المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- مرشد الجمهورية اللبنانية يصدر إرشاداته ـ حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2011-04-10
الأحد 10 نيسان 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
مرشد الجمهورية اللبنانية يصدر إرشاداته
على قاعدة (انصر أخاك ظالماً كان أم مظلوماً) ظهر مرشد الجمهورية اللبنانية حسن نصرالله، في خطابه الأخير مدافعاً عن مواقف نبيه بري غير المؤيدة لقيادته ولا حتى لحزبه، التي نشرتها إحدى الصحف اللبنانية نقلاً عن وثائق ويكيليكس المسربة، فالتمس له الأعذار واعتبره أستاذاً في علم السياسة وكذا في العلم العسكري، ولكن إطالة أمد الدفاع ومضمونه يؤكد مدى عمق الضرر الذي أصاب مصداقية العلاقة، وحسن ترابطها، والثقة التي اهتزت بين جمهور الفريقين المتنافسين. وهو حين دافع عن نبيه بري ومواقفه، تحت باب وعنوان حرية الحركة السياسية للرئيس بري في محاورة الأميركيين والمجتمع الدولي إبان حرب تموز/يوليو، معتبراً أن أداء بري ومضمون كلامه كان من أساليب الحكمة السياسية التي يتمتع بها بري دون سواه من السياسيين اللبنانيين، يكون نصرالله بموقفه هذا قد اعترف بصحة هذه المعلومات وما ورد في مضمون هذه التقارير والوثائق. ولكنه في الوقت عينه وفي نفس الخطاب كان قد هاجم قوى الرابع عشر من آذار/مارس، لمواقفها غير المؤيدة لحزب الله وله شخصياً، التي وردت في نفس الوثائق والتقارير، واعتبر كلام بعض رموزها ضرباً من الكيدية والخيانة للمقاومة وجمهورها، ولم يعتبر كلام هذه الرموز تكتيكاً سياسياً أو حتى انه لم يجد مبرراً يعفيها من جريمة إصدار هذا الكلام، كما فعل بحق بري.. رغم أن نصر الله نفسه كان وفي معرض خطابٍ له إبان حرب تموز/يوليو قد ناشد كل من يحب لبنان وشعبه أن لا يرسل مساعدات بل أن يسعى لتحقيق وقف إطلاق النار رحمةً بالشعب اللبناني الذي يعاني من حرب إبادة..
كذلك أعطى نصرالله لنفسه ولفريقه حق التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية وغير العربية، باعتباره لا يمثل موقع سلطة لبنانية رسمية، بل هو قائد حزب وجمهور ومرشد سياسي أعلى لا صاحب قرار رسمي.. ونفى هذا الحق بل منعه عن رئيس مجلس الوزراء دولة الرئيس سعدالدين الحريري، وسواه من السياسيين اللبنانيين لأنهم يتبوءون مواقع رسمية..هذا الموقف شبيه جداً بما سبق وجرى ولا يزال يجري في إيران، حيث يتم التمييز بين أقوال وأفعال احمدي نجاد باعتباره رئيساً للجمهورية، ويمثل سلطة رسمية، وما يقوله (خامنئي) باعتباره مرشداً أعلى.. وإن صح هذا القول في إيران الدولة الشمولية، فإنه لا ولن يتحقق في لبنان بلد التعددية والديمقراطية والحرية..!!
حنكة الرئيس بري السياسية التي تحدث عنها نصرالله في مقدمة خطابه، كشفها عنه عندما تحدث عن مشكلة اللبنانيين المغتربين في دولة ساحل العاج، الذين يعانون الخوف والقتل والرعب وخسارة أرزاقهم وجني عمرهم، بسبب سياسة وزارة الخارجية اللبنانية التي يمسك بها بري كما يمسك بحركته (أمل) وأشار نصرالله إلى دور حركة أمل في الاهتمام بشؤون مغتربي ساحل العاج، وطالب لهم بتعويضات من الدولة اللبنانية، في محاولة لنقل هموم هذه الجالية المظلومة إلى الداخل اللبناني، وإخفاء حقيقة أن سياسة غير موضوعية اتبعها وزير الخارجية اللبنانية، بتوجيهات غير صادرة عن مجلس الوزراء مجتمعاً ولا عن رئيسه منفرداً وهذا ما لم يلحظه ولم يشر إليه نصرالله، لكنه في الموضوع الإيراني، أكد أنه يجب على رئيس مجلس الوزراء عدم الإشارة لدور إيران السلبي في البحرين وسوريا واليمن والسعودية والكويت ولبنان طبعاً لأنها تدعم حزب الله وحركة أمل، دون موافقة مجلس الوزراء، في حين أن وزيراً يتخذ قراراً يهدد مصير بل بالأحرى أضر بمصالح مئة ألف مواطن لبناني موجودين في ساحل العاج، فلا بأس لأنه من رعايانا ولا يجب مساءلته، ولا تجب محاسبته، باعتباره يخضع لمرجعية بالغة الذكاء والحنكة.. بل بالأحرى (أستاذاً) كما أشار نصرالله.. ودفاع نصرالله عن بري والوزير علي الشامي ربما كان سببه حاجة نصرالله لمن يدافع عنه أو أن لا يشير من قريب أو بعيد من محيطه ومحيط جمهوره وطائفته التي بدأت تعاني من سياسات حزب الله وحركة أمل ليس في لبنان فقط بل في العالم أجمع..عن دور حزب الله في الأزمة البحرينية، والخطر الذي أصبح يتهدد استمرار واستقرار المغتربين اللبنانيين في هذا الوطن العربي الذي يتعرض لضغوط إيرانية مباشرة وعبر إعلام حزب الله المتواجد في لبنان إلى جانب قناة العالم الإيرانية، وبإمكان أي مواطن لبناني أو عربي أن يتابع التغطية المباشرة والأسلوب التحريضي الذي يمارسه تلفزيون المنار وإعلام حزب الله بحق مملكة البحرين وسلطتها، رغم أن هذا الإعلام نفسه يتجاهل ما يجري في إيران من قمع دموي ظالم وحاقد للأقليات والأحزاب، وما يجري في سوريا من سفكٍ لدماء مواطنين أبرياء عزل، جريمتهم أنهم يطالبون بحريتهم السياسية والإعلامية، وبحقهم في محاربة الفساد والرشوة والسلطة الفاسدة، وبضرورة تحرير الأراضي المحتلة في الجولان المغتصب منذ أكثر من أربعين عاماً. وبضرورة احترام حق تداول السلطة الذي حدثنا عنه أستاذ السياسة (بري)، ومرشد الجمهورية (نصرالله).. في خطابات ولقاءات سابقة..
يبدو أن مفهوم الدولة لدى حزب الله هو ما أشار إليه نعيم قاسم حين قال: (إن حزب الله رفع شعار المقاومة والدولة وهو شعار التوأمة الذي تحققت من خلاله انجازات كبيرة)..
- هذه التوأمة المفاجئة لنا جميعاً قد أطاحت بنظرية المثلث الذهبي، وهو (الشعب، الدولة، والمقاومة) فيصبح الشعب فيما أشار إليه قاسم وجوداً مكملاً فقط ليدفع ضريبة الدم، عند كل استحقاق يرى مرشد الجمهورية ضرورة خوضه، مستنداً إلى سلطته العليا..
- والتوأمة معناها أيضاً التمازج بين كيان الدولة بكل أطيافها ومؤسساتها ومكوناتها البشرية لتكون في خدمة ما يطلق عليه (المقاومة)، لأن حزب الله امتزج بالدولة وانخرط في مؤسساتها، في حين أن الدولة اللبنانية ومكوناتها ومؤسساتها لم تنخرط بل ولا تعرف عن مؤسسات حزب الله شيئاً، فالامتزاج والتمازج، بل بالأحرى الاختراق، هو ما قد حصل، ولكن من جهة واحدة يطلق عليها جزافاً (المقاومة) وهي التي هي تمثل فقط، مكوناً لبنانياً واحداً، وليس كل اللبنانيين، وسلاحاً تمسك به طائفة واحدة دون سائر الطوائف، وتملك سياساتها الخارجية الخاصة، وهذا ما أشار إليه نصرالله في خطابه الأخير، وكذلك مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي دورها بقوة، وعندما يتحدث نصرالله عن الدعم الإيراني لا نعرف عن أي دعم يتحدث لأنه يأتي مباشرةً لحزبه ومن يتبعه، وليس لمؤسسات الدولة، إضافةً إلى المؤسسات السياسية أيضاً، حيث يزورها كل الوافدين الرسميين القادمين من الخارج للوقوف على رأيها وقراءة أفكارها.
- هذا التمازج أثمر، حيث أن لبنان دون سائر الدول لديه وزيري خارجية، علي الشامي وزير الخارجية اللبناني، وهو يمثل حركة أمل في مجلس الوزراء، وعمار الموسوي مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله، وحسن عزالدين مسؤول العلاقات العربية في حزب الله، أو ما يطلق عليه نائب وزير الخارجية للشؤون العربية في الدول الأخرى..
مشكلة حزب الله ونبيه بري أنهما قد ادخلا لبنان في متاهات سياسية وصراعات إقليمية ودولية تتجاوز حجم هذا البلد الصغير وقدراته والسبب الأساس لإنشاء وتأسيس هذا الكيان، وهذه السياسات قد بدأت تؤثر سلباً على جمهور المغتربين اللبنانيين جميعاً ودون استثناء، في الدول العربية أو سواها من دول العالم، بعد ما تعرض له اللبنانيون في ساحل العاج، إضافةً إلى ما تردد عن الطلب من اللبنانيين مغادرة دولة البحرين، بسبب مواقف حزب الله وإعلام حزب الله، قامت الولايات المتحدة بإلغاء تأشيرات دخول للعديد من التجار اللبنانيين ومن مختلف الطوائف دون سبب واضح، ولكن القرار لا شك سيؤثر سلباً على مصالح اللبنانيين في لبنان وخارجه. واللبناني الذي كان يجد في دول الاغتراب ملاذاً آمناً لبناء مستقبل واعد يخدم فيه أسرته وأهله في بلاد الاغتراب ووطنه لبنان..جعلته سياسات حزب الله ونبيه بري محط ملاحقه، واضطهاد، وشك وتشكيك، وحتى حرمانه من متابعة عمله في هذه الدولة أو تلك.. وسياسة التعمية أو اتهام هذا المسؤول أو ذاك بالتقصير لن تجدي نفعاً لأن الضرر لا شك قد وقع وعدم ثقة المجتمع الدولي ومحيطنا العربي بالمواطن اللبناني قد أخذت تتسع وتتعمق، بسبب هذه السياسات
فكيف سيخرج لبنان والمواطن اللبناني من هذه الأزمة، لا يكفي إتباع سياسة الاتهام بحق الآخرين، ولا يكفي إبقاء وتفعيل المشاعر لدى هذا الجمهور بالمظلومية التاريخية والاستهداف المستمر، ومواجهة المؤامرات المحلية والدولية، لا بد من السعي الحثيث للخروج من هذه الأزمة التي تصيب شرائح واسعة من المواطنين اللبنانيين في الداخل والخارج، ولا بد من وضع آلية جدية لمعالجة هذا الواقع المرير، وهذا السؤال نضعه برسم نبيه بري وحسن نصرالله، وكل من موقعه، وبحجم مسؤوليته المباشرة وغير المباشرة عما جرى وحدث، سواء كان أستاذاً أو مرشداً..
حسان القطب