كلمة المناضل - الافتتــــــــاحيــــــــــة حسابات الانتصار في المعركة المقبلة
كلمة المناضل العدد 150 تموز 1982
الافتتــــــــاحيــــــــــة
حسابات الانتصار في المعركة المقبلة
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
ما تزال مسألة الغزو الصهيوني للبنان تحتل المرتبة الأساسية في اهتمامات الرأي العام العربي والتقدمي على وجه الخصوص وتحتل كذلك محاولات الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية لتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان وفي أجزاء أخرى من الوطن العربي تحتل مرتبة أولى في مسار هذه الغزوة . وكلما انقضى وقت أطول على الاجتياح إسرائيلي هذا تأكدت أهدافه ونواياه والتي سبق وان وضحها الحزب وتتمثل في:
1ـ القضاء على المقاومة الفلسطينية عسكريا ليتاح المجال أمام الخطوات الأخرى لكامب ديفيد حتى تمر دون مقاومة تذكر وغايتها فرض الحكم الإداري الذاتي على فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في ظل الاحتلال الإسرائيلي وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية .
2ـ تصفية الحركة الوطنية اللبنانية عسكرياً وإخضاعها للسيطرة الانعزالية الكتائبية .
3ـ إعادة تشكيل حكومة لبنانية في ظل السيطرة والهيمنة الإمبريالية الصهيونية تكون مهمتها توقيع اتفاق استسلام للعدو الصهيوني يضمن أمن الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة بالنسبة له مع إمكانية إحداث انقسامات طائفية عميقة وإعطائها الصفة الشرعية .
4ـ التوجه بعد ذلك نحو سورية الثورة في محاولة لضربها عسكرياً وسياسياً قبل استكمال وتحقيق هدف التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني ، وإخراج قواتها من لبنان والضغط العسكري والسياسي ، عليها في محاولة لالحاقها بمسيرة كامب ديفيد الاستسلامية ويتبين كذلك من مسيرة العمل السياسي والعسكري أن إسرائيل وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأميركية ماضية في تحقيق أهدافها المذكورة دون اخذ أي اعتبار لأي قرار كان لإدانتها أو الطلب إليها وقف ذبح المواطنين الأبرياء في بيروت من اللبنانيين أو الفلسطينيين ، ويجري ذلك كله مع تشديد الحصار يومياً على بيروت بتشجيع الولايات المتحدة الأميركية ودعمها وبالتعاون بين الكتائب والقوى اللبنانية وحتى الرسمية وقوات الاحتلال الصهيوني ، ولا يحرك العرب ساكنا وكان المسألة لا تعنيهم من قريب أو بعيد ، وتبقى النقطة الوحيدة المضيئة في هذا الظلام العربي موقف سورية وجيشها وشعبها بقيادة حزبها وقائد مسيرتها حيث يقدمون يوميا دما وعرقاً ومالا في سبيل صد الغزو ودحره ورفع راية النضال القومي العربية عالية في وجه الصهيونية الغازية وحليفتها الإمبريالية ، ومع معرفة الحزب الأكيدة أن التوازن هو لمصلحة العدو وان ما يقدم من تضحيات في هذه المعركة غير المتوازنة لن يحقق النصر النهائي على هذه الغزوة ولكنها ضريبة الحرية لا بد لنا من أن ندفعها حتى نحفظ للأجيال القادمة ما يمكن أن تستند إليه وتسترشد به لخوض المعركة الفاصلة مع العدو الصهيوني ولان الركون لإرادة الغزو والاعتداء ، لا يمكن أن يصدر عن أمة عريقة وشعب مكافح قدم للإنسانية حضارة وتاريخا زاخرا بالمآثر وبالانتصارات والبطولات وصفحات الفخر والاعتزاز .
إن معرفة الحزب وقيادته لهذه الحقائق يضاف إليها حقائق أخطر تتمثل في ضلاعة كثير من الأنظمة العربية ، وحتى بعض الأفراد والشخصيات في هذا الوطن العربي ضلاعتهم في المؤامرة على القضية القومية للامة العربية ومحاولاتهم تعميم الهزيمة السياسية والعسكرية التي لحقت بالنظام الفاشي في العراق لتعميمها على الوطن وعلى القضية المركزية في الصراع العربي الصهيوني .
إن معرفة الحزب الأكيدة لهذه المؤامرة الكبرى يجعلنا أشد ثباتاً وأكثر تمسكا بالموقف القومي النضالي الصلب الذي لا يخضع للابتزاز والضغط لأننا في البدء نعرف أن جميع هذه القوى والأنظمة الدكتاتورية ما هي إلا أدوات لقمع الجماهير ولا تعبر أبدا عن تطلعاتها وأمانيها ومشاعرها ، لذا فموقفها الخياني أو المتخاذل ليس له اعتبار في حساباتنا النهائية التي يمكننا بها وحدها خوض معركة حاسمة مع العدو والانتصار عليه.
ولان الوضع كذلك فحسابات المعركة الحاسمة مع العدو لا تنتهي في بيروت لأنها أساسا لم تبدأ بها ، ولئن خسرت المقاومة الفلسطينية موقعاً في معركة مع العدو ذلك لان القضية اكبر من أن تحسم بمعركة محدودة في ظروفها ونتائجها وأدواتها ، ولا بد من الإعداد للمعركة المقبلة في ضوء معطيات المعركة الحالية ونتائجها .