المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - أي حوار يدعو إليه بري..
الجمعة 28 تشرين الأول 2011
أي حوار يدعو إليه بري..
حسان القطب
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
فريق محور الظلم والاضطهاد أو ما يطلق عليه كذباً محور (المقاومة والممانعة)، حين يشعر بالراحة والدعة والقدرة على السيطرة والإمساك بزمام الأمور، يرفض الحوار والنقاش لأن لا مبرر له.. ويتصرف بديكتاتورية وفوقية، ويسمح لنفسه حينئذٍ بإطلاق النعوت والمواقف بحق الآخرين، ويتصرف في شؤون الوطن والمواطن كما يشاء ويريد، فيتخذ إجراءات ويغير مسارات ويستبدل حكومات ويسقط موظفين، ويتهم من يريد بالخيانة والفساد، ويعطل العمل الحكومي ويطالب بتغيير القانون الانتخابي، ويوقف التعيينات الإدارية، ولتتعطل الدولة ومؤسساتها، وليتضرر المواطن اللبناني وتتوقف مصالحه فلا بأس، فالمحور وأبناؤه وقادته بخير، ويصبح حينها الأمن استنسابي نطالب بتطبيقه حيث نشاء ومتى نريد، وتتوالى التعديات على الأملاك العامة، فهي مستمرة وقائمة على قدم وساق في الضاحية الجنوبية ومنطقة الأوزاعي والبقاع والجنوب وبلدة لاسا الجبيلية.. ويصبح المطلوب أيضاً وبإلحاح إصدار عفو عام عن كافة تجار المخدرات وزارعيه وسارقي السيارات ولصوص الليل والنهار.. فالبلد بخير ولا داعي للقلق ومن يعترض يكون متهماً بتعريض مصالح اللبنانيين والسلم الأهلي للخطر، ويترك لبنان مكشوفاً أمام العدو الصهيوني، وأتباع المشروع الأميركي..؟ لذا لا داعي لطاولة الحوار، ثم على ماذا نتحاور، وهل يستقيم جلوس أشرف الناس مع عملاء إسرائيل والولايات المتحدة والمنظومة العربية على طاولة واحدة..؟؟
أما اليوم وأمام ملامح انهيار النظام السوري وسقوط ديكتاتور سوريا، يطل علينا بري ليقول عبر جريدة النهار:(انه سيفاتح رئيس الجمهورية ميشال سليمان في إعادة الحوار، وقال: "لا بد من معاودة الحوار ولن نعدم وسيلة للخروج بحل من غير أن نكسر الجرة أو نكسر المزاج اللبناني". وإذ ضمن "ترحيب" رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي و"تأييد" العماد ميشال عون و"حزب الله" وتحقيق "طموح" النائب وليد جنبلاط، رأى أنه لا مانع من طرح هذا الموضوع مع الرئيس فؤاد السنيورة وسائر أفرقاء المعارضة وعلمت "النهار" أن اتصالات بري بدءا من اليوم لا تقتصر على موضوع المحكمة بل ستشمل الأزمات الأخرى). ما هذا التواضع يا سيد بري، ولماذا تريد الحوار الآن وقد حددت الهدف منه سلفاً وهو أن لا تنكسر الجرة..؟؟ ولكن ألا يدري السيد بري، أنه لقد انكسرت الجرة بالفعل، ولم يعد ينفعك استعمالك لسياسة كسب الوقت واللعب في الوقت الضائع لترميمها.. لقد انكسرت في السابع من أيار/مايو، عام 2008، وقبلها حين عطلت أنت ومن معك الحكومة والوطن لسنتين متتاليتين، وحين أسقطت حكومة الرئيس الحريري، بالتفاهم مع سيدك في دمشق (الأسد) وبالتضامن والتكامل والتكافل مع سيدك في لبنان (حسن نصرالله)، وشكلت حكومة يرأسها ميقاتي تناسب مقاسك ومقاس من هم إلى جانبك منخرطين في مسلسل تدمير مؤسسات هذا الكيان والوطن.. ومتجاهلاً مكون أساسي من كيانات لبنان وفريق أكثري تحول في ليلة ظلماء سوداء إلى معارضة لا تملك من حطام الدنيا سوى الاعتراض، على سلوكك وسلوك من هم في سدة الإرشاد والتوجيه.. لقد انكسرت حين فتحت إعلامك وإعلام حلفائك لممارسة أسلوب الشتم والسباب وتأييد إجرام نظام سوريا ضد شعبه الأعزل باسم فلسطين والمقاومة والتحرير.. لقد انكسرت حين توالت الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة دون رقيب أو حسيب أو رادع أو وازع.. من دين أو أخلاق أو قانون أو سلطة.. لقد انكسرت حين تسمح لنائب من حلفائك بشتم وتهديد نائب يمثل الأمة في البرلمان.. لقد انكسرت حينما أنت ومن معك تتحدث عن حفلة الشاي في ثكنة مرجعيون، في معرض التخوين، وأنت تعلم عدم صحة ما يقال لأن تلك القوى العسكرية لم تكن تملك المقومات العسكرية لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي وبقرار ممن كانوا يمنعون تلك القوى من الذهاب إلى الجنوب والاتهام لا يصيب النائب فتفت بقدر ما يصيب أيضاً المؤسسة العسكرية في كرامتها وعنفوانها......
ماذا سيكون جدول طاولة الحوار:
- المحكمة الدولية: قال نصرالله بالأمس أنها لا تعنيه وأنها وراءه ولن يسلم المتهمين ولن يسمح بتمويلها..
- سلاحك غير الشرعي: أنت ترفض تسليمه للجيش اللبناني، رغم أن الجيش ومؤسساته ومخابراته في خدمتكم في الجنوب والشمال والبقاع وفي كل لبنان.؟؟
- تفعيل مؤسسات الدولة: وأنت تسهم في إغلاق البرلمان حين تريد وترغب، وتعطيل تشكيل الحكومة أو حتى انعقادها، ثم مكافأة الوزير الخديعة.. بإعطائه رئاسة الجامعة اللبنانية فأي نموذج مثالي نعطي لشبابنا..وهو الذي انقلب على من جعله وزيراً في فريقه..
- ماذا يمكن الحوار حوله أيضاً، الإستراتيجية الدفاعية.. وأي إستراتيجية هذه ووئام وهاب يهدد بقصف أنقرة واستانبول وسائر دول المشرق..لحماية نظام سوريا.. ومفتي سوريا يهدد باستخدام بنات وشباب لبنان قنابل موقوتة وقنابل انتحارية لحماية بشار الأسد ونظامه ومع ذلك لم تسمح لنفسك بالرد عليه..
جلسات الحوار الطويلة التي عقدت في السابق لم تكن سوى عملية مدروسة لشراء الوقت، وما اتفق عليه لم ينفذ ولم يتم الالتزام به، وأول بند تم خرقه هو المحكمة الدولية فأغلقت المجلس النيابي حتى لا يتم إقرار الاتفاقية في المجلس النيابي ليطل علينا لاحقاً بعض المتورطين مطالبين بإعادة النظر بالاتفاقية لعدم دستوريتها.. ومع ذلك أنت تعطيهم الآذن الصاغية...وحديثك عن توسيع دائرة الحوار ورفع عدد بنود الحوار والنقاش ما هو إلا بهدف إضاعة الوقت حتى يضيع الوطن.. وهذا ما لا نقبل به.
يا سيد بري، الحوار على مستقبلنا مرفوض والحوار معك لا قيمة له، فالمصداقية مفقودة، والتجربة في هذا المضمار طويلة، والجرة مكسورة، إذاً على ماذا نتحاور...من يريد الحوار يجب أن يدرك أن الحفاظ على الوطن والمواطنين والعلاقة الوطيدة مع العالم العربي والمجتمع الدولي هي أهم من تحالفات أي فريق وحزب وقيادي وطائفة، وأن أرواح المواطنين وأملاكهم ومستقبل أبناءهم في غاية الأهمية.. فلا يخطف بعد اليوم مواطن كما خطف المواطن جوزيف صادر، مهما كانت تهمته دون أن يعرف أهله مصيره، ثم من هو الفريق الذي يعطي نفسه حق السلطة ليقوم بتطبيق القانون خارج الأطر القضائية.. ومن الذي خطف المواطن شبلي العيسمي، وهو في العقد التاسع من العمر واللاجئين السوريين وغيرهم من المعارضة السورية..؟؟ الحوار قبل كل شيء يجب أن يتضمن احترام كل مكونات الوطن اللبناني وسياسييه ومواطنيه، فلا مواطن فوق القانون ولا سلاح خارج المؤسسات الشرعية، ولا تعطيل لمؤسسات الدولة بعد اليوم.. وسوى ذلك فإن كل حوار مضيعة للوقت واستخفاف بعقول اللبنانيين، وللتذكير فقط، ذلك أنه قبل سقوط حكومة الحريري، فقد تم التواصل وعبر قنوات غير رسمية مع بري، للعمل على فتح حوار جدي لحل المشاكل العالقة وتجنيب لبنان الكأس المرة التي نتذوقها اليوم من ضعف اقتصادي وركود تجاري وشبه انهيار سياسي وفلتان امني وشبه حصار دولي، ولكنه رفض، فما الذي تغير اليوم يا ترى..؟؟
لذا نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية والرئيس الحريري والرئيس السنيورة سائر قوى المعارضة عدم الانجرار خلف هذه الدعوة التي لا نرى فيها سوى محاولة لشراء الوقت بانتظار تغيرات محتملة بل وشيكة في المنطقة، أو طلباً للحماية مما قد تحمله الأيام والأشهر المقبلة من عواصف عاتية نتيجة هذه المتغيرات، وخلال فترة الانتظار هذه يتم تضليل اللبنانيين في متاهات الحوار العقيم والنقاش غير الموضوعي، فيما عملية نهش الدولة ومؤسساتها وممتلكاتها قائمة على قدم وساق برعاية ميقاتي وبحماية سلاح المقاومة..؟؟
حسان القطب