السفير - «نجاد يوجّه بالزيارة تحذيراً لإسرائيل من ضرب المنشآت الإيرانية»
السبت 16-10-2010
«نجاد يوجّه بالزيارة تحذيراً لإسرائيل من ضرب المنشآت الإيرانية»
تسـاؤلات غربيـة: «لمـاذا يحبـون إيـران؟» «رمزية» بنت جبيل وأخطاء السياسة الأميركية
مازن السيد
الجنوب، وبنت جبيل في الدرجة الأولى، كانا محطّ اهتمام فائق للتقارير الغربية، التي استرسلت في سرد رمزية المدينة و«الزيارة المقدسة» كما وصفتها «كريستيان ساينس مونيتور». وحاول الصحافيون والمحللون الغربيون، أن يعلّلوا «التقدير اللبناني لإيران» الذي نقلوه خلال زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد للجنوب. فذكّر الخبير الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، خوان كول، برفض واشنطن وقف إطلاق النار خلال عدوان تموز 2006، فيما سلّط «مجلس العلاقات الخارجية» الضوء على «الفراغ» الذي تركته الحكومات اللبنانية المتتالية في مناطق الغالبية الشيعية.
واستفزّ اقتراب نجاد من حدود الدولة العبرية، عدداً من الصحف الأميركية، كـ«لوس انجلس تايمز» التي ذكرت أن «رئيس ايران المثير للجدل، سافر إلى مسافة بعض أميال من عدوة أمته اللدودة اسرائيل». أما «مجلس العلاقات الخارجية» وفي مقال استعادته «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية في افتتاحيتها، فاعتبر أن «واقع ان يأتي نجاد إلى بعد خطوات عن بوابة اسرائيل، يحمل كماً هائلاً من المعاني. فهو يستفز اسرائيل، ويبعث في الوقت نفسه، رسالة تحذير من أي ضربة إسرائيلية استباقية ضد منشآت ايران النووية».
الأصوات الاسرائيلية نقلتها «نيويورك تايمز» التي ركّزت على ردّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو «من موقع إعلان دولة اسرائيل في العام 1948 بقوله إن الجواب الأفضل (على كلام نجاد) أتى من هنا قبل 62 عاماً، مضيفاً لكل هؤلاء الذين يظنون أن الصهيونية ستختفي، بالقول إنه ليس باقياً فحسب، بل يصبح أقوى»، ورأت في إعلان الجيش الاسرائيلي انتهاء المناورات الجوية المشتركة مع اليونان «تأكيداً» لما قاله نتنياهو عن «مواصلة اسرائيل للبناء والدفاع عن نفسها».
وفي معرض رؤيتها للزيارة الرئاسية الايرانية، على أنها «ترفع التوقعات بأن موقع الفصائل اللبنانية الموالية للغرب بدأ بالتفتّت»، قاربت الـ«واشنطن بوست» بين القلق الذي نقلته عن النائب أحمد فتفت من «أن يتحول لبنان إلى قاعدة ايرانية على شواطئ البحر المتوسط»، وما قاله المتحدث باسم نتنياهو، مارك ريغيف، عن تحول لبنان إلى «تابع لايران ومحور للإرهاب الإقليمي وعدم الاستقرار». لكنها أكدت أن «حدود اسرائيل مع لبنان ظلت هادئة فيما أبقت المروحيات وطائرات الاستطلاع الاسرائيلي من دون طيار عيونها على المنطقة»، فيما التقطت «كريستيان ساينس مونيتور» مشهد «البالونات الخضراء والبيضاء والحمراء التي حملتها نسمة المساء جنوباً نحو الحدود الإسرائيلية».
وعن بنت جبيل نفسها، ذكّرت «لوس انجلس تايمز» بأنه قد «أعيد إعمارها بفضل المال الايراني والقطري». «كريستيان ساينس مونيتور» التي كرّست مقالاً كاملاً للتذكير بالعلاقات التاريخية بين ايران وجبل عامل، استعرضت المجريات التي اعطت بنت جبيل «رمزيتها»، وكيف «أثبت مقاتلو حزب الله ثباتهم حتى استسلمت القوات الاسرائيلية، تاركة وسط المدينة مدمراً لكن تحت سيطرة المجموعة اللبنانية (الحزب)».
أما الصحافي البريطاني روبرت فيسك فكتب في «الاندبندنت»، قائلاً: «لأن زيارة الرئيس الإيراني كانت إلى بنت جبيل التي كانت مسرحاً لتدمير عشر دبابات إسرائيلية إبان حرب صيف 2006 فإنها تحمل رسالة واضحة وتذهب أبعد من تصريحات الوعيد التي وجهها لإسرائيل. قد يعتقد الغرب أنه لجم نجاد، بالعقوبات التي فرضها على مشاريعه النووية الغامضة. لكن ها هو هذا الرجل الصغير الذي انحنى له حتى أمين عام حزب الله نفسه السيد حسن نصر الله يوبخ الإسرائيليين من على مرمى حجر من حدودهم».
وفيما تذكر مراسلة «الغارديان» البريطانية أنه «فيما كان أحمدي نجاد لا يزال يتحدث، همست في أذن فتاة مراهقة كانت تجلس أمامي: من تفضلين؛ أحمدي نجاد أو نصر الله؟ فأجابت بسرعة نصر الله! إن نصر الله واحد منا»، يشير فيسك إلى أنه «عندما اقترب (نجاد) من مخيم برج البراجنة الفلسطيني، لوّح بيده تحية للفلسطينيين. لم يفعل ذلك أي رئيس غيره، حتى الرئيس اللبناني نفسه. قد يكون الأمر أداء مسرحياً. ولكنه حركة ذكية». أما المحللة لدى «معهد السياسة العالمية»، روثي أكيرمان، فتنقل عن «صديق لها يسكن في الضاحية (الجنوبية)» قوله إن «لا أحد يأتي إلى هنا»، معتبرة أنه «ليس من الضروري أن الكل هنا يحب نجاد، لكن وصوله يشكل أكبر الأحداث الاجتماعية في هذا العام».
محاولات لتشخيص «السبب» وراء الحفاوة التي لاقى بها الشارع اللبناني نجاد، نقلتها مجلة «اتلانتيك» عن الخبير بشؤون الشرق الأوسط، خوان كول، الذي كتب «على الأميركيين الذين تفاجأوا من التقدير اللبناني لايران، أن يتذكروا كيف عارضت إدارة بوش بنشاط وقف إطلاق للنار، كان بإمكانه أن ينقذ حياة مئات المدنيين اللبنانيين، ويوفر مليارات الدولارات. عندما يتم قصف بلد بشكل كثيف، وأنت تسعى لمنع وقف لاطلاق النار، يعني هذا أنك لست صديقاً لهذا البلد».
من جانب آخر، يتطرق المحلل لدى «مجلس العلاقات الخارجية»، محمد بزّي، إلى تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، عن «ولاء حزب الله لايران»، معتبراً أن «تحليل غيبس جزء من جهد إدارة اوباما، إلى جانب بعض المنتقدين العرب واللبنانيين لحزب الله، نحو تصوير الحزب على أنه وكيل ايراني». ويرى بزي أنه « من الخطأ أن يظن السياسيون الغربيون والعرب، أن بإمكانهم تقويض قاعدة حزب الله عبر التشكيك في هويته العربية واللبنانية».
ويوضح بزي قائلاً إن هذا «الخطأ الغربي والعربي» ينبع من «إساءة فهم للتاريخ الشيعي في لبنان، ولأسباب ارتباط الطائفة بحزب الله»، كما يرى أنه نتيجة «التقليد الطويل من الدولة اللبنانية، في إهمال الشيعة»، سمح «بوجود «دولة حزب الله» بسبب الفراغ الذي تركته الحكومات المتتالية في مناطق الغالبية الشيعية، كالبقاع والضواحي الجنوبية لبيروت»، لكنه أكد أن «حزب الله تخلى لاحقاً عن قضية تأسيس دولة اسلامية في لبنان المتعدد الطوائف».
وعن «الارتباط» الذي شدّدت عليه كل الصحف الغربية الكبرى في تغطيتها لزيارة نجاد، بينها وبين قضية المحكمة الدولية، رأت «ديلي تلغراف» البريطانية، أن «نجاد في الجنوب، لم يكن يظهر فقط ولاءه للميليشيا الإسلامية المفضلة لدى طهران. ولكنه كان يرسل أيضاً رسالة لا هوادة فيها لحكومة (رئيس الوزراء) سعد الحريري لإسقاط التهم الموجهة إلى حزب الله، أو مواجهة العواقب».
«لوس انجلس تايمز» اعتبرت أن «التحقيق المدعوم من الأمم المتحدة في الاغتيال (رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري)، قد رفع التوترات المذهبية، وحاول نصر الله كما نجاد أن يهدئوا الشيعة عبر حثهم جمهورهم الشاب بشكل كبير، خلال اليومين الأخيرين، على استمرار الوحدة مع اللبنانيين لمواجهة اسرائيل والطموحات الأميركية في المنطقة»، ناقلة عن نجاد قوله «لا شك في أن عدوكم يخاف من وحدتكم»، لكنها أشارات إلى انها «في بنت جبيل، قلة كانت في مزاج الوحدة. وكلما أتى متحدث على ذكر اسم الحريري، أصدر الجمهور صيحات الاستهجان».