المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- حزب الله ح إقليمياً إلى جانب دوره على الساحة اللبنانية ـ حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2011-04-01
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر الجمعة 1 نيسان 2011
حزب الله ح إقليمياً إلى جانب دوره على الساحة اللبنانية
عقب موافقة حزب الله على القرار الدولي رقم 1701، والذي نظم وجود القوات الدولية إلى جانب الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني، شعر حزب الله بالراحة والاطمئنان إذ أصبح بينه وبين خط الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة ما مجموعة 13500، جندي من القوات الدولية المتعددة الجنسيات، تفصل بين عناصره وبين الجيش الإسرائيلي وأي انتهاك إسرائيلي بري للحدود اللبنانية لمواجهة حزب الله، سيضعها في مواجهة المجتمع الدولي إلي يضمن بموجب القرار 1701، الاستقرار والهدوء على الجبهة الساخنة وإعادة التنمية في قرى وبلدات الجنوب اللبناني التي دمرها عدوان تموز/يوليو من عام 2006، فانتقل عمل وجهد حزب الله إلى الداخل اللبناني، فعشنا مرحلة حصار السراي الحكومي في أواخر عام 2006، أي عقب الحرب المدمرة بأشهر قليلة، ثم عانينا من أحداث 25 كانون الثاني/يناير من عام 2007، التي شلت لبنان واقتصاد لبنان لأيام وأسابيع، ثم حصل الانقسام الخطير عندما هاجمت ميليشيا حزب الله بيروت والجبل في أيار/مايو من عام 2008، وما تبعها من أحداث متفرقة ومتنوعة.. كلها تصب في خانة الأحداث الأمني الخطيرة والمواقف السياسية الداخلية التي تؤكد الانقسام الداخلي بين مكونات المجتمع اللبناني ومدى عمقه نتيجة واقف حزب الله ونبيه بري وبعض القوى المتحالفة والمرتبطة بهم وبمشروعهم..
قد يكون مبرراً لدى الجميع أن يكون هناك صراع على السلطة في الداخل اللبناني وقد يتفهم أي مراقب سياسي كما أي مواطن عادي أن الخلاف على السلطة أو في النهج السياسي هو أمر مشروع ومقبول ويبقى تحت سقف العمل العام الذي تتباين حوله الرؤية والمواقف والمسارات والتوجهات... ولكن توالت المؤشرات والدلائل على أن هناك شيئاً ما يفوق حجم ودور وقدرة الشعب اللبناني على تحمله وبالتحديد قدرة الطائفة الشيعية التي يفرض حزب اله ونبيه بري نفسيهما ناطقين وحيدين باسمها، بل وفي رسم علاقاتها ودورها في لبنان والخارج... الإشارة الأولى المقلقة كانت في اليمن عندما تحدث نصرالله مدافعاً عن الحوثيين ودورهم وطموحهم خلال الصراع المسلح الذي دار بينهم وبين السلطة اليمنية والذي كاد يتهدد بتفجير صراع طائفي ومذهبي يمتد لكافة المنطقة وتوالت الإشاعات والروايات والاتهامات عن دور حزب الله وعلاقته بالحوثيين، ولو سلمنا جدلاً بعدم وجود دور لحزب اله في اليمن فإن حرص نصرالله على الحوثيين ومناشدته للرئيس اليمني لوقف الحرب تؤشر على وجود علاقة ما بين الفريقين تحت سقف الرعاية الإيرانية.. ووقعت أحداث طهران الدموية ومارست السلطة الإيرانية أقسى أنواع الشدة والحزم والبطش لقمع المتظاهرين المطالبين بالحرية والعدالة فلم يتحدث نصرالله مطالباً السلطة الإيرانية أو رئيس إيران ومرشدها بضرورة الحوار مع المعارضة أو ناقشة مطالبها كما لم يحذر من استخدام القوة المفرطة في مواجهة المواطنين الإيرانيين.. ولكن الإشارة الخطيرة كانت حين نشرت مواقع وصحف متعددة ومتنوعة صوراً وبعض التفاصيل التي تتحدث عن مشاركة عناصر ن حزب الله في لبنان في قمع تظاهرات طهران وسواها من المدن الإيرانية.. ولم يتكلف حزب الله عناء الرد أو النفي أو التوضيح.. وجاءت أحداث البحرين الأخيرة لتظهر مدى ترابط القوى والمشاريع والأدوار والتوجهات والهداف..؟؟ فقد نشرت الصحافة البحرينية والخليجية العديد من التصريحات والاعترافات التي تفيد بتورط حزب الله في أحداث البحرين إلى جانب مجموعة مذهبية معينة، وكانت كلمة نصرالله المؤيدة لهذا الفريق خير دليل على مدى الترابط والالتزام بين الفريقين وتشابك المصالح والأدوار.. ؟؟ لم يحذر نصرالله من فتنة طائفية ولم ير في الصراع السياسي في البحرين أي بعد ديني أو مذهبي بل على العكس رأى فيه مطالب شعبية ومحقة وضرورية واعتبر عدم تنفيذها فيه شيء من تلك الأفكار..ووصفت إذاعة النور الناطقة باسم حزب الله..( أمّا البحرين فقد كشفت هَلَعَ النظام ورُعْبَهُ رغمَ سلميّةِ التظاهراتِ المطالبةِ بإصلاحات سياسيةٍ، ما حَدَا بالسلطاتِ العسكرية إلى ممارسةِ عمليات قتل غير مسبوقة أوقعت في إحصاءات غير نهائية أكثرَ من ثمانيةِ شهداء عدَا عن مئات الجرحى وعشرات المفقودين) وساهم إعلام حزب الله في تغطية الأحداث في البحرين بشكل يومي ومباشر ولا يزال..مما انعكس سلباً على العلاقات بين لبنان ودولة البحرين وعلى الجالية اللبنانية العاملة في البحرين..؟؟ في حين أن موقف حزب الله من أحداث سوريا الأخيرة كان متجاهلاً للمظاهرات ولم يتقدم بالتعازي من ذوي الشهداء، ولم يستنكر أو يدين جرائم القتل المروعة بحق المدنيين العزل من المتظاهرين المطالبين بحقوقهم، حتى الأسد الابن نفسه لم يذكر الشهداء بخير، بل وصفهم بالضحايا.... وتكاثرت الأقاويل حول تورط مجموعات من حزب الله في عمليات القمع في سوريا على طريقة ما جرى في طهران وذكرت ذلك أكثر من محطة إعلامية، وإن لم يجر التأكد من صحة أو دقة تلك الأخبار المتواترة والمنشورة، ولكن الملاحظ أن حزب ومرة أخرى لم يقم بالنفي أو بالرد على هذه الأقاويل.. وبدل التركيز على أسباب المظاهرات ومطالب الشعب السوري وسبب معاناته والإشارة إلى طلباته ومطالبه، كان تركيز إعلام حزب الله وملحقاته وأتباعه على الإشارة إلى أن سلاحاً انتقل من طرابلس إلى سوريا، مع ما تحمله هذه الأقاويل من خطورة زرعٍٍ للفتنة وتأجيجٍ للخلافات الداخلية، والقول أن فريقاً لبنانياً أو قوى لبنانية وخارجية تساعد وتساند المظاهرات السورية.. فيه تلميح إلى تدخل عملاء ومرتزقة في الشأن السوري، كما ينزع الصفة الوطنية عن جماهير الشعب العربي السوري الذي خرج مطالباً بظروف معيشية أفضل..والمؤسف القول أن الشهداء في سوريا هم ضحايا وقتلى، ولكن في البحرين هم شهداء.. إنها إشارة في غاية التحريض والدس والتفريق..ولا يمكن تجاهلها أو المرور عليها مرور الكرام..لما تحمله من معاني وتلميحات وخلفيات..؟؟؟ ولو قارنا ما قالته إذاعة النور حول ما يجري في البحرين مع التصريحات التي نشرها إعلام حزب الله لوجدنا الفرق الواسع في التغطية الإعلامية التي تؤكد عدم موضوعية هذا الفريق ولا حتى صدق توجهاته..فقد نشر موقع الانتقاد التابع لحزب الله حول ما يجري في سوريا ما يلي:(بعد المسيرات المليونية التي خرجت اليوم الثلاثاء في سوريا دعما للنظام وللرئيس السوري بشار الأسد، "انكفأت" في لبنان بعض القوى السياسية التي كانت تراهن على ضعف النظام وتورطت في أعمال تخريبية خلال الأحداث التي جرت في كل من درعا واللاذقية)..وقد رأى نبيه بري: ( أن الرئيس السوري بشار الأسد "يقود الحركة التصحيحية الثانية بعد الحركة التصحيحية الأولى التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد"، لافتاً إلى أن في الأولى، وضع الرئيس الراحل الأسس لسوريا المنيعة حصن وبوصلة العرب، ومسطرة قياس الموقف السياسي من قضايا الأمة، وفي الثانية يضع الرئيس بشار أسس سوريا الحديثة، سوريا حضن الحرية والمشاركة والديمقراطية المصنوعة وطنياً، ودولة الحقوق المدنية، ودائماً قلعة المقاومة والممانعة". وأضاف "الآن تزداد ثقتنا بالاستقرار في سوريا، وهو الأمر الذي يزيد ثقتنا بأنفسنا وبموقفنا الثابت المعلن أن استقرار سوريا ضرورة وحاجة عربية ولبنانية على وجه الخصوص").. إذا كان هذا موقف حزب الله ونبيه بري مما يجري في سوريا، فلماذا كل هذه الضجة حول ما جرى في مصر وتونس؟؟؟ وحول ما جرى في البحرين..؟؟ ولا يزال يجري اليوم في ليبيا واليمن..؟؟؟ فالمقياس واحد والمشكلة واحدة.. إذا أردنا أن نكون واقعيين ومنطقيين..!! اللهم إلا إذا كانت الأهداف المشتركة لدولة إيران وحزب الله وبري تتطابق في دولة البحرين، وتتقاطع في باقي الدول، ولكنها في حقيقة الأمر تخشى التغيير الذي يطرق اليوم أبواب سوريا بقوة.. لذا نرى أن حزب الله قلق على النظام السوري لما يشكله له من ممر وباب خلفي يؤمن له الدعم والرعاية عبر الراعي الإيراني..لذا فهو يخشى أن يقع التغيير في أية لحظه، وبالرغم من قلق هذا الفريق على نظام سوريا، إلا أن عينه وعواطفه لا تزال مع حلفائه في مملكة البحرين وهذا ما تحدثنا به وسائل إعلامه كل لحظه...
بناءً على ما ورد يمكننا القول أن حزب الله متمسك بالقرار الدولي 1701، لما يؤمنه له من هدوء واستقرار في الجنوب اللبناني، يسمح له بنهش مواقع في السلطة اللبنانية أو على الأقل تعطيلها، والإمساك بالسلطة السياسية في لبنان عبر تغيير الحكومة على طريقته، فحزب الله اليوم لا يسعى للحرب مع إسرائيل على الإطلاق لأن دوره الحالي كما نلحظ هو إقليمي يتجاوز الساحة اللبنانية، وهذا الدور الذي تقوده إيران يستند إلى التزام حزب الله العقائدي بمفهوم ولاية الفقيه، الذي تقوده دولة إيران، وحضوره الشعبي الكبير ضمن الطائفة الشيعية في لبنان، وقدرته العسكرية الرادعة، التي يجب أن تبقى متنامية وحاضرة لحماية دورها في لبنان وما قد يطلب منها خارج لبنان...
حسان القطب