صيداويات - حوار صريح مع المحامية مايا مجذوب
حوار صريح مع المحامية مايا مجذوب
صيداويات - الأربعاء 22 أيلول 2010
هيثم زعيتر - اللواء:
يعيش الفلسطينيون في لبنان لاجئين منذ 62 عاماً، تاريخ نزوحهم القسري عن بلادهم بعد الإحتلال الإسرائيلي لها منتصف العام 1948، حيث تواصل توافدهم إلى لبنان على عدة دفعات، وبالتالي فإن طريقة تعاطي الدولة اللبنانية و«الأونروا» متفاوتة بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، فيما هناك من نزحوا بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عرف بفاقدي الأوراق الثبوتية..
يتوزع الفلسطينيون في لبنان على مخيماتٍ أنشأتها وكالة «الأونروا»، بقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة يتوزع عليها الفلسطينيون الذين لا يوجد إحصاء دقيق حول عددهم الحقيقي، وإن كانت إحصاءات «الأونروا» تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية على عدة مراحل أو جنسيات أجنبية، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان..
الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، فكيف يُمكن أن يعيشوا بما يُطمئن اللبنانيين من عدم توطينهم ويكفل لهم حق العودة؟
من هنا تبرز التساؤلات:
- لماذا الإصرار على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ «الجزر الأمنية»، فيما أكد كل من تسنى له زيارتها، أنه لا يُمكن لأي كان الإقامة فيها نظراً للواقع المعيشي والإجتماعي الصعب، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص وكالة «الأونروا» لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن على أهلها؟
- هل أن إقرار منح الفلسطيني إجازة عمل بدون رسوم، هو «الترياق» الذي انتظره الفلسطينيون كل هذه السنوات، والتي يبقى مدى حسن تنفيذها خاضع لاستنسابية وزير العمل، بينما لم يسمح له العمل بالمهن الحرة، وما زال محروماً من حقوقه الانسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية، ولم يعد له حق تملك شقة التي كان معمولاً بها الى ما قبل 10 سنوات، ولم يوطن الفلسطيني خلال 50 عاماً، وبالتالي ما زال محروماً من توريثها لأولاده؟
- لماذا توقيت إقرار هذا الجزء اليسير من الحقوق الآن، وما هي الإعتبارات التي أملت التسوية، وأليس الأجدى أن تُعالج الحقوق كمسألة حقوقية وليس سياسية، حيث اعتبر ما أقر.. بين انجاز شكلي وخطوة منقوصة، ولكن على طريق الألف ميل؟
- لماذا تتعاطى غالبية أطياف المجتمع اللبناني الممثلة في المجلس النيابي مع الحقوق الفلسطينية «بإزدواجية»، فتتبنى الحقوق خلال اللقاءات المغلقة، وتتخذ مواقف مغايرة لدى اعلان مواقفها؟
- ما هي العقبات التي تحول دون تسمية وزير دولة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من استمرار وضع الملف ضمن مديرية اللاجئين؟
- ما هي حقيقة ما يتم تداوله عن نية البعض ربط إقرار الحقوق الفلسطينية بمصير السلاح الفلسطيني وادخاله ضمن المقايضة؟
- كيف يُمكن أن يواجه الفلسطيني مشاكله مع عدم إعطائه حقوقه ومطالبته بواجباته؟ وما هي النظرة المستقبلية للتعاطي مع الملف الفلسطيني؟ وهل يكون للتحركات نتائج تُترجم عملياً بما يضمن العيش الكريم للفلسطينيين ويطمئن اللبنانيين، في ظل سعي المجموعات الإرهابية المتطرفة، التغلغل داخل المخيمات، على غرار ما حصل في مخيم نهر البارد يوم خطفته، ونفذت اعتداءً على الجيش اللبناني، ولم تكتمل عملية اعادة بنائه، بحيث تستوجب مواجهة هذه المجموعات تعاوناً لبنانياً وفلسطينياً؟
- هل هناك من هو متضرر من الرفض الفلسطيني للدخول في أتون الخلافات اللبنانية الداخلية؟
- لماذا توقيت الموقف الذي أعلنه نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني ايالون، بالإشادة بقرار الحكومة اللبنانية إعطاء حقوق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعوته «أن تحذو دول عربية أخرى حذو لبنان والتوصل لإعطاء الفلسطينيين الذين يعيشون في بلادهم حقوقهم الكاملة»، واعتباره «أن هذه ليست سوى خطوة صغيرة طال انتظارها على طريق اعطاء الجنسية للفلسطينيين وتوطينهم في لبنان، وفي أماكن أخرى حول العالم»، والتي تعزز الهواجس التي أبداها البعض وبررها برفضهم اقرار الحقوق الفلسطينية؟
لقد أجمعت مختلف القيادات والقوى الفلسطينية على مختلف مشاربها، من أن الفلسطيني لن يُشكل خطراً على لبنان.. وترى أن اقرار حقوقه عبر قوانين في مجلس النواب اللبناني، هو المدخل الطبيعي السليم لتحسين العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، لأن اقرار هذه الحقوق يُساعد على الصمود ومواجهة مشاريع التوطين أو التشتيت، أو أن يكون له وطن بديل عن فلسطين، فهو ضيف مؤقت في لبنان الى حين العودة الى وطنه فلسطين..
ولهذا، فإن الحوار اللبناني - الفلسطيني كفيلٌ بإزالة الهواجس، وخصوصاً أن استمرار المضايقات والحالة «المزرية» التي يعيشها الفلسطينيون لجهة الوضع الإنساني والاجتماعي، لا يُمكن أن تستمر طويلاً، كما أن ذلك يسيء الى صورة لبنان مثلما يسيء للفلسطينيين الذين لا يريدون أن يكونوا جزءاً من النسيج السياسي والسيادي اللبناني، مع تأكيدهم على التمسك بحق العودة وفقاً للقرار الدولي 194، لأن الحقوق الانسانية يجب أن تحل «رزمةً» واحدة ودون تقسيط..
وفي موازاة ذلك، فإن الوحدة هي مطلب فلسطيني، وهو ما يستوجب تعزيز العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، ويبدأ ذلك بالحوار بين جميع الفصائل والقوى الفلسطينية، لأن لغة الحوار تُكرس الديمقراطية في الحياة السياسية، بحيث يُساهم الموقف الفلسطيني الموحد في تحقيق المصلحة الفلسطينية ومعالجة المشاكل الأمنية التي تهدد الفلسطيني كما اللبناني، مع العلم بأن الإختلاف في وجهات النظر لا يمنع الحوار الديمقراطي البنّاء، فالخلاف لا يعني الفراق والإقتتال، بل يُمكن أن يتم تكثيف الجهد لتنسيق الموقف توطئةً لتوحيده..
«اللـواء» تفتح على عدة حلقات، ملف الهاجس الكبير للواقع الفلسطيني في لبنان.. وتلتقي في الحلقة الثانية عشر رئيسة «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» المحامية مايا غسان مجذوب، في أول حوار صريح تحدد فيه عمل اللجنة وخططها للمرحلة المقبلة...
الحوار بدأ فعلاً
برأيك متى سيبدأ الحوار اللبناني مع الجانب الفلسطيني؟
- إن الحوار اللبناني - الفلسطيني قد بدأ فعلاً مع اقرار الحكومة اللبنانية في العام 2005 سياسة جديدة خاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد قامت هذه السياسة على ضمان سيادة لبنان على أراضيه بتأمين ظروف العيش الكريم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حتى عودتهم بحسب قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، وقد شكلت الحكومة اللبنانية «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني»، والتي أدت الى شق قنوات رسمية لتحسين العلاقات بين اللاجئين الفلسطينيين والدولة اللبنانية، وبناء ثقة أكبر بين الجانبين.
- وقد عمدت اللجنة الى التشاور مع كافة الأحزاب وهيئات المجتمع المدني اللبناني والفصائل الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية اللبنانية والفلسطينية، وحرصت على تعزيز الحوار والتعاون بين هيئات المجتمع المدني اللبناني والفلسطيني.
- لا وجود لوفدين
- هل سيكون ذلك مع وفد من «منظمة التحرير» أم وفدين من المنظمة و«تحالف القوى الفلسطينية»، أو وفد مشترك فيما بينهما؟
- لا وجود لوفدين فلسطينيين، لأن المسألة ليست مفاوضات، وإنما استشارات وتشاور يتناول حياة اللاجئين الفلسطينيين اليومية في لبنان، وتعتبر ممثلة «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان، شريكاً أساسياً للجنة بالإضافة الى التعاون والتنسيق مع كافة شرائح ونقابات ومنظمات المجتمع الفلسطيني في لبنان.
إنجاز أساسي ونوعي
{ ماذا حققت «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» حتى الآن؟
- إن إنشاء هيئة حكومية مقرها رئاسة مجلس الوزراء لمعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هو إنجاز أساسي ونوعي بحد ذاته ويرفع الحوار اللبناني- الفلسطيني الى مستوى رسمي وجدي وملتزم، وقد لعبت اللجنة خلال السنوات الأربعة الماضية دوراً إيجابياً في تحسين العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، وحققت إنجازات مختلفة، منها ما هو متعلق بإصدار بطاقات تعريف لفاقدي الأوراق الثبوتية، ومنها ما هو متعلق بتشجيع الحوار بين المجتمع المدني اللبناني - الفلسطيني من جهة، وبين كافة الأحزاب السياسية من جهة أخرى، وخلق شبكة للجمعيات غير الحكومية اللبنانية والفلسطينية.
ولا يُمكن أن ننسى الجهود الكبيرة للجنة على صعيد معالجة وإحتواء أزمة نهر البارد وأعمال الإغاثة وإعادة الإعمار وجمع المعلومات الميدانية والتقارير من كافة المؤسسات المعنية...
ولعل التقرير الصادر عن اللجنة يشهد على إنجازات هذه اللجنة ومحطات نجاحها.
خطوة متقدمة
ما الذي حال دون اقرار الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية وحق التملك للفلسطينيين في لبنان؟
إن ما قام به المجلس النيابي مؤخراً يُشكل خطوة متقدمة في هذا المجال، حيث أنه ولأول مرة تتم مناقشة اقتراحات قوانين تتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضمن الآليات الدستورية وفي اللجان النيابية المختصة، وقد تم الأخذ بعين الإعتبار خصوصية وضع اللاجئين الفلسطينيين المختلف عن وضع الأجانب، الأمر الذي كان يتجاهله قانوني: العمل والضمان الاجتماعي، ولا بد من البناء على هذه الخطوة الإيجابية للسير قدماً في تنفيذ سياسة الحكومة اللبنانية التي عبّر عنها البيان الوزاري صراحة لجهة العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ولجنة الحوار المكلفة رسمياً بتنفيذ هذه السياسة كانت ولا تزال تعمل على تحسين هذه الأوضاع بمختلف الوسائل، بما يخدم مصلحة الفلسطينيين، إن من خلال إقرار حقوق الفلسطينيين الأساسية، أو رفع الوعي حول هذا الموضوع، أو بإقامة اللجان اللبنانية والفلسطينية المشتركة في مناطق إحتضان المخيمات، أو دعم المبادرات المختلفة في هذا المجال، أو التنسيق مع الوزارات المعنية و«الأونروا» ومختلف الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، وغيرها من النشاطات التي تلحظها خطة عمل اللجنة خلال المرحلة المقبلة.
أما بخصوص حق التملك الفلسطيني والتحفظات والـهواجس بشأنه، فسيتم مناقشتها مع حق تملك الأجانب بشكل عام، مع العلم أن رؤية لجنة الحوار في مجال الحقوق تلحظ مقاربة شاملة وموضوعية لكافة الحقوق بشكل يؤمن إستقرار وسيادة لبنان.
الفلسطينيون أثبتوا تمسكهم بحق العودة
ألا تعتقدين أن الفلسطينيين الذين يحملون جنسيات أجنبية وما زالوا يحلمون بالعودة، هو ذاته ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟
- لا بد من التأكيد على أن حق العودة والمطالبة به لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالأوضاع المعيشية أو القانونية للاجئين الفلسطينيين، وما أنجزه مجلس النواب يصب في هذا الإتجاه، لأنه فصل بين حق العودة، الذي لا خلاف عليه ولا نقاش فيه، وبين التعديلات الضرورية لتحسين هذه الأوضاع.
ولقد أثبت الفلسطينيون تمسكهم بحق العودة وبقضيتهم المحقة والعادلة مهما طال الزمن.
إقرار حق العمل
ما هي العوائق التي أدت الى اقتصار الأمر على اجازة العمل، والتي كان يُعمل بها الفلسطينيون أصلاً ويعتبرونها «أشغال شاقة»؟
- لا يُمكن الكلام عن عوائق بالمعنى الحرفي، بل يُمكن القول أنه تم التركيز على إقرار الأمور الأساسية بموجب نص قانوني، ويُمكن للأمور التفصيلية أن تُعالج بموجب مراسيم تطبيقية.
لقد حاول المشترع اللبناني أن يتصدى للعوائق التي تحول دون ممارسة اللاجىء الفلسطيني لحق العمل، فألغى مبدأ المعاملة بالمثل والرسوم المفروضة للإستحصال على إجازة العمل وإقرار حق العامل الفلسطيني بتعويض نهاية الخدمة، وقد ترك المشرع الأمور التفصيلية للمراسيم التطبيقية التي من شأنها أن تستكمل عمل المشترع، وتفسره وتضع الأحكام الجديدة موضع التطبيق، ويُمكن لهذه المراسيم التطبيقية أن تُزيل أية عوائق إدارية أو عملية في حال وجدت.
معالجة بمقاربة شمولية
لماذا لم تشمل المهن الحرة، بحيث بقي الفلسطيني يعمل كظل، بينما السماح له بمزاولة العمل كمهنة حرة يُحسن دخله؟
- إن التعديل التشريعي الأخير قد طال مواداً تتعلق بقانوني: العمل والضمان الإجتماعي حصراً، وبالتالي فإن نطاق تطبيقه ينحصر بالعمل الذي خضع للقانونين المذكورين، ولا يشمل المهن الحرة التي تخضع للقوانين التي ترعاها، ونحن - ومع التأكيد على أهمية الخطوة المتقدمة التي أقدم عليها المجلس النيابي - كنا نفضل لو تمت معالجة موضوع الحقوق الفلسطينية ضمن إطار السلة الواحدة وفي مقاربة شمولية، وذلك بشكل قانوني وموضوعي وتقني بعيداً عن التجاذبات السياسية، وبما يخدم المصلحة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة.
صعوبة الأوضاع المعيشية
كيف يُمكن أن نُطمئن الفلسطيني الى واقعه وأمنه وآمانه في ظل قوانين تُوصف بأنها «جائرة»، وهو ما يترك أرضية سهلة لدخول التطرف والإرهاب إلى المخيمات؟
- من المعروف أن ثمة إجماع على صعوبة الأوضاع المعيشية الحالية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهي من الأمور التي تعمل لجنة الحوار على معالجتها والتصدي لها من خلال التنسيق مع الوزارات المعنية بأوضاع اللجنة، ومع شركائها الأساسيين، ومن خلال إجراء الدراسات اللازمة في هذا الخصوص، ومن خلال بناء قدرات الوزارات التي تتعاطى مباشرة مع اللاجئين الفلسطينيين، ومن خلال المشاريع المختلفة، ودعم المبادرات والبرامج التي تهدف الى تحسين الخدمات في المخيمات، ودعم التعليم والتدريب المهني وتوعية الشباب، وتمكين المرأة وتشجيع اللاجئين على تأمين مستقبل وعيش كريم.
هذا مع الإشارة والتأكيد على أن بناء الثقة وتحسين العلاقة اللبنانية - الفلسطينية وتقويتها، هو أمر يحتاج الى جهد يومي ومتواصل، ولا بد أن تتزامن هذه الجهود مع تعديلات تشريعية وقانونية وتسهيلات إدارية، بالإضافة الى ضرورة تأطير الآليات والتنسيق بين كافة الهيئات المنظمة، لأحوال اللاجئين، ومن هنا تأتي أهمية إنشاء لجنة الحوار كمرجعية موحدة، تُتابع كل المسائل المتعلقة باللاجئين في لبنان بما يؤمن تحقيق الأهداف المرجوة.
بناء جسور الثقة
ألم يشعر اللبناني حتى الآن بأن الفلسطيني يرفض التوطين أو التهجير أو التشتيت ومتمسك بحق العودة؟
- إن رفض التوطين هو أمر أجمع عليه اللبنانيون والفلسطينيون، وإن اقرار الحقوق الأساسية للاجىء الفلسطيني، لا يُفيد التوطين بأي حال من الأحوال، وهذا ما أكد عليه صراحة وفي أكثر من مناسبة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وبغض النظر عن أسباب الشكوك والمخاوف التي تُثار في هذا الخصوص، فإن المطلوب مواصلة العمل على بناء جسور الثقة بين اللبنانيين والفلسطينيين للمضي قدماً، وحماية هذه العلاقة من أي إستغلال يُؤثر على استقرار وأمن لبنان.
نقص التمويل
{ كيف يُمكن معالجة قضية الخدمات داخل المخيمات والشكاوى من تقنين التيار الكهربائي؟
- المسألة تتعلق بالنقص في تمويل المؤسسات والمنظمات التي تتولى تأمين هذه الخدمات ومن ضمنها «الأونروا»، أما انقطاع التيار الكهربائي فالمسألة تتعلق بالتقنين بشكل عام والمخيم لا يشكل حالة استثنائية.
إعمار نهر البارد
{ أين أصبحت إعادة اعمار نهر البارد؟
- إن إعادة إعمار نهر البارد هو إلتزام وطني وأولوية في عمل اللجنة، والإعمار الذي يتولاه «الأونروا» بالتنسيق مع وحدة النهوض وإعادة الإعمار في رئاسة مجلس الوزراء لا يزال مستمراً بشكل ينسجم مع ما وعدت به الحكومة اللبنانية في هذا المجال.
ورغم العوائق والتحديات التي واجهت ولا تزال تُواجه عملية إعادة الإعمار، فإن الرزمة الأولى من الوحدات السكنية ستكون جاهزة لإستقبال أهلها في نهاية العام الحالي، وهذه الرزمة تحتوي على 500 وحدة سكنية تتوزع على 129 مبنى وسيقيم فيها 423 عائلة.
إن كلفة الإعمار قد قدرت بـ 328 مليون دولار تم تأمين حوالى 36% منها من الدول المانحة، ولا يزال العمل جارياً لتأمين الكلفة الباقية.
علماً أن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يقوم بجهد كبير مع الدول المانحة في هذا المجال، لا سيما أن هذه الكلفة تقابلها كلفة مادية كبيرة أخرى لتغطية عمليات الإغاثة والنهوض.
الأراضي غير المستأجرة
كيف تتم معالجة الأراضي التي يشغلها الفلسطينيون والمملوكة من آخرين وهي غير مستأجرة لا من الدولة ولا من «الأونروا»؟
- إن هذه المشكلة لم تعد واردة في مخيم نهر البارد، حيث أقدمت الدولة على استملاك جميع العقارات التي يقوم عليها المخيم.
أما بخصوص باقي المخيمات، فقد شكل مجلس الوزراء بتاريخ 18 آب 2010 لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء الداخلية والبلديات، الشؤون الإجتماعية والمالية، لوضع تقرير بالمستحقات المتوجبة لأصحاب تلك العقارات وآلية تسديدها.
التعاون مع «الأونروا»
ما هي أوجه التعاون بين لجنة الحوار و«الأونروا»؟
- «الأونروا» شريك أساسي واستراتيجي في معظم المبادرات والمشاريع التي تقوم بها اللجنة، والتعاون قائم من خلال عدة برامج ومشاريع كمبادرة تحسين المخيمات، وإعادة إعمار مخيم نهر البارد، ودعم أعمال الإغاثة وتأمين المقومات الأساسية للعيش الكريم في إطار صندوق أهداف التنمية للألفية لتفادي النزاع وبناء السلام.
وهذه المشاريع والمبادرات تهدف الى تحسين الأوضاع المعيشية في المخيمات وجوارها، كما تُشارك لجنة الحوار «الأونروا» في الزيارات الميدانية للإطلاع على أوضاع اللاجئين، بالإضافة الى التعاون في تحضير دراسات وملفات لتقديمها الى الدول المانحة والشركاء الدوليين، ومشاركة اللجنة في إجتماعات اللجنة الإستشارية المنتظمة، والتي تضم الدول المانحة لـ «الأونروا» بالإضافة الى الدول المضيفة.
حق التملك
كيف يُمكن معالجة قضية الإرث والتوريث، بحيث إذا توفي فلسطيني أو والدة لبنانية لا يُمكن توريث أولادها أو عائلتها، وهو ما يتناقض مع الأحكام الشرعية والقانونية في العالم أجمع؟
إن هذا التساؤل يُؤكد على أن مناقشة حق التملك الفلسطيني لا يتعلق فقط بحق الفلسطيني في الشراء داخل الأراضي اللبنانية، وإنما يتعلق بمسائل أخرى كقضية إنتقال ملكية الفلسطيني المشروعة، والتي تمت وفقاً للقانون قبل العام 2001 ، الى خلفه العام وورثته الشرعيين على النحو الذي تكرّسه المبادىء الشرعية والقانونية، بالإضافة الى قضية تسجيل الفلسطيني لعقد شرائه المنظم وفقاً للأصول والحاصل أمام كاتب العدل قبل العام 2001، وعليه لا بد من مناقشة حق التملك للفلسطيني بشكل شامل، يتناول كافة هذه المسائل بشكل موضوعي وقانوني وتقني بعيداً عن أية خلفيات سياسية أو حسابات خاصة درءاً لتفاقم المشاكل الناتجة عن ذلك.
وقد ثبتت أهمية إثارة هذه المسألة وضرورة السرعة في حلها عند مناقشة الملكية الفلسطينية غير المسجلة في البقعة المحيطة لمخيم نهر البارد، والتي أدت الأزمة الى هدمها بشكل كامل، الأمر الذي استدعى إنشاء لجنة قانونية مشتركة بين لجنة الحوار ووحدة النهوض وإعادة الإعمار لوضع دراسة وتصور عملي وقانوني لهذه الإشكالية، ولا شك أن نتيجة عمل هذه اللجنة سيؤثر على مسألة الملكية الفلسطينية غير المسجلة بشكل عام.
ترسيخ التفاهم اللبناني - الفلسطيني
كإبنة لصيدا عايشت القضية الفلسطينية، كيف برأيك يُمكن ترسيخ التفاهم والتنسيق اللبناني - الفلسطيني لما فيه خير لبنان وعدم الخطورة من شقيقه ومساعدة الفلسطيني؟
- كلبنانية عايشت القضية الفلسطينية بكافة مراحلها ومآسيها، وكمواطنة شاركت في ورش ومؤتمرات وندوات لدرس المشاكل التي حالت دون وضع إطار مؤسسي للعلاقات اللبنانية - الفلسطينية، وكصيداوية شهدت نشوء اللجنة اللبنانية - الفلسطينية للحوار والتنمية بمبادرة من النائب بهية الحريري في صيدا التي تحتضن أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتابعت تطور هذه اللجنة ونتائجها المثمرة على كافة الصعد.. أرى أنه من الضروري تجميع الطاقات وبناء الشراكات وتفعيل التواصل والتنسيق والتعاون البنّاء لا سيما مع مؤسسات الدولة لتنظيم العلاقة اللبنانية - الفلسطينية وتحسينها على أسس سليمة، بعيداً عن اخطاء الماضي وبما يخدم استقرار وأمن سيادة وطننا لبنان.
زيارة المخيمات الفلسطينية
{ هل تتوقعين قيام «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» بزيارات الى المخيمات، وماذا يُمكن أن تقدموا؟
- إن لجنة الحوار هي لجنة مؤلفة من ممثلي الوزارات المعنية باللاجئين الفلسطينيين اللبنانيين تأسست في العام 2005، وخلال العام 2007 تم إنشاء فريق تقني بتمويل أجنبي لدعم اللجنة ونشاطاتها، والمسؤولة الميدانية في الفريق المذكور تقوم بزيارات منتظمة الى مخيم نهر البارد وغيره من المخيمات، لتقديم تقارير بواقع الحال، كما تشارك في العديد من البرامج والاجتماعات مع مختلف الجهات.
وخطة عمل اللجنة تلحظ زيارات منتظمة الى كافة المخيمات لمواكبة الواقع، وتقوم بكل ما من شأنه إحداث الفرق المطلوب في حياة اللاجئين الفلسطينيين اليومية.
http://www.saidacity.net