كلمة المناضل - عدد - الوحدة بداية والوحدة نهاية
كلمة المناضل العدد 286 أيلول ـ ت1 1997
الوحدة بداية والوحدة نهاية
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الدوحة الاقتصادي تتزايد الضغوط السياسية لاتمام انعقاده على الرغم من المعارضة الواسعة من معظم الدول العربية وغيرها لانعقاد المؤتمر . ومع وضوح المبررات التي تعارض انعقاد هذا المؤتمر ، ومنطقيتها ، وازدياد المخاطر والسلبيات التي تحيط بهذه القمة ، وما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج سيئة على معظم الدول العربية التي ستشارك فيه أو التي لم تشارك أو قاطعت المؤتمرات السابقة ، على الرغم من وضوح ذلك نرى في الجانب الآخر غموضاً وضبابية تحيط بالدعوات العربية الراغبة في انعقاد المؤتمر فالمبررات المطروحة المؤيدة له لا تعدو كونها أهدافاً سياسية إسرائيلية أو أميركية تسعى جميعها إلى جر العرب أو الدول المؤيدة للموقف العربي جرهم إلى حظيرة الموقف الإسرائيلي المدعوم وبشكل سافر من الولايات المتحدة الأميركية وتركيعهم هناك وابتزازهم سياسياً واقتصادياً لصالح المواقف والأهداف الإسرائيلية .
إن الإلحاح الأميركي المستمر على ضرورة عقد المؤتمر يهدف إلى أمور عدة أهمها : أولاً :
الخلاص من العبء الاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل على أميركا وتحويل هذا العبء إلى الدول العربية النفطية بطريقة أو بأخرى سواء كان عن طريق المشاريع المشتركة ـ ومعظمها إسرائيلي الهدف خليجي التمويل ـ أو عن طريق فرض التطبيع المباشر مع العدو الصهيوني وما سيتبع ذلك من انفتاح وغزو اقتصادي وسياسي إسرائيلي لتلك الدول العربية التي تفتقر إلى التكنولوجيا المتطورة والتي ستكون إسرائيل البديل الأول لتقديمها وما يتبع ذلك من إنعاش اقتصادي في إسرائيل بما يؤدي بالتالي إلى تخفيف العبء على الولايات المتحدة الأميركية المانح الأول للمساعدات لدولة إسرائيل وغيرها .
والهدف الثاني الذي تسعى الولايات المتحدة له هو جعل إسرائيل دولة شرق أوسطية مفتوحة الحدود مع الدول العربية كي يزداد الاستقرار في المنطقة بما يؤمن مصالح الولايات المتحدة وخصوصاً المصالح الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والعسكرية وتصبح الدولة الوحيدة في العالم التي لا ينازعها في الشرق الأوسط أي منازع ولا يهدد مصالحها أي طرف آخر .
هذا مع تذكر الهدف السياسي الاستراتيجي البعيد لكل من إسرائيل والولايات المتحدة من خلال المعاهدة الاستراتيجية المعقودة بينهما وتوافق المصالح وتقارب الأهداف بينهما حتى تكاد تصل إلى حد التطابق .
إن دعوة سورية الصريحة والواضحة لإلغاء هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات في إطار المتعددة الأطراف منذ انعقاد مؤتمر مدريد حتى الآن ، كان يهدف إلى وضع العربة خلف الحصان ، لاكما تهدف الصهيونية وحلفاؤها إلى عكس ذلك .
إن تحقيق التقدم على المسارات التفاوضية كلها ، وإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة ، وإقرار الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني حسب قرارات الشرعية الدولية ، وحده يؤدي إلى إقرار سلام عادل وشامل في المنطقة ، وهذا بالتالي يقود إلى علاقات اقتصادية وأمنية وغيرها بين إسرائيل والدول العربية المعنية ، أما إن تنجز إسرائيل أهدافها السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها دون أن تطبق المبادئ التي قام على أساسها مؤتمر مدريد ومباحثات السلام ودون أن تطبق قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 425 فذلك أمر لن تفرح إسرائيل وغيرها بتحقيقه ما دام لسورية وللجماهير العربية قيادة تهدف إلى وضع المصالح القومية العربية فوق كل الاعتبارات ، ومثل هذه السياسة التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي وأمنيه العام الرفيق حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية هي وحدها الكفيلة بالتصدي للأهداف الصهيونية العنصرية الإمبريالية وما يتفرع عنها ، وهي وحدها القادرة على تحقيق مستقبل أفضل للأمة العربية وجماهيرها في هذا الوضع العالمي المعقد .
إن الحالة التي تمر بها الأمة العربية تحتاج إلى جهود كافة أبنائها وقياداتها ودولها وفي هذه الحالة فإن وحدة القوى السياسية والجماهيرية والشعبية ضرورة قومية تفرضها المصلحة الأساسية لاستمرار العيش الكريم لأبناء هذه الأمة . وادعاد المصلحة القطرية أو الوطنية تفرض أول ما تفرض النظر إلى المصلحة القومية العليا بعين الاعتبار ، إذ لا خلاص فردي دون الخلاص القومي أو بمعزل عنه ، ومن يفكر غير ذلك مخطئ ولديه قصر نظر لا حدود له . فقوة العرب في وحدتهم ، وخلاصهم في وحدتهم وحريتهم وكرامتهم في وحدتهم أيضاً .