المركز اللبناني للأيحاث والأستشارات - سوريا تراجع مواقفها وحزب الله يتجاهل التحولات الإقليمية.. - حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2010-12-14
سوريا تراجع مواقفها وحزب الله يتجاهل التحولات الإقليمية..
الثلاثاء 14 كانون الأول 2010 11:46 PM
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز...حسان القطب
منذ أن بدأت تتوارد أو تتناقل بعض المعلومات في بعض الصحف الأجنبية وعلى لسان بعض القادة السياسيين المحليين، حول احتمال أو إمكانية تورط حزب الله في اغتيال الرئيس الحريري وبعض الاغتيالات الأخرى التي ارتكبت لاحقاً، واللبنانيون يتوجسون من انزلاق الأمور نحو مهالك الصراع الداخلي الذي لا يخفي حزب الله الإشارة إليه عند كل مناسبة...مع ارتفاع وتيرة تصريحات بعض قادة حزب الله التي تهدد بوقوع فتنة خطيرة بين المسلمين..(السنة، والشيعة) على غرار ما يجري في العراق والباكستان وبعض أجزاء أفغانستان...وذلك في حال تم اتهام حزب الله أو بعض عناصره بجريمة اغتيال الرئيس الحريري، أو بإحدى الجرائم الأخرى....
عوامل الفوضى وأسبابها موجودة ومتوافرة بكثرة، فالسلاح المنتشر بين يدي حزب الله وبعض القوى المتحالفة معه، أكثر من أن يعد ويحصى، والممرات الخاصة التي يعبر من خلالها السلاح وصولاً لهذه المجموعات مؤمنة وتحظى بغطاء رسمي متوافر تحت عنوان المقاومة، وهي أي هذه القوى التي تعلن رفضها لكل القرارات الدولية المتعلقة بالمحكمة.. نرى أنها لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه الأراضي المحتلة منذ العام 2006، التزاماً بالقرار 1701، في حين أنها أطلقت الكثير من الرصاص والقذائف في بيروت وأجزاء كثيرة من لبنان، مخالفة قرار ومنطق العيش المشترك ومتجاوزة الاتفاق الذي ينص على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، ربما لأن الفريق الآخر لا يملك سلاحاً للمواجهة عكس الإسرائيليين..!! وحدثت هذه التجاوزات والممارسات في مناسبات عديدة ومتعددة... وبالمناسبة لم تتعرض هذه القوى للمساءلة والمحاسبة لا من أجهزة أمنية ولا حتى من أجهزة قضائية...ولم تقدم يوماً اعتذاراً عن تسببها عمداً أو عن غير عمد في سقوط ضحايا مدنية بريئة أو خسائر مادية باهظة.. وربما لأنها فوق كل اعتذار تماماً كما المساءلة....!! ومحاسبة المعتدين أهم بكثير من ملف شهود الزور الذي يتحدث عنه حزب الله ويعطل البلد ومؤسساته من اجله..لأننا نتحدث عن عائلات فقدت أبناء وأعزاء..!!
السيناريوهات المعدة للتنفيذ على الساحة اللبنانية من قبل حزب الله، والتي تسرب عمداً عبر بعض الصحافة المحلية وغير المحلية، ربما الهدف منها إخافة المواطن اللبناني، فيسارع للهجرة، ولترهيب السياسي اللبناني فلا يتوانى عن الاستسلام لمشروع حزب الله... وبعض الصحافة والأقلام وعدد من السياسيين هم شركاء حقيقيين في توزيع الأدوار وتعميم سياسة الخوف والتخويف والإرهاب والترهيب...وقد نشرت منذ أيام صحيفة كويتية وتحت عنوان..(خطة حزب الله لما بعد القرار الاتهامي) حيث.. (كشفت مصادر قريبة من «حزب الله» لـ «الرأي» أن الحزب «انتهى أخيرا من وضع خطط وتحديث أخرى لملاقاة مرحلة ما بعد القرار الاتهامي، وهي خطط «كلية وجزئية»،... وجاء في مضمون الخطة ما يلي: ( تشكيل حكومة جديدة يصار إلى إبعاد «تيار المستقبل» (يتزعمه الحريري) عنها، وأولى خطواتها تغيير القادة الأمنيين وبدء محاكمة شهود الزور من الأمنيين والسياسيين، وتفعيل عملية نظر المجلس العدلي في قضية اغتيال الحريري. وستعيد تنظيم «فرع المعلومات» على النحو الذي يجعله تحت سلطة وزير الداخلية، لافتة إلى أن حكومة ما بعد القرار الاتهامي ستعمل وفق برنامج محدد حتى لو لم تعترف بها الحكومات العربية والأجنبية...وكشفت تلك المصادر انه في حال جرت تحرشات ميدانية بـ «حزب الله»، فإن الحكومة الجديدة ستعتمد في بيانها الوزاري «فقرة أصلية» تشير إلى أن قوات المقاومة هي من الوحدات القتالية الوطنية وتتمتع بغطاء شرعي وقانوني للدفاع عن الوطن. قوات المقاومة ستكون مولجة كـ «وحدات قتالية وطنيّة» بالدفاع عن الأمن الوطني في حال تحركت قوات معادية، وسيكون هدفها وأد الفتنة في مهدها من دون زجّ الجيش اللبناني لأهمية بقائه على الحياد)... حتى الآن لم يعلق حزب الله على مضمون هذه الخطة الخطيرة ولم ينف ما ورد فيها..ربما لأن المطلوب أن يدب الرعب في قلوب المواطنين اللبنانيين.. كما أن هذه الخطة تضمنت رغبة، إن لم تكن دعوة صريحة، للجيش اللبناني ليبقى على الحياد، أو بالأحرى الطلب منه عدم ممارسة دوره في حماية المواطنين اللبنانيين.. وهذا ما يفسر الهجمة المبرمجة على دور ومصداقية قوى الأمن الداخلي ومديرها العام اللواء أشرف ريفي..لأن الهدف الواضح ولكن غير المعلن هو فصل القوى الأمنية عن جمهور المواطنين اللبنانيين، واستخدام القوة من قبل مجموعات حزب الله وملحقاته المنتشرة في الداخل اللبناني لمنع تطبيق العدالة وللإخلال بالأمن، ولإبقاء اللبنانيين أسرى الخوف والرهبة من السلاح غير الشرعي الذي يوزع بكميات وافرة كما يقال ويشاع من قبل قوى هذا الفريق في الداخل اللبناني..وليس على خط المواجهة مع إسرائيل..
واللافت أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة التصعيد الداخلي ومن قبل حزب الله وفريقه بشكل يومي ومبرمج، وبعض التصريحات تطلق من على منابر دينية وبمناسبات دينية.. نرى أن سوريا وهي الحليف الأساس على خط الإمداد لحزب الله وبعض القوى اللبنانية المتحالفة معها، قد بدأت في مراجعة مواقفها السياسية المعلنة من المحكمة الدولية.. حيث أعلن الأسد من فرنسا قبوله بالقرار الإتهامي إذا كان مستنداً لأدلة قاطعة..وهذا اعتراف واضح بالمحكمة الدولية وقراراتها بعد أن كانت توصف بالمحكمة الإسرائيلية.. وهذا الموقف الرسمي السوري على لسان الأسد يأتي غداة موقف كان قد أعلنه سابقاً وزير الخارجية السورية وليد المعلم حيث فصل بين القرار الظني والقرار الإتهامي.. وقد عبرت مصادر فرنسية عقب زيارة الأسد لفرنسا بالقول.. (أكد مصدر فرنسي مطلع على مضمون القمة التي جمعت الرئيسين الفرنسي ساركوزي والسوري بشار الأسد في باريس، وان الجانب الفرنسي استنتج من المحادثات «بوضوح»، أن سورية لا تريد انفجار الوضع في لبنان وزعزعة الاستقرار فيه، «بل بالعكس تبدو قلقة جداً من احتمال تدهور الوضع الأمني فيه بما يؤدي إلى تدهور أكبر قد يدخل إسرائيل على الخط، ولا يُعرف إلى أين تذهب الأمور إذا حصل ذلك).. إذاً الموقف السوري المتشنج الذي برز خلال الأشهر القليلة الماضية، قد تبدل نحو التعاون مع المجتمع الدولي، في محاولة من نظام الأسد لفك العزلة السياسية عن نظامه التي طال أمدها، ونتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، بعد أن بدا ضعف القدرة الإيرانية على مد النظام السوري بالمساعدات المطلوبة للحفاظ على توازنه الداخلي.. فكان لا بد من البحث عن بدائل تؤمن الاستثمارات المطلوبة في سوريا لإنعاش الاقتصاد السوري الضعيف، ولاستبدال الورقة الإيرانية بأخرى إقليمية ودولية..كما أن أي صراع لبناني- لبناني، على خلفية دينية أو مذهبية، لن تبقى سوريا بمنأى عن تداعياته، خاصةً وان المشهد العراقي قد ترك جراحاً عميقة في المجتمع السوري نتيجة التقارب والتواصل بين العشائر العربية المنتشرة على الحدود بين البلدين، وأي صراع مماثل في لبنان سيكون له تأثير سلبي بالغ على نظام سوريا..لهذا بدأ النظام السوري في مراجعة مواقفه وقيادة تحوله بهدوء نحو الإذعان للقرارات الدولية، مع المطالبة بأثمان سياسية واقتصادية..والإشارة لكل المعنيين بأن النظام السوري هو نظام علماني لا ديني..؟؟. وهذا ما يستدعي من حزب الله مراجعة مواقفه السياسية المعلنة وغير المعلنة..والحد من التصريحات الترهيبية غير المبررة على الإطلاق، والتعاون مع باقي اللبنانيين للخروج من الأزمة السياسية الخانقة.. التي وصلت إليها البلاد نتيجة سياسات حزب الله المتعنتة وغير المتجاوبة مع أبسط شروط العمل السياسي والديمقراطي.. لأن الواقع الإقليمي قد بدأ يتغير والحليف السوري قد أصبح مساوماً على حزب الله أكثر منه حليفاً له..!!
يدرك حزب الله جيداً أن ليس باستطاعته تغيير المعادلة السياسية في لبنان من خلال شن حرب داخلية.. لأنها سوف تؤدي إلى فتنة لا يملك أي فريق لبناني القدرة على إطفاء نارها أو التكهن بتداعياتها أو حجم انتشارها.... والتحول السياسي الخارجي يبدو اليوم واضحاً، خاصةً حين أعلن المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ألكسندر سلطانوف: (على أن موقف موسكو إزاء المحكمة الدولية لا يزال ثابتا. ولابد من الكشف عن هذه الجريمة، ولا بد من أن تتم محاكمة كافة المتورطين بارتكابها. وانه غاية في الأهمية أن تعتمد المحكمة الدولية في إصدار أحكامها على الوقائع والأدلة الدامغة».
تتوالى المواقف الدولية والإقليمية التي تؤكد على ضرورة تطبيق العدالة في لبنان ومعاقبة مرتكبي الجرائم التي كادت أن تؤدي إلى فتنة أهلية وإلى زعزعة الأمن والاستقرار.. وحزب الله لا يزال يراهن على سياسة ترهيب الداخل اللبناني بهدف الضغط على المحيط الإقليمي والدولي للتراجع تحت طائلة الفوضى في لبنان والمنطقة..!! ولكن هذا الأمر لن يجدي نفعاً.. بل سيزيد من عزلة حزب الله وتقوقعه على نفسه، وسيعرضه لمزيد من الاتهام وفقدان المصداقية، وسياسة تبديل أولوية الملفات وتعطيل المؤسسات والتشكيك بالبعض منها لن تؤدي إلا إلى تزايد الدعم الإقليمي والدولي لبقاء لبنان على خارطة الدول الديمقراطية والمستقرة..
حسان القطب
hasktb@hotmail.com