كلمة المناضل - عدد - المشروع القومي طريق العرب إلى التحرير والوحدة
كلمة المناضل العدد 304 أيلول ـ ت1 2000
المشروع القومي طريق العرب إلى التحرير والوحدة
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
في أول كلمة سياسية عامة أمام القمة العربية الطارئة للرفيق الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية والأمين القطري للحزب في القطر العربي السوري ، قدم مشروعاً قومياً ملتزماً بقضايا الوطن والشعب والأمة العربية ، يهدف إلى صون الحقوق القومية العربية والحقوق الوطنية الفلسطينية مبتدئاً من الأساس الذي انطلقت منه الانتفاضة الحالية وليست الأخيرة في فلسطين المحتلة ، ومؤكداً تمسك سورية بالسلام القائم على العدل ، وهو سلام الأقوياء وليس سلام الضعفاء سلام الذين يودون معالجة القضايا المطروحة من الأسس التي انطلقت منها وليس معالجة النتائج السلبية المتراكمة الناجمة عن السبب الأساس وهو احتلال الأرض ، وتشريد الشعب ، وطمس الحقوق .
لقد نبه الحزب ومنذ اتفاقات كامب ديفيد أن القفز فوق القضايا الرئيسية المعلقة إلى القضايا الجزئية أصاب القضية القومية في مقتل ، وبسبب الظروف العربية والدولية التي مرت بها المنطقة في العقد الأخير من القرن الماضي وافقت سورية مع العرب على حضور مؤتمر مدريد للسلام ، أملاً في أن تواجه الأمة العربية مجتمعة ، العدو الصهيوني لاسترجاع حقوقها وأرضها ، ولكن الخطأ القاتل الذي انزلقت إليه بعض الأطراف العربية هو في عقد اتفاقات منفردة ومفرطة بالحقوق الأساسية غير مستفيدة من تجارب الماضي ، وكأنها أغمضت عينيها عن التاريخ الصهيوني البغيض المليء بالحقد والعنصرية ضد العرب ، والمتعطش أبداً إلى استلاب الأرض وتوسيع رقعة الكيان الصهيوني على حساب العرب وأرضهم ، ذلك إضافة إلى تسطيح القضية وتبسيط المشكلات والهروب من الغوص في عمق القضية إلى البحث عن قشورها ، بل والطلب من العرب أن يقيموا علاقات مع دولة العدو لتسهيل الأمر عليهم وعلى بعض القيادات الفلسطينية ، معتقدين أن ذلك يساعد إسرائيل على الثقة بهم والتنازل لهم لاسترجاع بعض الحقوق ، كل ذلك قاد إلى المأزق الذي وصلت إليه عملية التسوية والأزمة التي تحصد جماهيرنا نتائجها السلبية هذه الأيام .
إن ما قدمه الرفيق الرئيس إلى مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في دورة طارئة في القاهرة بين 21 ـ 22 / 10 /2000 يشكل مشروعاً قومياً نهضوياً يعيد الألق إلى التاريخ العربي ويستنهض الهمة العربية التي كادت المشاريع الصهيونية والامبريالية والضغط الأميركي أن يطيحوا بما تبقى منها ، وفي محاولة فرض المشروع الصهيوني على المنطقة العربية .
إن قراءة موضوعية للواقع العربي الصهيوني خصوصاً بعدما شهده الوطن من تحرك جماهيري عام شمل كل مدينة وقرية في هذا الوطن من المحيط إلى الخليج وحرك قوى سياسية خارج الوطن لدعم النضال المشروع لجماهير الأرض المحتلة وموجة الغضب العارم ضد الصهيونية وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية التي نصبت نفسها راعياً وحيداً لعملية السلام كل ذلك يجب أن يقود العرب وخصوصاً قادتهم وقياداتهم إلى التفكر والتفكير بما يجب عليهم القيام به من واجب تجاه أجيالهم القادمة وعلى الأقل حيال تاريخهم الخاص .
إن مسؤولية القوى القومية والوطنية أحزاباً ومنظمات جماهيرية وشعبية ، ومؤسسات حكومية ورسمية تعتبر مسؤولية كبيرة في هذه الأيام خصوصاً بعدما تكشف الزيف الذي حاولت الصهيونية وحلفاؤها تقديمه لبعضهم بان قيادة الدولة الصهيونية الآن هي قيادة السلام ، لقد مهدوا لباراك رئيس الوزراء الحالي للعدو قبل انتخابه على أنه " رجل السلام القادم وبعد فوزه مباشرة أعلن لاءاته المشهودة " لا لحدود الرابع ممن حزيران " " لا للانسحاب من القدس " " لا لوقف الاستيطان الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة " " لا لدولة فلسطينية " ثم قال بعد ذلك " لا لتدخل أميركي " في المفاوضات مع الفلسطينيين .
لقد أكد الحزب على أن التفريط والتنازل يبدأ بخطوة صغيرة ثم تتسع هذه الخطوة كي تشمل الأهداف الأساسية والقضايا الجوهرية ما لم نجد من يتصدى لها ويعيد مسيرة العمل إلى طريقها الصحيح ، وها نحن اليوم في حزب البعث العربي الاشتراكي ومع جماهير الأمة العربية وقواها القومية والوطنية والتقدمية نقف جميعاً ويحزم كي نعيد للمشروع القومي العربي الثقة ونتصدى للهجمة الصهيونية الإمبريالية التي تستهدف وطننا وتاريخنا وحضارتنا ومقدساتنا ، ونعلن ذلك على لسان الرفيق الرئيس بشار الأسد بأننا نعيد للمشروع القومي العربي فكرياً وسياسياً واقتصادياً نعيد له الحياة ونعمل مع الجميع على وضع خطة عربية شاملة للنهوض به لأنه الأمل الوحيد الذي يحقق وحدة العرب ويعيد إليهم حريتهم وحقوقهم السليبة .