اشكالية الوحدة المصرية / السورية
المصدر:google
اشكالية الوحدة المصرية / السورية
الواقع السوري قبل الوحدة
خرجت سوريا من الحرب العالمية الثانية وقد ظفرت بالاستقلال إلا إن سوريا غدت موضوعا للصراعات العربية الإقليمية و الدولية فقد جاء انقلاب 3131949 بقيادة حسني الزعيم وتأييد الجماهير الشعبية له مؤشر على عجز النظام الليبرالي الذي كان قاما ثم توالت الانقلابات :
انقلاب كانون الثاني 1952 على يد أديب الشكلي .
انقلاب 2721954 على يد سامي الحناوي.
ولم تشهد سوريا الأقدر محدود للغاية من المنجزات مقابل المغالاة من مصادرة الحريات وبدت النخب السورية قومية التوجه في نضر الجمهور العربي مؤهلة لأداء دور رائد في الحركة القومية العربية إلا إن الصراعات الداخلية عجزتها عن تقديم الاستجابة الفاعلة مما جعلها تطرح فكرة الوحدة مع مصر ولان الواقع الاجتماعي الاقتصادي السوري كان يتطلب حلولا جذرية ليس في الساحة من يمتلك قدرة إحداثها , كم إن الوضع السياسي بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916 حيث أقام الفرنسيون أربع كيانات سياسية لم توحد إلا في عام 1943 بسبب ضعف الولاء الوطني وقوة المشاعر القبلية والعشائرية والعائلية والطائفية والجهوية ولم تكن في سوريا أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينات القوة السياسية الحائزة على تأييد جماهيري واسع بعد انقسام الكتلة الوطنية وتشكيا أحزاب إقليمية, وعلى الصعيد العسكري حداثة تشكيل الجيش, ولقد نجح شكري القوتلي وسعد الله الجابري في لم شعث الكتلة الوطنية وتشكيل معارضة وطنية أخذت تستقطب تأييدا شعبيا حتى انتخب القوتلي رئيسا للجمهورية ولقد صدر قانون الانتخاب الذي أعطى المرأة المتعلمة حق التصويت ,وتطوير مناهج الجامعة, وحضر استعمال الألقاب, وخفض مقاعد العشائر من 12-06 , واصدر المجلس النيابي قرار ينص على عروبة سوريا وألزم رئيس الجمهورية بالقسم على العمل للوحدة العربية, وصدر مرسوم استرداد أملاك الدولة وتوزيعها على الفلاحين, وصدر قانون التعاونيات وقانون الضمان الاجتماعي, ومنع افتتاح المدارس التبشيرية , ولم يسمح ببيع أي عقار للأجانب, ولقد حافظت سوريا حتى العام1956 على معدل نمو الإنتاج الزراعي والصناعي وإلغاء الاتحاد الكمركي مع لبنان لأنه لا يوفر الحماية اللازمة للصناعة السورية المتنامية, وفي انتخابات 1954 فاز قسما لا بأس به من النواب الذين رفعوا شعار الحياد الايجابي والدعوة إلى القومية العربية حتى أصبح التيار الوحدوي ابرز العوامل المؤثرة في تحديد مواقف التنظيمات والشخصيات رغم انه كان هناك وعيا سياسيا لعبته الأحزاب السورية كلا من موقعه , الحزب الوطني, حزب الشعب, الحزب الشيوعي, حزب البعث العربي الاشتراكي, الإخوان المسلمون ,الحزب القومي السوري الاجتماعي,ويمكن القول إن سوريا لم تعرف نظاما ليبراليا كلاسيكيا في إعقاب سقوط الشكلي عام 1954 .
الأحزاب السياسية قبل الوحدة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
1 الحزب الوطني:
ــــــــــــــــــــــــــــ
الوريث الشرعي للكتلة الوطنية شكله شكري القوتلي وسعد الله الجابري وجميل مردم بك وفارس الخوري وصبري العسلي ولطفي الحفار وعبد الرحمن الكيالي وهو حزب كبار الملاك ورموز الحركة الوطنية والبرجوازية الكبيرة ,إلا إن في دستوره يعتبر العرب امة واحدة يدعو للتعاون مع السعودية واعتبر الحزب ممثلا للرجعية التقليدية اغلب قياداته من دمشق.
2 حزب الشعب :
ــــــــــــــــــــــــــ
أنشق من الحزب الوطني واغلب قياداته من حلب شكله هاشم الاتاسي ، رشدي الكيخة , ناظم القدسي , معروف الدواليبي , احمد قنبر , عدنان الاتاسي , رشاد برمدا, هاني السباعي , فيضي الاتاسي , علي بوظو , حظي الحزب بدعم تجار حلب وحمص ويؤيد الوحدة مع العراق ولقد ناصر انقلاب سامي الحناوي ولعب دور سياسي كبير.
3 الحزب السوري القومي الاشتراكي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
تأسس عام 1932 لجمعية سرية في بيروت وبرز للعلن عام 1936 وتبنى نظرية قومية في حدود سوريا الطبيعية (الهلال الخصيب وغيرها) أسسه انطوان سعادة ضد الوحدة العربية واستعمل أسلوبا قاسيا في تحقيق أهدافه .
4 الإخوان المسلمين:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأت حركة الإخوان في سوريا على هيئة جمعية دينية شكلها الدكتور مصطفى السباعي عام 1945 وحققت نجاحا شعبيا وأخذت تمارس دورها كمنظمة سياسية تحت اسم الكتلة الإسلامية الاشتراكية وفي عام 1954 وقفت ضد الضباط الأحرار في مصر وناصرت المرشد العام للإخوان حسن الهضيبي إلا أنهم بعد تحقيق مصر من انجازات سياسية أيدوا عبد الناصر وان مراقبها العام مصطفى السباعي لعب دورا أساسيا في تميز موقف الإخوان تجاه عبد الناصر عن بقية الإخوان في الوطن العربي لأنه كان أكثر وعيا بالمسالة القومية وكان يركز على الدور العربي ويؤيد الوحدة العربية.
5الحزب الشيوعي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأسس عام 1927 من قبل المهاجرين الأردنيين إلى سوريا والمهاجرين اليهود إلى فلسطين وكان مؤلفا من (6) أرمن، (2) يهود، (5) عرب ، وشكله فرج الله الحلو ، ارتين مادويان ، خالد بكداش ، ناصر حّدي ، حنا نمر ، التزم بمواقف الاتحاد السوفيتي وأيد قرار تقسيم فلسطين عام 1947 الداعم لقيام دولة يهودية لم يطالب باستقلال سوريا من فرنسا تواطؤ مع اقتطاع الإسكندرونة لان الحزب الشيوعي شارك حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا وخلال مسيرته الطويلة ظل طول عهده ضد المواقف القومية العربية ودعمهم تفجير الحزب الشيوعي العراقي معركة دامية مع الحركة الثورية العربية بعد ثورة 14تموز1958.
6حزب البعث العربي الاشتراكي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
تشكل أوائل الأربعينيات كحلقة فكرية ملتفة حول ميشيل عفلق وصلاح البيطار وتميز بربطه الدعوة للوحدة العربية مع المطالبة بالتغير الاجتماعي شكله ميشيل عفلق ، صلاح البيطار، جلال السيد، وهيب الغانم ، عبد البّر ، فيصل المركبي ، اتحد البعث العربي مع الحزب العربي الاشتراكي بقيادة أكرم الحوراني وقد عانى الحزب بين شخصية وثقافة وأسلوب كل من قائديه عفلق والحوراني وأيد الحزب انقلاب حسني الزعيم والشيشكلي وقد حل الحزب نفسه عام 1958 وحسب قول عفلق لولا قرار حل الحزب لكان الحزب حل نفسه أصلا لأنه وصل في سوريا إلى درجة من الارتباك داخل صفوفه بحيث لم يعد قابلا للاستمرار ثم لتقديم الدليل للجماهير بان تحقيق الوحدة شيئا ممكنا.
7حركة القوميين العرب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي وليدة نكبة فلسطين تشكلت من اتحاد مجموعة من التنظيمات :
أ كتائب النداء العربي 1948.
ب منظمة الثار.
ج كتائب العودة.
د جماعة العروة الوثقى.
أسسها جماعة من الطلبة العرب الدارسين في الجامعة الأمريكية ,جورج حبش, هاني الهندي , جهاد ضاحي , حسن توفيق , عبد القادر عامر، وديع حداد ، صالح شبل، احمدالخطيب، حامد الجبوري ، رفعت شعار وحدة ,تحرر,ثار,دم,حديد,نار بانخراط الحركة في التيار الناصري منذ فشل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 شهدت تحولا في مسارها حيث كانت هامشية التأثير محدودة الأعضاء .بداية نشاطها تنظيم فلسطين في أفق عربي أصدروا جريدة ((الثار)) ثم ((الحرية)) وقفوا مع كل القضايا القومية وأصبح لها نشاط وانتشار في الوطن العربي .وكان لهل تنظيمها العسكري باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير عمان والجبهة الشعبية لتحرير ظفار والجبهة الثورية لتحرير جنوب اليمن المحتل .
واقع الجيش خلال السنوات 1954-1958 :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
لقد تميز الجيش السوري نتيجة الظروف التي حكمت نشأته وطبيعة تركيبته بسمتين هما:
1 انه ضم اكبر تجمع منظم لأبناء الريف من الضباط والجنود,عانى الكثير من الظلم والإذلال .
2 عمق وضوح انتمائه القومي واقتصاره للحساسية القطرية والمشاعر الطائفية وبعكس ظاهرة مجتمعه في سوريا وهي عمق المشاعر العربية .وبعد اغتيال عدنان المالكي رئيس شعبة العمليات في 2241955 افتقد الزعيم المستقطب لرفاقه وبرز أكثر من عشرين ضابطا كل منهم يتوقع القيادة,وشهد الجيش عملية تسريح واسعة للضباط القوميين وأنصارهم وفي عام 1956 قدم اللواء شوكت شقيراستقالته وبذالك خسر الجيش قائدا لم يكن أداه في يد اليمين أو اليسار وكان يتمتع بالاستقلالية والالتزام بالمواقف القومية , وفي آذار عام 1957 حاول الرئيس شكري القوتلي إجراء حركة تنقلات ثم تم الكشف عن مؤامرة كانت تديرها المخابرات الأمريكية في 681957 وتورط عدد من كبار الضباط في اتصالات مع العقيد إبراهيم الحسيني رئيس الشرطة العسكرية ثم أقيل رئيس الأركان وتشكل ((مجلس قيادة عسكري)) من 24 ضابط يمثلون أسلحة الجيش وهم:
1 البعثيين ويمثلهم مصطفى حمدون وعبد الغني قنوت وبشير صادق وجمال الصوفي وأمين الحافظ .
2 / أنصار خالد العظم ( السياسي اللامع) وأبرزهم أمين النفوري وأحمد عبد الكريم .
3 / المستقلين ويمثلهم جاسم علوان ، جاد عز الدين .
4 / تجمع ضباط دمشق ويمثلهم أكرم ديري ، عبد الحميد السراج
وكلف المجلس بأن يكون له رأي سياسي في اجتماعات مجلس الوزراء برئاسة شكري القوتلي ، وقد لعب هذا المجلس الدور الرئيس في تحقيق الوحدة مع مصر ، وقد كثرت مؤامرات ضباط الجيش المسرحّين التابعين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي واتصالاتهم مع المخابرات الأمريكية وحلف بغداد وتوالت المؤامرات ومحاولات الاختراق متعددة الجوانب ، وأخذ الجيش دوره الكبير في الحياة السياسية نتيجة ضعف مؤسسات المجتمع المدني وعجز الأحزاب عن تمثيل الواقع القائم.
الصراع السياسي ومعركة الأحلاف :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
شكلت سوريا مابين سقوط الشيشكلي وقيام الوحدة ، الساحة التي تحسم فيها معركة الأحلاف التي احتدمت بين تيار حركة القومية العربية وبين القوى المحافظة المرتبطة بشكل أو آخر بالامبريالية الأمريكية ، فأفتقد الحكم السوري الاستقرار بتقلب مواقف النخب العسكرية ، وعرفت سوريا سبع وزارات في أربع سنوات ، وكانت دعوة الأحلاف نشطة :
1ـ وقعت تركيا وباكستان حلف في 2/4/1954 م ثم جرّت بريطانيا العراق للحلف ، فأنشرخ الوضع السياسي السوري بين مؤيد ومعارض ، المؤيدون هم القوى الإقطاعية والرأسمالية والبرجوازية الكبيرة والمعارضون هم الوطنيون والقوميون وأبناء الشعب .
2ـ دعت مصر إلى اجتماع عربي لبحث موضوع حلف بغداد لتطويق وعدم السماح لانتشار الحلف وكانت القاهرة من اشد المعارضين للحلف ، فحضر رئيس الوزراء السوري فارس الخوري وكان له دور مشبوه وفي ثاني يوم العودة سقطت الحكومة وكلف صبري العسلي بتشكيلها ،وانتصرت قوى التيار القومي العربي بعد يومين تسلمت الإنذار الأمريكي القاضي في (( إلا تقوم سوريا بأي جهد يجعل موقف العراق صعبا )) وسارعت مصر لدعم سوريا والاتفاق على قيام منظمة الدفاع المشترك ودعت كل من السعودية والأردن ولبنان لهذه المنظمة فتجمد حلف بغداد وردت تركيا بحشد قواتها على الحدود السورية يوم2031955 ثم أعلن الاتحاد السوفيتي دعم سوريا ثم أعلن عن تشكيا قيادة عربية مشتركة للجيش السوري والمصري تحت إمرة عبد الحكيم عامر,ثم قامت إسرائيل بالهجوم على مخافر سوريا الأمامية وسقوط 41 جندي قتيل و28اسير ,وفي مواجهة التحديات الخارجية وتعثر الحكومات الائتلافية طرحت فكرة تشكيل (ميثاق قومي) كتبه وقدمه أكرم الحوراني شارك في الميثاق إضافة إلى حزب البعث الحزب الوطني وحزب الشعب والكتلة الدستورية والكتلة الديمقراطية وشغل صلاح البيطار وزارة الخارجية واشترط البعث إقامة وحدة مع مصر, ثم ذهب العسلي وتباحث مع عبد الناصر في موضوع الوحدة وتشكلت لجنة لبحث الموضوع وأيد مجلس النواب السوري الإجراءات واعترفت سوريا بالصين الشعبية وحضر وزير خارجية الاتحاد السوفيتي وقدم كل أنواع الدعم المالي والعسكري إلى سوريا ,وفي 2361956 أعلن في دمشق عن وجود مؤامرة لقلب نظام الحكم كان مقدرا لها إن تبدأ يوم العدوان الثلاثي على مصر وكان للدور العراقي أثرا كبيرا في المؤامرة بفضل المعلومات التي قدمها عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف إثناء تواجد قوات الجيش العراقي في الأردن وقد كشفت المحاكمات بعد ثورة 14 تموز 1958 ذالك بعد إن انتصرت قوى الشعب المصري على العدوان بعد معركة السويس طرحت أمريكا مشروع ((إيزنهاور)) لملئ الفراغ لاحتواء التحرك الثوري قي المنطقة العربية الذي نشا بانسحاب بريطانيا وفرنسا ,ورفضت سوريا ومصر هذا المشروع وصدر تهديد أمريكا وبريطانيا إلى سوريا لان أنابيب النفط يمر من أراضيها وكانت سوريا قد شهدت في العامين الماضيين صراع حاد مع شركات البترول الغربية حول إقامة مصفاة للبترول أعطي العقد إلى شركة جيكية ,ثم حذر الاتحاد السوفيتي تركيا من مغبة الاعتداء على سوريا وذهب صلاح البيطار لتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد تركيا ونزلت قوات مصرية في اللاذقية بد 13101957 لدعم سوريا من أي اعتداء .
الوضع الاقتصادي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الاقتصاد السوري يعتمد على الزراعة 80%من الصادرات ولم يكن يزرع من الأرض أكثر من 9,3 مليون هكتار من بين 7,3مليون هكتار وكان الإقطاع وتفاوت الملكية أهم مشكلات الزراعة في سوريا حيث كان الإقطاع يمثل أكثر من 93,3مليون هكتار ولم تكن هناك تشريعات تنظم العلاقة وكانت سوريا تعاني من تخلف الأساليب الزراعية ولم تكن هناك زراعة واحدة في سوريا وفي عام1956 اصدر قانون العشائر الذي يعيد سيطرة شيوخ العشائر قانونا على عشائرهم.
التجارة....تمثل التجارة النشاط الاقتصادي الثاني في البلد وتسهم بنحو 13%من الدخل الوطني ومصالح كبار التجار مرعيه دائما إلا انه بعد توقيع الاتفاقية الاقتصادية مع الاتحاد السوفيتي تصاعدت وتائر التجارة .
الصناعة.....حيث لم يتجاوز النمو الصناعي بعد الاستقلال عن 6%سنويا والصناعات البارزة هي صناعة الغزل والنسيج والزيوت النباتية وكانت الشركة الخماسية الرأسمالية تلعب دورا كبيرا وكانت الصناعة تعاني مشاكل كثيرة منها التمويلالخبرة الفنيةانعدام التخطيط,وكانت سوريا قبل الوحدة بلد غير بترولي.
الوضع الاجتماعي:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سوريا من البلدان الأكثر تنوعا في السلالة التاريخية واللغة والدين والمذهب,احتدمت الصراعات المذهبية بين العلويين والدروز واليزيدية ,ولكن التنوع الموجود في سوريا هو تنوع ضمن الوحدة ,وكان من نتائج نظام (الملل)العثماني وما فرضته المداخلات الأوربية من حماية وامتيازات والشعور بالذات ,ثم تعمقت الولائات الطائفية والقبلية والمحلية واعتمد الاستعمار الفرنسي على إضعاف النسيج الاجتماعي .
الاستقطاب الناصري:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تميزت العلاقة المصرية والسورية بالكثير من الايجابية,حيث كان الموقف المصري من حلف بغداد, والاعتداء الثلاثي عام 1956 ,وصدور قانون الإصلاح الزراعي وإلغاء الألقاب والصفقة الجيكية للأسلحة وسياسة الحياد الايجابي وكلها رصيد ايجابي لعبد الناصر في سوريا ,وكان غالبية الشعب السوري يستمع إلى خطب عبد الناصر وتعليقات احمد سعيد من إذاعة صوت العرب,ولقد استقطبت الناصرية حزب البعث وحركة القوميين العرب بشكل كبير لان عبد الناصر جسد الفكر القومي بسياسته في مصر ,كان حزب البعث في سوريا أصبح حزب عبد الناصر وانظم كثير من السوريين إلى حزب البعث تأييدا لعبد الناصر,إن وقوف عبد النصر إلى جانب قضايا الشعب السوري أعطته زخما للتأييد الشعبي ,حيث وقف عبد الناصر مع الشعب السوري ضد تهديد أمريكا وتركيا والعراق فأعطته الشعبية المطلقة ,وقد قال خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري في جريدة الحزب (النور)(إن عبد الناصر عمل ضد الاستعمار أكثر من جميع القوى الوطنية مجتمعة)وقال (انه رجل عجيب الوطنية .....عجيب الذكاء),ولم يتخلف الإخوان المسلمون عن المكب حيث وقفوا مع عبد الناصر في حرب 1956 وكان للدور المميز لمصطفى السباعي المرشد العام الذي أيد مواقف عبد الناصر الوطنية ,فأيدوا الوحدة مع عبد الناصر ، ثم ضغط الجيش على القوتلي أن يكون مع الوحدة ، ثم فجّر الجيش خطوط أنابيب النفط المارة عبر سوريا من العراق إلى طرابلس في لبنان ، كان له الأثر الحازم في تأييد عبد الناصر بمعركة السويس عام 1956م ، آضافة إلى عوامل كثيرة برزت الطموح الوحدوي والمشاعر العربية ، منها :
1ـ مخاطر التتريك والتهميش من قبل جماعة الاتحاد والترقي في مطلع القرن العشرين .
2ـ معاهدة سايكس ـ بيكو 1917م التي جزأت الوطن العربي .
3ـ انتكاسة ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 القومية في العراق .
4ـ نكبة فلسطين عام 1948م .
5ـ شهد الطموح الوحدوي نقلة نوعية بإنضاج التوجه القومي التحرري لثورة مصر ، وقد جاء تأميم قناة السويس متوجا" لتوجهاتها القومية الوحدوية .
6ـ كثرة المؤامرات الأمريكية وحلف بغداد والتهديدات التركية .
هكذا تكون سوريا قد عاشت خلال السنوات الممتدة ما بين إعلان الاستقلال عام 1946م وقيام الوحدة المصرية السورية عام 1958م سنوات حافلة بالحراك السياسي الشعبي النشط ، تغيرت خلالها موازين القوى واحتلت الأفكار العربية مركز الصدارة وبقيت سوريا قلب العروبة النابض وما أن جاء عبد الناصر وجسد هذا الفكر الحيوي حتى أصبحت سوريا قاطبة مع الحراك السياسي الوحدوي المطالب به من قبل الشعب السوري ، فكان حتما" للوحدة أن تتم ولم يكن باستطاعة أي رجل أو حزب توقيف قطار الوحدة ، فكانت الوحدة أروع تجربة في العصر الحديث .
التفاعلات بين القطرين التي مهدت للوحدة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1شارك البلدين في إقامة منظمة للدفاع والتعاون الاقتصادي العربي المشترك يرتكز على الأمور التالية :
ا الالتزام باشتراك الدولتين في صد أي عدوان على إحدى الدولتين .
ب إنشاء قيادة مشتركة دائمة تشرف على تدريب القوات العسكرية وتسليحها وتنظيمها وتوزيعها وتنسيق الصناعات الحربية.
ج عدم قيام أي دولة بعقد اتفاقيات عسكرية أو سياسية دون موافقة الدولة الأخرى.
د دعم الاقتصاد بين الدولتين تمهيدا لتحقيق الوحدة الاقتصادية.
ه إنشاء مصرف عربي يصدر نقدا عربيا موحدا .
و إعادة النظر في نظام التبادل التجاري وتوطيده بإعفاء المنتجات والمصنوعات المحلية من الرسوم الكمركية أو تخفيفها إلى أدنى حد.
ز تشجيع تأليف شركات مساهمة برؤوس أموال عربية مشتركة للقيام بمشاريع زراعية وصناعية وبأعمال الملاحة الجوية والبحرية والتامين وغيرها.
ح تأليف مجلس اقتصادي عربي لتوجيه السياسة الاقتصادية .
ط تعهدت الدولتان بعدم عقد صلح منفرد مع المعتدي أو أي اتفاق معه دون موافقة الدولة الثانية كما نصت اتفاقية ((الدفاع المشترك))إنشاء ثلاث مؤسسات مشتركة لتوحيد الجيشين المصري والسوري : 1 مجلس اعلي،2 مجلس حربي،
3 قيادة مشتركة.
كما قضت بإنقاذ من القوات المصرية الضاربة لتعزيز المقدرة العسكرية السورية في مواجهة الحشود والتهديدات التركية والصهيونية,وفد 13101957 تم إيفاد قوات مصرية إلى سوريا لترابط على الحدود السورية الإسرائيلية.
ي قدت اتفاقية لإنشاء مصرف صناعي مشترك وإقامة شركات مشتركة للوصول إلى وحدة اقتصادية نظمت الكثير من الأنشطة الاقتصادية المشتركة.
ل في المجال الثقافي وقع الطرفان اتفاقية الوحدة الثقافية,,قضت بتوحيد المناهج الدراسية.
بعد تأميم قناة السويس في2671956 تميز بمد جماهيري يساند دواعي التوجه الوحدوي حتى غدت الوحدة على الأبواب فكانت وحدة 1958.
الدعوات السورية للوحدة مع مصر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1 في آذار 1955 تقدم وزير الدفاع السوري خالد العظم بمشروع مطور للاتفاق الثلاثي ( مصر, سوريا , السعودية )يجعل منه خطوة نحو الوحدة الدستورية.
2 في لقاء الوفود السورية مع عبد الناصر أوضح عبد الناصر انه لايحبث إجراء متسرع نحو الوحدة وأكد ضرورة السير بخطوات متأنية بإقامة وحدة عسكرية أولا لتامين سلامة الوطن العربي وبعد نجاح هذه الخطوة نبدأ بخطوات في المجال الاقتصادي والتشريعي والثقافي والاجتماعي.
3 في كانون الثاني1956 زار كل من أكرم الحوراني وصلاح البيطار من بين وفد المجلس النيابي السوري الذي زار القاهرة واتصلا بعبد الناصر حيث توفرت لديهما القناعة بتوفر الظروف الموضوعية والذاتية الميسرة لاتحاد القطرين و رأوا السبيل لتحصين سوريا ضد المؤامرات الخارجية والصراعات الداخلية.
4 بمناسبة عيد الجلاء السوري في 1741956انطلقت مظاهرات شعبية سورية تهتف للوحدة بين مصر وسوريا ((مصر وسوريا يا ناس....هي للوحدة أساس))وعكفت قيادة البعث على دراسة قضية وحدة سوريا ومصر,وأخذت صحف الأحزاب القومية تدعوا للوحدة في مقالاتها وتطلب إقامة((ميثاق قومي)).
5 في 571956اتخذت الحكومة السورية برئاسة العسلي قرارا بتشكيل لجنة وزارية تبدأ المفاوضات مع مصر لإقامة اتحاد فدرالي بين القطرين.
6 في يوليو عام1957 تقدم الرئيس شكري القوتلي بمشروع إقامة اتحاد فدرالي بين مصر وسوريا تحت اسم (الدولة العربية المتحدة)ويقضي بتوحيد الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية وإقامة جمعية تأسيسية ومجلس تنفيذي وتشريعي.
7 في مطلع عام 1957وبعد إن انكشفت المؤامرة التي يتزعمها منير العجلاني بدعم من حزب بغداد سافر وفد وزاري سوري مؤلف من خالد العظم وصلاح البيطار وفاخر كيالي إلى القاهرة واقترح محمود رياض السفير السوري في دمشق تكلف رئيس الوزراء السيد صبري العسلي بطرح الموضوع على عبد الناصر فاخبره بان الرأي العام المصري ليس مهيأ بعد لفكرة الوحدة وانه يرى التمهيد لذالك بعقد اتفاقيات عسكرية واقتصادية وثقافية وتشريعية وان إتمام الوحدة يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل.
8 غير إن صيف عام 1957شهد تحولا دراميتيكيا سريعا في المنطقة بدأت بانفكاك السعودية عن اتفاقها مع مصر وسوريا عقب لقاء إيزنهاور بالملك السعودي وقبول النظام الأردني بالمشروع الأمريكي وغدا لبنان والعراق بؤر للتآمر ونشطت أجهزة المخابرات الأمريكية وبذالك اشتد الحصار على سوريا ولاحت في الأفق احتمالات صدامات مسلحة مع إسرائيل وتركيا ولم يعد في سوريا من شخصية أو تكتل سياسي يستطيع الاحتفاظ بدور على المسرح مالم ينادي بالوحدة مع (مصر عبد الناصر) وعقدت قيادة البعث اجتماعا مهما طالب العسكريون فيه أقامة انقلاب وطلب الوحدة مع مصر إلا إن القيادة السياسية لم تستطيع تحمل كامل المسؤولية في ظروف سوريا الراهنة.
9وما أن انتخب أكرم الحوراني رئيسا لمجلس النواب خريف عام 1957حتى عقدت جلسة مشتركة بدعوة من لفيف من مجلس الأمة المصري لحضور اجتماع مجلس النواب وصدر بيان مشترك بين نواب سوريا ومصر يدعو للاتحاد الفدرالي وحضر بعض النواب السوريين اجتماعات مجلس الأمة المصري وقد تدارس قادة البعث أن يقوم الحزب بنشاط في صفوف الضباط لتحريك المطلب الوحدوي رغم أن عبد الناصر ما زال متحفظا.
10 أشارت بعض التقارير إلى اتصال سعودي بالقوتلي وأمريكي بعبد الحميد السراج رئيس الشعبة الثانية استهدفا فك ارتباط سوريا بمصر مقابل تحالفهما مع السعودية وتلقي الدعم والسلاح من أمريكا وعلى اثر ذالك سافر حافظ إسماعيل إلى دمشق واتصل به صلاح البيطار وأوضح لهم قلق عبد الناصر من التهديد الخارجي وأوضاع سوريا الداخلية فاتصل الأخير بأكرم الحوراني واحمد عبد الكريم وأمين النافوري وافهمهم أن الوحدة في أعناق القيادة وعقد المجلس العسكري اجتماعه بدعوة من رئيس الأركان ( البزري ) ليلة 1111958وقرروا تشكيل وفد عسكري لعرض الوحدة الاندماجية مع مصر ورغم مشاورة ممثل مصر في القيادة المشتركة عبد المحسن أبو النور بتأجيل السفر ألا أن المجلس العسكري سافر مساء نفس اليوم على طائرة عسكرية إلى القاهرة.
11 في نفس اليوم اجتمع كل من رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس الوزراء صبري العسلي ورئيس مجلس النواب أكرم الحوراني وفاخر كيالي وخالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري وامين النافوري وعبد الحميد السراج ووزير الدفاع خالد العظم وطرحوا سفر الوفد العسكري وطرح الوحدة مع مصر فأيد القوتلي الوحدة الشاملة حتى لا يبدؤوا إمام العسكريين بالتردد إزاء الوحدة وتقرر إيفاد صلاح البيطار إلى القاهرة ليعطي تحرك المجلس العسكري طابعا رسميا وكان يحمل مشروع اتحاد فدرالي,وعندما وصل الوفد إلى القاهرة كان عبد الناصر في أسوان فاتصل بهم عبد الحكيم عامر وكرر عليهم التحفظات المصرية على التسرع في أقامة الوحدة.
12في مساء 1411958التقى عبد الناصر بوفد سوريا العسكري وافهمهم أن كثير من الأمور في الوضع السياسي السوري تشكل عبئا على الوحدة وأفاض باستعراض المشاكل والتحديات المتوقعة وطالبوه بان لا يتخلى عن سوريا التي علقت آمالها على مصر وعله شخصيا واخبرهم بان في سوريا أحزاب وان مصر خالية من الأحزاب وأصر الضباط السير باتجاه الوحدة واثبتوا لعبد الناصر استعدادهم لترك مناصبهم في الجيش.
13 دعا عبد الناصر إلى اجتماع القيادة المصرية بمن في ذالك أعضاء مجلس قيادة الثورة وعرض عليهم مطلب الضباط السوريين وفضلت الأغلبية الاتحاد الفدرالي على الوحدة وقال عبد الناصر انه لا يمكن أن يظهر أمام الشعب العربي معارضا للوحدة وبعد دراسة وافية للتقارير المطروحة أمامه ومن منطلق الإدراك بالمخاطر الخارجية المحيطة بسوريا قرر قبول الوحدة.
14 في اللقاء الثاني مع الضباط السوريين ابلغهم استعداد القيادة المصرية لقبول الوحدة أذا تحققت الشروط التالية:
ا حل الأحزاب السورية.
ب عدم تدخل الجيش السوري في السياسة.
ج استفتاء عام على الوحدة في القطريين المصري والسوري
واتصلوا بأعضاء المجلس الباقين في سوريا ونقلوا مطالب عبد الناصر فوافق المجلس العسكري باجمعه على شروط عبد الناصر فقال لهم ((لنتوكل على الله)) وقرأ الفاتحة مع أعضاء الوفد ودعوا أن يبارك الله هذه الخطوة.
15عشية عودة البيطار والضباط من القاهرة يوم 2211958اجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وبحضور اكرم الحوراني رئيس مجلس النواب وعفيف البزري رئيس الأركان ومعاونيه الأربعة وتحدث القوتلي عن المشروع وطلب العظم تأجيل الاجتماع إلى اليوم الثاني لاستكمال الدراسة فاجتمعوا وقرروا جميعا قبول الوحدة مع مصر مع تحفظ خالد العظم ويلاحظ أن أي من المسؤولين لم يستدعي مجلس النواب للاجتماع لان طلب الاستفتاء الشعبي تجاوز صلاحية النواب.
16 في 2511958توجه صلاح البيطار إلى القاهرة يحمل موافقة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب على شروط عبد الناصر.
17 سافر الوفد السوري إلى القاهرة برئاسة القوتلي يوم3111958واجتمعت قيادة البلدين وتحدث القوتلي أن الغاية أقامة نواة لوحدة عربية وبات مقتنعا أن الظرف الدولي مساعد لقيامها,وبمقدار ما تقدم مذكرات خالد العظم الذي يبدوا انه الوحيد المعارض للوحدة المنادي بالاتحاد ,على انفتاح عبد الناصر وايجابيته اتجاه مخالفيه في الرأي والجو الودي الذي ساد المحادثات وقناعتهم بنهج عبد الناصر وأسلوبه بالحكم وتشكلت لجنة لصياغة القرار حيث قام جميع أعضاء الوفدين بالموافقة على التوقيع على قيام((الجمهورية العربية المتحدة)).
18 عقد مجلس الأمة المصري جلسته وأعلن موافقته ,وفي دمشق عقد مجلس النواب جلستين ووافقوا على الاستفتاء الذي حدد إجراءه يوم الجمعة 2121958.
19 في يوم الجمعة 2121958اجري الاستفتاء في مصر وسوريا على الوحدة وانتخب عبد الناصر رئيسا لها واعتبر شكري القوتلي كما أراد هو المواطن العربي الأول في الدولة الجديدة,وكانت النتائج كما يلي:
1مصر
عدد الناخبين الذين دعوا للاستفتاء 343 220 6
عدد المشاركين منهم 259 014 6
ورقة باطلة 884 1
المشاركين بواقع 13 , 98%
الموافقين على الوحدة بواقع 99,99% من الحضور.
2سوريا
عدد الناخبين الذين دعوا للاستفتاء 157 431 1
عدد المشاركين منهم 070 213 1
ورقة باطلة 72
المشاركين بواقع
الموافقين على الوحدة بواقع
وفي 23 شباط 1958اعلنت هذه النتائج , وبدأت الحياة العملية(( للجمهورية العربية المتحدة )) وألقى الرئيس جمال عبد الناصر خطابا قوميا اعتبر قيام الوحدة ردا على التجزئة وقيام إسرائيل وبداية التخلص من السيطرة الأجنبية ونهاية الضعف وانه لا فراغ في الشرق الأوسط ولا مناطق نفوذ.