كلمة المناضل - لمــــاذا أقـــــول نـعـــم ؟؟ - عددان
كلمة المناضل العدد 251 ت 2 ـ ك 1 1991
لمــــاذا أقـــــول نـعـــم ؟؟
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
منذ أن أقرت القيادة القطرية السورية ترشيح الرفيق حافظ الأسد الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية العربية السورية لولاية دستورية رابعة وأقر مجلس الشعب السوري هذا الترشيح وأعلن يوم 2/12/1991 يوما للاستفتاء ، وأنا أفكر كيف أستطيع أن أقول نعم لحافظ الأسد ؟ واستعصى عليّ جواب هذا السؤال لأن القانون في سورية لا يعطيني هذا الحق فأنا لست من العرب السوريين أو من في حكمهم ، وكنت أتمنى أن لا يكون هذا الجواب من خلال أنظمة وقوانين سنت في عهد البعث .
واتجه تفكيري إلى طريقة أخرى في السؤال ، لماذا أقول نعم لحافظ الأسد ؟؟ فهذا منطقي أكثر وجوابه أيسر ..
أأقول نعم لأن حافظ الأسد أمينا عاماً للحزب ؟؟ ربما ، فهذا ( يشكل جزءاً من التزامي بالحزب وقراراته ومؤسساته التزاماً طوعياً منذ ما يزيد على خمسة وثلاثين عاماً ، مع أنه مرت علي وعلى رفاق آخرين فترات سابقة ترددنا فيها عن قول نعم لإمناء عامين للحزب سبقوا حافظ الأسد .
وهل أقول نعم لأن حافظ الأسد يحظى بإجماع السوريين على اختلاف مشاربهم لأنه حقق لهم الاستقرار والتقدم والازدهار والنمو والطمأنينة ، وأشعرهم بالعزة والتفاؤل ، وحقق لهم المنعة ، وأثار فيهم كل الصفات العربية الحميدة التي كادت سنوات الزمن الثقيل والتخلف والقهر والاحتلال والتجزئة أن تطمس معالمها .
ربما يكون ذلك ، ولم لا ؟ فأنا كبعثي عربي اعتبر سورية جزءاً من وطني العربي الكبير الذي انتمي إليه وشعبها جزء من الشعب العربي الذي أعتز بانتسابي له وأي خير يصيب سورية يصيب العرب وأي رفعة لسورية تضيف درجة إلى رفعة وطني ، وهذا ما يسعى له البعث والبعثيون ..
لكن ما أفكر به أكثر من هذا ..
صحيح أن سورية حققت في عهد ثورة آذار عام 1963 وعلى وجه الخصوص بعد الحركة التصحيحية التي قادها الرفيق حافظ الأسد ومنذ عام 1970 حتى الآن حققت إنجازات يصعب حصرها ، وتقدمت في سلم الحضارة والتقدم والبناء والنمو خطوات ميزتها على دول العالم الثالث على الرغم من مواردها المحدودة ، وأعبائها الضخمة خصوصاً العسكرية منها ، وإنجازات سورية في عهد البعث وحافظ الأسد في مجال البنية الاجتماعية والتنظيمية والتعليمية والاقتصادية والسياسية وغيرها قد وضعتها في مصاف الدول المتقدمة ، كل ذلك صحيح . لكن الأهم من ذلك كله الآن وفي مرحلة التغيير الهائل الذي شمل العالم هو مواجهة المستقبل والتعامل مع متغيرات الحياة السياسية والاقتصادية بشكل يحافظ على ما تم بناؤه ويتقدم به ويرقى ليعطيه فعالية وحيوية تستطيع الاستمرار وتحقيق التقدم والثبات في عالم متغير .
وعندما أرى ويرى العالم بأسره أن سورية كلها تقول نعم لحافظ الأسد ، فإنما تقول نعم لسياسة مستقبلية تحافظ على الحقوق ، وتتمثل أهداف الأمة التي فطر عليها حافظ الأسد منذ أن انتسب إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي ، سياسة الاستمرار في النضال لتحقيق الوحدة العربية ، وتحقيق العدالة وحرية المواطنين العرب أينما كانوا ، وسياسة المحافظة على الحقوق القومية والنضال من أجل استرداد الأرض التي اغتصبها المحتل ، وسياسة الوحدة الوطنية التي تجعل من سورية جداراً صلباً متماسكاً لا يخترقه الأعداء .
وباختصار فإن نعم تعني سياسة المحافظة على الأخوة والأشقاء والأصدقاء وفرض الاحترام على الأعداء . وهذا فقط يحقق لسورية وشعبها وأمتها ما تسعى له ، ويجعل سورية للسلام العادل بقدر ما هي للصمود ورفض الاستسلام .