جمعية المقاصد وتفاعلها مع المجتمع في صيدا (أواخر عام 1974)
جمعية المقاصد وتفاعلها مع
المجتمع في صيدا
(أواخر عام 1974)
المحاضرون: الدكتور نزار الزين (رئيس المجلس الإداري)،
الدكتور حسن الشريف (مدير ثانوية المقاصد)،
الدكتور هشام البساط، (عضو المجلس الإداري)
كلمة التقديـم: الدكتور مصطفى دندشلي، (رئيس لجنة الدراسات الإنمائية)
* * *
يسرّ لجنة الدراسات الأنمائية أن تقدِّم في هذه الأمسية ثاني ندوة من ندواتها ومحاضراتها لهذا الفصل عن جمعية المقاصد الإسلامية وتفاعلاتها مع البيئة الصيداوية. وسيلي هذه النَّدوة محاضرتان: الأولى حول الأوضاع الاجتماعية العامة في صيدا، يقدمها في النصف الأول من كانون الثاني الأستاذ توفيق عسيران، مدير مصلحة الإنعاش الاجتماعي. والمحاضرة الثانية عن وضع التعليم في صيدا، يلقيها الأستاذ مصطفى الزعتري، مدير ثانوية صيدا الرسمية، في الأسبوع الأخير من كانون الثاني.
واسمحوا لي، في هذه المناسبة أن أعيد مرَّة أخرى وأعطي لمحة موجزة عن الأسباب التي دعت إلى تأسيس ووجود لجنة الدراسات الإنمائية والهدف من تأسيسها. لقد تكونت لجنتنا منذ ما يقرب من ثمانية أو تسعة أشهر. وهي تضم مجموعة متنوِّعة من شباب ومثقفي صيدا ذوي الاختصاص في المجالات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والزراعية والتربوية، بالإضافة إلى بعض الفعاليات النقابية والطلابية، وجمعية الأدب والثقافة والحركة الاجتماعية في صيدا وجمعية الكشاف المسلم.
الغاية من لجنة الدراسات الأنمائية، كما حدَّدناها منذ البَدء، هي الاهتمام الجِديّ بكل قضية من قضايا المجتمع الصيداوي وطرحها على بساط البحث والمناقشة والحوار الموضوعي، ووضع الدراسات لها ونشرها على نطاق واسع. وذلك انطلاقاً من فكرة أساسية وهي أنَّ محاولة تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي المؤلم الذي تعانيه صيدا، هذا إذا حصرنا حديثنا فقط في الواقع الصيداوي، يجب أن تنطلق من معرفة صحيحة لهذا الواقع، وأنَّ عملية التغيير يجب أن تتم لمصلحة الفئات الاجتماعية والمحرومة بالدرجة الأولى.
فنشاط لجنتنا لن يقتصر على إجراء الدراسات وأقامة النَّدوات وحسب. بل تهدف أيضاً إلى لعب دور محرِّك وفعَّال وضاغط في المساهمة الأساسية في عملية التغيير هذه.
وفي هذا المجال ومن ضمن نشاطاتنا وندواتنا، كان لا بد لنا أن نولي اهتمامنا بجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وبما يجري فيها. فالمقاصد كمؤسَّسة تعليمية وتربوية ليست بالنسبة للصيداوي كبقية المؤسَّسات التعليمية الأخرى. فالصيداوي كل صيداوي يعتبر المقاصد مقاصده وأن كل ما يتعلق بشؤونها وتطورها يهمه أمر معرفته وأعطاء رأيه فيها. إلى جانب ذلك المقاصد كانت تتأثر إلى حدٍّ كبير بالواقع الاجتماعي والسياسي لمدينة صيدا، كما أنها بدورها كانت تؤثر فيه تأثيراً عميقاً من نواحيه التعليمية والثقافية والاجتماعية والوطنية. وكلنا يعلم الدور الكبير الذي لعبته في هذا الصدد منذ تأسيسها، وأن الغالبية العظمى من مثقفي صيدا ومتعلميها وأخصائيها في الميادين العملية المختلفة هم من خريجي هذا المعهد، هذا الصرح العلمي العريق، ولو لم يكن وجود هذا المنبر العلمي، لما استطاع كثيرون منهم متابعة تحصيلهم العلميّ.
ولكن الواقع الصيداوي، إذا نظرنا إليه من النواحي التعليمية، فقد تطوَّر كثيراً وارتفع عدد المدارس الثانوية والمتوسطة والابتدائية الحكومية، ارتفاعاً ظاهراً وملحوظاً، وذلك تحت ضغط الظروف وازدياد حاجات الناس الضروريّة. وأصبح قسم كبير من فئات الشعب الصيداوي وطبقاته الوسطى يتجه أكثر فأكثر إلى هذه المدارس الحكومية المجانية، وبعض الطبقات الوسطى النامية والفئات الغنية تتجه إلى المدارس الأجنبية.
لذلك كانت تُطرح في العقد الأخير تساؤلات عديدة من قبل المقاصديِّين أنفسهم حول إمكانية استمرار المقاصد وتلبيتها حاجات البيئة الصيداوية، بالأسلوب التعليمي السائد اليوم والذي كان منذ زمن بعيد متبعاً فيها.
ومنذ سنتين ومع مجيء المجلس الإداري الجديد لجمعية المقاصد، حصلت تغييرات أساسية وجذرية في المنهاج التربوي وفي أوضاعها الإدارية الداخلية لا يمكن أن نقف منها، كمقاصديين وكصداويين، موقف اللاّمبالاة وعدم الاهتمام. وإذا نظرنا فقط إلى قضية التعريب وإلى إدخال أحدث الوسائل العلمية لتعليم اللغات الأجنبية، لأدركنا أن ما يجري هو بوادر "ثورة" تعليمية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ما هو المنهاج التعليمي الجديد وأسسه التربوية؟.. هذا ما يجيب عنه الدكتور نزار الزين… وغندما نقول منهاج تعليمي جديد، يجب أن نحدِّد منذ البَدء الفئة الاجتماعية التي سيتوجه إليها، وهذا ما سيحدثنا عنه أيضاً الدكتور حسن الشريف… كما أنه سيحدثنا أيضاً عن الأوضاع الإدارية الداخلة الجديدة، أما الناحية المالية وهي أساس ومعتمد كل عملية تغيير في هذا المجال، فهذا ما سيحدثنا عنه الدكتور هشام بساط. عضو المجلس الإداري…
* * *
ملاحظة: هذه الندوة عن جمعية المقاصد لم تُعقد لتعذُّر مجيء الدكتور نزار الزين من بيروت بسبب الاشتباكات المسلحة وقطع الطرق والاضطرابات الأمنية العنيفة التي وقعت في بيروت.