الجزيرة - لغة الضاد في فخِ التغريب ولهجات الأضداد
إعلام وصحافة /
تربوية /
2010-07-05
لاثنين 23/7/1431 هـ - الموافق 5/7/2010 م (آخر تحديث) الساعة 15:58 (مكة المكرمة)، 12:58 (غرينتش)
لغة الضاد في فخِ التغريب ولهجات الأضداد
مقدم الحلقة : سامي كليب
ضيفا الحلقة : مروان المحاسني/ رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق ـ
سليمان عبد المنعم/ أمين عام مؤسسة الفكر العربي
تاريخ الحلقة: 2/7/2010
- اللغة العربية والقرآن
- المجامع اللغوية في تطوير اللغة العربية
- طغيان اللهجات العامية على الفصحى
سامي كليب مروان المحاسني سليمان عبد المنعم
سامي كليب: السلام عليكم. اللغة العربية إحدى أرقى لغات العالم مهددة بالانقراض، وجدت عشرات المقالات تحمل هذا الإنذار، فماذا لو اندثرت فعلا اللغة العربي ولم تعد صالحة لمجارات علوم العصر وتقنياته والإنترنت، ماذا لو اختفت أو تراجعت أو تقهقرت لغة القرآن الكريم؟ ما البديل؟ وهل تتعرض لغتنا فعلا لمؤامرة التغريب وطغيان اللهجات؟ وإذا كانت هذه اللغة قوية كما يقول البعض الآخر فلماذا نخشى تطعيمها بمفردات أجنبية تناسب العصر وما الضير في أن نسهلها ونخفف بعض قواعدها لتغري شباب اليوم الذي بات بعضه يخجل على ما يبدو من لغة الضاد؟ سنحاول أن نعرف أكثر ونفهم جوانب الخطر وبارقات الأمل ويسعدني أستضيف بداية الدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية في سوريا وهو الأقدم بين المجامع العربية أهلا بك، وأستضيف أيضا أمين عام مؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبد المنعم وعنده الكثير من المقالات والدراسات حول اللغة العربية أهلا بك بروفسور، سيكون معنا طبعا مداخلات عديدة في خلال هذه الحلقة.
اللغة العربية والقرآن
سامي كليب: أبدأ معك دكتور مروان، هل اللغة العربية في خطر فعلا؟
مروان المحاسني: أعتقد أن الموضوع فيه الكثير من المبالغة، الواقع إن اللغة العربية لغة متمكنة من وجودها لعدد المتكلمين بها في العالم، هذه النقطة الأولى،
سامي كليب: في أرقام؟ كم العدد؟
مروان المحاسني: أعتقد أن المجموع يتجاوز الـ 120 مليون كما أتصور ولكن هذا ليس رقما دقيقا.
سامي كليب: هؤلاء يتكلمونها ويفهمونها.
مروان المحاسني: يقرؤونها إذا كانوا متعلمين ولا أدري نسبة المتعلمين في مجموع البلاد العربية ولكن إجمالا في مناطقنا القريبة في لب الوطن العربي أعتقد أن الأمية تراجعت كثيرا ولذلك هؤلاء يتكلمون العربية ويقرؤونها، وإذا كانوا من المسلمين الملتزمين فهم يتلون القرآن الكريم.
سامي كليب: دون فهم ما بداخله، هذه مشكلة.
مروان المحاسني: ولكن التلاوة، التلاوة هي حفظ للغة، أتكلم عن اللغة كلغة. ولذلك حين نقول إنها مهددة بالانقراض أعتقد هذه الكلمة فيها التجني، الانقراض هو لم يصب لغات صغيرة جدا في ماليزيا أو في السنغال فكيف نقول عن هذه اللغة مهددة بالانقراض؟! نحن نقول إنها في موقع ضيق من النظرة العالمية إلى قدرتها في العلوم، هذا صحيح.
سامي كليب: طيب في الحديث عن اللغات دكتور أن اليونيسكو تقول مثلا أن العالم يضم الآن أكثر من ستة آلاف والبعض تحدث عن سبعة آلاف لغة، لكن معظمها سيختفي وتنشر صحيفة ليموند الفرنسية أن 97% من سكان العالم يتكلمون 4% فقط من هذه اللغات في حين أن 96% من هذه اللغات لا يتكلمها سوى 3%من أهل الأرض. البعض يقول إن نصف لغات العالم التي كانت موجودة قد اختفت، هل ثمة معلومات عندك بروفسور حول اللغة العربية وموقعها اليوم، يعني ماذا تمثل اللغة العربية في العالم؟
سليمان عبد المنعم: إذا كان الدكتور مروان في الحقيقة تحدث عن أن المسألة ليس فيها ما ينذر بالكارثة أنا أتفق معه ولكنني أضيف أن الشواهد الحالية يجب أن تكون جرس إنذار في الواقع، لأن شواهد تراجع اللغة العربية واغتراب اللغة العربية في ديارها أصبحت خصوصا في السنوات الأخيرة أو في العقود الأخيرة أصبحت مسألة جديرة بالانتباه ومثيرة للقلق.
سامي كليب: ما هي هذه الشواهد؟
سليمان عبد المنعم: هذه الشواهد نرصدها أولا في المؤسسات التعليمية في المؤسسات الإعلامية في الشارع، في المؤسسات التعليمية لم يعد سرا أن ازدواجية التعليم في الكثير من المجتمعات العربية ووجود مؤسسات تعليمية أجنبية ومؤسسات تعليمية خاصة وبالمناسبة نحن لسنا ضد المؤسسات التعليمية الأجنبية ولا الخاصة إذا كانت تقدم تعليما جيدا وهي تقدم بالفعل تعليما جيدا..
سامي كليب (مقاطعا): طيب الازدواجية تخفف أو تضعف اللغة العربية؟
سليمان عبد المنعم: الازدواجية تضعف كيف؟ حين نعرف مثلا أن الكثير من المؤسسات التعليمية على هذه الشاكلة وهي تنامت جدا واستفحلت في الآونة الأخيرة تدرس فيها المواد باللغة الأجنبية وحين أقول المواد أنا أفهم أن تدرس الرياضيات بلغة أجنبية أفهم أن تدرس العلوم من كيمياء وفيزياء وطبيعي باللغة الأجنبية ولكن أن يدرس التاريخ بلغة أجنبية هذا ما أجده أحيانا صعبا على الفهم.
سامي كليب: صحيح. إضافة طبعا إلى مشكلة الإنترنت وهي كبيرة سنعود إليها بعد قليل، فلنعد قليلا إلى اللغة العربية متى بدأت وهذا الرأي.
[شريط مسجل]
شوقي حماده/ لغوي وعضو المجمع اللغوي في القاهرة: هي ابنة اللغة السامية الأولى التي نشأت منذ أربعة آلاف سنة قبل السيد المسيح. وتعتبر العربية أم اللغات أي البنت المكرمة للغة السامية، حيث ذكرت المراجع جميعا أن أول من نطق بها هو آدم عليه السلام وقيل هو اسماعيل عليه السلام ثم قيل هود ويعرب بن قحطان إلى آخره، والثابت أن اللغة العربية نشأت مع عدنان وقحطان وهما من جدود العرب المستعربة في شبه الجزيرة العربية، هذه هي الجذور الأولى للغة العربية قبل أن ينزل بها القرآن الكريم. نزل بها القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليهم وسلم في غار حراء يوم أن قال له رب العالمين {اقْرَأْ..} وأجاب عليه الصلاة والسلام "ما أنا بقارئ" ثم قال {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] فقرأ. فإذا نزلت لغة القرآن الكريم باللغة العربية وهناك آية غير مشتبه بها تقول {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً..}[يوسف:2]
[نهاية الشريط المسجل]
سامي كليب: دكتور مروان موافق على هذا التأريخ للغة العربية؟
مروان المحاسني: يا سيدي هذا التأريخ النظامي المتفق عليه، ولكن نحن نريد أن نعود إلى تاريخ يمكن أن يستثمر بشكل حقيقي فنقول أولا، كلمة لغات سامية كلمة مرفوضة على اعتبار هي فرضت علينا من قبل مستشرقين، وجدوا تشابها بين اللغة العربية واللغة الحبشية واللغة العبرية وقالوا عليها إنها لا بد أن يكون لها جد هو جد السامي وأخذوها من التوراة، الحقيقة نحن نتكلم الآن عما نسميه عن اللغات العروبية، واللغات العروبية..
سامي كليب: يعني؟
مروان المحاسني: يعني تبدأ في اللغة الآكادية ولغة إيبلا ولغة رأس شمرا واللغة الكنعانية وكلها لغات جرى إحصاء في سوريا عن المحتويات لهذه اللغات من النقوش الموجودة فوجدنا أن هذه اللغات مثلا لغة إيبلا 60% من لغة إيبلا موجود في لسان العرب كجذور وككلمات تتعرف عليها مباشرة بدون أي ترجمان وبدون أي تحويل.
سامي كليب: طيب بروفسور سليمان عبد المنعم يعني في كلام أكيد أن القرآن الكريم هو الذي رسخ اللغة العربية وحماها، هل يكفي لترسيخ العربية وحمايتها اليوم مثلا؟
سليمان عبد المنعم: لا شك أن البعد القرآني للغة العربية بعد في غاية الأهمية لأنه يعني ببساطة أن اللغة العربية تظل محفورة في قلوب وعقول وأرواح الناس، ولكن السؤال هو هل يمكن أن نتكاسل ونركن إلى البعد القرآن للغة العربية ودون أن نبذل ما يجب من جهود لا سيما في عصر نحن نعلم جميعا أن العولة قد أمدت اللغات الأجنبية بقوة دفع لاتتوافر للغة العربية، طبعا المسألة ليست كارثية ولكن يعني أنا لدي عدة أرقام أود أن أدلي بها إذا سمح الوقت، في تقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية الذي نحن بصدد إصداره قريبا إن شاء الله، في ملف المعلوماتية التواصل الثقافي العربي عبر شبكة الإنترنت يظهر لنا أن هناك ثمانية ملايين باحث عربي دخلوا شبكة الإنترنت لكي يبحثوا عن شعر نزار قباني، الرقم الثاني لهم المتنبي، فالمتنبي هو الشاعر الثاني، هذا يدل على أنه لا زال هناك خير في شبابنا وفي رغبتنا دائما في الارتباط باللغة العربية..
سامي كليب: ولك على كل حال مقال في هذا الشأن.
سليمان عبد المنعم: المسألة -أستاذ سامي- يعني أود أن أعلق عليها قليلا مسألة اعتزازنا في اللغة العربية خصوصا في أوساط الشباب، أيضا أكاد أقول إنه ليس سرا يستطيع أن شخص يذهب إلى أي جامعة كبيرة في إحدى العواصم العربية أو في أحد النوادي أو في أحد الشوارع أو على أحد المقاهي ليكتشف أن شبابنا العربي أحيانا يجد في نطقه للغة أجنبية مصدر فخر ومصدر تفرد ومصدر وجاهة اجتماعية..
سامي كليب: والعكس بالنسبة للغة العربية.
سليمان عبد المنعم: والعكس بالنسبة للغة العربية، وهذه مسألة في غاية القلق، هذه المسألة مقلقة.
سامي كليب: طيب حضرتك أيضا تتحدث عن التقرير العربي الثالث ولكن في تقرير العربي الثاني وكنت حضرتك مقرر هذا التقرير "إن موقعا عربيا واحدا فقط دخل قائمة المواقع الألف الأولى الأكثر ارتيادا على شبكة الإنترنت وللمفارقة فقد كان هذا الموقع موقعا للسينما وبخلاف مواقف السينما والموسيقا لا يوجد موقع عربي ضمن قائمة العشرة آلاف موقع الأكثر زيارة، لو تسنى لنا الوقت سنتحدث أكثر حول عجز اللغة العربية عن اللحاق بالإنترنت، ولكن رأي آخر حول علاقة القرآن الكريم باللغة العربية.
[شريط مسجل]
محمد داوود/ عميد معهد معلمي القرآن الكريم في القاهرة: ولو لا القرآن الكريم لما كانت اللغة العربية، القرآن الكريم هو الذي جعل لهذه اللغة العربية الانتشار على مستوى العالم في المساحة الإسلامية ومساحة التعبد وجعل لها هذا الاستقرار وجعل لها هذا البقاء ولو لا القرآن ما كانت اللغة العربية والقرآن الكريم هو الذي يجعل اللسان العربي أن يكون فصيحا ويحافظ على هذه اللغة من الاندثار والضياع ولكن وحده لا يمكن، لا بد بعد أن يأتي دور القرآن في الحفاظ على هذه اللغة يأتي دور أهل هذه اللغة في نشر هذه اللغة والوفاء لهذه اللغة وتيسير تعليم هذه اللغة وأيضا في محاولات نشر هذه اللغة بأسلوب علمي كما يحدث في اللغة الإنجليزية واللغة الألمانية واللغة الفرنسية ونحو ذلك من الهيئات التي تقوم على نشرها، يعني يكفي أن نعلم أن رئيس فرنسا الأسبق ساعة أن كان رئيسا شرفيا لمؤسسة الفرانكوفونية عرض على بلاد المغرب العربي أن يسقط عنهم كل الديون في مقابل أن تبقى اللغة الفرنسية هي لغة التعليم وهي اللغة الأولى هناك، لماذا؟ لأن اللغة هي وعاء الثقافة، وجود لغة وجود لأهلها وجود لثقافتهم ينبغي أن ندرك هذه الحقائق وأن نعمل لإحيائها.
[نهاية الشريط المسجل]
المجامع اللغوية في تطوير اللغة العربية
سامي كليب: يتحدث عن أهل اللغة العربية، حضرتك من أهلها الدكتور مروان المحاسني يعني ترأس اليوم مجمعا لغويا للغة، مجمع دمشق الأقدم بين المجامع اللغوية، متهمة هذه المجامع بأنها مع احترامي لأعمار كل الذين فيها بأنها دار عجزة من جهة وأنه لم يدخل إليها الشباب وأنها لم تستطيع أن تقدم شيئا يجاري العصر والإنترنت والمعلومات والعلوم. دافع عن نفسك؟
مروان المحاسني: يا سيدي أولا السؤال أن هل الموضوع مرهون بالسن، هل يفضل الشباب على الشيوخ لأنهم أكثر حماسة أم..
سامي كليب: لا، لأنهم أقرب إلى الواقع.
مروان المحاسني: أقرب للواقع، الواقع الحقيقي الذي نحن بصدد التصدي له هو واقع الحداثة، نحن نريد أن ندخل الحداثة ولا يكفي بأننا نعتمد لغة قوية ومتينة وذات جذور عميقة، يجب أن تصبح هذه اللغة قادرة على التعبير ونحن نقول إذا لم ندخل العلوم عن طريق لغتنا، لن تدخل بلادنا في الحداثة إطلاقا.
سامي كليب: طيب ماذا فعلتم في المجامع لذلك؟ في المجمع العربي في دمشق
مروان المحاسني: مجمع دمشق، أنا أقول بكل تواضع نحن في مجمع دمشق قد أخذنا على عاتقنا موضوعا هاما جدا، توحيد المصطلحات العلمية المدرسة في الجامعات السورية حتى يصل المجمع إلى إقرارها وعندئد لا يطبع أي كتاب علمي إلا مستندا إلى هذه المصطلحات.
سامي كليب: دعني أوضح هذه النقطة لأنها مهمة، يعني اليوم في المجمع عندكم قاموس فيه كل العبارات اللفظية المتعلقة بالمجال الطبي، يعني أي طبيب عربي يريد أن يترجم أي مصطلح موجود عندكم.
مروان المحاسني: هذا المعجم هو المعجم الممتاز الذي وصلت إليه اللغة العربية بفضل، في المرحلة الأخيرة الذين أشرفوا على طباعته وتنسيقه هي منظمة الصحة العالمية، ولكن المجهود..
سامي كليب: منظمة الصحة العالمية وليس أي دولة عربية.
مروان المحاسني: لا.
سامي كليب: وليس سوريا؟
مروان المحاسني: وليس سوريا.
سامي كليب: ما السبب؟
مروان المحاسني: سوريا قدمت أعضاء منها ليساهموا في هذا المعجم ونحن اشتغلنا يعني أنا شخصيا بدأت في عمل المصطلحات في الستينيات، في الستينيات بدأنا نضع المصطلحات..
سامي كليب: خصوصا أنك قادم من مجال الجراحة الطبية يعني حضرتك طبيب جراح في البداية.
مروان المحاسني: فهذه المصطلحات التي وضعناها هي المصطلحات المقررة في كلية الطب التي تعلمنا فيها وأضفنا إليها تدريجيا كل ما يرد، هذا عمل استمر على حوالي 15 سنة.
سامي كليب: طيب هذا جيد دكتور لأنه سنشاهد في هذا البرنامج أيضا بعض الأطباء الشباب الذين يقولون إن سبب عجز اللغة العربية عن الانتشار أنها لا تستطيع أن تترجم كل ما هو موجود في المجال العلمي والطبي. حضرتك بروفسور سليمان عبد المنعم تقول "إن لدينا في العالم العربي ما يكفي من هذه المجامع والمؤسسات الأكاديمية والبحثية وتجمعات أهلية معنية جميعها بقضايا اللغة العربية وهمومها، لكن المطلوب اليوم هو مبادرة جماعية طويلة النفس ذات رؤية إستراتيجية بعيدة" ماذا تعني بالضبط؟
سليمان عبد المنعم: أعني باختصار شديد وأرجو أن تعطيني الوقت لأن ألقي الضوء سريعا وفي كلمات.
سامي كليب: يعني بما يسمح الوقت.
سليمان عبد المنعم: هذه الرؤية بعيدة المدى تعني أن ننظر إلى مؤسساتنا التعليمية وأن ننظر إلى الإعلام وأن ننظر إلى حركة البحث العلمي ثم ننظر إلى الأدوات التشريعية التي أود في الواقع أن أثير دورها أستاذ سامي في هذه الحلقة،
سامي كليب: تفضل.
سليمان عبد المنعم: بالنسبة للمؤسسات التعليمية واضح تماما أنه لا بد من إعادة النظر في طريقة تدريس اللغة العربية، لأنه إذا كنا نشكوا من جميعنا في البلاد العربية بدرجات متفاوتة من تدني مستويات طلاب المدارس وخريجي الجامعات فهذا لا يعني إلا أمرا واحدا وهو أن هناك مشكلة ما في طريقة تدريس اللغة العربية..
سامي كليب: يعني مثلا هل من أمثلة لديك محددة؟
سليمان عبد المنعم: لننظر إلى العالم المتقدم، اللغات المنتشرة عالميا هناك تقنيات جديدة في علم اللغة وفي طريقة تعلم اللغات، اللغة علم والعلوم لا تتكبر على المحاكاة والعلوم لا تستعصي على التطور، لماذا لا نأخذ من تجارب العالم المتقدم في تدريس الإنجليزية أو الفرنسية ما يمكن أن يسعفنا في تدريس اللغة العربية؟
سامي كليب: يعني مثلا؟ لأنه سأساعدك أيضا بالمعلومات، مجلة فورنين بوليسي تقول إن أكثر من مليار وستمائة ألف شخص يقرؤون الإنجليزية في العالم ما يقارب ثلث الكرة الأرضية رغم أن اللغة الإنجليزية تعد اللغة الأم فقط لـ 380 مليون شخص، يعني الرقم كبير، الفارق كبير، طيب ماذا تنصح بالنسبة للغة العربية.
سليمان عبد المنعم: هذا يعني أن أهل الأمر وأهل الاختصاص مدعوون في الواقع لكي نلقي نظرية على أين وصل حال تدريس أو تعلم اللغة العربية في مؤسساتنا التعليمية، المسألة الثانية أيضا هي التعليم باللغات الأجنبية، يعني لدينا مثلا أنا أريد في الواقع أن أعطي مثلين، الصين وإسرائيل، الصين وهي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم والتي حققت معجزة تقنية بكل المقايين والتي صارت أعجوبة العالم في الاقتصاد وفي كل شيء، الصين هذه تدرس فيها في الجامعات كل العلوم باللغة الصينية، لدرجة أنني طرحت السؤال عليهم ومؤسسة الفكر العربي لديها مشروع كبير في الترجمة من الصينية إلى العربية مباشرة..
سامي كليب: حتى في الصين حركة ترجمة هائلة أيضا.
سليمان عبد المنعم: حركة ترجمة هائلة هناك ستمائة طالب صيني يدرسون اللغة العربية كل عام، فكانت الإجابة أنه حتى في أكثر العلوم تخصصا وتعقيدا التدريس هو باللغة الصينية ومع ذلك لم يكن، الصين كان لديها هاجش نقل التقنية، الصين استطاعت أن تنفتح على العصر أن تتواصل مع حركة التقدم الإنساني والعلمي دون أن تفقد لغتها القومية. في إسرائيل المسألة تستحق أن تدرس، إسرائيل نجحت في أن توقظ من جوف التاريخ لغة ميتة أو شبه ميتة لا يتحدث بها أكثر من 15 مليون شخص في العالم..
سامي كليب: العبرية.
سليمان عبد المنعم: لتجعل منها أيضا هي لغة التعليم لأن الطب والفيزياء والكيمياء في إسرائيل يدرس باللغة العبرية وليس باللغة الإنجليزية.
سامي كليب: طيب أيضا مثلا وفق حبيب عبد الرب سروري يقول إسرائيل ترجمت منذ تأسيسها عشرة أضعاف ما ترجمه العرب. اللافت دكتور مروان المحاسين أن بعض الترجمات العربية تبدو مضحة، يعني مثلا تلفون ترجم بأرزيز، طيب من بده يفهم شو يعني أرزيز؟ السماعة ترجمت بالشاخص السمعي، الساندويتش ترجم بالشاطر والمشطور والكامخ بينهما. يعني تخيل شاب اليوم عربي سيذهب إلى محل ويقول له أعطني شاطر ومشطور وكامخ بينهما.
مروان المحاسني: أنا سأسمح لنفسي أن أقول إن هذا افتراء، لم يصدر هذا الكلام عن أي مجمع من مجامع اللغة، هذا عبارة عن تهريج صحفي، قيل إن المجامع يجب أن تضع مصطلحات فوضع هذا، والقصة قديمة جدا سمعتها من خمسين سنة.
سامي كليب: قصة الساندويتش مش التلفون، التلفون موجود.
مروان المحاسني: التلفون، الهاتف معروف في العالم العربي. يا سيدي موضوع دخول اللغة العربية إلى المجال العالمي مربوط..
سامي كليب (مقاطعا): استميحك عذرا فقط، يعني تقول إن التلفون، بس أنا أشاهد في موقعكم في دمشق في الجمهورية العربية السورية مجمع اللغة العربية أنه مثلا مترجمين كلمة فاكس بالناسوخ.
مروان المحاسني: ناسوخ.
سامي كليب: ناسوخ من بده يفهم اليوم؟ يعني لو قلت لشخص في الشارع إنه سأرسل لك عبر الناسوخ رح يفهم أنه فاكس، واحد. اثنان إن موقع الإنترنت عندكم باللغة الإنجليزية، أنا أسأل لماذا ليس لدينا موقع إنترنت مثلا باللغة العربية وهذا موقع مجمع لغة عربية؟
مروان المحاسني: لأن المواقع لحد الآن ليس من موقع إلا باللغة الأجنبية ونحن لدينا دراسة هي عبارة عن جعل المواقع جميعها باللغة العربية ولكن نعود إلى الافتراء، الافتراء هو أن نطرح كلمات لا وجود لها، الحقيقة أننا نسعى دوما إلى إيجاد الكلمة الأقرب إلى الجرس العربي إلى المنطق العربي إلى الأذن العربي..
سامي كليب: عندك مثال عن بعض الكلمات التي ترجمت مثلا؟
مروان المحاسني: يعني مثلا كلمة القطار، القطار حين أطلقت كلمة القطار، القطار لغة هو عبارة عن مجموعة من الجمال تسير في الصحراء، هذا القطار أصبح اليوم يمشي على سكة حديد وأصبح يمشي على الكهرباء وأصبح اسمه القطار.
سامي كليب: طيب لكما لقبان حضرتك دكتور وحضرتك بروفسور ألقاب أجنبية وحضرتك مدافع عن اللغة العربية كرئيس مجمع، وحضرته بمؤسسة الفكر العربي إحدى المؤسسات الهامة جدا في الوطن العربي، ما وجدنا تعبير مرادف.
مروان المحاسني: التعبير موجود ولكنه لم يدرج على الألسنة، قرر المجمع منذ حوالي خمسين سنة بأن من يشتغل بالعلوم يسمى العليم ومن يشتغل بالطب هو الحكيم، على اعتبار هو الدارج على الألسنة أن الطبيب حكيم، ولذلك هذه لم تدرج مع الأسف وإلا بعض أساتذنا كانوا يكتبون على كتبهم الحكيم فلان.
سامي كليب: طيب في بعض الكلمات في الواقع وأقتبسها من كتاب جميل جدا للمرحوم حسن الكرمي اللغوي الكبير والراحل يقول مثلا كلمات مثل أسطورة من اليونانية، اسفنج من اليونانية إنجيل من اليونانية، ديباج من الفارسية، قنبلة من الفارسية، كلمة قنبلة كنا نعتقد أنها عربية، برنامج من الفارسية، فندق من اليونانية قرنفل من اليونانية فردوس من اليونانية، طبعا هذا مرادفه أنه في كلمات عربية كثيرة في اللغات الأجنبية، فقط سنشاهد كيف يستخدم الشباب اليوم الأجهزة الإلكترونية الحديثة. يعني مثلا الأحرف باللغات اللاتينية كما نلاحظ بهذه الصور، حتى ولو كان الكلام بالعربي، واجهات المحال كلها بالأجنبية كلها كما نشاهد، أيضا الرسائل عبر الهاتف باللغات الأجنبية، كم عدد مستخدمي اللغة العربية عبر الإنترنت عندك معلومات؟
سليمان عبد المنعم: يعني نحن في التقرير الثالث للتنمية الثقافية الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي الذي سيصدر قريبا، هناك دراسة تحاول أن تجيب على هذا السؤال في غضون الأشهر القليلة القادمة. بمناسبة دور المؤسسات أستاذ سامي..
سامي كليب: ولكن ليس لديك معلومة مؤكدة حول عدد مستخدم الإنترنت في العالم العربي؟
سليمان عبد المنعم: يقال 1% من جملة مستخدمي الإنترنت في العالم مع أن عدد سكان العرب بالنسبة لعدد سكان العرب أكثر من 1% في الواقع، يعني يمكن 5% أو 6% تقريبا.
سامي كليب: الذين يستخدمون اللغة العربية عبر الإنترنت.
سليمان عبد المنعم: الرقم المتوفر حتى الآن وهو يعني رقم ربما يحتاج إلى تمحيص لكن في التقرير الثالث الذي سيصدر قريبا هناك ملف ينصب تحديدا على هذه المسألة.
سامي كليب: نعم، كنت تود أن تقو شيئا آخر قاطعتك، اسمح لي.
سليمان عبد المنعم: شكرا. في الواقع دور المؤسسات الأهلية النهارده أدبيات التنمية الحديثة في الواقع بتقرر إنه صعب أن الدولة بمواردها المحدودة تفعل كل شيء، خصوصا في المجال الثقافي، إنما في دولة وفي القطاع الخاص بإحساسه بمسؤولياته الاجتماعية وفي المجتمع الأهلي، يمكن أنا في الحقيقة دور مؤسسة الفكر العربية، مؤسسة الفكر العربي مؤخرا أطلقت مشروع عربي 21 لدعم اللغة العربية ويمكن بعد غد إن شاء الله هنا من شارع الحمراء في بيروت هناك مهرجان كبير للغة العربية..
سامي كليب (مقاطعا): ولو تسنى لنا الوقت سنتحدث عنه لأنه مهم.
سليمان عبد المنعم: القصد من ذلك في الواقع هو إثارة الانتباه وتهيئة الأذهان لأهمية اللغة العربية ثم سيتحول هذا المشروع إلى مجموعة من المشاريع والمبادارت الأخرى في اللغة العربية كذلك بالنسبة للقاء التحضيري القمة الثقافية العربية اللي حيفتح في بيروت وحيفتتحه الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي، تأتي قضية اللغة العربية على رأس أولويات القضايا التي سيناقشها هذا اللقاء التحضيري وبالتالي هناك حركة الآن في المجتمع العربي للاهتمام باللغة العربية، ما ينقصنا فيها بالواقع هو تشبيك الجهود وتضافر الجهود وتكامل الأدوار في هذا الموضوع.
سامي كليب: طيب كويس بروفسور عملت شوية دعاية لمؤسسة الفكر العربي. مشاهدينا الأعزاء برنامج الملف يتواصل معكم بعد لحظات عبر قناة الجزيرة.
[فاصل إعلاني]
طغيان اللهجات العامية على الفصحى
سامي كليب: مرحبا بكم مجددا أعزائي المشاهدين لمواصلة برنامج الملف هذه الليلة حول اللغة العربية في القسم الثاني سنتحدث عن التغريب وعن طغيان بعض اللهجات المحلية على اللغة الأصلية اللغة الفصحى، ولكن فلنشاهد -وأرحب بكما مجددا في البرنامج- ماذا يقول الناس عن اللغة العربية.
[شريط مسجل]
مشارك1: يجب تقوية بث الأخبار باللغة العربية حتما.
مشارك2: وأنا لاحظت كخليجي لاحظت في الدول العربية كالمغرب وكتونس وليبيا وهذا يتكلمون اللغة الفرنسية أكثر وما يفتخرون كلغة عربية، كلغة قرآنية وكلغة دينية يعني.
مشارك3: نظرا لضعف المستكشفين والمخترعين والباحثين العرب ضعفت اللغة العربية.
مشارك4: أعتقد أن اللغة العربية تتعرض لحملة مسعورة في المغرب حاليا، حيث إنه في الدولة المغربية دشنوا لإستراتيجية من أجل ضرب اللغة العربية تتمثل في محاولة منهم لإدخال الدارجة المغربية إلى المدرسة العمومية.
مشارك5: بالنسبة كان فتت للغة العربية الفصحى.
مشارك6: شاب عمره عشرين سنة صار عنده عقدة من اللغة العربية ومن العالم العربي حتى.
مشاركة1: بالنسبة لنا إحنا المغاربة كان حضروا الدارجة قاعد الدول العربية فيها الدارجة بتاعهم، مصر الجزائر تونس.
مشارك7: اللغة العربية تخطاها الزمن من زمان.
مشاركة2: اللغة العربية لغة أصيلة ولم ولن يتخطاها الزمن، إنها لغة أجدادنا لغة القرآن الكريم ولغة نفتخر بها جدا.
[نهاية الشريط المسجل]
سامي كليب: يعني ربما الدكتور مروان الناس تضع الإصبح على الجرح أحسن منا.
مروان المحاسني: أنا أستغرب الحقيقة ممن يقول بأن اللغة ستنقرض لأنه إذا فضلوا لغة أجنبية فهم يخرجون من ذاتيهم الثقافية، أنا حين أتكلم اللغة الفرنسية أبقى عربيا وأتكلم الإنجليزية وأبقى عربيا، وأكتب بالإنجليزية ويشعر من يقرأ أن هناك نفحة غير إنجليزية فيها، هذه حقيقة. فإذا لم نصارح أنفسنا لن نستعمل اللغة العربية..
سامي كليب (مقاطعا): ممتاز ولكن اسمح لي -لن أشخصن البرنامج- أنا عشت معظم عمري في دولة أجنبية في فرنسا وأتحدث اللغة العربية ولكن اليوم لو أن ابني أو ابن شخص آخر يريد أن يوظف ابنه سيطلب منه اللغة الأجنبية بالدرجة الأولى، هنا نسأل ماذا تفعل الدول العربية ماذا تفعل المجامع لفرض اللغة العربية من أجل تسهيل التوظيف مثلا، أو تشريع منع اللغات الأجنبية في المبادلات الرسمية مثلا؟
مروان المحاسني: نعود إلى الموضوع الذي كان طرح فيما يتعلق بالترجمة، نحن نحتاج إلى من يتقن اللغات الأجنبية ليساعد على عملية الترجمة، لأنه كما قلت إدخال الحداثة في اللغة هو مفتاح المستقبل، وإدخال الحداثة لا يكون لا في المدارس ولا في الجامعات، يكون بالترجمة التي تلي الدراسة الجامعية لنعود فندخل المفاهيم الأجنبية الراقية، التكنولوجيا..
سامي كليب (مقاطعا): يعني مثلا عندكم في المجمع في إعداد حسبما فهمت من كلامك السابق أنه في معجم تأريخي وفي الذخيرة المعرفية العربية، ما هو المقصود بذلك؟
مروان المحاسني: المقصود هو ما كان يتفضل عنه الدكتور هنا فيما يتعلق بالإنترنت اللي إحنا بنسميه، أطلقنا على الإنترنت كلمة واحدة هو..
سامي كليب: الشبكة العنكبوتية.
مروان المحاسني: هو الشابكة، وتشبك كل الشبكات، فعلى هذه الشابكة اللغة العربية ضعيفة جدا من حيث وجودها ولكنها قوية جدا إذا أردنا أن ندخلها ولندخلها يجب أن نأخذ المطلوبة نضعها باللغة العربية وندخلها على هذه الشابكة ولذلك نحن بحاجة إلى التراجمة, والتراجمة يلمون باللغة الأجنبية إلماما ممتازا وإلا لن يستطيعوا الترجمة..
سامي كليب: طيب بحاجة والمترجمون متوفرون في كثير في العالم العربي.
مروان المحاسني: لا يا سيدي.
سامي كليب: يعملون في مؤسسات دولية.
مروان المحاسني: الخطورة التي سمعناها من اليونسكو أنهم يريدون إلغاء اللغة العربية كلغة رسمية في اليونيسكو لعدم وجود التراجمة، الشفهيين، ليس موضوع كتابة نص، وهؤلاء أهم ما يمكن لإبقاء اللغة العربية موجودة في المجتمع الدولي.
سامي كليب: ولكن في هذا الكلام أنه يمكن إلغاء اللغة العربية من اليونيسكو، أنا أتصلت قبل أيام قليلة بالمكتب العربي في اليونيسكو في باريس وقال إن هذا الكلام لا أساس له من الصحة إنه مافي إلغاء للغة العربية، غير صحيح.
مروان المحاسني: لا، ليس إلغاء ولكن الصعوبة موجودة وهم يقرون بذلك ويحدثوننا دوما، أين التراجمة الذين تهيئونهم.
سامي كليب: طيب بروفسور سأترك لك أن تقول ما تريد ولكن اسمح لي في قواني في دول كثيرة تعاقب بالطرد من الوظيفة والسجن لكل من يحرر رسالة رسمية بغير اللغة الرسمية للبلد، ونحن نفضل المراسلات حاليا باللغة الإنجليزية خصوصا في القطاع الخاص، في مصر عبد الوهاب المسيري الله يرحمه ومجموعة من المثقفيين المصريين رفوا دعوة ضد الرئيس المصري ورئيس وزرائه بتهم عدم التزامها باستخدام اللغة العربية وخروجهما بذلك عن نص الدستوري المصري، لماذا لا نعمم ذلك؟
سليمان عبد المنعم: أنا بس إذا سمحت لي أعلق بس على ما ذكره الدكتور مروان..
سامي كليب: بعدين بتجيبني على السؤال؟
سليمان عبد المنعم: بالتأكيد. فيما يتعلق باليونيسكو، يعني من المشاهد التي تستحق التوقف في الواقع فيما يتعلق باستخدام اللغة العربية كإحدى لغات الأمم المتحدة الست الرسمية المعروفة، ليس أنا قد لا أشارك كثيرا الدكتور مروان في قلة المترجمين، أنا عملت لفترة في بعض الاتفاقيات الدولية في الأمم المتحدة ضمن الوفد الوطني ولكن كان الملاحظ ليس قلة المترجمين بالعكس إحنا عندنا مترجمين أعتقد لا تنقصهم كثيرا الكفاءة، ولكن الملاحظة المدهشت التي حقيقة تستحق التوقف هي أنه -وهذا ليس سرا- الكثير من الوفود العربية أحيانا حين تأخذ الكلمة في محفل دولي يعتمد اللغة العربية كلغة دولية يتحدث بلغة أخرى.
سامي كليب: بلغة إنجليزية.
سليمان عبد المنعم: وهذه ملاحظة الأجانب أحيانا، يعني حتى الأجانب يلاحظون علينا أننا في المحافل الدولية وحيث تعتمد العربية كلغة رسمية ما يؤثر البعض الحديث بالإنجليزية، أتذكر يوما ما أنني تناقشت مع أحد من هؤلاء الأشخاص، قلت له لماذا تتحدث الإنجليزية إذا كانت اللغة العربية لغة معتمدة وآخرون أحيانا يندهشون من تفضيلنا للغة الإنجليزية، البعض يرى قال لي إنه أحيانا حين يكون الموضوع فنيا دقيقا فأن أفضل أن أترجم لكي لا يخطئ المترجمون في الترجمة، هناك وجهات نظر عديدة..
سامي كليب (مقاطعا): كلام سطحي اسمح لي، يعني كان ممكن يوزع نسخة من كلامه دقيق جدا على كل الأعضاء.
سليمان عبد المنعم: صحيح، لكن الأمر المؤكد أنه يستحق التوقف فعلا أن أترك لغتي الوطنية وأتحدث بلغة أجنبية إذا كان متاح لي في الأمم المتحدة ثم إننا بذلنا أستاذ سامي جهودا كبيرة لكي نصل إلى اعتماد اللغة العربية كإحدة اللغات الست، هذه مسألة مرت بجهود كبيرة.
سامي كليب: طيب لماذا لا نعود إلى القوانين التي ذكرتها لك منذ قليل، إنه في ناس تطالب بقوانين وبسجن وبغرامات لكل من يتحدث بلغة غير لغة بلاده في المحافل الرسمية في المبادلات الرسمية مثلا هذا أيضا دور المجامع.
سليمان عبد المنعم: صحيح، أشك كثيرا في أن القوانين يمكن أن تصلح ما أفسده السلوك والعقلية والذهنية والوعي، وبالتالي أعتقد إن قضية اللغة العربية قضية تحل بالوعي وتحل بالثقافة وتحل بالاعتزاز القومي ولكن أن تحل بالقوانين تبقى القوانين أداة مطلوبة، وأنا أود في الواقع أن أشير إلى أن الفرنسيين أنفسهم لديهم حزمة من القوانين التي تحمل اللغة الفرنسية من طوفان الإنجليزية..
سامي كليب: وهذه التي ذكرتها لك هي كذلك، حتى البرامج التلفزيونية وحتى البرامج السينمائية.
سليمان عبد المنعم: والفرنسيون قلقون جدا على لغتهم الوطنية في مقابل طوفان الإنجليزية، نحن لدينا كما رأينا الآن في الفيلم الذي رأيناه منذ قليل أن واجهات المحلات التجارية باللغات الأجنبية المكاتبات باللغات الأجنبية..
سامي كليب (مقاطعا): ولكن في دول فرضت أن يكون إلى جانب اللغة الأجنبية لغة عربية، أعتقد سوريا كذلك.
سليمان عبد المنعم: هذا ما ندعوا إليه، بالفعل لسوريا حقيقة تجربة جديرة بالإعجاب في هذا الخصوص، هذا ما نحتاج إليه..
سامي كليب: لماذا لا نفرض ذلك في كل الدول العربية؟
سليمان عبد المنعم: لحزمة قانونية، لكن المهم أستاذ سامي ألا يكون الأمر مجرد إصدار قوانين فقط ولكن أن تكون هناك قوانين ذات أدوات حمائية قابلة للتطبيق وقابلة بالفعل إلى أن تراعى، لكن إذا كان المطلوب هو إصدار قوانين وكفى فلا أظن كثيرا أن القوانين يمكن أن تحمي اللغة العربية.
سامي كليب: يعني المجتمع دائما للأسف بحاجة إلى رادع. سنذهب أيضا نستمع إلى بعض الآراء حول ما يحصل في بعض الدول العربية بالنسبة للغة العربية، المجامع اللغوية ورأي أهل موريتانيا بها مثلا.
[شريط مسجل]
محمد ولد محمد الحافظ/ باحث في الخطاب الإعلامي: المجامع هي أعتقد أن المجمع الحقيقي الذي طور اللغة العربية هو المجمع الصحفي للإعلام، المجامع تقوم فعلا وهناك متخصصون ويكتبون كتابات جيدة وهناك عندهم معاجم لغوية جيدة ولكن الإنسان العادي لا يستفيد كثيرا من هذا التراث المكتوب في المجامع، الإنسان العادي يتأثر أكثر بالإعلام لأنه يتلقاه بصفة يومية، أما المعاجم فهي تبقى في تلك الرفوف تبقى رهينة في تلك الكتب، هي يستفيدوا منها أكثر المتخصصون في رأيي.
إدريس بن عتية/ مؤلف قاموس المستكشف: أرى أن المجامع العربية تضطلع اضطلاعا كبيرا بمهمة تبويء اللغة العربية مكانتها الريادية في العصر الحديث، وأعتقد أن مجمع اللغة العربية في القاهرة كانت له جهود تذكر فتشكر. ولكن أعتقد أن هذه المجامع على الرغم مما اضطلعت به لا بد أن تضطلع بمهمات أخرى، ولعل من أبرز ذلك هو أن المعجم التأريخي الذي يؤرخ تطور الدلالات، صار اقتضاء ملحا الآن، بل ملحاحا.
[نهاية الشريط المسجل]
سامي كليب: المعجم التأريخي الذي حدثتنا عنه يعني حتى في موريتانيا يطالبون به، لماذا لا تتوحد المجامع العربية اللغوية بجمع واحد تحت إشراف مثلا مؤسسة عربية كجامعة الدول العربية ونصدر كل القواميس.
مروان المحاسني: نحن وصلنا إلى شيء من هذا في اتحاد المجامع، اتحاد المجامع يجمع ممثلين عن كل مجمع من المجامع ويجتمع لإقرار خطة وهذه الخطة التي ذكرها هنا الأخ على الشاشة، هي موضوع المعجم التاريخي، موضوع المعجم التاريخي جرى توزيعه في آخر اجتماع كنا في القاهرة منذ ثلاثة أشهر. مجمع دمشق أخذ حصة هي التي سيدخلها على الحواسيب من النصوص التاريخية الجاهلية وصدر الإسلام والجزائر أخذت أيضا حصتها ومصر أخذت حصتها وسنجتمع بعد أربعة أشهر هذه هي المدة التي أعطيت لنا لنقدم هذه النصوص مدروسة إلى اجتماع للبدء بتصنيف المعجم التاريخي.
سامي كليب: كويس ولكن أرجوك بشرنا يعني صار في وحدة بكلمة المجامع العربية ولا بعدها مشتتة كل مجمع يعمل لوحده حتى ولو أنه في اتحاد؟
مروان المحاسني: لا لا، المجامع تعمل كل على حده ولكن تجتمع في المؤتمر، مثلا العام الماضي..
سامي كليب (مقاطعا): طيب لماذا لا يكون مجمعا واحدا للغة العربية في العالم العربي؟
مروان المحاسني: هذه أمور سياسية لا أستطيع أن دخل فيها ولكن حقيقة الأمر أننا نحضر في مجمع القاهرة جلسات تقرأ فيها المصطلحات التي أقرها مجمع القاهرة ونصححها ونعترض عليها أو نقبلها، وهذا أول التوحيد. ولكن المشروع الآخر الذي يجمع الكلمة العربية فيما يتعلق بالكلام في اللغة العربية هو مشروع الذخيرة العربية المقصود منه أن نضع على الإنترنت على الشابكة أكبر عدد ممكن من النصوص العربية المدروسة القابلة للاستثمار، لا يكفي أن نصور ونضع الصورة، كما يقال، نفتح الصفحة ولكن لا نستطيع استخراج الكلمات منها، هنالك برامج مهيئة لهذا الموضوع.
سامي كليب: طيب كويس على كل حال بالحديث عن هذه البرامج نأمل دائما أن تحقق يعني خصوصا في الإنترنت، اليوم صار مطلوبا جدا تطوير اللغة العربية للإنترنت، الشيخ يوسف القرضاوي تحدث عن ثلاثة مشاكل تعترض اللغة العربية أو أخطار اللغة العربية، اللهاجت العامية طبعا والأخطاء اللغوية واللغات الأجنبية التي تزاحمها، بالنسبة للغات الأجنبية أود أن نذهب إلى المملكة المغربية.
[شريط مسجل]
فؤاد أبو علي/ رئيس الجمعية المغربية لحماية العربية: أهم البرامج المستحدثة في البرمجة الإذاعية والتلفازية تجدونها باللغة الفرنسية، كل ما يهتم بتقديم المعلومة القيمة للمتلقى المغربي أو للجمهور المغربي تجدونها باللغة الفرنسية، على المستوى الإداري المستوى الإدارة قد نقول وبصريح العبارة بأن اللغة الرسمية في الإدارة المغربية هي اللغة الفرنسية، هذه ليست رؤية سوداوية ولكنه واقع، تعرفون بأن مجرد إجراء امتحان ترقية أو الكفاءة المهنية داخل أي إدارة من الإدارات المغربية يشترط فيها آلية تواصلية مهمة أو آلية تواصلية أساسية ألا وهي اللغة الفرنسية، تجدون الأمر في التعليم، في التعليم انظروا مثلا موقع اللغة العربية وموقع اللغة الفرنسية، يعني هناك سيطرة للغة الفرنسية، وسيطرة للغة الفرنسية خصوصا في تقديم العلوم، والفرانكوفونية ليس غرضها فقط القضاء على اللغة العربية ولكن القضاء حتى مختلف القيم، لذلك تجدون أن دعاة الدارجة ودعاة العامية في خطاباتهم المختلفة هم لا يناقضون فقط اللغة العربية هم يناقضون قيم الهوية المغربية، هم حتى أحلامهم يناقضون فيها القيم السياسية التي اتفق عليها المغاربة، يعني أن مختلف أن الدفاع عن الدارجة ليس إلا الغطاء الذي يحاولوا أن يغلفوا به معول الهدم الذي يرفعونه في وجه مختلف القيم التي اتفقا أو توافق حولها المغاربة.
[نهاية الشريط المسجل]
سامي كليب: هل مبرر أن تكون البرامج التلفزيونية الطغيان للغات أجنبية في دولنا العربية؟ أليس من المفروض خطة للغة العربية في إعلامنا العربي؟
سليمان عبد المنعم: في الواقع خطتان خطة لما تقوله بالنسبة للبرامج الأجنبية باعتبار أنها لها دور في عملية الوعي، ولكن الخطة الأخرى في الواقع هي أننا نحتاج إلى ميثاق شرف مهني يحد من استخدام العاميات العربية في الفضائيات على وجه الخصوص.
سامي كليب: أو تطوير العاميات مثلا لأنه في كلمات البعض يطرح أنه لو في كلمة عامية تستخدم دائما فلنطورها لغويا لتصبح كلمة عربية.
سليمان عبد المنعم: أنا أخشى أن يؤدي تطوير العاميات إلى تعميق أكثر للعامية في الواقع، ولكن يمكن في الصحافة المتكوبة الأمر أخف حدة أو أقل حدة قليلا، ولكن في الإعلام المرأي أشاهد أحيانا بعض الفضائيات وكأن هناك قطيعة مع اللغة العربية ولا يخفى ما لهذا من تأثير على النشء خصوصا، المسألة الأخرى لنا..
سامي كليب (مقاطعا): ربما الدكتور مروان سيعلق وأعود إليك لتكمل اسمح لي.
مروان المحاسني: يا سيدي الدكتور تفضل على موضوع اللغة العامية في الفضائيات، قد لا يجوز أن تبقى اللغة العامية كما هي في الفضائيات ولكن نحن نكتفي بأن يرتقوا بهذه العامية إلى لغة التي نسميها لغة التعارف بين المثقفين، فالمثقفون حين يتكلمون في موضوع يستعملون الكلمات ينطقون بالقاف والطاء تبقى ظاء والظاء تبقى ظاء، يعني نستطيع أن نصل إلى هذا المستوى نكون قد وصلنا إلى لغة وسطى..
سامي كليب (مقاطعا): حتى لغة الضاد البعض يعترض عليها، يقول مافي ضاد في ضاد.
مروان المحاسني: الضاد والحقيقة هي لفظ الضاد من أصعب الأشياء، ولكن إذا وصلنا إلى هذه اللغة الوسطى ليس بالحذلقة التي يكتب بها الكتاب والأدباء وليست عامية عامية الشوارع، نحن نصل إلى لغة تبقى لغة عربية ترتبط بمواقع الكلمات دون أن نشير إلى الإعراب.
سامي كليب: إذاً مطلوب لغة عربية جديدة وحضرتك كرئيس مجمع لغوي في دمشق..
مروان المحاسني (مقاطعا): لغة عربية مضبوطة يا سيدي، بمعنى إذا لم تقبل أن تنصب في المكان المناسب وتجعل الرفع أن تقبل الكلمات الساكنة الأواخر فهذه لغة مقبولة.
سامي كليب: إذا أدت المعنى.
مروان المحاسني: طبعا.
سامي كليب: قاطعناك كنت تود أن تجيب شيئا.
سليمان عبد المنعم: كنت أود أن أقول وأنت ذكرت منذ قليل يا أستاذ سامي أنك درست في فرنسا، أنا كان أول ما أثار دهشتي في فرنسا وأثار شعوري بغيرتي القومية إن جاز لي أن أستخدم هذا التعبير حين رأيت الفرنسيين ينطقون اللغة التي يكتبونها ويكتبون اللغة التي ينطقونها.
سامي كليب: صحيح.
سليمان عبد المنعم: وهذا ما لم أره في المجتمع العربي.
سامي كليب: رغم أنه في جيل جديد يتحدث بلغة..
سليمان عبد المنعم: مفردات.
سامي كليب: بلغة لا علاقة لها باللغة الفرنسية الأصلية واسمه الأرغو أو العام.
سليمان عبد المنعم: الأرغو لكن الأرغو هو مفردة تضاف، لكن المسألة لدينا أن تركيبة الجملة العربية نفسها لا تستخدم في أحاديثنا العربية، في الواقع يعني لنسمي الأشياء بأسمائها إذا كنا نريد إصلاح أمر وشأن اللغة العربية لنذهب إلى التعليم لنذهب إلى التعليم لنذهب إلى التعليم.
سامي كليب: طيب ماذا بالنسبة للغات الأخر اللهجات الأخرى وهو أمر واقع في دولنا العربية مثلا، الأمازيغية في منطقة المغرب العربي هل تؤثر سلبا أم إيجابا أعود إلى المغرب.
[شريط مسجل]
فؤاد أبو علي: الأمازيغية هي كلغة أو كلغات أو كلهجات، الأمازيغية هي نتاج لمجتمع معين والأمازيغية في علاقتها باللغة العربية لم تكن أبدا مشكلة، لم تكن نهائيا مشكلة الأمازيغية في حد ذاتها، لأنه كما تعرفون في الثقافة المغربية أن جل العلماء الذين دافعوا عن اللغة العربية أو الذين علموا قواعد اللغة العربية كلهم أمازيغ، نتحدث عن الجازولي، نتحدث عن المختار السوسي، نتحدث عن جل العلماء الذين نافحوا ودافعوا عن اللغة العربية هم من الأمازيغ، لكن الذي يراد الآن يراد بالامازيغية الآن هي أن تصبح لغة رسمية، المستقبل ما هو؟ هو أن يكون كل متلكم بالأمازيغية من حقه أن يمارس حقه في التعبير بالأمازيغية داخل الإدارة، النتيجة الطبيعية ما هي؟ هي تجزيء المجتمع، وقبل شهور أو أيام أو قبل أسابيع أعلن أحدهم في فرنسا حكومة القبائل، يعني أن النتيجة الطبيعية هي أن المجتمع ذلك الانسجام الاجتماعي سوف يغيب.
[نهاية الشريط المسجل]
سامي كليب: يعني هل هذا خطر على اللغة العربية لهجات أخرى لغات أخرى تفرض مثلا أو يجب أن تأخذ بعض القوميات المحلية في بعض الدول العربية؟
سليمان عبد المنعم: يعني هذا موضوع يحتاج نقاشا معمقا ونقاشا مطولا في الحقيقة ولكنني أراه مرتبطا ببعض الابعاد السياسية ربما نحن في العالم العربي الطرح القومي للفكرة العربية ظلت لعقود طويلة وهي يعني كان هناك نوع من الجفاء بين الأغلبية العربية وبين بعض الأقليات الأخرى، في اعتقادي إذا كنا نريد أن نجدد الرؤية العربية أو المشروع القومي العربي لا بد من إعادة قراءة ولا بد من مراجعة لموقف الفكر العروبي من هذه الأقليات. في الصين حينما سألت والصين دولة قومية بكل معاني الدولة القومية الكبرى المتماسكة المستقرة التي لا تعاني من أية مشكلات، فوجئت وكانت مفاجأة كبيرة حين علمت أن الصين يعترف فيها لكثير من الأقليات بلغتها بل وباستخدام هذه اللغات في مجال التعليم، ومع ذلك فسألتهم في الصين الأغاني باللغة الصينية، قالوا لي الفصيحة والسينما باللغة الصينية الفصيحة والسينما باللغة الصينية الفصيحة والمسرح باللغة الصينية الفصيحة، فالصين حققت المعادلة الصعبة لغة صينية فصيحة قومية محل اعتبار ومحل اعتزاز ولكن في نفس الوقت لم يكن لديهم هذا القلق المبالغ فيه من ناحية لغات الأقليات الأخرى، أعتقد أن اللغات الأقليات مسألة تحتاج يمكن نقاشا متعمقا في هذا الخصوص.
سامي كليب: طيب ماذا بالنسبة للقواعد العربية نعود إلى أستاذ لغة عربية وعريق في مؤلفاته شوقي حمادي.
[شريط مسجل]
شوقي حماده: المطلوب أن كون قواعد اللغة وهي أكثر ما يعقد طلاب هذه اللغة أن تكون قواعد وظيفية وليست مجرد استظهار، أنا أحفظ أن التمييز أو الحال منصوبين ثم أكتب وأرفع التمييز والحال، طيب ما الجدوى من ذلك، فإذاً ما لم تكن القواعد موظفة في النطق والكتابة فلا لزوم لها، علينا أن نلجأ إلى قواعد مبسطة ميسرة يأخذ بها الطلاب دون أن يقفوا أمامها وكأنها عقبة كأداء في طريقهم للتعبير عما يختلج في ضمائرهم، إن قوة اللغة -وهذه القاعدة معروفة- من قوة الأمة، فإذا كانت الأمة قوية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا فإنها تفرض لغتها، فإذا ما تهاونت هذه الأمة وتهاوت على هذه الأصعدة جميعا فإن لغتها تتهاوى معها. ونحن العرب اليوم لسنا في وضع نحسد عليه، إن بعض الألفاظ الدخيلة التي يستعملها كثيرون لا تسيء إلى اللغة العربية، اللغة كائن حي وعليها أن تتفاعل مع اللغات الأخرى فإذا ما