نقاش حول كتاب: "دفاعاً عن المثقفين" - كلمة الأب جان ـ مارون مغامس
محاضرات /
ثقافية /
1997-05-30
المركـز الثّقافـي
للبحوث والتوثيق
صيـدا
كاتب وكتاب
مناقشة كتاب: دفاعاً عن المثقفين الكاتب: جان ـ بول سارتر
ترجمة: د. مصطفى دندشلي
المناقشون: الأب جان ـ مارون مغامس ، الدكتور قيصر مصطفى
الدكتور محمد علي مقلّد
الزمان: الجمعة الواقع فيه 30 أيار 1997.
المكان: قاعة محاضرات المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا.
إعداد وتحرير
د. مصطفى دندشلي
في 30 أيار 1997
نقاش حول كتاب:
"دفاعاً عن المثقفين"
للفيلسوف الفرنسي جان ـ بول سارتر
ترجمة الدكتور مصطفى دندشلي
كلمة الأب جان ـ مارون مغامس
رئيس دير مار انطونيوس ـ النبطية
أصحاب السماحة والسيادة
سيداتي، سادتي، أيها الأحباء،
أبدا كلمتي بشكر الدكتور مصطفى دندشلي، رئيس المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، الذي أتاحَ لنا الفرصة اليوم لنكون معكم ونناقش سويةً موضوع الساعة، كلمةً جريئةً صادرة عن فكر نيِّر، حُر، فكر الفيلسوف الفرنسي جان ـ بولو سارتر في كتابه: "دفاعاً عن المثقفين" والذي يتضمن ثلاث محاضرات ألقاها في طوكيو ـ اليابان عام 1965، حول نشوء المثقف ـ دور المثقف، وظيفة المثقف.
تعلمون جيداً أنّ عام 1965 كان نهاية المجمّع المسكوني الثاني الذي ضمَّ حوالي ثلاثة آلاف وخمسماية مطراناً وكردينالاً وكهنة وعلمانيين وباحثين من أقطار العالم كله. وكان هذا المجمّع المسكوني نقطة تحوّل جذري في قلب الكنيسة الكاثوليكية وانطلاقة جديدة لأبناء الكنيسة المنتشرين في العالم. وقد شدّد آباء الكنيسة في أبحاثهم على دور العلمانيين والشعب المؤمن داخل الكنيسة والمجتمع وحثّهم على التجديد الروحي والاجتماعي بدأً بالعودة إلى الينابيع على ضوء العلم والتطوّر التكنولوجي الذي جعل الإنسان والشخص البشري آلة مستعبدة وإلهاً أرضياً لا علاقة له بخالقه.
هذا ما نشهده اليوم في العالم كلّه وخاصةً في شرقنا العربي بمسلميه ومسيحيّيه وفي وطننا لبنان حيث المجتمع مفكّك والعائلة مشرّدة والفرد حائر والمثقّف يتخبّط في داخله وليس من سامع ولا مجيب.
إذن، نحن هذا المساء أمام معضلة ليست بجديدة لأنها تخصّ الإنسان والإنسانية وتتطرّق إلى قلب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإلى كلِّ التحوّلات التاريخية على الساحة العالمية التي شهدت أحداثاً تاريخية كبرى كالتي نشهدها اليوم على الساحة العالمية في الربع الأخير من قرن العشرين.
فمن الثورة الجزائرية، إلى الثورة الكوبية، إلى الثورة الثقافية في الصين حتى الحركات الطلابية، الرافضة، المعترضة، الناقدة والمستنكرة في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية، حركة تحرّر ضد المجتمع الاستهلاكي، ضد النظم الرأسمالية الاستثمارية، ضد الاستغلالية الاستعمارية في الغرب الأوروبي، ضد الإمبريالية الأميركية العدوانية في العالم.
من هذا الواقع انطلق سارتر، الذي تخلّى عن الأدب كتعبير شعري وفنّي وميتافيزيقي، انطلق إلى الصين ليُشهر من هناك سيف الكلمة المتجهة نحو الممارسة العملية: ممارسة فعل أخلاقي، اجتماعي وسياسي. والغاية هي تحقيق الأدب الملتزم لأنّ الكاتب والمثقف يجب أن يهتّم "بالحدث الراهن" ليكون مثقفاً حقيقياً.
لأن صورة المثقف اليساري، منذ عام 1898، ظهرت على أنه الإنسان الذي يتّصف "بالعقلية التي تنتقد وتنفي وتعترض دائماً السلطات السياسية والطبقات الاستغلالية المسيطرة من أجل أحداث عملية التغيير الاجتماعي، ولمصلحة الإنسان وتحريره".
فالمثقف إذن هو المبدع، المهتّّم "بالحدث الراهن" مستخدماً الكلمة والقلم.
والفيلسوف سارتر يتحوّل من كاتب وأديب إلى مثقف سجالي ونضالي وتغيّر في توجّهات كتاباته الفكرية والفلسفية والأدبية وأصبح محرّكاً سياسياً وسجالياً على صعيد الفكر والكتابة وهذا ما بين 1947 و1965.
هذا الموقف دعاه سارتر "التزاماً"، أي مسؤولية راعية، صادرة من الحرية الإنسانية، من حرّية الاختيار. والمثقف الملتزم يعيش في الواقع ليساهم في تحوّلات العالم. يعي ذاته ويكتشفها لأنه إنسان. والإنسان هو "مشروع" و "إبداع" و"إمكانية" وهو الذي يعطي للعالم معنى ووجوداً. المثقف يعيش في الواقع ويواجه الأحداث ويُنبذ العنف ويكتب بشجاعة والتزام، دون مواربة أو تراجع أو خوف.
قالمثقّف ليس إنساناً محافظاً على التقاليد ولا هو إنسان يتدّخل ويحشر نفسه في ما لا يعنيه... إنه الإنسان الذي يُدرك بوعيٍ، في داخله وفي المجتمع، ذلك التعارض بين البحث عن الحقيقة العملية ـ التطبيقية، والأيديولوجيا المسيطرة، (تابع صفحة ( 4 A ).
1)- وهنا تكمن المشكلة بين الإيديولوجيا والعلم (صفحة 41)
فالعلم هو حقيقة شاملة، أمّا الإيديولوجيا فهي تواقة لقيمة شاملة، لأنها في الواقع تعبّر عن وجهة نظرها الخاصة. والإيديولوجيات تتعارض لأنها تمتُّ بصلة للمعيوش يومياً وللتاريخ وتتميّز بالاستهلاك وتعيق الخلق والإبداع. والإيديولوجيات تسيطر بقدر ما العلم يتابع تقدّمه. (صفحة 43)
ضد الأيديولوجيا لا نستطيع التخلي عنها؟
فالإيديولوجية تخلق لكنها تموت، لا تستمّر لأنها تتطابق والمصالح الخاصة للطبقة الحاكمة أو المسيطرة... والإيديولوجية تفرض ذاتها بالقوة، بالعنف، بالضغط الاجتماعي، بالصراع الطبقي، بالحرب الخ...
فهي لا تعي ذاتها وليس لها الوعي الكامل لذاتها ولا المعرفة الكاملة لذاتها فهي تمتاز بالضمير المزّيف.
لذلك ترتكز على التناقض
خيالP – Spinozo illusion
خطأP – Kant erreur
حلّل اللاوعي الاجتماعيMarx
أنّ سارتر في كتابه هذا تعرّض إلى شرح الإيديولوجيا معدداّ الإيديولوجيات عبر العصور،
- إيديولوجيا الأكليروس
- إيديولوجيا البرجوازية
- إيديولوجيا الرأسمالية التجارية
- إيديولوجيا الفلاسفة
- إيديولوجيا المذهب الحلولي
- إيديولوجيا المادة
- إيديولوجيا الماركسية
- إيديولوجيا الليبرالية
فكانت الفروقات بين الاخصّائيين والمثقفيين، وبين الأخصّائيين المثقفين والمثقفين المزيّفين...
وهذا اللاوعي ليس بمادي physique، إنما هو نفساني واجتماعي.
- سارتر ينعته Mauraise أي كذب Morale (أخلاقي).
- ريبو Ribot نعته بفيزيولوجي.
- فرويد Friud نعته بنفساني.
2)- أما المشكلة الثانية فهي تكمن ما بين الفلسفة والإيديولوجيا والعلم.
فالفلسفة تركز على العلم.
فالمعرفة التطبيقية لا ترتكز على العلم Science إنما على الفلسفة "الديالكتيكية المادية".
- فالفلسفة هي درس الواقع بالعموم، أي درس الفرضيات Possibilities والشروط لكل علم Sciéntifieité
- ترتكز على العلم ولكنها ليست علماً وهي غير الإيديولوجية Elle est distinete de L'idiologie
- C' est une discipline scientifiqe
وعندما نقارن بين الفلسفة والعلم والإيديولوجية. المقارنة الأساسية تكون ما بين العلم والإيديولوجيا أمّا الفلسفة فهي تشترك مع العلم ومع الإيديولوجية.
3)- التصرفات الشخصية والمخاطرة الشخصية
في مقدمة الكتاب يقول المترجم الدكتور دندشلي نقلاً عن إدوارد سعيد السارتري "حين نتذكّر مثقفاً مثل سارتر نتذكّر معه مباشرةً التصرفات الشخصية الممّيزة، التي أدّت إلى المخاطرة الشخصيّة..." والمثقف هو الإنسان الذي يتمتّع بالصفة النفسّية "بالاستعداد الفطري" لممارسة فن التعبير قولاً وكتابةً وتعبيراً. والاستعداد الفطري ينطوي على الالتزام والمجازفة...
فعندما نقول تصرّفات شخصيّة، نقول الشخص بكامله لأنه في علاقة مع الإنسانية بكاملها. من هنا نقول بأن المثقف يمتّ بصلة، ليس فقط فلسفياً ولا علمياً ولا إيديولوجياً، إلى الإنسان والمجتمع، إنما صلته الحقيقية هي الشخصانية التي ليست مذهباً فلسفياً ولا إيديولوجيا ولا علم، إنما هي كل عقيدة أو مذهب يُثبّت أولوية الشخص البشري على كل ما هو ضرورة ماديّة.
يتصل (صفحة 52) فالإنسان موجود ويحقق وجوده ويعطيه معنى عندما يرتبط بالآخر. فالإنسان هو المستقل ولكن أيضاً المرتبط أو الرباط، وهو الوحدة مع الإنسانية. فحبُّ الذات وحبُّ الإنسان يكوّنان وحدة وإيمان واحد بدونه لا الشخص (أو الفرد) ولا الإنسانية تستطيع أن تكون.(صفحة 34) وحدة الشخص الحقيقية
3)- الحُرية
اكتشاف الآخر كحريّة، هذا ما نسمّيه ملاقاة الله. إعرف الله، هو أن تعرفه في العلاقة مع الشخص البشري (الإنسان) ومع الإنسانية بالذات.
فالشخص هو مطلق لأنه ليس "شيئاً" ولكنه "مشروع sujet (ذات) إنه حرّية موجودة بحدِّ ذاتها ولهذا السبب فهو علائقي Relationnell.
نصنّف المطلق de geure هو أساس العلاقة.
المثقف لا يُمكن أن يتحرّر، دون أن يتحرّر الآخرون وليس من وسيلة لفهم المجتمع حيثُ يعيش سوى تلك التي تتناول المجتمع وتقيّمه من وجهة نظر الفئات الاجتماعية الأكثر قهراً وحرماناً....
(موقف السيد المسيح من الفقراء والمرضى) أخلى ذاته ليأخذ صورة عبد ويتشبّه بنا إلاّ الخطيئة. (صفحة 38)
فالإنسان يبقى مخلوقاً ناقصاً ولا يكتمل إلاّ في الله من خلال اتصاله بالآخر وتضامنه معه ومحبته له لأنه معه يحقق ذاته ويعيش حُريته بواسطة كلمته وقلمه. (صفحة 56)