراقى والجندرمة العراقية ونجح فى احتلال بعض المواقع الحدودية.
وانضم إليه الكثير من القبائل الكردية، كما انضم إليه أكراد يعملون فى الجيش العراقى ولمع أسمه، وطالب الأكرادُ بحكم ذاتى واستجاب لهم السفير البريطانى، كما استجاب نورى السعيد رئيس الحكومة العراقية فى ذلك الوقت لمطلبهم وكلف وزيرا كرديا فى حكومته بفتح حوارات مناسبة بهذا الموضوع وعلى أثر ذلك طالب البرزانى بتشكيل لواء كردستانى فى العراق بحيث يتضمن المدن الكبيرة مثل كركوك والسليمانية وآربيل ودهوك وخايكين والمناطق المتاخمة لها كما طالب بتعيين وزير مسئول عن هذ اللواء وتعيين نائب كردى لكل وزير ومنح الأكراد حكما ذاتيا فى مجالات التربية والتعليم والاقتصاد والزراعة، إلا أن معظم وزراء نورى السعيد رفضوا هذه المطالب ومع رفضها ارتفع اسم البرزانى وأصبح زعيما مقربا فى أوساط الأكراد وأنشأ منظمة سياسية باسم مجموعة الحرية للضغط على الحكومة للإقرار لهم بحكم ذاتى ودعا الى وحدة الشعب الكردى، وراحت هذه المنظمة تقوم باتصالات خارجية وشنت دعاية مضادة ضد الحكومة، وأجرت اتصالات مع السفير الأمريكى وشكت له من الحكومة العراقية ومن بريطانيا كما طالبت بالحصول على الدعم الأمريكى وأعربت عن تبنيها لمبادئ ودور ويلسون الأربعة عشر والتى تتضمن فى أحد بنودها على حق جميع الشعوب فى تقرير مصيرها.
البرزانى الأحمر
وسط هذه الأجواء كان السوفييت يشجعون الأمال الكردية وساعدوهم عام 1946 فى إقامة كيان كردى، بل إن البرزانى لجأ إليهم بعد أن صدر عليه حكم بالاعدام ولهذا تشكك فيه الأمريكان وفى فترة الخمسينيات بدأت العلاقات مع اسرائيل تأخذ شكلا عمليا خاصة بعد أن وافق عبد الكريم قاسم على قيام الحزب الديمقراطى الكردى بزعامة مصطفى البرزانى واعترف بالحقوق الوطنية للأكراد وصادق على إصدار 14 صحيفة كردية.
بدأت الاتصالات بين اسرائيل وأمريكا لمعرفة أهداف ونوايا البرزانى وأطلق عليه أبا يبان وزير خارجية اسرائيل وقتها لقب البرزانى الأحمر عام 1959، ورغم ذلك نشطت العلاقات بينه وبين جهاز المخابرات الإسرائيلى عن طريق جهاز السافاك الايرانى، وعلى أثر المعارك التى خاضها مع الجيش العراقى عام 1961 طلب من اسرائيل أسلحة وذخائر وأدوية لمعالجة الجرحى الأكراد وتقديم المساعدة لإنشاء محطة إذاعة كردية جديدة، وفى هذه الفترة كانت الاتصالات مع اسرائيل تتم عن طريق ثلاث قنوات أولها المخابرات الايرانية، وثانيها نشاط الأكراد فى أوروبا مع السفارات الاسرائيلية وثالثها علاقة البرزانى بصديقه القديم موريس فيتشر سفير اسرائيل فى روما.
الاتصال المباشر بين الأكراد واسرائيل
يقول نكديمون فى كتابه أن البرزانى رأى ضرورة الاتصال بإسرائيل بشكل مباشر منذ عام 1963 لتساعده فى تحقيق حلم الأكراد فى بناء حكم ذاتى بعد أن فشل مع الحكومات العراقية، ولتحقيق ذلك استعان بالاسرائيلين الذين تربطهم علاقات جيدة مع اسرائيل فى ذلك الوقت. وكانت ايران قد أعترفت بإسرائيل عام 1950، فاستعان بشخص يدعى بدير خان من المخابرات الايرلندية الذى أجتمع مع بن جوريون وجولدا مائير ورئيس الاركان تسفى زماير ومائير عميت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. وقتها كان عدد الأكراد فى العراق 2 مليون نسمة وفى سوريا 600 ألف كردى وفى إيران 4 مليون و6 مليون فى تركيا و60 ألف فى روسيا، وفى بريطانيا 800 طالب كردى.
وفى إحدى زيارات بدير خان الى اسرائيل طلب تقديم مساعدات للأكراد لتمكينهم من مواجهة هجمات الجيش العراقى على مواقعهم فى الشمال وذلك بإرسال 12 راجمة بازوكا ومدافع ضد الطائرات وجهاز إرسال ومساعدات مالية. واقترح خان اجراء اتصالات مباشرة مع البرزانى.
وقد حددت اسرائيل حجم دعمها للأكراد استجابة لإيران التى أبلغت اسرائيل.. إننا نتعامل مع التمرد الكردى فى العراق كفرصة لا تعوض، ورغم ذلك وبسبب الأقلية الكردية فى ايران وعلاقتنا مع تركيا لا نستطيع تأييدهم علنا فنحن لا نرغب فى أن يتطور التمرد كى يصبح دولة كردية كبرى.
وقال شاه ايران لجريدة لوموند.. نحن لا نؤيد استقلال الأكراد فى العراق بيد أننا معنيون بحصول الأكراد على كامل حقوقهم هناك.. الأكراد غير العرب.
بعد ذلك بدأت المخابرات الاسرائيلية ترتب لاتصالات مع الأكراد عن طريق أثنين من العملاء قدم الى كردستان تحت غطاء انهما صحفيان ألمانيان وجاء ذلك فى كتاب سعيد جواد العراق وكردستان.
ان المخابرات العراقية علمت بهذه الاتصالات عندما أذاعت السلطات العراقية عبر نشراتها الأخبارية المعلنة أن هناك علاقة بين الملا مصطفى البرزانى واسرائيل مما أصاب رجال الموساد بالذهول.. فى هذا الوقت راحت ايران تحث الأكراد على مجابهة الجيش العراقى مع حرصها على ألا تحقق النصر الكامل، فقد كانت علاقة ايران بالأكراد ليست خالصة فهى تريد استقلال الأكراد لإضعاف العراق وفى نفس الوقت لا تريد للأكراد أن يكونوا أقوياء حتى لا تشجع الأكراد فى ايران على ذلك وهو ايضا ما تريده تركيا ونفس ما تريده اسرائيل التى تسعى فقط الى اضعاف العراق حتى لا تساعد سوريا أو الأردن ضدها.
جهاز مخابرات كردي
العلاقة بين الأكراد واسرائيل يؤكدها ايضا الباحث الأمريكى أدوموند جاريب فى كتابه القضية الكردية فى العراق ويقول شكل السافاك والموساد جهاز مخابرات كرديا ذكيا للغاية لجمع معلومات عن الحكومة العراقية والأوضاع العراقية والقوات المسلحة ولم يكن يخفى المعلومات التى يحصل عليها عن الجهازين الاسرائيلى والايرانى وبالإمكان الاستدلال على هذه الحقيقة من التصريحات والأقوال التى أدلت بها أوساط عراقية رسمية وشبه رسمية.
وفى عام 1972 كان الأكراد ينقلون معلومات شاملة حول الجيش العراقى الى كل من المخابرات الايرانية والاسرائيلية عثر على وثائق تؤكد علاقة الأكراد بالسفارة الاسرائيلية فى باريس وجاء اثنان من الأكراد وقدما نفسيهما وطلبا الاجتماع بممثل الموساد ويدعى مناحم نعوت الذى يقول: جلس ابراهيم أحمد أمامى فى أحد الفنادق ويقول: إننا جائعون.. لا يوجد حب ولا سكر ولا شاى.
واجتمع ابراهيم أحمد مع رئيس الموساد مائير عميت بعد ذلك، وطلب منه ذخائر للبازوكا وبنادق وأموال ومساعدت أخرى، وقد رد عليه عميت أنه لا يوجد لدينا مال كى نعطيه لأن اسرائيل دولة فقيرة لكنه وعده بأن يزيد حجم المساعدات بالأسلحة والتجهيزات.
لقاءات متكررة بين الأكراد والاسرائيليين
بعد ذلك أصبح ملف الأكراد فى اسرائيل له أهمية خاصة وفى 15 ابرايل 1965 عقد رئيس الحكومة الاسرائيلية ليفى اشكول اجتماعا حضرته وزيرة الخارجية جولدا مائير ورئيس الاركان اسحق رابين ومائير عميت رئيس الموساد الذى طرح قضية الأكراد والأعمال الخاصة التى تقوم بها اسرائيل وخلص الاجتماع الى قرار نص على ضرورة منح الأولية للقضية الكردية.
وبعد خمسة أيام من هذا الاجتماع أبلغ مصطفى البرزانى اسرائيل عن طريق ايران أنه معنى بالاجتماع مع مبعوث اسرائيلى رفيع فى كردستان وايضا على استعداد لإرسال مبعوث رفيع من قبله للاجتماع بممثل اسرائيل خارج كردستان، وبعد عدة أشهر وبالتحديد فى أوائل عام 1966 التقى البرزانى بالمستشار الاسرائيلى ليشع رونى، وبعد هذا الاجتماع تواجد الاسرائيليون فى محور رواندوز الحاج عمران شمال العراق بقيادة تسورى ساجى.. وتوالى ضباط اسرائيليون المجيئ الى المنطقة وأقامت اسرائيل للأكراد مستشفى ميدانيا تحت ادارة الدكتور برلسنر، وأصبح الطريق مفتوحا الى اسرائيل أمام القادة الأكراد عبر ايران، وذكر شلومو نكديمون فى كتابه انهيار الآمال الاسرائيلية الكردية أن البرزانى احتفل مع الاسرائيليين فوق جبل كردستان بدخولهم القدس عام 1967 بذبح كبش علق فى رقبته شريطا من لونين الازرق والأبيض رمزا للعلم الاسرائيلى وكتب عليه: هنئوا اسرائيل لاحتلالها بيت المقدس.
وفى هذه الاثناء اعتقل العراقيون اثنين من الطيارين الاسرائيليين هما اسحق حلنس وجدعون دور واللذين هبطا بالمظلة بعد أن أصيبت الطائرتان فى 7 يونيو 1967 ابان الهجوم الذى شناه على المطار العسكرى بالقرب من الحدود العراقية الاردنية تم تسليم الطيارين الى الاردنيين الذين سلموهما الى اسرائيل.
زيارة البرزانى الأولى إلى إسرائيل
إعداد زيارة البرزانى لاسرائيل فى عيد الفصح العبرى المسمى بيسح وكانت الجهات الاسرائيلية فى الشمال تسمى البرزانى بيسح فى منتصف ابريل 1968.
يصف شلومو نكديمون فى كتابه زيارة البرزانى لإسرائيل ويقول: هبطت الطائرة التى أقلت البرزانى على مدرج جانبى فى مطار اللد، وكان بصحبته الدكتور أحمد ابراهيم وخمسة حراس شخصيين مسلحين ببنادق كلاشينكوف وقد استقبله لبكوب وعميت وعدد من معارفه الاسرائيليين مثل ديفيد جابانى صديقه اليهودى فى كردستان الذى كان يتخذ له اسما آخر وهو داود الحاج حانو سأل عنه أول ما وصل فى البداية اجتمع مع رئيس الدولة زلمان شوفال وحضر الاجتماع من الموساد عميت وليكوب وكردن ورغم جميع المحاولات رفض البرزانى التخلى عن مسدسه. وقد حاول ليكوب تبرير ذلك قائلا: هل شاهدت كلبا يتخلى عن ذيله. فى هذا اللقاء قال له الرئيس الاسرائيلى شوفال: تخلى عن فكرة الحكم الذاتى وأعمل من أجل إقامة دولة كردية. وكان كرودن يصغى باهتمام كبير لذلك ابتسم باستخفاف كأنه يقول لنفسه: إن رئيس الدولة غير مطلع على الأوضاع السياسية وإلا عرف ما يدور فى كردستان، لذا يطرح ما يشاء فهو لم يعرف أن التعاون مع الأكراد يقوم على التنسيق مع الايرانيين وأن الايرانيين لن يسمحوا بأى حال من الأحوال بإقامة دولة كردية مستقلة.
تم اجتماع برزانى مع جميع الاشخاص الاسرائيليين الذين زاروا كردستان ورافقوه فى لقائه مع آبا إيبان وبحضور مدير مكتبه إيتان بن تثور ومع ليفى اشكول بحضور مدير مكتبه د. يعقوب هرسوج ورئيس الموساد عميت وحاييم نيكوب ووعد اشكول بزيادة المساعدات للأكراد وتقديم يد العون لهم فى الأمم المتحدة وقد استقبله ايضا موشى ديان وأقام لهم الموساد حفلا كبيرا حضره مناحم بيجين الوزير بلا وزارة وزعيم حزب الليكود وغنت له شوشنه دامارى المطربة الاسرائيلية الشهيرة فى ذلك الوقت لإحياء الحفل.
وفى طريق العودة شاهد كما هائلا كما قال نكديمون من السيارات العسكرية والدبابات التى غنمها الجيش الاسرائيلى فى أعقاب حرب 1967 ومع مرور الوقت ومع الزيارة الثانية التى قام بها مصطفى البرزانى لإسرائيل بدأت اسرائيل تدرك وخاصة جهاز الموساد أن مساعدتها للأكراد لا تسير الى أى اتجاه ولا أحد يتوقع أن تسفر عن فائدة ما.
وقد اعترف مناحم بيجين وهو رئيس لحكومة اسرائيل عام 1981 فى 29 سبتمبر من نفس العام أن اسرائيل ساعدت الأكراد بالأسلحة والمال وأن الخلافات التى كانت تقع بين الفصائل الكردية تسبب لها الازعاج.
مقال يسلط الضوء على الكتاب المهم عن علاقة الأكراد بإسرائيل والموساد وبقلم مؤلف إسرائيلي يهودي هو : شلوم نكديمون
كتاب يفضح العلاقة الصهيونية مع مصطفى البارزاني
د.أيمن الهاشمي
•الإيرانيون والصهاينة إستخدموا الأكراد من أجل تحقيق رغبتهم في إنهاك العراق!
•الملا مصطفى البارزاني ذبح (كبشا كبيرا) فرحا بإنتصار إسرائيل على العرب في 67 !
•زيارات عديدة للملا إلى إسرائيل ولقاؤه بالمسؤولين ودعم متواصل للتمرد الكردي.
•إسرائيل تمنح البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة!!
المؤلف : شلومو نكديمون (صحفي صهيوني متخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني خاصة
لسياسي، سبق أن أصدر كتاب – تموز في اللهب – عن قصف مفاعل تموز العراقي 1981)
المترجم : بدر عقيلي
يتحدث المؤلف عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 – 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية – كما يدعي الصهاينة – بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق الذي كانت تنظر إليه إسرائيل دوماً على أنه الخطر المزعج . ويستند المؤلف في معلوماته إلى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأراشيف خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أبان تواجدهم في كردستان .
يضم الكتاب 31 فصلاً تشمل جميعها تغطية لوقائع وأحداث ومعلومات سابقة عن الحركة الكردية (حركة مصطفى البارزاني تحديداً) وعلاقاتها مع الموساد الصهيوني . ويصف المؤلف إتفاقية الجزائر في آذار 1975 بأنها ملك الموت الذي قبض على روح العلاقة الكردية – الإسرائيلية التي دامت 12 عاماً واتسمت بالتعاون المكثف، كان خلالها الملا مصطفى البارزاني يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعيناً بالمستشارين الإسرائيليين الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات . (ص8)، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الإسرائيليين تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في الجيش الإسرائيلي، ومستشار فني. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة للبارزاني لتعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم . .
الكتاب يتطرق بأسهاب إلى المساعدات الإسرائيلية للتمرد البارزاني في العراق، نظراً لعدم وجود ثغر بحري لكردستان، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلاً، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهناً برضا ورغبة إيران.
محاولة فاشلة لإغتيال الملا مصطفى البارزاني:
الكتاب المقدس لم ينفجر:
يتطرق الكاتب إلى محاولات قتل مصطفى البارزاني ومنها حادثة يوم 29 أيلول (سبتمبر) 1971 في حاج عمران، عن طريق متفجرات حملتها سيارة تقل تسعة من رجال الدين أرسلوا من بغداد الى مقر الملا مصطفى على أساس أنهم يحملون رسالة من القيادة العراقية بشأن اتفاق 11 آذار(مارس) 1970، وكان مع الملا مصطفى في ذلك الوقت اثنين من الموساد الإسرائيلي هما (تسفيز مير) و (ناحوم أدموني) .
يشرح الكتاب كيف أوكلت مهمة إلى المدعو (صادق) وهو خبير متفجرات كردي ليستخدم مغارة مخصصة كمصنع للمواد المتفجرة، لتصنيع (قنبلة) لاغتيال النائب صدام حسين ردا على محاولة الأغتيال الفاشلة.
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)1971 أوفدت الحكومة العراقية وزير التربية المرحوم الدكتوراحمد عبد الستارالجواري وأخبر الملا مصطفى بأن النائب
(صدام حسين) يعمل بلا كلل أو ملل من أجل كشف النقاب عن المخططين، وعن الجهة التي أمرت بالتنفيذ، وإن محاولة الاغتيال كانت مؤامرة دبرتها عناصر خارجة عن النظام من أجل تخريب العلاقات الطيبة الآخذة بالتطور بين العرب والأكراد، وقال البارزاني إنه سيرسل مبعوثاً إلى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود، وطلب من الدكتور احمد عبد الستار أن يحمل معه هدية (مصحف أثري قديم) هدية إلى السيد النائب (صدام حسين) وإن الوزير العراقي عاد من حاج عمران إلى بغداد يوم 14/10 وقابل السيد النائب، وأخبره إن الملا مصطفى يقدر هذه الالتفاتة وبعث شخصياً بهدية ثمينة (قرآن أثري قديم) . . وثارت شكوك النائب حول محتوى الهدية وأمر بفحصها من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد إن الهدية عبارة عن (متفجرات) . ويروي المؤلف حادثة يوم 15 تموز(يوليو) 1972 حين قابل البارزاني مراسل وكالة الأنباء العراقية، والذي اعترف له أنه مرسل من أجل اغتياله.
الحرية الوحيدة هي أن نتنسم الهواء :
ركز المؤلف فصلا للحديث عن تاريخ الكرد، ثم انتقل للحديث في عدة مواضع من الكتاب عن دور المدعو (الأمير بدير خان) في عملية التنسيق الكردي الصهيوني، ويتحدث عن لقائه بالمقدم يهودا بن ديفيد – نائب الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في باريس ومسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والأجنبية، وكان الأساس والمنطلق في التنسيق هو التماثل بين التأريخين اليهودي والكردي وتعرض الشعبين للاضطهاد .
وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق ومفتت إلى كيانات صغيرة، تحظى فيه كل مجموعة أو طائفة عرقية بحق تقرير المصير في إطار حدود معقولة، تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري .
ويتحدث المؤلف كيف أن أي محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة، كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وإيران والعراق، كل على حدة، وجميعها مجتمعة. ولم تأت هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف) فقد كانت هذه الدول تدرك إن إقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من أراضيها خصوصاً أنها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط . وهذا ما دفع الغرب إلى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبق من التعاطف مع الأكراد سوى قيام بعض أجهزة المخابرات الغربية بإنشاء علاقات وصلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون إليه في مرحلة ما .
يذكر المؤلف إن (بدير خان) وعائلته توثقت علاقتهم باليهود الذين استوطنوا كردستان منذ قرون كثيرة، فقد تحدث النبي (يوشع) عن اليهود المفقودين في أرض آشور، كما إن اليهود الأكراد هم من بقايا الأسباط اليهودية العشرة الذين نقلهم إلى هناك ملوك آشور أسرى خلال القرن 8 ق.م، وقد برز من بينهم حاخامات ويقال إن عدد الطوائف اليهودية الكردية وصل إلى (146) طائفة، وإن هجرة اليهود الأكراد إلى فلسطين بدأت في القرن (16) وسكنوا منطقة (صفد) ومن بينهم (يهود البارزاني) الذي هاجر إلى إسرائيل سيراً على الأقدام . وإن وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق مردخاي) سنة 1996 هو من أحفاد العراقيين المهاجرين، وقد هاجر إلى إسرائيل وعمره (6) سنوات بعد أن اكتشف العراقيون هوية والده واحداً نشطاء الحركة الصهيونية .
ويتحدث المؤلف عن التقرير الذي قدمته الوكالة اليهودية مطلع 1946 عن الطائفة الآشورية (الكشدية) وهم بقايا شعوب قديمة، وكيف أنهم طالبوا بنظام آمن لنصف مليون آشوري في ظل حكومة كردية مستقلة على أرض كردستان . وإنهم يكنون الكراهية للعرب ويتعاطفون مع الأكراد .
ويصف المؤلف، الأمير بدير خان، بأنه عميل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما (ص22).
انقلاب كردي في دمشق :
ابتدأ المؤلف بالحديث عن (حسني البرزاني) أو (البرازي) وهو زعيم من أصل كردي، تمكن من جمع رأس مال كبير جداً، أوصله في نهاية المطاف إلى منصب رئيس الحكومة في سوريا عام 1942 وكان ذا صلة وثيقة بـالأمير (بدير خان) وكبار رجال الدبلوماسية الإسرائيلية وكان واثقاً من أن الإسرائيليين يحفظون له أفضالاً عديدة في الماضي القريب، حيث قدم تسهيلات لهجرة يهود بولنده إلى فلسطين عن طريق دمشق.
وفي أوج حرب 1948 فكر حسني البرازي الإطاحة بالرئيس السوري القوتلي ورئيس حكومته جميل مردم، وإنه بالتنسيق مع بدير خان، طلب أن يقوم الإسرائيليون بدورهم في هذه العملية، بأن يقوم الجيش الإسرائيلي بإثارة التوتر على الحدود لجذب قوات الجيش السوري نحو الحدود بعيداً عن العاصمة دمشق، وبالتالي إتاحة الفرصة له بدخول المدينة بكتيبة دبابات والاستيلاء على السلطة بسهولة . ووعده إذا ما نجحت الفكرة، سيعمل على التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، وترسيم الحدود الدولية وإن هناك شركاء في الانقلاب من بين الأقليات، الأكراد، الدروز، الشركس . وحين عرض بدير خان الموضوع على ساسون في وزارة الخارجية الإسرائيلية لم توافق إسرائيل على التدخل في إحداث انقلاب في سوريا . وتحدث الكاتب عن دور حسني الزعيم و محسن برازي، وكلاهما كرديان، وكانا يسعيان للتصالح مع إسرائيل، وإسقاط القوتلي، ولو أنه يعرج فيقول إن إسرائيل لم توافق على انقلاب حسني الزعيم في كانون الأول 1948(ديسمبر)، واستلام الزعيم السلطة في 30 آذار (مارس) 1949، وينقل الكاتب على لسان شمعون وبن غوريون بأنهما أقرا بأن إسرائيل قد ارتكبت خطأ بعدم استجابتها لطلب حسني الزعيم، رغم إن الزعيم أعلن صراحة رغبته التفاوض مع الصهاينة . وفي 14 آب 1949 أطاح انقلاب عسكري بالزعيم والبرازي وتم إعدامهما.
وينتقل الكاتب للحديث عن مصطفى البارزاني واتصالاته بإسرائيل حيث أن البارزاني زارها سرا في نيسان (أبريل) 1968 بترتيب من بدير خان، وتم استقباله هناك استقبالاً رسمياً فخماً وأنزل في بيت الضيافة الحكومي، وقام رئيس الموساد اللواء مائير عميت بتعريف البارزاني على يوفال نثمان رئيس شعبة الاستخبارات الأسرائيلية .
لست سوى كردي بسيط :
يتحدث الكاتب عن مصطفى البارزاني والبارزانيين ومنطقة بارزان (التي تعني أرض الهجرة) وعن الشيخ سعيد، جد البارزاني الذي كان من المناوئين للسلطة العثمانية، ثم ابنه الشيخ محمد الذي ثار ضد الإنكليز سنة 1926 وتوفي بعدها ثم تنصيب شقيقه احمد شيخاً للقبيلة، وفي عام 1943 تسلم الإبن الخامس (مصطفى) عصا القيادة، وهو كان تلقى تدريسه الإبتدائية في برزان، وواصل الدراسة في تركيا، واستكمل علومه الدينية في السليمانية، وفي عام 1931 بدأ نشاطه في التمرد الكردي .
وبدأ مصطفى البارزاني في السليمانية بلورة أهدافه السياسية، وطالب باستقلال كردي إلا أن نوري السعيد رفض المطالب الكردية، وحين بدأ البارزاني يحشد قواته، اقترحت عليه الحكومة العراقية في آب (أغسطس) 1945 أن ينتقل إلى أي منطقة عراقية خارج كردستان إلا أنه رفض العرض وفي 10 آب (إغسطس) 1945 نشبت معارك طاحنة بين الجيش العراقي والمتمردين الأكراد، وقامت القبائل المعادية لعشيرة البارزاني بتشكيل قوات مناوءة للتمرد البارزاني سميت (فرسان صلاح الدين) الذين أطلق عليهم البارزاني لقب (الجحوش). ويذكر مؤلف الكتاب أن جريدة (الثورة العربية) وهي الجريدة الناطقة باسم حزب البعث أوضحت أن (الجحوش) كانوا مرتزقة يقاتلون من أجل شيوخهم نظير مقابل نقدي، ولم يكن العراقيون قادرين دائماً على الثقة بهم، أو الاعتماد عليهم .
وفي 30 أيلول (سبتمبر) 1945 قرر البارزاني اجتياز الحدود والسكن في شمال غرب إيران إلى جوار الأكراد هناك، تحت حماية الجيش الأحمر أبان الحرب العالمية الثانية . وكان السوفييت في حينها يشجعون التطلعات القومية الكردية وساعدوا على إقامة كيان كردي بإسم جمهورية مهاباد عام 1946 في منطقة (ماهاباد) على قطاع ضيق إلى الشرق من الحدود العراقية التركية، بيد أن هذه (الجمهورية ) لم تدم سوى سنة واحدة فقد سحب السوفييت حمايتهم لها، وسارع الإيرانيون إلى السيطرة على أراضيها والإعلان عن إلغائها، وقد فرّ مصطفى البارزاني الذي قاد جيش جمهورية ماهاباد بجلده ومعه 500 من أتباعه وقضى 46 يوماً في طهران، وفشلت محاولاته للحصول على مأوى مؤقت له ولرجاله في الولايات المتحدة، وهرب البارزاني إلى روسيا بعد مسيرة 52 يومياً عبر الأراضي التركية، ووصل 1947/6/18وعاش على أراضي الاتحاد السوفياتي وهناك دخل دورات وتدريبات عسكرية مع مقاتليه، وتعلموا اللغة الروسية، وقد تزوج معظم مؤيديه معه من نسوة تركمانيات ومسيحيات روسيات، ولتدبير معيشته اشتغل مصطفى البارزاني (قصاباً) في احدى المدن الروسية، وكانت معاملة القادة السوفيت له سيئة لغاية وفاة ستالين 1953 حيث تحسنت معاملته وخصص خروتشوف له شقة خاصة، وأرسله لاستكمال تعليمه وثقافته في معهد إعداد الكوادر التابع للحزب الشيوعي، وكان البارزاني يأتي بين فترة وأخرى إلى سوريا، وقابل جمال عبد الناصر، وحصل من خلال مؤتمر الدول الآسيوية والأفريقية عامي 55 و 1957 على تاييد حق الأكراد في مطالبهم الوطنية. وبعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، كان البارزاني في براغ، حين اصدرعبدالكريم قاسم عفواً خاصاعن مصطفى البارزاني وجماعته، ووجه الدعوة له للعودة إلى العراق، واصدر قراراً بأن العرب والأكراد شركاء في الوطن. وعاد البارزاني واستقبل استقبال الأبطال في العراق.
أدت عودة البارزاني إلى العراق إلى إشعال العديد من الأضواء الحمراء في الغرب، وخاصة بعد ورود معلومات عن أن البارزاني مستمر في إجراء لقاءات مع دبلوماسيين سوفييت في سوريا ممن يعملون في بغداد، مما زاد الشكوك الغربية، في أنه يعمل بتكليف من الاتحاد السوفياتي، وشرع الغرب في البحث عن زعيم كردي بديل . واعتقدت أميركا ومعها الغرب أن (بدير خان) قادر على القيام بهذا الدور.
عرض جهاز السافاك الإيراني (الاستخبارات الإيرانية) على بدير خان أن يسكن في إيران ويعمل داخلها، وكان يدير السافاك الجنرال تيمور بختيار وهو من أصل كردي وكانت مطالب بدير خان أن يتم تعيين موظفين أكراد رفيعي المستوى في المقاطعات الكردية وإصدار جريدة كردية وفتح مدارس كردية .
وفي هذا الأثناء كان بدير خان قد تزوج من فتاة بولندية أصغر منه بكثير، من عائلة ثرية للغاية، بيد أنها فقدت كل ثروتها في أعقاب تسلم الشيوعيين حكم بولنده، وهاجرت إلى باريس ودرست في السوربون، وحين تزوجت من بدير خان تعلمت الكردية، ونقلت لعريسها مزرعة واسعة على بعد 80 كم من باريس ورثتها من والدها، وحين حاول الإيرانيون إقناعه بالذهاب والعيش في إيران عرضوا عليه شراء الأرض بمليون دولار أي عشرة أضعاف ثمنها الحقيقي، لكنه رفض، ومع ذلك استمرت اتصالات بدير خان مع السافاك .
ووجد بدير خان شريكاً له في أفكاره وآراءه وهو (سامي الصلح) رئيس وزراء لبنان الذي أطيح به في حزيران (يونيو) 1958، وأخذ يفتش عن وسائل تعيده إلى الحكم، وكان يسعى إلى تشكيل اتحاد فيدرالي يضم لبنان، سوريا، العراق، ومن ثم تضم كردستان، والحجاز، واليمن، وتركيا، وإيران، ومن ثم تضم إسرائيل . وكان بدير خان يسعى إلى إلغاء الجامعة العربية واستبدالها بالجامعة الشرق أوسطية التي تنمي التفاعل المشترك بين مختلف الأديان في المنطقة، من أجل الاندماج بين دول الشرق الأوسط، واندماج الأكراد في هذا الكيان الجديد .
في 25 تموز 1959 أرسل البارزاني رسالة إلى عبد الكريم قاسم وصف نفسه في نهايتها بـ (الجندي المخلص لعبد الكريم قاسم) الذي يناضل، بالتعاون معه من أجل إنشاء جمهورية عربية كردية .
وفي أيلول 1961 بدأ تمرد البارزاني حين التحق بمدينة بارزان كي يركز نشاطه وعمله المكثف لقيادة التمرد. وعاد بدير خان لممارسة دوره التنسيقي مع الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية لدعم البارزاني، وإزداد اهتمام إسرائيل بما يدور في كردستان العراق، وحمل بدير خان إلى إسرائيل معلومات حول النقص الخطير الذي يعانيه المقاتلون الأكراد، طالباً مساعدة جدية في إنشاء محطة بث جديدة، وخصصت إسرائيل لنشاطات بدير خان مبلغ 20 ألف دينار وقام بشراء أجهزة راديو للاتصال بين قيادة تمرد كردستان العراق مع مركز النشاطات الكردية في أوربا الغربية وتحدث عن دور كل من رشيد عارف (ص67) وإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي في التنسيق مع جهات إسرائيلية في أوربا لتقديم العون إلى البارزاني .
في 1961/12/17أرسل عبد الكريم قاسم مبعوثاً عنه هو (الضابط حسن عبود) مقترحاً منح عفو عام عن الأكراد، لكن البارزاني اكتشف جهاز اتصال مباشر داخل سيارة حسن عبود مخصصاً للدلالة على مكان وجود البارزاني وبالتالي مهاجمته . . .
ويذكر بدير خان إنه مخول من البارزاني بطلب المساعدات من إسرائيل . . وطلب تدريب 6 من قادة الأكراد في إسرائيل وبدأت محاولات كردية لكسب دعم الولايات المتحدة، عارضاً لهم إن الأكراد قادرون على تطويق أي تقدم سوفياتي في الشرق الأوسط، خاصة وأنهم قادمون عبر جبال القوقاز.
قدموا للتفاوض في بغداد وألقوا في السجن :
يتحدث المؤلف ايضا عن العلاقات والاتصالات بين المخابرات الإيرانية والإسرائيلية منذ أيلول عام 1957، ودور الجنرال بختيار (إبن مطلقة شاه إيران ثريا) في التنسيق، حيث ألمح بختيار عن ارتياح إيران للضربة التي نالت الجيش المصري في حرب 1956، ويتحدث عن ثورة تموز، ثم ثورة رمضان في العراق ومجيء الحزب إلى السلطة وبداية التعاون بين حكومة الثورة والأكراد، بل سبقت وقوع الثورة حين اتصل طاهر يحيى في شباط 1962 بإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني عارضاً على الأكراد التعاون مع رجال الثورة ضد السلطة القاسمية . وبعد قيام ثورة 8 شباط (فبراير)، استقبلت حكومة الثورة مبعوثين عن الأكراد، بوفد يرأسه (الطالباني) الذي قابل البكر وعماش، وفي 20 شباط 1963 توجه الطالباني على رأس وفد رسمي إلى القاهرة لتهنئة الزعامة المصرية بمناسبة ذكرى إقامة الجمهورية العربية المتحدة، وإلتقوا بعبد الناصر الذي أيّد مطالبهم، كما التقوا بابن بيلا في الجزائر . ولما سمع البارزاني بجولات الطالباني غضب منه غضباً شديدا.
وحدد يوم 1 آذار 1963 آخر موعد لإقامة الحكم الذاتي، وإلا سوف تعلن الحرب، وإعلان استقلال كردستان والانفصال عن العراق، وفي 9 آذار 1963 نشرت الحكومة العراقية بياناً اعترفت فيه بالحقوق الكردية واستبدلت مصطلح الحكم الذاتي بمصطلح إقامة مركز فرعي يخضع كلياً للسلطة المركزية، وفي 30 آذار أرسل البارزاني وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني، وفي 24 نيسان بعد إعلان ميثاق الوحدة الثلاثية بين العراق ومصر وسوريا، أعلن البارزاني أنه لا يوافق على إنضمام العراق إلى أي اتحاد عربي شامل، وأرسل وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني للتفاوض وطلب السماح له للسفر إلى مصر لمقابلة عبد الناصر، وفعلاً سافر للقاهرة إلا أنه بقي ثلاثة أسابيع في القاهرة أي في 25/5/1963 حتى سمح له بمقابلة عبد الناصر، الذي أعلن تفهمه لمطالب الأكراد، وحين سمع الطالباني إن بقية أعضاء الوفد معه الذين بقوا ببغداد تم اعتقالهم من قبل السلطة، أضطر للسفر إلى أوربا. وفي 5/6/1963 قام الجيش العراقي بهجوم على الأكراد كان موضع استنكار الاتحاد السوفياتي .
راديو بغداد يكشف سراً :
حمل بدير خان مبادرة من البارزاني في 1 نيسان 1963 إلى إسرائيل، واجتمع مع بن غوريون، ومع غولدا مائير، ورئيس الأركان تسفي زامير، ورئيس الاستخبارات، وينقل عن شاه إيران حول الوضع الكردي في العراق (نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة أن لا يتحول هذا اللهيب إلى حريق كبير). ومن ناحية أخرى، اعتبرت إسرائيل القضية الكردية بمثابة فرصة لا تثمن بالذهب، لإضعاف مخالب الجيش العراقي يذكّرها بالأيام الخوالي البعيدة، ولاعتبارات أخرى .
عملية أثينا بدأت في باريس:
يتحدث الكتاب عن لقاء تم بين موظف إسرائيلي رفيع وآخر إيراني يوم 1963/6/30في باريس حيث قال الإيراني إن الأكراد يطلبون مساعدتنا ومصلحتنا تقتضي تقديمها لهم، بيد أننا لا نعتزم عمل ذلك دون موافقتكم، وسميت (عملية أثينا) وتعني اتفاقية دعم الأكراد بالمال ومحطة للإرسال، وإن المواد المرسلة من إسرائيل إلى الأكراد تمر عبر إيران بواسطة السافاك. وبنفس هذا الموضوع يذكر أن الباحث (آدموند غريب) في كتابه (القضية الكردية في العراق) ذكر أن الموساد والسافاك شكّلا جهاز مخابرات كردي متطور، لجمع المعلومات عن الحكومة العراقية، وأوضاع العراق وتنقل إلى السافاك والموساد . وكانت الدعاية الكردية تعتمد المبالغة والتهويل فمثلا حين تقتل حظيرة من الجنود العراقيين كانت تعلن عن مقتل مائتي جندي عراقي.
في تشرين2 (نوفمبر) 1963 وصل إبراهيم احمد وصهره الطالباني إلى السفارة الإسرائيلية في باريس وطلب الاجتماع مع ممثلي الموساد، وقالا بالحرف الواحد (نحن جائعون) وطلبا ذخائر حربية وأموال ومساعدات، وكان الإيرانيون قد بدأوا الغضب من تصرفات الأكراد لأنهم يباشرون مفاوضات سرية مع العراقيين لوقف النار.
وقد طرأ تغير جديد على المصالح الإيرانية في منتصف كانون الثاني (يناير)1964 وطلبت إيران من ممثل الموساد أن يستأنف عمليات إرسال السلاح إلى الأكراد، واستجاب لهم، لكن الإيرانيين لم يوصلوا الأسلحة بدعوى إن الأكراد توصلوا في شباط 1964 إلى اتفاق هدنة مع الحكومة العراقية .
وعاد التوتر في العلاقة بين الشاه والبارزاني . وفي تلك السنة بدأت القطيعة بين الطالباني والبارزاني حيث يصف الأول الثاني بأنه دكتاتور، ووصلت الخلافات إلى حد القطيعة وبدأ كل منهما يهاجم الآخر، واندلعت بينهما حرب دموية في تموز 1964 انتصر فيها البارزاني، والتزمت إيران جانب إبراهيم احمد والطالباني ضد البارزاني وقامت بتسليحهم.
جونسون يرفض رسالة من البارزاني :
في عام 1965 بدأ البارزاني يتوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية يطلب المساعدة، بعد أن صرّح بأن أي أمة أو دولة لا تستطيع التواجد والعيش إلا إذا حظيت بتأييد إحدى الكتلتين الكبيرتين، وبعد الموقف السوفياتي السلبي، طلب البارزاني من إسرائيل أن تساعده في طلب المساعدة من أمريكا، وحاولت السفارة العراقية في واشنطن أن تفشل جولة المبعوث الإسرائيلي ومارست ضغوطاً على الخارجية الأمريكية وحققت بعض النجاح حيث رفضت جميع الجهات الرفيعة – عدا بعض أعضاء مجلس الشيوخ – من استقبال فانلي – مبعوث إسرائيل – والتحاور معه، وكان رأي الخارجية الأمريكية (إن الوضع في العراق معقد بما فيه الكفاية، وإن الولايات المتحدة لا تريد أن توجه لها أصابع الاتهام بمعاونة الأكراد)، وحاول المبعوث الإسرائيلي لاحقاً أن يقنع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالحملة التي تشنها الحكومة العراقية آنذاك ضد الأكراد وبمساعدة تسليحية من الاتحاد السوفياتي والجمهورية العربية المتحدة التي بعثت طائرات وأسلحة وجنود وإن هناك 12 طائرة تابعة لسلاح الجو المصري في مطار الموصل إضافة إلى 24 طائرة مصرية في كركوك كلها مستعدة لقتال الأكراد . وقد قامت إسرائيل بتزويد الأكراد بالسلاح من بنادق بازوكا والغام ومتفجرات زنتها تسعة أطنان هبطت الطائرة التي تحملها في طهران ونقلت إلى شمال العراق بواسطة السافاك .
طائرات ميغ تهاجم البارزاني وديفيد قمحي:
وقع اختيار إسرائيل على ديفيد قمحي لإجراء أول اتصال مباشر مع البارزاني، وقمحي هو من كبار رجال الموساد في بريطانيا ودخل قمحي من إيران إلى شمال العراق والتقى بالبارزاني، وأوضح له إن إسرائيل شديدة التعاطف مع القضية الكردية، وإن إسرائيل تدرك إن النضال سيكون طويلاً، وإن إسرائيل مستعدة لتدريب المقاتلين الأكراد على حرب العصابات وأعمال التخريب، وأكد له ان مجموعة قليلة من الأكراد يمكن أن تنفذ عمليات مؤثرة وفعالة داخل العراق .
وقال البارزاني : أنا معني بالتحالف مع إسرائيل، لقد يئست من العرب ولست مهتماً فيما إذا تم إعلان علاقتي معكم، ووعد البارزاني برد الجميل إلى إسرائيل حال نيله استقلاله، وكتب رسالة بنفسه إلى ليفي اشكول رئيس حكومة إسرائيل يهنئه بذكرى إنشاء إسرائيل وبقي قمحي فترة من الزمن في شمال العراق وارتدى الملابس الكردية، وخالط (البيش مركة) وحين عودته إلى إسرائيل كان تقرير قمحي مشجعاً وزاد الرغبة لدى إسرائيل بدعم الأكراد، وتم اختيار الضابط (ب) – لازال أسمه غير مصرح بنشره على راس وفد للتنسيق بين الموساد والأكراد، ووصل شمال العراق عن طريق السافاك الإيراني، وقد حرص الإسرائيليون على الظهور مظهر الأكراد، ولبسوا أزياءهم .
وشجع الإسرائيليون البارزاني على فكرة تدمير آبار النفط العراقية في الشمال، وتم إلحاق ثلاثة من الأكراد بدورة فنية في إسرائيل للتدريب على عمليات تفكيك حقول الألغام، وحصل الأكراد من إسرائيل على راجمات ذات قطر 120 ملم يصل مداها ستة كليو مترات . وقد اكتشف الجيش العراقي خلال عمليات التطهير نهاية 1965 عن الأكراد استلموا راجمات من إسرائيل وذكرت ذلك صحيفة بغداد نيوز يوم 1/11/1965
كما إن عدداً من الأكراد البارزانيين المختلفين مع مصطفى البارزاني فضحوا وجود الإسرائيليين في كردستان حيث صرح كل من عقراوي وعبيد الله البارزاني إلى محمد حسنين هيكل إن الإسرائيليين يرافقون الملا مصطفى باستمرار ويتصلون مباشرة باللاسلكي مع إسرائيل ويقومون بأعمال تجسس في العراق.
لن يكونوا أبداً كالجيش الإسرائيلي :
في تشرين الثاني (نوفمبر) 1965 تم تنظيم دورة قوات خاصة في طهران لمقاتلين من الأكراد العراقيين، بينهم 3 ضباط برتبة نقيب، واتضح إن الإيرانيين يرغبون بأن تكون هناك حروب مستمرة بين العرب وإسرائيل بحيث تشغل الجيوش العربية – بما فيها الجيش العراقي - ولا تدع مجالاً للالتفات إليها . وكان يشرف على التدريب ضابط صهيوني أسمه (تسوري) والذي لم يبخل بإعطاء إرشاداته ونصائحه للجيش الإيراني في كيفية مواجهة القطعات الحربية البحرية العراقية في شط العرب . وفي آذار 1966 عاد المتدربون الأكراد من إسرائيل إلى بلدهم وتوجهوا إلى ساحات القتال لمقاتلة الجيش العراقي .
يوميات الحرب 1966 من اليأس إلى النصر :
توجه أربعة إسرائيليين في آذار (مارس) 1966 نحو كردستان، عن طريق إيران بمساعدة السافاك . وفي عام 1966 تسلل الطالباني الخصم اللدود للبارزاني مع 300 من مؤيديه إلى كردستان العراق، وكان البارزاني يعتقد إن دخول الطالباني هو مؤامرة إيرانية تسعى للسيطرة على التمرّد الكردي، وإدارته حسب رغبات الشاه.
في 8 نيسان (أبريل) 1966 بدأ هجوم الربيع العراقي من محور راوندوز- حاج عمران، مثلما توقّع تسوري مسبقاً، حيث كان الإسرائيليون قد خرجوا في جولة استطلاعية في هذا المحور وراقبوا مواقع العراقيين وكان معهم كل من إدريس والبارزاني ومسعود. اقترح الإسرائيليون على الأكراد أن يقوموا بإعداد عبوات جانبية ضخمة تتمثل في براميل كبيرة ملأى بالحجارة الكبيرة والمتفجرات، ويؤدي انفجارها إلى سد طرق الوصول إلى المواقع، وقد قبل البارزاني الاقتراح بسرعة، وكلف الملازم أول طهار أحد الذين خاضوا الدورة التي عقدها (تسوري) مسؤولاً عن هذه البراميل، وكلف المدعو يوسف جميل بالإشراف على عملية تصنيع قنابل يدوية محلية، بعد أن علم إن احتياطي القنابل اليدوية قد استنفذ بالكامل، وكان تسوري مستشاراً بضيق الموقف العسكري خاف من الوقوع في اسر القوات العراقية فقاموا بخطة للخروج عن طريق إيران .
إسرائيل تمنح رتبة لواء لزعيم التمرد الكردي الملا مصطفى البارزاني :
(أثارت الإنجازات الكردية اهتمام المسؤولين الإسرائيليين الثلاثة الذين يشرفون على عمليات المساعدات المقدمة للأكراد، كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ليفي اشكول ورئيس الأركان عزرا وايزمان ورئيس الموساد عميت، وبدا أن هناك سبباً رئيسياً يدعوهم لزيادة حجم المساعدات إلى الأكراد لمواجهة العراقيين) .
في 24/5/1966 طار وايزمان إلى طهران للاجتماع بالشاه في طائرة نقل عسكرية كانت تحمل على متنها 5 أطنان من التجهيزات العسكرية للأكراد، ثم ايصالها يوم 10/6/1966 من قبل السافاك الإيراني . يقول زئيفي إنه عند اجتياز الحدود من إيران إلى العراق وصل ليلاً بسيارة جيب كانت هدية من إسرائيل إلى الملا مصطفى، تفاجأ بمشاهدة الملا مصطفى متواجدا في نقطة الحدود تبين أنه قطع مسافة 3 ساعات مشياً هو وأبناؤه وكبار حاشيته من أجل استقبال المبعوث الصهيوني. وقد أثنى مصطفى البارزاني على إسرائيل ودورها في استمرارية التمرد الكردي والمساعدات المتواصلة التي تقدمها من تسليح وتدريب ودعم مادي ومعنوي واستشاري، لأن عدونا مشترك وكوننا شعباً مضطهداً ، وقد قام زئيفي الموفد الإسرائيلي بخلع رتبته وإهدائها إلى البارزاني وقد تقبلها الأخير بسرور وتأثر. يقول زئيفي (لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد من الإيمان الشديد الذي يكنه البارزاني لنا ومن اعتقاده أننا قادرون على فعل كل شيء دون أن يعرف طبيعة الصعوبات التي تواجهها (إسرائيل)) .
من المجدي الإعلان عن الاستقلال الكردي :
عاد (م) مع مائير عميت إلى إسرائيل بانتهاء مهمته، وكان تسوري على وشك المغادرة لاستكمال دراسته في كلية القيادة والأركان الأمريكية، وتم تحديد شخصين آخرين لشغل مناصبهما في كردستان، هما حاييم لفكوف، واليشع روئي، إضافة إلى المقدم آربيه يجوف، وطولب الثلاثة بالاستعداد للسفر في حزيران 1966، وقيل لهم إن الأمور تتجه اتجاهاً خطيراً، وإن تقارير تسوري تفيد بأن البارزاني على استعداد لإعلان استقلال كردستان العراق تحت رعاية إسرائيل . وقد سافر الثلاثة في طائرة عن طريق إيران ووصلوا حاج عمران وطلبا من تسوري تفسيراً لمسألة إعلان الاستقلال، وقال البارزاني لهم إن سيارات جيب تحمل ضباطاً عراقيين قدمت إلى المنطقة وهي تحمل أعلاماً بيضاء، وطلبت التحدث معهم وقال أقدمهم أنهم مخولون بالتفاوض مع البارزاني بصورة تؤدي إلى الحفاظ على الحقوق الكردية وفقاً لما يطالب به الأكراد .
إلا أن البارزاني تردد، وسأل المسؤول الصهيوني عن رأيه في إعلان استقلال كردستان، فرد عليه (لا أستطيع أن أعطيك الرد الآن سوف أرجع إلى المسؤولين في إسرائيل وأسألهم . ) وحين عاد تسوري اجتمع به رئيس الأركان الصهيوني اسحاق رابين وشجعه على الاستمرار بتقديم العون للأكراد، وفي حزيران 1966 بدأت مفاوضات مع حكومة عبدالرحمن البزاز في بغداد للصلح مع الأكراد والاعتراف بالحقوق القومية للأكراد ومنحهم حكماً ذاتياً موسعاً . وأرسل مصطفى البارزاني مندوباً عنه هو (محمد حبيب كريم) وكان تلميذاً سابقاً لدى عبدالرحمن البزاز في كلية الحقوق، وقد أثارت المفاوضات العراقية الكردية ثائرة الإيرانيين على البارزاني، وحين قال ممثل السافاك أنه لا حاجة بعد الآن لبقاء الصهاينة، إلا أن مصطفى البارزاني قال : لن اسمح بمغادرة الإسرائيليين فانتم السلاح الحقيقي الموجود في حوزتي، وأضاف له إن حلم الإيرانيين يتمثل في استمرار إقتتال العراقيين والأكراد، بحيث يقتل كلاهما الآخر.
الإسرائيليون يخشون من الاختطاف :
في آب (أغسطس) 1966 بعد تسنم عبدالرحمن عارف رئاسة العراق بعد مقتل شقيقه عبدالسلام في حادث تحطم طائرته فوق البصرة، تحسنت علا