المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- لماذا لا يقدم حزب الله حلولاً للشأن الاقتصادي ـ حسان القطب
دراسات /
فكرية /
2010-11-21
الثلاثاء 21 كانون الأول 2010
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز .. حسان القطب
لماذا لا يقدم حزب الله حلولاً للشأن الاقتصادي..؟
أخبار الأزمة السياسية في لبنان، أصبحت شاناً يومياً يتعايش معها المواطن اللبناني كأي حدث أو شأن عادي أخر، فالأحداث السياسية المتسارعة والمتفاقمة، يتخطاها المواطن اللبناني بهدوء، ويتابعها كما يتابع حوادث السير أو أي شأن عادي أخر.. والتوقعات السياسية التي يطلقها إعلاميون أو سياسيون حول حلحلة قريبة، أو حلول متوقعة، أو اتفاق مفترض خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، يتجاوزها اللبناني أو يراها ويتابعها تماماً كما يرى ويسمع توقعات الطقس خلال الأيام المقبلة، والتي تتبارى المحطات الإعلامية في تقديم خدمتها للوصول إلى قلب المشاهد وعقله.. والتهديدات وكذلك المهل التي يطلقها حزب الله على لسان احد كبار سياسييه وواضعي إستراتيجيته السياسية رئيس كتلته البرلمانية (محمد رعد) يراها المواطن اللبناني على أنها زوبعة في فنجان، وتهديداته جوفاء لا تقدم ولا تؤخر..والهدف منها إخافة جمهور اعتاد ألا يخاف.. ومواطن لم يرهبه الاحتلال فكيف يخاف ممن فشل في إخضاعه وترهيبه في السابع من أيار/مايو..من عام 2008... وخلال حصار السراي الحكومي.. وإغلاق المجلس النيابي.. والآن يهدد محمد رعد، بالفتنة في حال صدور القرار الظني.. ويطلق المهل تلو المهل للبنانيين والمجتمع العربي والدولي...وينفي ذلك ثم يعود فيؤكد هذا الأمر.. (وكان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد اعتبر "إننا نريد تفاهماً يحفظ البلاد من شرّ فتنة يريد الصهاينة استدراج البعض إليها، لذلك نمدّد الوقت تلو الوقت من أجل أن نرى هذا التفاهم قد انبلج فجره، وقبل أن يسبقنا العدو في المحكمة الدولية وأدواتها عبر فبركة قرار ظني مزوّر، وقرار فارغ يريد أن يعبث باستقرارنا وتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض". وأضاف: " فنحن نمد إليهم أيدينا حتى يتمسّكوا بها من أجل أن ننقذهم مما يريده العدو لنا ولهم"... وقال "إن حزب الله يلجأ إلى الحوار ويصبر حتى يحكم الله بينه وبين القوم المضللين". ولفت إلى أنّ "هدف الحزب إنقاذ هذا البلد من مؤامرة دولية تريد استعباد اللبنانيين وإذلالهم والسيطرة على مواردهم والتحكم بمصيرهم والعبث بمستقبلهم")... وكان سبق له أي محمد رعد أن نفي ما كان قد ذكره هو شخصياً وفي احتفال علني حول إعطاء حزب الله مهلة أربعة أيام لتسوية ملف المحكمة الدولية وإلا...؟؟ وذلك حين قيل.. (نقل زوار دمشق بأن موقف رئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد التصعيدي الأخير لناحية تحديد مهلة ثلاثة أيام أو أربعة أيام، لا لزوم له، ولذلك جرت اتصالات لسحب هذا الموقف أو توضيحه، حتى لا يفسر بأنه بمثابة تهديد من تأخر الاتفاق السوري - السعودي. وبالفعل فقد أصدر رعد توضيحاً أمس، وصف فيه ما قيل عن لسانه بأنه نتيجة <صياغة غير دقيقة> ما أوهم المتابعين بأن القصد هو رسم سقف زمني نهائي لظهور نتائج الجهد السوري - السعودي لتسوية الأزمة اللبنانية، فيما كان المراد وحسب توضيح رعد، هو ظهور نتائج هذا الجهد في وقت قريب>)... والآن جاء هذا التصريح الأخير ليؤكد عدم مصداقية النفي والتوضيح السابق..؟؟ وصحة الإنذارات والتهديدات.... المتوالية والمتتابعة..وليؤكد أيضاً أن حزب الله يقدم التهديد تلو التهديد ويطالب الآخرين وكل الشركاء في الوطن بحل المشاكل والمساءل الخلافية والشؤون الحياتية للمواطنين إضافةً للسياسية لأنه أي (حزب الله)، لا يملك رؤية يقدمها للحل وينتظر الفرج من الخارج، بل ولا حتى مشروعاً متكاملاً لإدارة هذا الوطن وقيادته خارج أزماته السياسية والاقتصادية وسائر المشاكل الأخرى.. من بنية تحتية وسائر مقومات النهوض بالإدارات والمؤسسات العامة.. وهذا التناقض في التصريحات والتباين في المواقف السياسية، وعلى لسان مسؤول واحد يعتبر على رأس الهرم الرسمي لحزب الله في البرلمان اللبناني، يعطينا الانطباع، بل ويؤكد لنا أن تعاطي هذا الحزب مع المشاكل الاقتصادية والسياسية اللبنانية، والتي تتوالى فصولاً مع متابعته لسياسة التعطيل المنهجية، والتي تستهدف كافة المؤسسات والقطاعات الرسمية، تترك تأثيراً مباشراً على الوضع العام في لبنان وعلى القطاع الخاص دون أدنى شك.. وتقود البلاد نحو الركود الاقتصادي وتهجير الاستثمارات الأجنبية بل والمحلية التي تعمل حالياً في لبنان.. إضافةً إلى ترهيب كل رأسمال محلي أو أجنبي.. وتحذيره من خطورة الاستثمار في لبنان أو مجرد التفكير في ذلك.. لأن الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي غير متوافر...
من المفترض أن يتصرف حزب الله وفق منطق العمل الوطني والسعي لخدمة الشأن العام، ومن الواجب أن يكون من أكثر القوى حرصاً على الاستقرار السياسي وعلى تفعيل عمل الإدارات وتنشيط أدائها وتحريك عجلتها.. لخدمة مصالح المواطنين اللبنانيين والمغتربين والمستثمرين المحليين والأجانب وجزء منهم لا شك هو من جمهوره ومحبيه وأتباعه.. وهو الذي يتحدث عن الحرمان والتجاهل الذي يصيب بعض اللبنانيين .. لماذا إذاً يتجاهل حزب الله هذا الواقع..؟؟ ولماذا لا يكون عنصر وعامل استقرار وشريك فعلي في نهوض الوطن وأبنائه..؟؟ العمل على خدمة الجمهور الذي يدعي انه كان ضحية حرمان مزمن.؟؟
حزب الله يرى في لبنان ساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية.. ولا يرى في هذا الكيان وطن ودولة.. ويرى في جمهوره جيشاً وميليشيا ومجموعات قادرة على خدمة وتغذية الصراع على هذه الساحة اللبنانية لخدمة القوى الإقليمية والدولية والتي هي بالتأكيد الراعية والضامنة والممولة لقدرات هذا الحزب وقواه المسلحة ومؤسساته الخدماتية والتربوية والاجتماعية.. منطق الاستقرار السياسي حتماً سوف يؤدي إلى انغماس المواطنين في العمل والإنتاج والنظر إلى الأمام.. إلى مستقبل زاهر وأفضل وإلى الانخراط بشكل أوسع في العمل السياسي والعمل الاجتماعي من قبل شرائح واسعة من جمهور حزب الله..وإلى تطوير لغة الحوار والبحث عن الأفضل وإلى رفض كل منطق ولغة وتصرف وممارسة تؤدي إلى القلق الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي وتشكل خطر على السلم الأهلي..لذا فإن العيش في القلق والخوف من الآخرين هو السبيل الوحيد لإبقاء حال التجييش والاستنفار والتأهب في نفوس المواطنين والجماهير.. والحذر المتواصل من بعضهم البعض..وكما في المواقف السياسية المتشنجة يتأهب المواطن للاصطفاف إلى جانب فريقه ويلتحق بجمهوره.... ضد الفريق الأخر... كذلك فإن إبقاء الوضع الاقتصادي متردي وغير مستقر يبقي حال التذمر واليأس مسيطرة على هذا الجمهور وبالتالي متأهب ومتحفز للمشاركة في أي تحرك ضد من تدفعه لمواجهتهم قيادته السياسية تحت عناوين اقتصادية ومعيشية وإنمائية.. رغم أنها هي نفسها المسؤولة عن الواقع المأساوي الذي وصلت إليه حال البلاد والعباد... والضعف الاقتصادي يصيب كل المواطنين ولا يصيب شريحة معينة من هذه الطائفة أو تلك أو التابعة لهذا الحزب أو ذاك.. ولو رجعنا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء وتحديداً.. إلى شهر كانون الثاني/يناير من عام 2007، حين دعا حزب الله لمظاهرة احتجاجية على سياسة الحكومة الاقتصادية... وفجأة نتج عنها حصار السراي الحكومي بعد حرق الدواليب وقطع الطرقات لدفعها للاستقالة تحت شعار لا دستورية ولا ميثاقية الحكومة..؟؟ .. فالسبب الظاهر للحركة الاحتجاجية كان الوضع الاقتصادي رغم أن وزراء حزب الله وحركة أمل التابعة للسيد نبيه بري.. كانوا قد استقالوا من الحكومة قبل شهر تقريباً.. ليس احتجاجاً على السياسة الاقتصادية، بل رفضاً للمحكمة الدولية..؟؟ وتبين لاحقاً أن أهداف الحركة الاحتجاجية كان إسقاط الحكومة واستبدالها بحكومة موالية لنظامي سوريا وإيران.. وليس لتحسين الوضع الاقتصادي.. لجمهور المتظاهرين وجموع اللبنانيين.؟؟ وفي تصرف مماثل آخر.. كان قرار الاتحاد العمالي العام الخاضع لقرارات حزب الله وأمل وحلفاء سوريا التظاهر في شهر أيار/مايو من عام 2008، ونتج عن هذا التظاهر اجتياح بيروت وبعض مناطق الجبل وصيدا عسكرياً من قبل هذا الفريق، وذهب الجميع إلى الدوحة في قطر لتوقيع اتفاق توزيع سلطة جديد ولم يتحدث احد عن الوضع الاقتصادي وضرورة تحسين الحال المعيشية للمواطنين اللبنانيين...!! إذاُ الهم الاقتصادي هو سلاح يستعمل لتحريك الشارع عند الطلب ولخدمة مشروع سياسي.. والعناوين التي يطرحها حزب الله لإطلاق أية حملة شعبية تحت عنوان اقتصادي.. تكون أهدافها الحقيقية سياسية لفرض شروط معينة أو لتحويل عناوين الصراع الداخلي..بطلب من القوى الإقليمية لتوجيه رسائل معينة للمجتمع الدولي..؟؟ حزب الله وسائر القوى التي تدور في فلكه.. لم تلحظ رفع أسعار المشتقات النفطية في سوريا منذ أشهر وهي بلد منتج للنفط ولو بكميات قليلة.. بحيث بلغ تقريباً سعر مثيله في لبنان وهو البلد المستورد للنفط بالكامل.. ولم تصدر أي تعليق على الأزمة الإيرانية المستجدة اليوم بعد رفع الدعم عن المنتجات الأساسية وأهمها النفط، وإيران من البلدان المنتجة للنفط والغاز بوفرة..؟؟ ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة في إيران والتي تنذر بهبوب عواصف سياسية وأمنية في ذلك البلد الجريح، مع ذلك يجد الإمام الخامنئي مرشد إيران وحزب الله متسعاً من الوقت ليهاجم المحكمة الدولية.. ويتحدث عن الوضع اللبناني مع أمير قطر الذي أنقذ نادي برشلونة الإسباني من أزمته المالية.. ويبحث عن إنقاذ فريق رياضي أخر في بريطانيا..
طالما أن قادة حزب الله ومؤسسات حزب الله تنعم بالدعم المالي لن يشعر قادة هذا الحزب وأتباعه بأهمية بل وبضرورة تثبيت وتفعيل الاستقرار السياسي وبالتالي المالي والاقتصادي في لبنان.. اللهم إلا إذا كان المطلوب إبقاء الوطن في أزمة ليبقى ساحة تجاذب وصراع وتجنيد وتجييش..لخدمة هذا المشروع أو ذاك.. والفهم المضحك لأحد قادة المعارضة المفوه لا فض فوه للشأن الاقتصادي، دفعه وفي معرض التعليق على تأخر البت بالميزانية العامة وما يستتبع ذلك من إضرار بمصالح المواطنين للقول.. (إن بإمكان الرئيس الحريري بما له من علاقات طيبة دولية وإقليمية طلب مساعدات من هذه الدول الصديقة لتسيير أمور الدولة ريثما يتم البت بالميزانية العامية) وهي التي يؤخر البت بها فريق معارضة الاستقرار السياسي والاقتصادي.. هكذا يفهم هذا الفريق الشأن الاقتصادي وسير العمل المؤسساتي...مساعدات وهبات...
حسان القطب