السفير - محطة أخيرة حكمة المستشارين
الثلاثاء 2-11-2010
محطة أخيرة
حكمة المستشارين
ساطع نور الدين
إنها الحرب، كما اقترحها يوما احد مستشاري امام اليمن، وكما أرادها مؤخرا احد مساعدي الرئيس الاميركي باراك اوباما. وهي لن تكون مختلفة عن جميع الحروب التي شهدتها تلك البقعة المنسية من كتب التاريخ، والتي لم يعرف فيها من هو المنتصر ومن المهزوم.
الطرود المفخخة التي انطلقت الاسبوع الماضي من اليمن وكادت تصل الى وجهتها في اميركا هي اعلان حرب من جانب تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، يهدف كما يبدو الى التخفيف عن المقاتلين على الجبهة الافغانية – الباكستانية وربما ايضا الجبهة العراقية، وإلى استدراج الاميركيين الى الجبهة اليمنية التي تحولت في الآونة الاخيرة الى خط امامي في المواجهة... علهم يقعون في الكمين الذي ينصب لهم هناك، فيشنوا حربهم الثالثة على ذلك التنظيم الاسلامي وخلاياه وشبكاته المستيقظة في شبه الجزيرة العربية.
ويبدو ان قرار فتح تلك الجبهة من قبل القائد انور العولقي ورفاقه يشبه الى حد بعيد اقتراح ذلك المستشار الذي طلب من آخر أئمة اليمن ان يعلن الحرب على اميركا فتضطر الى الرد بالغزو ثم الاحتلال الذي يمكن ان يشكل حلا للكثير من المعضلات اليمنية المستعصية.. فما كان من الامام الا ان وجه الى مستشاره الحكيم ذلك السؤال التاريخي: وماذا نفعل اذا انتصرنا على اميركا؟ وهو احتمال لا بد انه يرد الآن في بال قادة تنظيم القاعدة وتقديرهم للمواجهة الحالية، ويعدون العدة لإملاء شروطهم على الولايات المتحدة!
ولا يختلف ذلك الحوار الفذ بين الامام ومستشاره عن الحوارات التي تدور هذه الايام في اروقة الادارة الاميركية حول سبل الرد على ذلك الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة بواسطة الطرود الملغومة على اميركا، والذي هز اطمئنان الاميركيين، مسؤولين ومواطنين، ودفعهم الى التفكير باحتمالات تستلهم تجربة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ولغته الغوغائية، التي تقوم على استخدام القوة اولا، ثم مراجعة المبررات والاكلاف والعواقب على نحو ما فعل في افغانستان ثم العراق.. وعلى نحو ما كان ينوي ان يفعل في سوريا وإيران لو اتيح له البقاء في السلطة.
في واشنطن الآن هستيريا جماعية، ربما فرضتها ظروف المعركة الانتخابية الحاسمة والمقررة اليوم للتجديد النصفي للكونغرس، والتي لا يستبعد ان يكون العولقي، الذي يحمل الجنسية الاميركية، يتابع فصولها من مخبئه اليمني، ويعتبر انها فرصته للتأثير في مزاج الناخب الاميركي وخياره، الذي يود تنظيم القاعدة على الارجح ان يميل مجددا الى الجمهوريين.. هذا اذا لم يكن ذلك العولقي نفسه شريكا في الحملة على اوباما وإدارته الديموقراطية، التي يتوقع ان تمنى بهزيمة ساحقة في الانتخابات.
من عوارض هذه الهستيريا الاميركية، قرار اوصى به احد مستشاري الرئيس اوباما بتدمير القاعدة في اليمن، حتى ولو اقتضى الامر اجتياح بعض مناطق القبائل اليمنية التي يختبئ فيها قادة القاعدة، وعدم الاكتفاء بالغارات الجوية بواسطة الطائرات الموجهة او المساعدات العسكرية والامنية للحكومة اليمنية المترهلة.. لكن ذلك المستشار لم يوضح ما الذي يمكن ان تفعله اميركا باليمن اذا انتصرت في تلك الحرب؟