لها أون لاين - باك.. تيت .. لول.. لغتنا العربية.. هل ضاعت بين ردهات التقنية الحديثة - غادة بخش
إعلام وصحافة /
تربوية /
2010-04-10
غادة بخش
باك.. تيت .. لول..
لغتنا العربية.. هل ضاعت بين ردهات التقنية الحديثة
عمّ استعمال الفصحى الميسرة لدى أوساط المثقفين بعد أن أصبحت هذه اللغة لغة الصحافة والأدب الحديث وبعض الإذاعات الراقية، وفي المقابل انتشر الخوف من غلو العامية التي باتت تهدد الفصحى لأسباب عديدة.
في حوارنا مع المشرفة التربوية الدكتورة عائشة جلال الدين، نبيّن بعض أسباب غلو العامية التقنية التي أصبحت لغة العصر بلا منافس بآثارها الإيجابية والسلبية. حيث توضح الدكتورة عائشة كيفية صد هذه التيارات التي تحاول النيل من اللغة العربية كلغة أصيلة، انطلاقاً من كشف سبب توغل العامية.
والدكتورة عائشة جلال الدين حاصلة على شهادة الماجستير في المناهج وطرق تدريس اللغة العربية عن بحث بعنوان (أنموذج عائشة جلال الدين للتعليم بالتقويم)، وحاصلة على دكتوراه في أسس بناء المناهج عن بحث (أسس بناء المناهج في ضوء سورة النور)،
وفوق ذلك فهي كاتبة ومؤلفة وشاعرة ومدربة معتمدة، ومشرفة على مقررات لغتي الجميلة، ولغتي الخالدة في مدارس تجربة مقررات المشروع المطور.
دكتورة عائشة.. ما هي أسباب ضياع اللغة العربية بين أهلها من وجهة نظرك؟
عندما تمدنت العرب اختلطت العامة بالعجم وبدأت التسكين.. تطبيقاً للقول ((سكن تسلم)) تجنباً للسخرية، لذا فإن ضياع العربية الفصحى الحقيقي كان في التسكين.
والآن فإننا لا نستخدم الفصحى في حياتنا العامة الأسرية، أو في مجال الحديث مع الأصدقاء أو ربما عند التعبير عن قضية ما في محفل نسائي، فنجد أن معظم النساء في المحافل يتحدثن العامية وكل شخصية تتحدث بلهجتها التي تتقنها بالفعل حتى لو كانت من منسوبي التربية والتعليم، وقد تستخدم بعض المعلمات اللغة العامية في شرح درسها، بل قد نحتفل في المناسبات المدرسية بإلقاء قصائد باللهجات المحلية وهذا حادث بالفعل! والسبب في ذلك رغبتنا في التعبير عن أفكارنا بالشكل الذي نملك مفرداته ونسيطر عليه.
والعامية عامة مفرداتها موجودة في كل منزل ومتداولة وتساعدنا على إيصال الفكرة بما نملك نواصيه، كما أن العامية هي لغة عربية ولكنها عربية دخلها التحريف، أو تنغيم اللهجة، أو اللحن ولكن مفرداتها لا تزال في أغلبها عربية، ولا أقصد من ذلك تأييد العامية أبداً، ولكني أنقل الواقع المشاهد كما هو.
أما اللغة العربية الفصحى فقد ابتعدنا عن حفظها والتعامل مع مفرداتها على الرغم من أننا نقرأ القرآن الكريم أو نستمع إليه يومياً، كما إن لغة الإذاعة السعودية ولغة بعض القنوات التلفزيونية هي الفصحى، إلا أن معظم الناس يتحدثون بلهجاتهم لما ذكرته سابقاً.
حتى الأطفال الصغار الذين يحفظون لغة أفلام الكرتون التي تتحدث بالفصحى أحيانا، ويرددونها في أثناء التعامل التخيلي فيما بينهم، فإنهم حين يعودون للحديث مع أمهاتهن للتعبير عن حاجاتهم فإنهم يعودون لاستخدام اللهجة الدارجة في المنزل.
ومن المؤكد أن العامة لا يهدفون أبدا إلى محاربة الفصحى، ولكنهم يتحدثون على سجيتهم في تعاملاتهم اليومية.
يوجد دراسة الآن لاختصار مناهج اللغة العربية، فهل ستؤثر سلبياً أم جاءت فكرة الاختصار لأن النظام القديم لم يؤت بنتائج جيدة لدى الطلاب على الرغم من التطويل وتعدد كتب اللغة العربية في كل سنة دراسية؟
إن فكرة اختصار مناهج اللغة العربية تعد كحل وسطي بين ترك الفصحى، وبين التشدد في استخدام كل تعبيراتها وأساليبها، وهو ما لا يمكن في وقتنا الحاضر إلا لمن يجد الممارس والمساند له في تعلمها كالمتخصص في اللغة.
والنظام القديم لدراسة اللغة لم يأت بثماره لسبب وحيد وهو أن المعلم والمعلمة والأم والأب لم يقوموا بتدريس أو تعليم مقررات اللغة العربية بربطها بالواقع الحياتي، بل لقد انفصل التدريس عن الواقع في الواقع؛ لذلك فاللوم يقع على التدريس لا على المقررات من وجهة نظري، والدليل أن نفس القواعد العربية تدرس في المقررات الجديدة التي ستعمم في الأعوام القادمة، ولكن الجديد فيها أن المقررات الجديدة تحفز المتعلم على استخدام القواعد المعروفة في الحياة بمواقف مدرجة في كتاب الطالب، وأعتقد إن لم يقم المعلم والمعلمة والأم والأب بالاستفادة من هذه المواقف، فيتكرر العمل داخل الصف بإدارة صفية عقيمة تفصل الحياة عن المدرسة، فإن المأساة ستتكرر أو إن لم يعمل المعلم والمعلمة على أن يمارس كل طالب التعامل مع اللغة فيكتفي المعلم ببعض الطلبة، وتكتفي المعلمة ببعض الطالبات فإن ذلك لن يجدِ، ولن يتم التعلم لأن المجتمع الذي كان يستخدم اللغة العربية الفصحى، كان يستخدمها بالتدريب والممارسة الفعلية فهو يستخدمها في التفكير، وفي التعبير، وفي التدريس وفي كل مناحي الحياة، داخل الأسرة وفي المجتمع الخارجي، كالتعاملات التجارية أو داخل النوادي دون مقررات ودون مؤلفين، فقديما كان هناك التخاطب والقصائد والخطب وهي نماذج عالية للغة.
من بعض الأسباب التي تضعف من اللغة العربية أنها لا تستخدم في البحث العلمي كيف يمكن السيطرة على تلك المشكلة؟
معظم البحوث العربية تستخدم اللغة العربية الفصحى فعلاً، والدليل على ذلك بحوث التربية وبحوث الدراسات الإسلامية وغيرها، أما البحوث الطبية والعلمية فالأمر مختلف فعندما كانت العرب متقدمة في الطب والعلوم كان الغرب هم من ترجم الكتب العربية إلى لغات أجنبية؛ لذا فإن البحوث الطبية والعلمية البحتة في وقتنا الحالي تستخدم اللغات الأجنبية لتطور الغرب في هذه المجالات وسبقهم فيها.
وبالمناسبة نجد أن اللغة العربية كجامعة وكبحوث علمية تدخل إلى مجتمعات الغرب مثل الأكاديمية الأمريكية العربية للعلوم الإنسانية التي تشجع وتدعم التدريس و البحث العلمي باللغة العربية، وهي تعرّف نفسها أن اسمها يتكون من جزئين، الأول: أمريكي وبالتالي تعتبر أمريكية و عربية أيضا بمعني أنها تعتمد التعليم باللغة العربية وبذلك سيكون كادرها التدريسي من العرب إضافة للناطقين باللغة العربية.
نواجه مشكلة لدى الشباب الذي يعتبر اللغات الأجنبية تدل على التطور، فيبدأ استخدامها في غير مواضعها! و المحلات التجارية أيضا تستخدم أسماء أجنبية لتلقى رواجا أكبر من قبل الشباب؟
بالنسبة لاتجاه الشباب نحو اللغة الانجليزية فذلك لأن مجتمع الشركات يدعم التوجّه نحو اللغة الانجليزية كمطلب للتوظيف، والطالب و الباحث في النهاية يبحثان عن الوظيفة والمال كوسيلة للعيش ويهدف الباحث إلى الانتشار والبحث باللغة الانجليزية يوفر المطلبين إذ إن معظم سكان العالم يتعاملون باللغة الانجليزية وهذا هو الواقع، فنحن لم نسهم كالغرب في نشر لغة كان يفترض بها أن تكون لغة العالم.
ولو بحثت في المشكلة على مستوى المدارس الثانوية كونها انطلاقة الشباب والشابات نحو التخصص؛ فإننا نجد أن الفكرة لدى طالبات الصف الثاني والثالث العلمي أنه لا داعي لدراسة الأدب والنحو والصرف والتعبير في صفوف القسم العلمي، وأن ذلك اختصاص القسم الأدب والفكرة موجودة وملحة في أذهان الصغيرات في الثانوية العامة، وكثيرا ما تسأل الطالبة في الصف العلمي معلمتها عن سبب إدراج تلك المواد في القسم العلمي؟ وهذا الانطباع لدي جاء من واقع الخبرة العملية في مجال التربية على مدى 23 سنة، مما يؤكد وجود اعتقاد عن انفصال اللغة العربية وآدابها عن العلوم لدى شريحة كبيرة من الطلبة والطالبات، وهؤلاء هم من يقومون بالبحوث العلمية مستقبلا.
بل الجديد في الجيل الشاب استخدام اختصارات في المحادثة عبر الانترنت للتعبير عن أفكاره مثل:
LOL (لول) وتعني: يضحك بصوت عالي. وهي اختصار لجملة (Laughing Out Loud).
BRB (برب) وتعني: سأعود قريباً. وهي اختصار من (Be Right Back).
TYT (تيت) وتعني: خذ وقتك. وهي اختصار من (Take Your Time).
WB (ولكم باك) تعني: أهلا بعودتك. وهي اختصار من (Welcome Back).
Back (باك) تعني: رجعت. وهي من كلمة (Back).
BTW (بتو) وتعني: على فكرة، وهي اختصار لكلمة (By The Way).
أي أننا نستخدم اللغة المعربة لانجليزية مختصرة، ويتفاهم بها كل من يتعامل معها حتى الانجليزية المنتشرة في العالم تم تشفيرها، ولم تعد كما هي فماذا نقول عن هذه الظاهرة، هل نرفضها، هل نقبلها، سواء أرفضناها أم قبلناها فهي واقع موجود ومقبول على الساحة يستخدمها العامي والمثقف.
أصبحت التقنية لغة العصر فكيف أثرت التقنية إيجابياً في تطور اللغة العربية وفي نفس الوقت ما هي آثارها السلبية؟
اللغة العربية أداة للتقنية، وهي غاية التقنية في الوقت نفسه إذ تستخدم اللغة العربية في صناعة القواميس اللغوية في الحاسب الآلي، وهي لغة المعلومات وهناك الكثير من المواقع التي تشكل فيها اللغة العربية العصب الأساسي للتواصل، كما أن الكثير من الشركات العالمية تعترف بأهمية اللغة العربية كأداة لتحقيق الأرباح.
فقد أعلنت جوجل عن طرحها خدمة المدونات Blogger باللغة العربية، حيث تسمح هذه الخدمة لمستخدمي اللغة العربية حول العالم بالتواصل والتعبير عن أنفسهم والمشاركة في واحدة من اكبر اتجاهات الانترنت في وقتنا الحاضر.
وتوفر Blogger وسيلة سهلة وفعالة تمكن الناس من تبادل وتقاسم آرائهم وأفكارهم مع الملايين من الأشخاص عبر الانترنت.
كما أن البحوث العربية تنشر عن طريق مراكز بحثية تعتمد التقنية الحاسوبية العنكبوتية في نشر تلك البحوث كموقع اللغة العربية تعلما وتعليما.
وللطفل كذلك مساحة لتعلم اللغة العربية عن طريق المواقع المختلفة المهتمة بهذا الجانب عن طريق الأناشيد والقصص وأفلام الكارتون باللغة العربية وهي مواقع توفر الخبرات الثرية في القيم والاتجاهات والمهارات الخاصة بالطفل باستخدام اللغة العربية.
ومواقع أخرى تهتم بالتعليم المباشر ، تهدف إلى تعليم اللغة العربية في مسارات متنوعة ابتدائية وإعدادية وترفيهية وتعليم عن بعد... إلخ
كما أن الفضائيات الموجهة للطفل اليوم تهتم بتزويد الطفل بالعديد من الخبرات باستخدام اللغة العربية، مما يزيد من فرص تزويده بثروة لغوية عربية مفيدة له عند التعبير عن أفكاره.
وهناك الوسائط المتنوعة لتعليم اللغة العربية بالصوت والصورة والرسوم المتحركة، فالتقنية تخدم التعليم، ولا أظن أن لها آثارا سيئة مباشرة على اللغة، فاللغة متاحة لمن يرغب في تعلمها والتعامل معها.
وعلى الرغم من بعض سلبيات التقنية الغربية، فإن الدول الإسلامية تستطيع أن تستثمر الإيجابيات في تزويد الأطفال بالمـهارات والخـبرات، وتدريس اللغـات، ومحو الأمية، والإرشاد الصحي، والتنمية الفكرية، كما يمكن استثمار هـذه الشبكات في تذليل العقبات التي تعترض سبيل الخدمة التعليمية.
نشرت هذه المادة في موقع لها أون لاين
فى 25 - ربيع ثاني - 1431 هـ الموافق 10 - ابريل - 2010