الكاتب : الرئيس الدكتور سليم الحص - عُصارة العمر - تقديم د. مصطفى دندشلي
ندوات /
أدبية /
2004-04-23
كاتب وكتاب
الكاتب : الرئيس الدكتور سليم الحص
الكتاب : عُصارة العمر
التقديم : د. مصطفى دندشلي ( رئيس المركز الثقافيّ للبحوث والتوثيق )
الزمان : الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم الجمعة الواقع فيه 23 نيسان 2004
المكان : مركز معروف سعد الثقافيّ ـ صيدا
* * *
تعريف بالكتاب :
سُئل مرة الرئيس الحص عن عمره، عند بلوغه الخامسة والسبعين ، فقال : " أنا ما زلت في عُمر الشباب منذ ستين سنة ". فهذا يعني أنّه ما زال يتمتّع بروحيّة سنّ الشباب وشعوره وحيويته. والشباب ، كما يفسِّر ، إنّما يُقاس بالإنتاج والعطاء ... والرئيس الحص ، أطال الله في عمره ، بقيَ في عمر الشباب طوال هذه المدّة من حيث الإنتاج والعطاء ، سياسياً وفكرياً وثقافياً .
هذا ، وأنتقل الآن إلى مناقشة كتاب : عُصارة العمر ... وعُصارة العمر ، كما يبدو من العنوان ، هي خلاصة تجربة مديدة عمرها خمسٌ وعشرون سنة متواصلة ، تجربة حياة مُعاشة مهنياً وسياسياً ووطنياً ...
يتضمّن الكتاب مجموعةً من المقالات نُشرت جميعُها في جريدة " النهار " ( معظمها ) وفي جريدة " السفير "، بالإضافة إلى محاضرات أُلقيت في الرابطة الثقافيّة في طرابلس وفي حسينيّة النبطية (الجنوب اللبنانيّ)، وفي الجامعة الأميركيّة في بيروت بدعوة من جمعيّة العلوم السياسيّة فيها، عدا المداخلات والكلمات التي أُلقيت في اللقاءات السياسيّة والوطنيّة ، اللبنانيّة والعربيّة .
والكتاب مقسّم إلى ثلاثة محاور أو أبواب كبرى :
* شجون لبنانيّة ( 29 مقالة )
* شجون عربيّة ( 27 مقالة )
* شجون اقتصاديّة ( 10 مقالات )
وشجون هنا بمعنى هموم وأحزان ومآسٍ ، كما تُفهم ويدلُّ عليها مضمون الكتاب (1).
ملاحظات تمهيديّة :
إنّ الآراء والأفكار والتحليلات السياسيّة والاجتماعيّة ، أو المواقف الأخلاقيّة والإنسانيّة ، المبثوثة في صفحات هذا الكتاب ـ وهي تتكرّر على الدَّوام هنا وهناك ـ إنّما ترد بصياغات متنوّعة، ولكن المضمون واحد . فهي ، في الواقع ، آراء شائعة وأفكار معروفة ومتداولة لدى المواطن والمثقّف والسياسيّ والإنسان العادي بوجه خاص ...
وهذا التأكيد على فكرة أو تكرارها مراراً ، يذكِّرني برأي الكاتب الإنسانيّ والفيلسوف الفرنسيّ " رومان رولان " ( Romain Roland ) حين يقول : إذا كنتَ تؤمن بفكرة أو قضيّة ما وتعتبرها حقاً أو تعتقد بصحتها ، ردِّدها كتابة أو شفاهة مراراً وتكراراً ، وبِصيَغ متنوّعة ومتعدّدة ، حتى يتشرّبها القارئ أو السامع ، وتدخل تدريجاً في تلابيب فكره وعقله وقلبه ، وتصبح جزءاً من شخصيته الفكريّة والثقافيّة .
والحقّ أنّه عندما يقع الواحد منّا على رأي سياسيّ أو فكرة اجتماعيّة في هذا الكتاب ، يقول في نفسه رأساً : هذا هو رأيي، هذا ما كنت أفكر فيه منذ زمن بعيد، هذا ما أقوله وأردّده باستمرار... ذلك أنّ هذه الأفكار، إنّما هي موجودة ومنتشرة ومُعاشة يومياً في كلّ مكان ـ وكما نقول في الفلسفة: لا جديد تحت الشمس . لكن الأهميّة كلّ الأهميّة هو في التقاط هذه الأفكار المبثوثة في كلّ مكان والمنتشرة هنا وهناك ، ومن ثمَّ إعادة صياغتها بطريقة جديدة ومميّزة ، وبأسلوب خاص : وهذا هو الإبداع والخلق ...
تعريف بالكاتب :
أولاً، إنَّ تجربة الرئيس الحص السياسيّة تبلغُ الآن أكثر من خمس وعشرين سنة متواصلة، سبقتها خبرةٌ مديدة في العمل الجامعيّ ، وفي تبوّئ المناصب الإداريّة والتخطيطيّة في مجالات الاقتصاد والمال والنقد ، في لبنان أو خارج لبنان .
وقد دخل المعترك السياسيّ ، أو كما يقول : " العراك " السياسيّ، " بالمصادفة ". فالحياة كلّها، كما يحبّ أن يردّد ، مصادفة : فقد انتقل من مجال الاقتصاد مباشرة إلى رئاسة الوزارة دون تمهيد وبالمصادفة . وهذه ملاحظة برأيي بالغة الأهميّة من الناحية الفلسفيّة ، لا مجال هنا للتوسّع فيها...
إلاّ أنّه ، من جهة أخرى ، يمكننا أن نعتبر هذا الكتاب وما يضمُّه من آراء وأفكار ومواقف نتيجةً ، وهو بالفعل كذلك ، نتيجةَ هذه الخبرة ، والعنوان يدلّ على ذلك ، هذه التجربة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة المديدة . فهو ( أي الكتاب )، عَبْر هذه المقالات والمحاضرات خلال ما ينوف على السنة، نظرة شاملة وعميقة ، نظرة استقرائيّة ، ورصد ومتابعة دؤوبة استناداً إلى هذه التجربة، والممارسة العمليّة للأحداث العصيبة المعاشة ، والاضطرابات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة التي مرّ بها لبنان ... إذن ، هو كتابٌ "شاهدٌ "على عصرٍ ، أو على مرحلةٍ معيّنةٍ من تاريخ لبنان ، شاهدُ حقٍ وصدقٍ ، فيما أعتقد ، لا شاهد زور وتزوير ...
إنّني أقول ذلك ، واسمحوا لي أن أزيد ، إنّ معرفتي بالرئيس الحص تمتدّ إلى نحو إثنتي عشرة سنة كعضو في ندوة العمل الوطنيّ ، وبالقرب منه والالتقاء به أسبوعياً في مدة ست سنوات كعضو في اللجنة التنفيذيّة للنَّدوة . فكانت لي تجربة ثقافيّة غنيّة ومعرفة سياسيّة واقعيّة بالغة الأهميذة بالنسبة إليّ . ( سأترك الحديث عنها فكراً أو ممارسة سياسيّة إلى مناسبات أخرى ) .
وإنّما أودّ أن أشير في هذه العجالة إلى أنّ الرئيس الحص لا يقول ولا يكتب إلاّ ما يعتقد أنّه "صحّ "، وأنّه صدق. قد لا يقول، وهو لا يقول فعلاً ـ وهذا أمر طبيعيّ ـ كلّ ما يعرفه، كإنسان وكسياسيّ . ولكنه لا يقول إلاّ ما يراه أنّه الحقّ أو ما يبدو لـه أنّه الحقيقة . وهو لذلك نراه يتراجع عن الخطأ ، إذا ظهر لـه أنّه خطأ ، وذلك ما لا يفعل أيّ إنسان أو أيّ سياسيّ آخر . [ أنظر على سبيل المثال مقاله الأخير في جريدة " النهار " بعنوان : وقفة تبصّر "، حيث يفوح منه روح أخلاقيّة وإنسانيّة وعاطفيّة رقيقة ورفيعة المستوى في ظروفنا الحاضرة . فقام على الأثر الرئيس الحريري بزيارته ...].
والرئيس الحص ، كسياسيّ وككاتب ، متابع دؤوب ، وبدقة ورويّة وعقلانيّة ، للأحداث اليوميّة الجارية والمستجدة على الصعيد اللبنانيّ والعربيّ والعالميّ ، وقارئ لها بامتياز ، ومواظب قدر ما تسمح به الظروف ، من خلال الصحف والمجلات والتلفزة والكتب العربيّة أو الإنكليزيّة ... يضاف إلى ذلك بطبيعة الحال اللقاءات السياسيّة اليوميّة ، وهي أيضاً غنىً ومعرفة واقعيّة وتفصيليّة بمجريات الأمور السياسيّة والاجتماعيّة العامة ...
وما يلفت في شخصيته الفكريّة والثقافيّة واللغويّة ، هو هذا الاختصار ـ أو ما أسمّيه "موهبة الاختصار " والدقة في القول والكتابة ـ ما قلّ ودلّ ، كما كان يقول العرب ـ والوضوح في المضمون والأفكار ، وشفافيّة في الأسلوب ـ أحياناً أسلوب ساخر وتهكميّ لاذع ـ أسلوب يجرح الخصوم معنوياً ولكنه لا يُدمي ( فهو يكره الدماء حتى للخصوم ). لغته لغة عربيّة نقيّة ، سليمة ، متينة ، جميلة ، سلسة ، لغة علميّة وأدبيّة في آن ( )، حتى عندما يكتب في الاقتصاد ـ والاقتصاد كما نعلم مادة معروف عنها أنّها جافة ـ فهو يكتب بسلاسة ووضوح تام قلّ نظيره ، ويقرأه بسهولة ويفهمه مَن هو غير اختصاصيّ في الموضوع .
هنا، وفي هذا السياق أيضاً ، اسمحوا لي، وأعتذر أمامكم وأمام الرئيس الحص ، أن أقول، وبصدق ومعرفة ، إنّني أرى ـ إلاّ إذا ثَبَت لي غير ذلك ـ أنّ سليم الحص له طابع في شخصيته ، خاص ومميّز ، وهو أنّه من أهمّ السياسيّين اللبنانيّين الذين عرفتهم عن قـرب ـ ربَّما لم أعرف الكثيرين ـ أو أيّ سياسيّ لبنانيّ آخر كنت قد درَّسْته أو درسته أو قرأت عنه أو قرأت له ...
لماذا ، لماذا هذا القول الذي يبدو للسامع وللوهلة الأولى ، مبالغاً فيه أشـدّ المبالغة ؟!... أولاً ، لصفات النَّزاهة والاستقامة والصدق ، التي يتمتّع بها ، وللأخلاقيّة والإنسانيّة في عمله ونشاطه السياسيّ . هناك سياسيون لبنانيون نزيهون وصادقون ، لا شكّ في ذلك ـ قلّة أم كثرة لا يهمّ ـ وهناك أخلاقيون ، وربَّما إنسانيون أيضاً ، بين رجال السياسة ، بين الأدباء والمثقّفين والكتّاب كذلك ، إلخ .... غير أنّني أرى ، بل وأعتقد ، أنَّ جميع هذه الصفات قد اجتمعت في شخصيّة رجل واحد : هو سليم الحص : فهو السياسيّ ـ وإن كان لا يحب الآن أن يُقال عنه سياسيّ ، وسياسيّ محترف ، بل وطنيّ ـ وهو العالم الاقتصاديّ السياسيّ الإنسانيّ الأخلاقيّ ، المثقّف السياسيّ ـ أو السياسيّ المثقّف الملتزم، كما أسميه ـ والأديب والكاتب المواظب للمقالات السياسيّة ـ له حتى الآن إثنا عشر كتاباً باللغة العربيّة وكتابان باللغة الإنكليزيّة ـ فالرئيس الحص ، إذن ، عَبْر هذه المؤلفات والكتابات للمقالات السياسيّة ، إنّما هو شاهد على عصر وعلى مرحلة زمنيّة بكاملها . وهو مستمر في شهادته على هذا العصر المتفجّر الذي قد يكون عصراً رديئاً خائباً ومخيّباً ، ولكنه في النهاية هو عصرنا ... فلا يجوز أن نخجل منه أو أن نستنكف ، بل أن نقبل هذا التحدّي الكبير في المواجهة والتصديّ ...
* * *
بعد هذه اللمحة التمهيديّة حول الكاتب ، انتقل الآن إلى إلقاء بعض الأضواء السريعة على مضمون الكتاب أو بعض النقاط الرئيسة الموحية فيه . فأقول ، وأبتدئ كخاتمة للحديث ، إنَّ الرئيس الحصّ يصدر حكماً مبرماً لا رجوع عنه في هذه المقالات والمواقف الوطنيّة والديمقراطيّة ، على النظام السياسيّ اللبنانيّ والنظام السياسيّ العربيّ ، والسياسة الأميركيّة في المنطقة ، ومعها وجود الكيان الصهيونيّ وسياسته في الآن الواحد معاً ... وهو يؤكد في صفحات الكتاب وطوال هذه المقالات، دعماً ، فكراً وممارسة، للانتفاضة في فلسطين وللمقاومة ضدّ الاحتلال الأميركيّ في العراق .
أعود الآن إلى المحور الأوّل ، وهو تحت عنوان : " الشجون اللبنانيّة ". يُفتتح الكتاب بمقال نُشر في 4 شباط 2003 ، يتحدّث فيه عن " ثقافة الفساد ". والثقافة هنا تُفهم بالمعنى الأنتروبولوجيّ والاجتماعيّ للكلمة : وهي نمط في السلوك الجماعيّ وطريقة في التفكير ، فيقول : عندما يغدو في لبنان لكلّ شيء ثمن بالليرات والدولارات : القيام بالواجب ، إجراء معاملة في إدارة الدولة ، تصريف أعمال الحكم ، تلزيم المشاريع العامة ، النفوس في الانتخابات ، الكلمة في وسائل الإعلام ، إلخ ...إلخ... فإذا كان لكلّ شيء ثمن ، فإنّنا نخشى والحالة هذه أن يكون الفساد قد أضحى في حياتنا العامة من صلب ثقافة المجتمع ويكون المجتمع في صميمه وبِنيته قد ابتلىَ بـ " ثقافة الفساد". هنا تُرسم صورةٌ شديدةُ التشاؤم ، ولكنها معروفةٌ ومعاشةٌ يومياً من قِبَل المواطنين جميعاً . لذلك يكثر الحديث الدائر الآن عن الإحباط واليأس ...
وهو يضيف : المال السياسيّ فاسد ومفسد ، لمجرّد أنّه يُستخدم لتحقيق أغراض سياسيّة . المال في حياتنا العامة أضحى معياراً للنجاح ، للاتِّجار ، للوجاهة ، للزعامة ، إلخ ... فلم يعد للشعور بالواجب مكان، وللمسؤولية العامة اعتبار ، ولا للضمير المهنيّ أو الوظيفيّ دور ولا للالتزام الوطنيّ وزن .
في هذا السياق أيضاً، يعود الرئيس الحصّ ويؤكد مرّة أخرى قائلاً : فلا أحد يحاسب أحداً: لا الناخب يحاسب ، ولا مجلس النواب يحجب الثقة ، ولا الحكومة تحاسب ... عندما يغدو الفساد من صلب المجتمع ، فهو يُنتج مزيداً من الفساد ...
وهو يعتبر أنَّ خطاب القسم ، مثلاً ، كان حرباً على الفساد والمفسدين ... ولكن الواقع كان أقوى منه . من هنا القول : إنّ الفساد يشكّل طوقاً يحتاج إلى مَن يكسره بقوّة خارقة . وكسره يبدأ بوضع نظام انتخابيّ جديد ، يعتمد نظام التمثيل النسبيّ ، وتأمين شروط تكافؤ الفرص بين المرشحين ، وبتحديد سقف الإنفاق وتنظيم عمليات الإعلام والإعلان الانتخابيَّين ... غير أنّ الطبقة السياسيّة الحاكمة لا مصلحة لها في اعتماده ...
ولكن يبقى السؤال الذي يطرحه الكاتب : هل يمكن أن يخرج هذا النظام الانتخابيّ الجديد إلى حيّز الواقع ويحقّق الإصلاح المنشود ، إذا كان أهل الحل والطول ، ومعهم الطبقة السياسيّة عموماً ، لا مصلحة لهم في اعتماده ؟!...
إنّ حكومة الحصّ كانت قد قدّمت مشروع قانون يحدّد سقف الإنفاق الانتخابيّ ويضع ضوابط للإعلام والإعلان الانتخابيَّين ... ولكن ، بقيَ المشروع في أدراج مجلس النواب ولم تنظر فيه لجنة الإدارة والعدل .
وفي مقال بعنوان " الطائفيّة والسياسة في لبنان "، يرى الرئيس الحصّ أنّ كلّ مشروع ينقلب مادة للتجاذب الطائفيّ . والإثارة المذهبيّة والطائفيّة كثيراً ما تكون وقوداً للحملات الانتخابيّة في شكل معلن أو غير معلن ، إلخ ... ويضيف : لم أشاهد في حياتي طائفياً يعترف بأنّه طائفيّ ، كما لم أشاهد كاذباً يعترف بكذبه ، لأنّه لو فعل لكان صادقاً ، وهو ليس كذلك . فالكذب مذمّة ، والطائفيّة كذلك .
وفي عنوان لافت : " ما كان حراماً أضحى حلالاً "، يشير إلى أنّ الإعلام الذي يهيمن رئيس الحكومة (الحريري) على قطاع واسع منه ، إنّما أضحى منبراً لشنّ حملات إعلاميّة مغرضة ومضلّلة ضدّ حكومتنا طوال عهدها : تضخيم السلبيات وطمس الإيجابيات . فهو إعلام موجّه ، مرتهن ...
ثمّ يتحدّث الدكتور الحصّ في مقالات أخرى عمّا يسميه : "جمهوريّة الفساد، إلى أين ؟..". و" جمهوريّة الملوك " و" الحمل في شريعة الغاب " حيث يقول : فهل لا نغالي إذا قلنا ، كنّا نعيّر الغاب على شريعته ، فبتنا نَحسد الغابَ على شريعته . في الغاب شريعة سائدة ومتّبعة . مثلاً ، في شريعة الغاب الحقّ للقوّة ، فالأقوى دوماً هو المسيطر ، وفيها القويّ يفترس الأضعف . ولكن الافتراس في شريعة الغاب ، كثيراً ما يأتي تلبية لنداء الجوع . أمّا في شريعة نظامنا ، حتى لا نقول في غابنا ، فإنّ الحقّ يبقى إلى حدٍّ ما في جانب القويّ . والأقوى يفترس الضعيف . وإذا جاء الافتراس تلبية لنداء الشَّره والجشع ، فالمفترس لا يشبع . والمواطن ( العادي ) وتحديداً الفقير والبريء ، هو الحمل في شريعة الغاب هذه .
ثمّة حاجة إلى التغيير ، التغيير الديمقراطيّ . ولكن كيف ؟... عن طريق النضال من أجل تحقيق الديمقراطيّة الحقيقيّة التي هي في الواقع الآن " قضيّـة " لبنـان الكبرى ... لو وُجـدت الديمقراطيّة الحقيقيّة ، لما كان الفساد المستشري على كلّ صعيد في لبنان . ولو لم يكن هذا الفساد مستشرياً ، لكانت الديمقراطيّة ستسود . هذه هي الحلقة المفرغة : فالنظام القائم أفرز واقعاً مطبوعاً بالطائفيّة والمذهبيّة والعشائريّة والفساد المستشري على كلّ صعيد في الدولة ، والعقم والتسيّب في الإدارة ، والعجز الماليّ المستمر والتفاوت الفادح في مستويات النموّ بين مختلف المناطق ، وشحوب التجربة الديمقراطيّة وغياب المساءلة والمحاسبة على شتّى المستويات . لو وُجدت الديمقراطيّة الحقيقيّة الفاعلة ، لما استشرى العقم والفساد والتسيّب .
وفي مقال نُشر بتاريخ 2 كانون الأول 2003 ، تحت عنوان " بيان وزاريّ "، يتبدّى فيه أسلوب الرئيس الحصّ الساخر المتهكم بأجلى صوره ومعانيه ، حيث يقول : لو تألفت حكومة جديدة اليوم ، لجاء بيانها الوزاريّ كما يلي :
أيّها الزملاء الكرام
نعاهدكم أن نكون خير خلف لخير سلف ، وتسليم الأمانة كما تسلمناها . وسيكون موكبنا في تجوالنا في شوارع العاصمة ، كما كانت المواكب في السابق ، بإذن الله . كان بودِّنا أن نبشركم بأنّ موكبنا سيكون أبهى وأزهى ، أكبر حجماً وأطول رتلاً وأعلى زعيقاً ، ولكن السلف ضَرَب في تلك المواكب رقماً قياسياً لا نستطيع أن نجاريه أو نباريه. وستكون آلات التلفزة رفيقنا في حلنا وترحالنا. وستجدوننا جاهزين لزرع الكرة الأرضيّة شرقاً غرباً ، شمالاً وجنوباً ، لنتحفَكم بين الفينة والأخرى ، بصورنا إلى جانب أباطرة الكون ، وسنحرص في رحلاتنا ، عملاً بمقتضيات العفة والترفع ، على الامتناع عن استحضار مشاريعنا الخاصة ... وإذا هوجمنا ، فإنَّنا سنُحسن استثارة العصبيات الطائفيّة والمذهبيّة والمناطقيّة ، دفاعاً عن المقام السامي الرفيع ، إلخ ...
أسلوب سياسيّ أدبيّ ساخر لاذع، بالغ التهكّم والإيحاء، لا يمكن أن تقرأه إلاّ وأن تقهقه...
* * *
دروس من التجربة السياسيّة
إلى هنا يمكننا ، في ختام هذا المحور من الكتاب ، استخلاص الدروس والعِبَر من تجارب عركها الرئيس الحصّ وعركته ، عَبْر ما يناهز ربع القرن الماضي من الممارسة السياسيّة ، واختصارها في الأمور التالية :
الدرس الأول : هو أنّ المسؤول يبقى قوياً إلى أن يطلب أمراً لنفسه .
الدرس الثاني : عندما يواجه المواطن مشكلة ( جوع ، مرض ) وقضيّة ( وطنيّة )، فمن المحتَّم أن تطغى المشكلة على القضيّة ، ربما إلى حدّ تغييبها ( القضيّة الوطنيّة ).
الدرس الثالث : إنَّ الديمقراطيّة الصحيحة هي القضيّة المحوريّة : في لبنان كثير من الحريّة ، وإنّما قليل من الديمقراطيّة . ذلك أنّ النظام اللبنانيّ من شأنه إعطاء الحريّة لحماية القويّ ومحاسبة الضعيف . فهو أقرب إلى الأوتوقراطيّة منه إلى القِيَم والمبادئ الديمقراطيّة الحقّة .
الدرس الرابع : يُختصر بعبارة : لم يعد يكفي القول إنّ لبنان محكوم بشريعة الغاب ، بل بتنا نحسد الغاب على شريعته . ففي شريعة الغاب ما يشبه القاعدة في أنّ وحوش الغاب لا تفترس أبناء جلدتها ( السبع لا يفترس سبعاً ، والذئب كذلك ، كما أنّ الافتراس يكون تلبية لنداء الجوع ...). أما في لبنان فالافتراس ناشط على قدم وساق ، حتى بين أبناء الوطن الواحد والمجتمع الواحد وأحياناً الجماعة الواحدة ، وحتى من دون أن يكون ثمّة داعٍ أو حاجة إلى ذلك ، فأصحاب السطوة والنفوذ والثروة في الساحة السياسيّة ، خلافاً لوحوش الغاب ، لا يشبعون ولا يرحمون .
الدرس الخامس : إنّ الطائفيّة المستشريّة في لبنان سيف ذو ثمانية عشر حدّاً ، كيفما لوَّحت به ، أصبت مقتلاً أو حفرت في جسم المجتمع جراحاً ثخينة . لهذا ، ونتيجة لذلك ، فإنّ الفساد يشكّل طوقاً يحتاج إلى مَن يكسره بقوة خارقة . وإذا تُرك النظام على غاربه أو على فساده ، فقد لا يولِّد القيادة السياسيّة الكفيلة بكسر الحلقة الجهنميّة . فيستمر الفساد ويتفاقم .
الدرس السادس : الصمود في الأزمات مرتبط بقدر ما يُرتجى من أمل في الخلاص ( ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ).
الدرس السابع : الجميع متساوون أمام القانون ، ولكن بعضهم " متساوون أكثر من سواهم"، وذلك إلى درجة فقدان العدالة وتكافؤ الفرص . وبالتالي إلى حدِّ تفاوت الأحجام والإمكانات والامتيازات بفعل السطوة التي يبسطها المال السياسيّ على كلّ مستوى وصعيد .. وهذه هي سنّة "الديمقريْطم ".
الدرس الثامن : الولاية الرئاسيّة تتجدّد إلى ما لا نهاية في عالمنا العربيّ ، في ظلّ الأنظمة التي تسمّى " جمهوريّة ". أما في لبنان ، فقد كان ثمّة ملك على جمهوريّة قبل " وثيقة الاتفاق الوطنيّ " ( وثيقة الطائف ).
الدرس التاسع : اللبنانيون أكثر الشعوب احتراماً للأعراف والقوانين . ولكنها قوانين غير مكتوبة : وهي الطائفيّة ، المحسوبيّة ، الواسطة ، الرشوة ، حكم المال ، كلّ هذا من عناوين الفساد المستشري في المجتمع اللبنانيّ .
الدرس العاشر : يرى الحريري أنّ مغادرة الحكم كأس مرّة : فرئاسة الوزارة ، إنّما هي مقعد مخصّص أو مكتوب لـه وهو المعقد الذي يريده دائماً وأبداً لنفسه فقط . لقد تركَّز الهجوم على حكومة الحصّ أنّه فرّط في مقام الرئاسة . فيرد عليه بعد 3 سنوات : " أما أنت ، فإنّك تطلب أموراً لنفسك ، أوَّلها : البقاء في سدّة الرئاسة بأيّ ثمن ، وهذا ضعفك !!..".
الدرس الحادي عشر : ثمّ يأتي الدكتور الحص ، أخيراً لا آخراً ، إلى توجيه الاتّهام إلى المواطن أيضاً ، فهو لا يوفّره من الانتقاد حيث يقول : " إنّك ، أيّها المواطن، مُتّهم بالتقصير في حقّ نفسك ، ومجتمعك ، وبلدك ... إنّك تُلقي تبعات الحال المزرية على كاهل مَن تسميهم مسؤولين في الدولة وكبارهم بصورة خاصة ، إنّما أنت أيضاً مسؤول ، وذلك لأنّك لا تقوم بما تمليه عليك مسؤوليات المواطنة الملقاة على عاتقك ".
... وهنا يسأل : كيف كان ردُّك يوم الانتخاب على أولئك الذين اعتبروك سلعة تشرى وتباع في ما يشبه سوق النخاسة ؟!... إنّك تعلم أن مَن هم في السلطة يراهنون على كسب صوتك مجدداً أو مصادرته بشن حملات إعلاميّة دعائيّة فاجرة ، تُستخدم فيها الجدران ومكبرات الصوت وأعمدة الكهرباء وشتّى وسائل الإعلام ، من أجل تجميل صورتهم واستثارة العصبيات الطائفيّة والمذهبيّة ، وتشويه صورة خصومهم ... ( سكوت المواطن ) يعني الاستسلام ، والانقياد ، والوقوع في شَرَك الإغضاء عن العورات والتواطؤ مع أولئك الذين يرتكبون الموبقات ، ألا يعني ذلك المشاركة في الإثم ؟!...
إنّ كبار نجوم الساحة السياسيّة ، باتوا مفضوحين الآن ، فانهارت أسهمهم ... ومع ذلك فإنّ انهيارهم كلياً مستبعد في حال بقيت شروط اللعبة على حالها ... ذلك أنّه إذا كانت المعركة الانتخابيّة عام 2000 كلفتهم مبلغاً طائلاً من المال ، فالمعركة المرتقبة في 2005 ستكبِّدهم أضعاف هذا المبلغ ... وسوف يفوزون : هذه سنّة " الديمقريْطم ".
* * *
شجون عربيّة :
في هذا المحور من الكتاب ، وفي مقال تحت عنوان " عروبيّ من لبنان أمام المرآة "، يحلم الرئيس الحصّ بأن يكون لبنان رائداً بين العرب على طريق الحريّة والديمقراطيّة الحقّة والتقدّم الحضاريّ والإنسانيّ . وبما أنّه ينطلق من كونه عربياً قلباً وقالباً ، فإنّ قضيّة الاتحاد العربيّ وقضيّة فلسطين إنّما هي أيضاً قضيته . والانتفاضة الفلسطينيّة الآن هي معركة الشعب الفلسطينيّ لتحقيق حريته واستقلاله على أرضه . لذا ، فإنّه يقف مع الشعب الفلسطينيّ بكلّ الجوارح والأفئدة . فالانتفاضة ومن ثمّ النضال والجهاد والمقاومة والاستشهاد ، إنّما هي من السُّبل المشروعة لانتزاع الحريّة والسيادة والاستقلال ...
ومن جهة أخرى ، فإذا كان لبنان وطناً يعتزُّ به الرئيس الحصّ ، إلاّ أنّ الدين إنّما هو شأن بين المواطن وربّه . أما الوطن فهو للجميع . ويقول : " وطني لبنان ، عربيّ الهويّة والانتماء . هكذا هو ، وهكذا أريده ، وهذا ما يجعل منّي عروبياً ، أؤمن بأنَّ العرب أمة واحدة : لغتها واحدة ، ثقافتها مشتركة ، تراثها واحد ومصالحها مشتركة ، رسالتها واحدة ومصيرها مشترك . همّها واحد وقضاياها مشتركة أيضاً "...
ويرى الرئيس الحصّ ويكرر مراراً ويؤكد أنّ الديمقراطيّة ، لو كانت سائدة في الأقطار العربيّة ، لما بقيَ نظام عربيّ واحد في مكانه ... فقد أظهرت الحرب المفتعلة على العراق ، تلك الهوة السحيقة التي تفصل بين الشعوب وحكامها : الشعوب ضدّ الحرب ، أما الأنظمة العربيّة فكانت محبّذة لها ، ضمناً أو علناً .
فإذا كانت الديمقراطيّة هي طَوْق النجاة من الضعف والتخلف والإرادة السلبيّة ، إلاّ أنّها في الوقت نفسه كناية عن انتحارٍ للحكام العرب الذين يقوم حكمهم على القهر والقمع والكبت . إذن ، إنّنا نجد أنفسنا أمام حلقة مفرغة : لا يجد الحكام العرب أيّ مصلحة لهم في تغيير أنظمة الحكم ، ولا الشعب قادر على تغيير الواقع في ظلّ يد القمع والقهر المهيمنة ...
إنّنا نعلم أنّ البناء والنموذج الديمقراطيّ ، لا يتمّ نظرياً أو على الورق وحسب ، وإنّما أيضاً في النفوس واستعداداتها ، وفي الممارسة العمليّة ... فلا ننسى أنَّ الديمقراطيّة ليست نظاماً سياسياً فحسب ، بل هي أيضاً وبخاصة ثقافة وقِيَم ونمط حياة . فهذه الثقافة الديمقراطيّة ، إنّما تقتضي وقتاً ونضالاً وتراكماً قد يطول ...
وفي مقال تحت عنوان " خريطة الطريق : هل هي نهاية الطريق ؟!..." يرى الرئيس الحصّ أنّ الحقّ والقوّة ، عندما يكونان في جانب واحد من الصراع ، فلا غالب للقوّة في هذه الحالة ولا غالب للحقّ أيضاً . غير أنّ الحقّ في هذه المعادلة في جانب العرب ، أما القوّة فهي في الجانب الآخر . من هنا فإنّ مشروع " خريطة الطريق " هو مشروع القوّة الأعظم في العالم اليوم : أميركا ومعها روسيا وأوروبا والأمم المتحدة . فالصراع لن ينتهيَ مهما طال ، إذا بقيَ الحقّ جهيضاً ... بهذا المعنى ، لن يكون المشروع " نهاية الطريق "، بل بداية الطريق لمرحلة جديدة ومغايرة من الصراع ...
هذا ، ومن جهة أخرى ، يشير الرئيس الحصّ إلى أنّنا نسمع كثيراً أنّ التسوية هي " سلام الشجعان "، ولكنها عملياً سلام سلاطين العرب ، يوقِّعونها نيابة عن شعوبهم وبخلاف إرادة هذه الشعوب . ففي هذه الحالة، فإنّ الوصول إلى تحقيق الديمقراطيّة الحقّة ، لا بدّ إلاّ وأن يمرّ بالضرورة عَبْر المقاومة وانطلاقاً منها ، وتحديداً المقاومة الشعبيّة .
ففي هذا المجال ، تنبأ سليم الحصّ ، في مقال نشره في 29 نيسان 2003 ، تحت عنوان "طريق الديمقراطيّة " أنّ المقاومة الشعبيّة في العراق ، ضدّ الاحتلال الأميركيّ ، لا شكّ في أنّها آتية لا محالة . فالمسألة إنّما هي مسألة وقت مرهون بأمريْن : 1) بروز قيادة للمقاومة ، 2) وشقّ طريق وإمداد سياسيّ وإعلاميّ وماديّ من الخارج ...
وفي المناسبة نفسها ، فإنّ الديمقراطيّة ستُعمّم على سائر الأقطار العربيّة من طريق المقاومة . ولكنها ، في هذه المرّة ، مقاومة الأنظمة الحاكمة بوسائل النضال السلميّة : التظاهر ، الاعتصام ، التعبئة الإعلاميّة ، وربَّما العصيان المدنيّ ...
وفي ما خصّ العمليات الاستشهاديّة ، كتب الرئيس الحصّ تحت عنوان الاستشهاد سلاحاً ليقول : إذا كنّا من الناحية المبدئيّة وكمنطلق ، لا نوافق على استهداف الأبرياء ، أيّاً تكن هويتهم ... مع أنّ العمليّة الاستشهاديّة بطبيعتها، لا تميّز بين برئ وآثم ، بين طفل وإمرأة ورجل ، فإنّه لا يسعنا إلاّ أن نبديَ إكبارنا البالغ للروح التي تملي على فتىً أن يبذل حياته من أجل قضيته ، وهي أعزّ ما يملك. ذلك أنّه ما معنى الحياة ، عند إمرئ يرزح تحت نير الذل والهوان والقهر والتشريد والفقر ؟.. فإذا بذل الفدائيّ حياته في سبيل الحريّة والكرامة ، فإنّه لا يفعل ذلك مجاناً ، بل من أجل قِيَمٍ ، لا معنى للحياة بدونها ...
وفي نهاية المطاف ، يأتي الرئيس الحصّ ، أخيراً وليس آخراً ، إلى توجيه " كتاب مفتوح إلى حكام العرب "، وهو كتاب لا أصدق ولا أجرأ ممّا كُتب في هذا المجال . فهو يقول : إنّ الألقاب التي يتمتّع بها الحكام العرب جميعاً : أصحاب الجلالة والسموّ والسيادة والفخامة ، إنّما هي إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على التخلف . ويضيف : إنَّكم جميعاً تتمتَّعون بأوسع الصلاحيات ، فعلياً ودستورياً . ومَن يمارس هذه الصلاحيات ، يجب أن يتحمَّل تبعاتها. أنتم مسؤولون عملياً عن الواقع السائد في بلدانكم: العنوان هو التخلف . ومن آيات التخلف حاكم لا يخضع للمحاسبة ... فهو أبديّ في موقعه ـ باستثناء لبنان ـ فهو ملك أو أمير أو رئيس، يُجدّد له آلياً إلى ما لانهاية. وكذلك ثروات تُبدّد على العائلة الحاكمة ولا محاسبة . وكذلك تخلف في البِنية الاجتماعيّة والبِنية الاقتصاديّة . والمجتمع يعاني فقدان الحريّة ، وغياب الديمقراطيّة الفاعلة ، وغياب التمثيل الشعبيّ والمحاسبة ، والقمع سيّد الموقف . وأما غياب الشارع العربيّ ، فإنّ السبب يعود إلى الكبت والقمع اللذين يطبعان أنظمتكم .
كما أنّنا نلمس ، أيّها الحكام العرب ، رضوخاً أعمى لسياسة أميركا ، مع إدراككم خطرها في انحيازها السافر لإسرائيل ... خطرها على مصير قضية فلسطين ، ناهيك بالمصير القومي العربيّ ، وخطر القضاء على الهويّة العربيّة والإجهاز على رابط بيننا يسمّى عروبة . ثمّ إطفاء أمل الاتحاد العربيّ ، ممّا جاز لأوروبا إطلاق مشروع الشرق الأوسط والتطبيع ، وهو يستهدف الهويّة العربيّة والعروبة والرابط القوميّ العربيّ ...
* * *
أكتفي بهذا القدر ، وأعتذر إذا كنت قد أطلت قليلاً ، فالكتاب في ذاته أكثر غنىً وثراءً ، سياسياً وفكرياً، ممّا لا يمكنني أن أفيه حقَّه في هذه العجالة ، فينبغي العودة إليه . وما قمت به سوى محاولة سريعة في هذا السَّبيل ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] ) إنّنا نكتفي هنا بالتوقّف أمام المحور الأول ( شجون لبنانيّة )، والمحور الثاني ( شجون عربيّة ). أما المحور الثالث ( شجون اقتصاديّة )، فسنتركه إلى مناسبة أخرى . وهو يشتمل على عشر مقالات تدور حول الوضع الاقتصاديّ في لبنان طوال السنة الماضية ومطلع السنة الحالية ...
1 ) الأزمة الاقتصاديّة إلى أين ؟... (21/5/2003) / 2 ) بين قوّة في الليرة وضعف في الدولار (25/5/2003)
3 ) بديهيات اقتصاديّة ( 2/8/2003 ) / 4 ) آفاق الحلّ الاقتصاديّ ( 12/8/2003 )
5 ) الخصخصة مدخلاً إلى الجنة (26/10/2003) / 6 ) جيش من دون قيادة ( 2/11/2003 )
7 ) الدين العام معضلة لها حلّ ( 30/12/2003 ) / 8 ) تثبيت الليرة اللبنانيّة ( 4/1/2003 )
9 ) سُبل الحلّ للأزمة المالية والاقتصاديّة (ورقة مقدّمة إلى الجبهة الوطنيّة للإصلاح )
10 ) المعيقات غير الاقتصاديّة للتنمية ( قصر الأونيسكو 7/2/22004 )
[1] ) هنا أودّ أن أشير إلى بعض الألفاظ والمفردات الواردة في ثنايا هذا الكتاب ، وهي غيض من فيض ، أبرزها : مَثْلَبَة ( جمع مثالب : عيب ، سَوْءة ، مسبّة ) / تلهج // إزورار / مذمّة / تبعات / عورات / ترفل / يرعوون / الموبقات / العصف / الشَّرَك / اللَّجب ( الهائج ، صياح ، اضطراب ) / الجهيض / سبق السيف العذل ... وهناك أيضاً نحت كلمات أو تعبيرات مركبة جديدة مثلاً : ديموقريطم ، إلخ ...