العربية - عفلق أسلم بعد 16 عاما من وفاته - عبد الرحمن الراشد
إعلام وصحافة /
فكرية /
2007-05-10
الخميس 23 ربيع الثاني 1428هـ - 10 مايو2007م
________________________________________عفلق أسلم بعد 16 عاما من وفاته
________________________________________
عبد الرحمن الراشد
الادعاء بأن منظر الفكر البعثي وأستاذه ميشيل عفلق مات مسلما بالتأكيد مسألة شخصية، وفوق ذلك ربانية. إشاعة إسلامه هي مثل إشاعة تدين صدام في سنوات حصاره، الذي زين صورته مصليا بادعاء انتسابه للدوحة النبوية وخط الله أكبر على العلم العراقي وأدخل نداءاته الدينية على خطاباته الشعبية والتلفزيونية. أي انها محاولة اصلاح العلاقة المكسورة دائما بين معسكري الفكر البعثي والإسلامي اللذين سالت بينهما دماء كثيرة في سنوات التنافس على الحكم. وعندما ضعف البعثيون وصعد الاصوليون تبدلت العلاقة الى حميمية. عقدت مؤتمرات تتحدث عن الروابط وكتبت مقالات يمجد فيها اصوليون البعث، كما فعل هذا الاسلامي الذي انقلب على موقفه السابق، «لا شك بأننا أخطأنا في وصف الفكر البعثي بأنه إلحادي لأنه مجرد علماني. فمن معرفتي القريبة في العقد الأخير بالبعثيين علمت بأن عقيدة البعث ترفض الإلحاد ولا تقبل موقفاً حيادياً منه كما هو الحال أيضاً في الفكر القومي الاجتماعي. ولئن سألت بعثياً عن الرسالة في شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة لما استطاع أن يعلن رسالة غير الرسالة التي حملها العرب للإنسانية: رسالة الحضارة الإسلامية». وبالتالي عندما تخرج عائلة عفلق فتقول إن عميدهم أسلم قبل وفاته فإنها ليست محاولة لتحسين صفحته في الآخرة، بل تساير الوضع القائم في الحياة الدنيا بتزويج البعث للأصولية السياسية. ولا يمكن تصديق ان عفلق اكتشف الاسلام في آخر عمره وهو الذي كتب عن النبي محمد عليه السلام اكثر مما كتب حسن البنا مؤسس حزب الاخوان المسلمين، ويعرف عن الدين الاسلامي اكثر من معظم المثقفين المسلمين. ليس هذا فقط، بل ان عفلق مات في عام 89 في بغداد دون ان يعلن لأحد انه الارثوذكسي المسيحي البعثي الاشتراكي، قد انقلب على دينه وفكره وصار مسلما. لا بد ان يكون المرء غبيا الى درجة ان يصدق ترهات مثل هذه. وقد سبق للدكتور الاسلامي محمد عباس مفندا وناقدا لمزاعم الدكتور محمد عمارة الذي تبنى قصة اسلام عفلق وجعل منها بطولة. الدكتور عباس قال في معرض رده «وفي كتاب الدكتور عمارة فوجئت به يتناول ما حسبته شائعة سخيفة عن إسلام سيد التيار القومي دون منازع: ميشيل عفلق، ودفنه وفق أحكام الشريعة. وكنت أرى في ذلك ترهات سخيفة كإسلام نابليون، أو كالحاج محمد هتلر». الحقيقة اننا نعرف قيمة عفلق كمفكر عظيم وان اختلفنا معه، فقد مات وترك وراءه إرثا فكريا قوميا كبيرا سيظل جزءا من الطرح السياسي العربي ربما الى الف سنة مقبلة. وعندما يظهر احد من عائلته او رفاقه او من المعسكر الاصولي مدعيا ان عفلق تحول الى الاسلام نعرف قصة غير مقنعة، وليست مهمة ان كانت صحيحة. فالرجل انتقل الى جوار ربه ولم يعد مهما ان مات مسلما ام لا. ما نراه حاليا هي اعادة تلوين القوى على الأرض ضمن التحالفات المؤقتة وبعد ان تنقطع غدا سنرى ديانة أخرى لعفلق. *نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية
________________________________________
جميع الحقوق محفوظة لقناة العربية © 2006